بينها «حاجز» مع مصر... هل تطيل «شروط نتنياهو» أمد مفاوضات «هدنة غزة»؟

وفد إسرائيلي يصل إلى القاهرة لبحث الاتفاق

دبابة إسرائيلية بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة أثناء عودتها من القطاع (رويترز)
دبابة إسرائيلية بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة أثناء عودتها من القطاع (رويترز)
TT

بينها «حاجز» مع مصر... هل تطيل «شروط نتنياهو» أمد مفاوضات «هدنة غزة»؟

دبابة إسرائيلية بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة أثناء عودتها من القطاع (رويترز)
دبابة إسرائيلية بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة أثناء عودتها من القطاع (رويترز)

شروط جديدة وضعها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بشأن المفاوضات التي تستضيفها القاهرة والدوحة، لوقف إطلاق النار في غزة، تثير مخاوف حول مدى «جديته» في إتمام الاتفاق، كان أبرزها بناء «حاجز تقني» على الحدود مع مصر، بزعم «منع تهريب الأسلحة» منها للقطاع.

مطالب نتنياهو عدّها خبراء، تحدّثوا لـ«الشرق الأوسط»، بمثابة «عراقيل» لإطالة أمد المفاوضات، بهدف «تثبيت» بقائه السياسي، ومحاولة «تحقيق مكاسب أكبر» بالمفاوضات، وسط «تفاؤل حذِر» بشأن مسار التفاوض، ووقف الحرب المستمرة منذ نحو 10 أشهر.

والأحد، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، في بيان، عن «شروط» وضعها بنيامين نتنياهو لإتمام الصفقة المنتظرة مع «حماس»، تتمثّل في «إتاحة مواصلة القتال حتى تحقيق أهداف الحرب، ومنع تهريب الأسلحة إلى (حماس) عبر الحدود بين غزة ومصر، وعدم السماح لآلاف المسلحين بالعودة إلى شمال غزة، وزيادة عدد المحتجزين الأحياء».

فيما زعمت «إذاعة الجيش الإسرائيلي» أن مصر بعثت برسالة إلى إسرائيل، مفادها أنه إذا تم التوصل إلى اتفاق بشأن صفقة الرهائن ووقف إطلاق النار، فإن «القاهرة ستعمل مع الولايات المتحدة للمساعدة في بناء حاجز تحت الأرض عالي التقنية؛ لمنع تهريب الأسلحة إلى غزة»، وسيتم العمل على الجدار الذي يمكن أن يبدأ بمجرد الأيام الأولى للهدنة المحتملة، وهو ما لم يصدر رد رسمي بشأنه من القاهرة.

إضاعة الوقت

شروط نتنياهو عَدّها مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، رخا أحمد حسن، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، ضمن محاولات «إضاعة الوقت وإطالة أمد المفاوضات»، وخطة قبل زيارة واشنطن أواخر هذا الشهر، بهدف إظهار «تجاوب مصطنَع» للرأي العام العربي والإسرائيلي والأميركي، لكن في حقيقة الأمر إن الصفقة «ليست أولوية» له.

وهو ما حذّر منه أيضاً رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود أولمرت، في مقابلة مع «القناة 12» الإسرائيلية، الأحد، حيث أكّد أن نتنياهو «لا يريد إعادة المخطوفين»، ولا يريد التوصّل لصفقة تبادل، «لكن ليس ثمة شك لديّ أنه بعد يوم من خطابه أمام مجلسَي الشيوخ والنواب الأميركي، 25 يوليو (تموز) الحالي، (سيقوم بتفجير المفاوضات)»، وإلى ذلك الحين سيدير المفاوضات «دون دفع أي ثمن».

وعن أسباب عودة نتنياهو للمفاوضات، قال الخبير الاستراتيجي والعسكري اللواء سمير فرج، لـ«الشرق الأوسط»، إن هناك ضغوطاً داخلية من قبل أهالي الرهائن، وكذلك رغبة الجيش في إتمام الصفقة، ما دفع نتنياهو للرضوخ، إلا أنه يعلم أن القرار في النهاية بيده، ومن ثم يخرج بين الحين والآخر بشروط تعطّل الوصول لصفقة، ويحرص على بقائه السياسي، واستمراره في العمليات ليس أكثر، حتى 5 نوفمبر (تشرين الثاني) موعد الانتخابات الأميركية.

ووفق صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، «غادر رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، رونين بار، إلى مصر، لمواصلة المحادثات حول وقف إطلاق النار المحتمل، واتفاق الرهائن مع (حماس)، ومنع تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة من الحدود المصرية، عبر بناء حاجز تحت الأرض عالي التقنية».

وبناء الحاجز ليس أمراً جديداً، وفق السفير رخا أحمد حسن، فقد سبق أن طرحته إسرائيل أكثر من مرة، في سياق تبريراتها شن عملية عسكرية على رفح الفلسطينية وقبلها، وهو ليس سوى مجرد شرط يعطل المفاوضات.

ويتفق معه الخبير الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، المدير التنفيذي لمنتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والأمن القومي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، بأن بناء الحاجز مطروح منذ بداية الحرب فوق الأرض وتحتها، على امتداد محور فيلادلفيا بالكامل، ومزوّد بأجهزة تقنية حديثة؛ لمنع تسليح «حماس» وفق ما يعتقد نتنياهو.

ويراها المهدي مجرد محاولة من نتنياهو لـ«كسب مزيد من الضمانات بتلك الصفقة، التي تُفرض عليه، وعلى غير رغبته».

وأعلنت مصر مراراً القضاء على كل الأنفاق الممتدة من سيناء لغزة قبل سنوات، ضمن حملتها ضد «التنظيمات الإرهابية»، حفاظاً على الأمن القومي المصري، و«ليس هناك تهريب» من حدود مصر كما يزعم نتنياهو، وفق اللواء سمير فرج، الذي أكّد أن بناء حاجز أو غيره «أمر لا يخصّ القاهرة».

وتدّعي إسرائيل أنها منذ سيطرتها على محور فيلادلفيا ومعبر رفح، اكتشفت عدداً من الأنفاق التي شقّتها «حماس» من قطاع غزة إلى سيناء المصرية، تستخدم لتهريب الأسلحة، وهو ما ردّ عليه سابقاً ضياء رشوان، رئيس هيئة الاستعلامات المصرية، واصفاً تلك الأحاديث بأنها «مزاعم وأكاذيب»، واعتبرها «استمراراً لسياسة الهروب للأمام التي تتبعها الحكومة الإسرائيلية، بسبب إخفاقاتها المتوالية في تحقيق أهدافها المعلَنة للحرب على غزة».

ونقلت وسائل إعلام عبرية، الأحد، تصريحات لعدد من قيادات حزب «الليكود» الحاكم، تستبعد أن يُقدِم نتنياهو على التوقيع على صفقة تبادل أسرى مع «حماس»؛ لأنه من شأنه «إسقاط الحكومة»، بسبب الضغوط التي يمارسها الوزيران بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير ضد تنفيذ الصفقة.

تلك الضغوط والشروط دفعت السفير رخا أحمد حسن، للحديث عن «تفاؤل حذِر» بشأن مستقبل المفاوضات، وإمكانية تحقيق صفقة هدنة جديدة، مؤكداً أن نتنياهو سيعرقل أي جهود إيجابية من الوسطاء كلما تقدّمت، وهذه سياسة إسرائيلية معروفة في أي مفاوضات.


مقالات ذات صلة

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (د.ب.أ)

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

أفادت وزارة الصحة في غزة، الأحد، بارتفاع عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 44 ألفاً و211 وإصابة 104 آلاف و567 منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»

شبح هجوم إسرائيلي يخيّم على بغداد

يخيّم شبح هجوم إسرائيلي واسع على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شن ضربات جوية على البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي مقر المحكمة الجنائية في لاهاي (أ.ف.ب)

تقرير: ترمب قد يفرض عقوبات على مدعي «الجنائية الدولية» رداً على مذكرة اعتقال نتنياهو

قالت صحيفة «تليغراف» البريطانية إن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يفكر في فرض عقوبات على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية البريطاني كريم خان

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

تقرير: ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات بشأن أزمة غزة

قالت كارولين ليفيت، التي أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أنها ستكون متحدثةً باسم البيت الأبيض، لموقع «أكسيوس»، إن ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات

المشرق العربي مبنى مدمّر نتيجة القصف الإسرائيلي في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام»: مقتل أسيرة في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة

أعلن المتحدث باسم «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» الفلسطينية، أبو عبيدة، اليوم (السبت)، مقتل أسيرة إسرائيلية في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.