الجامعة العربية: إلغاء وصف «حزب الله» بـ«الإرهابي» لا يزيل «التحفظات بشأنه»

السنيورة طالب بالتحقق من «المنفعة»

امرأة تحمل صورة أمين عام «حزب الله» وتعبر بين ركام خلفته الغارات الإسرائيلية في بلدة عيتا الشعب بجنوب لبنان (أ.ب)
امرأة تحمل صورة أمين عام «حزب الله» وتعبر بين ركام خلفته الغارات الإسرائيلية في بلدة عيتا الشعب بجنوب لبنان (أ.ب)
TT

الجامعة العربية: إلغاء وصف «حزب الله» بـ«الإرهابي» لا يزيل «التحفظات بشأنه»

امرأة تحمل صورة أمين عام «حزب الله» وتعبر بين ركام خلفته الغارات الإسرائيلية في بلدة عيتا الشعب بجنوب لبنان (أ.ب)
امرأة تحمل صورة أمين عام «حزب الله» وتعبر بين ركام خلفته الغارات الإسرائيلية في بلدة عيتا الشعب بجنوب لبنان (أ.ب)

لا تزال تداعيات إعلان جامعة الدول العربية عدولها عن تسمية «حزب الله» منظمة إرهابية، مستمرة. وأثار القرار تساؤلات بشأن جدوى إعلانه في هذا التوقيت، لا سيما مع مطالبة رئيس الوزراء الأسبق فؤاد السنيورة، بـ«التحقق من المنفعة خلف هذا الأمر للبنان ولـ(حزب الله)» أيضاً، ما دفع الجامعة إلى إصدار بيان رسمي أكدت خلاله أن القرار «لا يعني زوال التحفظات على سلوك الحزب».

وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، في إفادة رسمية مساء الاثنين، إن «الأمانة العامة تلتزم دوماً بالتنفيذ الكامل لقرارات الدول في كل الموضوعات»، وأضاف أن «التكليف الصادر للأمين العام المساعد، السفير حسام زكي، بزيارة لبنان موفداً شخصياً من جانبه للتواصل مع القوى السياسية اللبنانية، هو تنفيذ لقرارات مجلس الجامعة بشأن التضامن مع لبنان وتكليفها للأمين العام في هذا الخصوص».

من جهته، أوضح السفير حسام زكي، في البيان الصحافي، أن «تصريحات له في الموضوع (إلغاء تسمية حزب الله إرهابياً) فسرت في غير سياقها الصحيح»، مشيراً إلى أن «هذا لا يعني بأي حال زوال التحفظات والاعتراضات الكثيرة على سلوك وسياسات وأفعال ومواقف (حزب الله) ليس فقط داخلياً وإنما إقليمياً أيضاً».

وأشار إلى أن «قرارات الجامعة العربية ذات الصلة؛ وأهمها القرار الخاص بصيانة الأمن القومي العربي ومكافحة الإرهاب الذي ينص في إحدى فقراته على الامتناع عن تقديم أي شكل من أشكال الدعم الصريح أو الضمني إلى الكيانات أو الأشخاص الضالعين في الأعمال الإرهابية، بما في ذلك إلى أي ميليشيات أو مجموعات مسلحة غير نظامية، هو قرار معتمد بإجماع الدول الأعضاء».

وكان زكي، أعلن في ختام زيارته للبنان الأسبوع الماضي، «إسقاط تسمية الإرهابي التي بدأت منذ عام 2016، عن (حزب الله) اللبناني»، مشيراً إلى أن «القرار اتخذ بقمة جدة العام الماضي في ضوء عدة تطورات إقليمية»، ومؤكداً أن «الجامعة العربية ليست لديها قوائم إرهاب».

وتداولت وسائل إعلام عربية تصريحات نسبت إلى رئيس الوزراء اللبناني الأسبق فؤاد السنيورة، وصف فيها قرار الجامعة العربية بأنه «هدية مجانية» لـ«حزب الله»، قبل أن يصدر المكتب الإعلامي للسنيورة، بياناً نشرته وسائل إعلام لبنانية، أشار إلى أن ما تم تداوله «ليس دقيقاً ولا صحيحاً».

وقال البيان إن «(حزب الله) ممثل في الحكومة وفي مجلس النواب، وفي لبنان ليس لدينا موقف كهذا، والأيام ستثبت، وحسب التجربة، إذا كان قرار الجامعة العربية متسرّعاً أو صحيحاً». وأضاف: «على صعيد الجامعة العربية، إذا كان هناك من توافق للتوصل إلى هذا الموقف، فمن الأجدر التحقق من المنفعة خلف الأمر للبنان و(حزب الله)، لأن هذا الكلام ينعكس إيجاباً على الحزب وعلى لبنان، إذا كان هناك توافق على ذلك لقاء أشياء محددة».

ووفق مصدر عربي مطلع لـ«الشرق الأوسط»، فإن «القرار اعتمد في قمة جدة، لكنه فعّل أخيراً بشكل أوسع مع قمة البحرين، التي تم خلالها استبدال لجنة التدخلات الأجنبية في الشؤون العربية، بلجنتي التدخلات الإيرانية والتركية في الشؤون العربية».

وأكد المصدر أن «القرار صدر بتوافق عربي في ظل متابعة التطورات الإقليمية الراهنة، حيث لم تتم الإشارة إلى إيران أو (حزب الله) في مقررات قمة البحرين».

وكانت وسائل إعلام لبنانية أشارت في مايو (أيار) 2023، إلى ما عدّته «مفاجأة سياسية»، حيث «لم يرد ذكر (حزب الله) ضمن قرارات قمة جدة، كما لم يتم اتهامه بعرقلة قيام الدولة اللبنانية، أسوة بقرارات القمم السابقة عليها». ولم يُثِر الأمر حينها جدلاً، حيث لم يصدر إعلان رسمي من الجامعة العربية بشأنه.

وعدّ الدكتور أحمد يوسف أحمد، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، والعميد السابق لمعهد البحوث العربية التابع لجامعة الدول العربية، قرار الجامعة العربية «تطوراً متوقعاً وإيجابياً». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «خلال العامين الأخيرين حدثت انفراجة في العلاقات العربية - الإيرانية، لا سيما مع السعودية والإمارات، إضافة إلى الحوار المصري - الإيراني الذي قطع أشواطاً كبيرة، وإن لم تصل الأمور إلى عودة العلاقات».

وقال أحمد إنه «عندما نفذ (حزب الله) عملية ضد إسرائيل عام 2006، صدرت بيانات عربية تحمل لوماً وإدانة وعتاباً على ما سببته العملية، لكن الأمر لم يتكرر في ظل الحرب الإسرائيلية الحالية على قطاع غزة».

واتفق معه الكاتب والمحلل السياسي اللبناني سركيس أبو زيد، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «قرار الجامعة العربية هو نتاج للتطورات على صعيد العلاقات العربية - الإقليمية والعلاقات مع سوريا»، مشيراً إلى «تحسن العلاقات بين دمشق وكل من الرياض وأبوظبي، وتطور العلاقات السعودية - الإيرانية».

واستؤنفت العلاقات بين الرياض وطهران بموجب اتفاق بكين في مارس (آذار) 2023، والبيان السعودي - الإيراني، في أبريل (نيسان) من العام نفسه، بينما شهدت العلاقات المصرية - الإيرانية خطوات تقارب في الفترة الأخيرة.

وفي مايو 2023، أقر مجلس وزراء الخارجية العرب استئناف مشاركة وفود الحكومة السورية في اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات بسوريا.

وأوضح سركيس أنه «كان من الضروري أن تتعامل الجامعة مع التطورات الجديدة، إذا كانت تريد أن يكون لها دور فاعل في حلحلة الأزمة اللبنانية، عبر التواصل مع جميع الأطراف ومن بينها (حزب الله)»، مشيراً إلى أن «حزب الله لاعب أساسي على الساحة اللبنانية، وحتى الولايات المتحدة عندما تريد لعب دور في لبنان تتواصل مع الحزب بشكل غير مباشر عبر وسطاء».

وهو ما يتفق مع ما أشار إليه الأمين العام المساعد للجامعة العربية بقوله إن «تسمية حزب الله بالإرهابي كانت تعيق تواصل الجامعة مع الحزب»، ومن شأن القرار أن «يفتح قنوات اتصال لمناقشة الوضع الراهن في لبنان».

وبشأن انعكاسات القرار على الوضع في لبنان، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، إن «القرار من شأنه الإسهام في حلحلة الأزمة بلبنان لولا حالة الاستقطاب بسبب احتمالات الحرب»، مشيراً إلى أن «هناك انقساماً بين من يرى مواجهة إسرائيل واجباً وطنياً، ومن يراها وبالاً على لبنان».

وأضاف أحمد أن «هذا الاستقطاب يعقد الأزمة، لكن إذا انتهت الحرب وتوقف القتال من شأن التطورات الأخيرة (بما فيها قرار الجامعة العربية بشأن حزب الله) أن تسهم في حلحلة الأزمة بالتدريج».

وكان زكي اختتم في 27 يونيو (حزيران) الماضي، زيارة رسمية إلى لبنان موفداً شخصياً للأمين العام لجامعة الدول العربية، أجرى خلالها عدداً من اللقاءات مع مسؤولين وسياسيين وبرلمانيين يمثلون كل الأطياف، إضافة إلى لقاء مع قائد الجيش.


مقالات ذات صلة

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: لا تأثير لانسحاب المقداد أثناء كلمة فيدان على التطبيع مع دمشق

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي أثناء إلقاء كلمته بالجامعة العربية الثلاثاء (الخارجية التركية)

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: لا تأثير لانسحاب المقداد أثناء كلمة فيدان على التطبيع مع دمشق

تجاهلت تركيا التعليق على مغادرة وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، قاعة اجتماع وزراء الخارجية العرب، أثناء إلقاء وزير خارجيتها هاكان فيدان كلمته.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي اجتماع وزراء الخارجية العرب (الشرق الأوسط)

«الجامعة العربية» ترجئ «قضايا المنطقة» لإعطاء زخم للقضية الفلسطينية

خلصت أعمال الدورة الـ162 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية إلى إرجاء كافة القرارات السياسية المتعلقة بالأوضاع العربية للتركيز على دعم فلسطين.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط (د.ب.أ)

أبو الغيط: وقف إطلاق النار في غزة مطلب عالمي

أكد الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط اليوم أن وقف إطلاق النار في قطاع غزة لم يعد مطلباً عربياً فقط بل أصبح مطلباً عالمياً يحظى بإجماع مشهود

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية تركيا تعود للمشاركة في اجتماعات مجلس الجامعة العربية بعد 13 عاماً (أرشيفية)

تركيا تعود للمشاركة في اجتماعات مجلس الجامعة العربية

أعلنت وزارة الخارجية التركية أن تركيا ستشارك في اجتماع مجلس وزراء الخارجية لدول جامعة الدول العربية للمرة الأولى بعد غياب 13 عاماً.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي نبيل العربي (الشرق الأوسط)

رحيل نبيل العربي الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية

توفي الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية السفير نبيل العربي، الاثنين، في القاهرة، عن عمر يناهز 89 عاماً، بعد مسيرة عمل دبلوماسي استمرت لأكثر من 5 عقود.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الحكومة اليمنية تتهم الحوثيين بالسعي للسيطرة على القطاع التجاري

حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)
حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحكومة اليمنية تتهم الحوثيين بالسعي للسيطرة على القطاع التجاري

حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)
حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

اتهم معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية، الجماعة الحوثية، بالسعي للسيطرة الكاملة على القطاع التجاري والقضاء على البيوت التجارية المعروفة، وذلك تعليقاً على رفع الجماعة رسوم الجمارك على الملابس المستوردة بنسبة 100 في المائة.

وكانت الجماعة الحوثية قد فرضت الزيادة الجديدة في رسوم الجمارك على الملابس والأقمشة المستوردة، تحت مزاعم دعم المنتج المحلي، على الرغم من عدم وجود مصانع محلية، وهو ما أدى إلى إضراب التجار وإغلاق أكبر سوق في صنعاء لبيع الملابس المستوردة بالجملة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن إقدام ميليشيات الحوثي الإرهابية التابعة لإيران على رفع الضرائب والجمارك 100 في المائة، على تجار الملابس الجاهزة والأقمشة في المناطق الخاضعة بالقوة لسيطرتها، والذي أدى لإضراب شامل في الأسواق، يندرج ضمن مسلسل الابتزاز والتضييق المستمر على رجال المال والأعمال، وممارساتها التدميرية للقطاع الخاص، واستهدافها الممنهج للاقتصاد الوطني منذ الانقلاب».

ووصف الوزير اليمني الخطوة الحوثية بأنها تؤكد مضي الجماعة في تنفيذ مخططها لتجريف القطاع الخاص، والقضاء على البيوت التجارية المعروفة في المناطق الخاضعة بالقوة لسيطرتها، لصالح شركات ومستثمرين تابعين لها، بهدف السيطرة الكلية على القطاع التجاري، والتحكم في الاقتصاد الوطني، دون اكتراث بالأوضاع الاقتصادية والإنسانية الصعبة.

تضييق مستمر

أشار الإرياني إلى تعرض القطاع الخاص منذ الانقلاب الحوثي لعمليات ابتزاز وتضييق مستمر، عبر إغلاق ومصادرة مئات الشركات والمصانع والمنشآت التجارية، وفرض جبايات ورسوم وغرامات تعسفية وغير قانونية، واحتجاز البضائع في المنافذ والتصرف فيها وبيعها، وفرض قوائم سعرية، الأمر الذي أدى لإفلاس عدد من الشركات والتجار، ونزوح رأس المال الوطني خارج اليمن، وفقدان عشرات الآلاف لوظائفهم.

وطالب وزير الإعلام اليمني المجتمع الدولي والأمم المتحدة، بعدم الوقوف موقف المتفرج إزاء استهداف الحوثيين الممنهج للبيوت التجارية ورؤوس الأموال التي صمدت واستمرت في نشاطها التجاري، رغم الظروف الصعبة.

وقال إن ذلك يهدد بانهيار الأوضاع الاقتصادية ومفاقمة المعاناة الإنسانية، داعياً إلى الشروع الفوري في تصنيف الجماعة الحوثية «منظمة إرهابية عالمية»، وملاحقة ومحاسبة قياداتها، وضمان عدم إفلاتهم من العقاب.