ملف الطرقات يكشف إمعان الحوثيين في التنكيل باليمنيين

رفض فتح مسارات رئيسية واقتراح أخرى التفافية

اليمنيون يعانون أثناء التنقل بين المحافظات بسبب إغلاق الحوثيين للطرق (إعلام محلي)
اليمنيون يعانون أثناء التنقل بين المحافظات بسبب إغلاق الحوثيين للطرق (إعلام محلي)
TT

ملف الطرقات يكشف إمعان الحوثيين في التنكيل باليمنيين

اليمنيون يعانون أثناء التنقل بين المحافظات بسبب إغلاق الحوثيين للطرق (إعلام محلي)
اليمنيون يعانون أثناء التنقل بين المحافظات بسبب إغلاق الحوثيين للطرق (إعلام محلي)

رغم دخول الهدنة، التي رعتها الأمم المتحدة في اليمن عامها الثالث، فإن الحوثيين يرفضون حتى اللحظة تنفيذ البند الأهم فيها الخاص بفتح الطرقات التي أغلقوها بين المحافظات، وإنهاء حصارهم على محافظة تعز المتواصل منذ تسعة أعوام.

وتحت الضغط الشعبي المطالب بفتح الطرق وانعدام المبرر العسكري لإغلاقها، ذهب الحوثيون حديثاً، نحو اقتراح فتح طرق التفافية وغير مؤهلة للوصول إلى مدينة تعز، كما رفضوا كل المقترحات والحلول التي قدمت من الجانب الحكومي، وكذلك الحال مع الطرق الرابطة بين محافظة عدن ومناطق سيطرة الجماعة، أو مع الطرق التي تربط محافظة مأرب بالعاصمة المختطفة صنعاء.

الحوثيون فرضوا حصاراً على سكان تعز هو الأطول في تاريخ اليمن (إعلام محلي)

ومع تمسك الحوثيين بإبقاء الحصار على تعز، أفشلوا خلال السنوات الثلاث الماضية ثلاث مبادرات محلية لفتح الطرق الرئيسية التي تمتد من مدينة عدن وحتى أطراف محافظة إب، وهي الطرق التي أغلقوها بهدف منع وصول البضائع من الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة، وإرغام التجار على الاستيراد عبر موانئ الحديدة الخاضعة لسيطرتهم.

واكتفت الجماعة - في نهاية المطاف - بفتح جزء بسيط من طريق تربط مناطق سيطرة الحكومة بمناطق سيطرتها على حدود محافظة لحج، والتي يتم قطعها بنحو عشر دقائق، بينما إغلاقها كان يدفع المسافرين إلى العبور وسط أحد الأودية لمدة تصل إلى ساعتين.

وكان الجانب الحكومي قبل نحو شهرين أعلن فتح الطريق الرئيسية التي تربط محافظة مأرب بمنطقة نهم في محافظة صنعاء، وصولا إلى العاصمة المختطفة صنعاء، وهي الطريق التي يتم اجتيازها خلال ساعتين، إلا أن الجماعة رفضت المبادرة وعدتها خطوة دعائية.

واستمرت الجماعة في إرغام المسافرين بمن فيهم الأطفال والنساء وكبار السن على المرور عبر طريق صحراوية التفافية من خلال محافظة الجوف، وغالباً ما يكونون ضحايا لعصابات من المسلحين، أو أن تتعطل وسيلة النقل وسط الصحراء دون أي خدمات.

مبادرة شعبية

اليوم وبعد انقضاء تلك المدة أعلن الحوثيون فتح طريق مأرب - البيضاء - ذمار - صنعاء، وهي الطريق التي تحتاج إلى تسع ساعات لاجتياز ثلاث محافظات قبل الوصول إلى صنعاء، ومع ترحيب الجانب الحكومي بهذه الخطوة التي ستخفف من معاناة السكان في جنوب محافظة مأرب - تحديدا - فإنه أبدى خشيته من أن يكون الغرض من هذه الخطوة هو الالتفاف على فتح الطريق الأقرب والأسهل إلى صنعاء.

قافلة شعبية في الطريق بين مأرب والبيضاء (إعلام محلي)

وفي حين رحبت السلطة المحلية في محافظة مأرب بقافلة «الرايات البيضاء» التي أطلقتها مبادرة شعبية تنادي بفتح الطرق بين المحافظات وقالت إنها سوف تستقبل المشاركين في المبادرة في مناطق سيطرتها، طالب نشطاء من المشاركين في المبادرة مواصلة مهمتهم، والعودة عن طريق مأرب - نهم صنعاء، لأن من شأن هذه الخطوة أن تعري الطرف المعرقل لهذه المبادرة، والمتمسك باستمرار حصار المدن وزيادة معاناة السكان.

ويؤكد سكان أن طريق مأرب - البيضاء ليست بديلة لطريق مأرب - نهم - صنعاء، بل تخدم سكان محافظتي البيضاء وذمار ومديريات جنوب محافظة مأرب ومناطق في محافظة إب، ولهذا فإن فتحها يستدعي من الجميع المطالبة بفتح كل الطرقات، لأن ذلك أبسط حق وليس مكرمة من أحد.

موقف أقل حماساً

يسجل الخبير الاقتصادي اليمني علي التويتي موقفاً أقل حماساً تجاه فتح طريق مأرب - البيضاء، ويقول إن الناس على وشك الاحتفاء بفتح طريق التفافية طويلة شاقة تمتد 400 كيلومتر، بينما الطريق الصحيحة طولها 100 كيلومتر فقط، وطالب بفتح جميع الطرق، وترك الناس تمارس حياتها الطبيعية.

ووفق التويتي، فإن ارتفاع أسعار السلع سببه هذه الطرق الطويلة؛ إذ تبلغ تكلفة نقل كيس من الإسمنت من محافظة لحج إلى محافظة تعز المجاورة 600 ريال يمني (نحو دولار واحد في مناطق سيطرة الحوثيين)، بينما لو فتحت الطرق فإن هذه التكلفة ستنخفض إلى 200 ريال، وهكذا في كل المواد والسلع.

في السياق نفسه، ذكرت مصادر محلية في محافظة إب أن مبادرة شعبية مماثلة عقدت اجتماعاً في عاصمة المحافظة بهدف التحضير لتسيير قافلة من «الرايات البيضاء» باتجاه مدينة تعز المحاصرة من قبل الحوثيين، لكنّ المشاركين في هذه المبادرة لم يحددوا الطريق التي يريدون العبور منها، وإنهاء الحصار على تعز، خاصة أن الحوثيين يرفضون بشكل قاطع فتح الشارع الرئيسي الذي يربط وسط المدينة الخاضع لسيطرة الحكومة وضاحية الحوبان التي يسيطر عليها الحوثيون.

إلى ذلك أصدر كُتّاب وأدباء وصحافيون وناشطون بياناً أعلنوا فيه تأييدهم للمبادرة المجتمعية لفتح طريق البيضاء - مأرب، وطالبوا بفتح طريق مأرب - صنعاء، وفتح طريق الحوبان - تعز، وفتح طريق الحديدة - تعز، وطريق إب - الضالع، وفتح طريق الراهدة - عدن.

وأشاد الموقعون على البيان بالمبادرات المجتمعية لفتح الطرق، وتفاعل السلطات في كل المحافظات مع هذه المبادرات، ووجهوا الشكر لمبادرة السلطة المحلية في مأرب بفتح طريق مأرب - صنعاء من جانب واحد، وطالبوا بفتح كل الطرق المغلقة.


مقالات ذات صلة

استراتيجية يمنية لتمويل المناخ وبرنامج أممي يحمي الأسماك

المشرق العربي التطرفات المناخية باليمن أسهمت إلى جانب الانقلاب والحرب في مضاعفة معاناة اليمنيين (أ.ف.ب)

استراتيجية يمنية لتمويل المناخ وبرنامج أممي يحمي الأسماك

تعتزم الحكومة اليمنية بدء حملة للحصول على تمويلات تساعدها في مواجهة تطرفات المناخ بينما ينفذ برنامج أممي مشروعاً لحماية البيئة والثروة السمكية.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي طفلة تعاني من سوء التغذية وتنتظر العلاج في أحد مستشفيات العاصمة صنعاء (رويترز)

الكوليرا والحصبة تفتكان بمئات آلاف اليمنيين

تتزايد أعداد المصابين بالكوليرا والحصبة وأمراض أخرى في اليمن، بموازاة تفاقم سوء التغذية الذي تعتزم الحكومة مواجهته بالتعاون مع الأمم المتحدة بمناطق غرب البلاد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقيات متنوعة لتعزيز القطاع التعليمي والطبي في محافظات يمنية عدة يستفيد منها ما يزيد على 13 ألف فرد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي مجموعة من الشبان اليمنيين المجندين في معسكر تدريب روسي يرفعون العلم اليمني (إكس)

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

تنشط شبكة حوثية لتجنيد شبان يمنيين للقتال ضمن الجيش الروسي في أوكرانيا، من خلال إغرائهم بالعمل في شركات أمن روسية برواتب مجزية وتتقاضى آلاف الدولارات عن كل شاب.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

TT

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)
قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)

قال الجيش السوري ومصادر من قوات المعارضة إن قوات جوية روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا، قرب الحدود مع تركيا، اليوم (الخميس)، لصد هجوم لقوات المعارضة استولت خلاله على أراضٍ لأول مرة منذ سنوات.

ووفقاً لـ«رويترز»، شن تحالف من فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوماً، أمس (الأربعاء)، اجتاح خلاله 10 بلدات وقرى تحت سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة حلب، شمال غربي البلاد.

وكان الهجوم هو الأكبر منذ مارس (آذار) 2020، حين وافقت روسيا التي تدعم الأسد، وتركيا التي تدعم المعارضة، على وقف إطلاق نار أنهى سنوات من القتال الذي تسبب في تشريد ملايين السوريين المعارضين لحكم الأسد.

وفي أول بيان له، منذ بدء الحملة المفاجئة قال الجيش السوري: «تصدَّت قواتنا المسلحة للهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمراً حتى الآن، وكبَّدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح».

وأضاف الجيش أنه يتعاون مع روسيا و«قوات صديقة» لم يسمِّها، لاستعادة الأرض وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.

وقال مصدر عسكري إن المسلحين تقدموا، وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من مشارف مدينة حلب، وعلى بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين بهما حضور قوي لجماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران.

كما هاجموا مطار النيرب، شرق حلب، حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

وتقول قوات المعارضة إن الهجوم جاء رداً على تصعيد الضربات في الأسابيع الماضية ضد المدنيين من قبل القوات الجوية الروسية والسورية في مناطق جنوب إدلب، واستباقاً لأي هجمات من جانب الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة مع قوات المعارضة.

وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، اليوم (الخميس)، أن البريجادير جنرال كيومارس بورهاشمي، وهو مستشار عسكري إيراني كبير في سوريا، قُتل في حلب على يد قوات المعارضة.

وأرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الصراع هناك. وبينما شمل هؤلاء عناصر من الحرس الثوري، الذين يعملون رسمياً مستشارين، فإن العدد الأكبر منهم من عناصر جماعات شيعية من أنحاء المنطقة.

وقالت مصادر أمنية تركية اليوم (الخميس) إن قوات للمعارضة في شمال سوريا شنَّت عملية محدودة، في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسَّعت عمليتها بعد أن تخلَّت القوات الحكومية عن مواقعها.

وأضافت المصادر الأمنية أن تحركات المعارضة ظلَّت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019، بهدف الحد من الأعمال القتالية بين قوات المعارضة وقوات الحكومة.

وقال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن تركيا تتابع التطورات في شمال سوريا عن كثب، واتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان أمن القوات التركية هناك.

ولطالما كانت هيئة تحرير الشام، التي تصنِّفها الولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية، هدفاً للقوات الحكومية السورية والروسية.

وتتنافس الهيئة مع فصائل مسلحة مدعومة من تركيا، وتسيطر هي الأخرى على مساحات شاسعة من الأراضي على الحدود مع تركيا، شمال غربي سوريا.

وتقول قوات المعارضة إن أكثر من 80 شخصاً، معظمهم من المدنيين، قُتلوا منذ بداية العام في غارات بطائرات مُسيرة على قرى تخضع لسيطرة قوات المعارضة.

وتقول دمشق إنها تشن حرباً ضد مسلحين يستلهمون نهج تنظيم القاعدة، وتنفي استهداف المدنيين دون تمييز.