مصنع للمبيدات في ضواحي صنعاء يهدد حياة 20 ألف شخص

انقلابيو اليمن في مواجهة جديدة مع السكان

الحوثيون يستميتون في الدفاع عن المبيدات المسرطنة (إعلام محلي)
الحوثيون يستميتون في الدفاع عن المبيدات المسرطنة (إعلام محلي)
TT
20

مصنع للمبيدات في ضواحي صنعاء يهدد حياة 20 ألف شخص

الحوثيون يستميتون في الدفاع عن المبيدات المسرطنة (إعلام محلي)
الحوثيون يستميتون في الدفاع عن المبيدات المسرطنة (إعلام محلي)

عادت المواجهة بين الحوثيين والسكان في ضواحي العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، مع إصرار الجماعة على المضي في قرارها بإنشاء مصنع للمبيدات الزراعية وسط التجمعات السكانية، وهو ما يهدد بتلوث مصادر المياه هناك والأراضي الزراعية التي يعتمد عليها أكثر من 20 ألف نسمة.

ورغم إصرار مهدي المشاط رئيس مجلس حكم الحوثيين الانقلابي على المضي في المشروع الذي ينفَّذ لمصلحة الجماعة وأحد تجارها، فإن السكان واصلوا اعتراضاتهم من خلال الوقفات الاحتجاجية التي لم تنقطع وتحركاتهم لدى الزعامات القبلية لمساندتهم في مطالبهم بإبعاد هذا المصنع عن منطقتهم لتجنب الأضرار الكبيرة التي ستلحق بهم.

احتجاجات متواصلة ضد الحوثيين رفضاً لإنشاء مصنع مبيدات (إعلام محلي)

ووفق مصادر محلية في صنعاء، فإن مجلس حكم الحوثيين الذي دخل في شراكة مع «مجموعة دغسان» التجارية المتخصصة باستيراد المبيدات الزراعية، والتي تمول الحوثيين أيضاً، وتهتم بإدخال مبيدات مسرطنة أوممنوع استعمالها وأخرى مقيد استخدامها بشدة، فإن سكان مديرتي همدان وبني مطر التابعتين لمحافظة صنعاء، وبعد أن اصطدموا بقيادة مجلس الحكم الحوثي، وجَّهوا نداءً إلى زعيم الجماعة دعوه فيه إلى التدخل، والأمر بإيقاف إجراءات بناء المصنع في مناطقهم.

2 مليون دولار

وفق مصادر عاملة في قطاع الزراعة في صنعاء فإن الحوثيين صادروا مبلغ مليار ريال يمني (نحو 2 مليون دولار) من حساب مؤسسة إنتاج الحبوب ودون علم وزير الزراعة في حكومة الانقلاب، ودخلوا شركاء لـ«مجموعة دغسان» التجارية في إنشاء مصنع لإنتاج المبيدات الزراعية بعد الحملة الشعبية المناهضة للمبيدات الزراعية المحرَّم استخدامها والمسببة للسرطان والتي سُمح لهذه المجموعة المرتبطة بالحوثيين بإدخالها خلافاً للقانون وبكميات غير مسبوقة في تاريخ البلاد.

وفي إطار تصعيد السكان لمعارضتهم هذه الخطوة وجَّهوا رسالة إلى عبد الملك الحوثي وقَّعها وجهاء وعقلاء قرى: «المراحيب، بيت سعد، برحان، حنظان، صيح، اللكمة» والقريبة من الموقع الذي يعتزم إنشاء المصنع فيه.

وأكد السكان أن الشركة الجديدة التي سمّيت «رواد الوطن» ماضية في خطتها لبناء مصنع للمبيدات في منطقة آهلة بالسكان، وفي منطقة كلها أراضٍ زراعية، وبجانبها غيول وآبار للمياه، وأكدوا أن المصنع سيكون له أضرار بيئية على السكان والأراضي الزراعية والمياه الجوفية.

رئيس مجلس حكم الحوثيين أصر على إقامة مصنع المبيدات وسط تجمعات سكانية (إعلام حوثي)

ووفق الرسالة فإن المصنع «سيمثل كارثة بيئية ستحل على المنطقة بأكملها، وستهلك الحرث والنسل، وسيتسبب المصنع بظهور أمراض وأوبئة لا يُحمد عقابها، وسيشكل تهديداً لأكثر من 20 ألف نسمة من سكان هذه القرى، خصوصاً أن الموقع لا يبعد عن هذه التجمعات سوى مئات الأمتار فقط».

السكان بينوا في رسالتهم أنه يوجد غيل في قرية صيح، ويعيش عليه سكان القرية، كما أنه المصدر الوحيد للزراعة والماشية، كما توجد آبار في قريتي برحان وبيت سعد، وهي على مسافة قريبة جداً من الموقع الذي اختير لإقامة المصنع عليه، وطالبوا من زعيم الحوثيين توجيه المسؤولين بإيقاف بناء المصنع المذكور منعاً لحدوث كارثة بيئية.


مقالات ذات صلة

بن مبارك: الالتزامات الدولية تجاه اليمن تشمل المجالات الأمنية والدفاعية

خاص رئيس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك خلال لقاء سابق مع السفيرة البريطانية لدى اليمن (سبأ)

بن مبارك: الالتزامات الدولية تجاه اليمن تشمل المجالات الأمنية والدفاعية

قال رئيس الوزراء اليمني إن الالتزامات الدولية تجاه اليمن لن تقتصر على الجوانب السياسية والاقتصادية، بل ستشمل أيضاً المجالات الأمنية والدفاعية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

أطلقت الأمم المتحدة خطتها لإغاثة 10 ملايين يمني خلال العام الجديد في حين تقدر تقاريرها عدد المحتاجين بأكثر من 19.5 مليون في ظل انهيار اقتصادي متسارع في البلاد

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي صورة وزعها الحوثيون لاستهداف سفينة في البحر الأحمر بزورق مسيّر مفخخ (أ.ف.ب)

الحوثيون سيستهدفون «السفن المرتبطة بإسرائيل فقط» بعد وقف النار في غزة

أعلن الحوثيون في اليمن إلى أنهم سيقتصرون على استهداف السفن المرتبطة بإسرائيل فقط في البحر الأحمر، وذلك في الوقت الذي بدأ فيه سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي جندي بحرية أميركي يفحص ذخيرة مقاتلة قبل إقلاعها من على متن حاملة الطائرات «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)

الحوثيون يستقبلون ضربات أميركية في أول أيام «هدنة غزة»

استقبلت الجماعة الحوثية ضربات أميركية في أول أيام «هدنة غزة» فيما ادعت الجماعة مهاجمة حاملة الطائرات «هاري ترومان» للمرة الثامنة منذ وصولها البحر الأحمر

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي لقاء سابق بين رئيس الوزراء اليمني والسفيرة البريطانية لدى اليمن (سبأ)

«اجتماع نيويورك»... نحو شراكة استراتيجية بين اليمن والمجتمع الدولي

تأمل الحكومة اليمنية تأسيس شراكة حقيقية مع المجتمع الدولي، وحشد الدعم السياسي والاقتصادي لخططها الإصلاحية، وجوانب الدعم الدولية المطلوبة لإسناد الحكومة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT
20

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.