تقرير حكومي: 66 % من اليمنيين بحاجة إلى مساعدة

أدى الصراع لنزوح أكثر من 4.5 مليون شخص داخلياً

بلغت معدلات الفقر في اليمن 80 % جراء الصراع المستمر في البلاد منذ سنوات بحسب الحكومة اليمنية (أ.ف.ب)
بلغت معدلات الفقر في اليمن 80 % جراء الصراع المستمر في البلاد منذ سنوات بحسب الحكومة اليمنية (أ.ف.ب)
TT

تقرير حكومي: 66 % من اليمنيين بحاجة إلى مساعدة

بلغت معدلات الفقر في اليمن 80 % جراء الصراع المستمر في البلاد منذ سنوات بحسب الحكومة اليمنية (أ.ف.ب)
بلغت معدلات الفقر في اليمن 80 % جراء الصراع المستمر في البلاد منذ سنوات بحسب الحكومة اليمنية (أ.ف.ب)

رسم تقرير حكومي يمني صورة قاتمة للوضع الاقتصادي والإنساني في البلاد جراء تداعيات الصراع المشتعل منذ نحو 10 سنوات، مبيناً أن 66 في المائة من السكان بحاجة إلى مساعدات.

وأكد التقرير الصادر عن قطاع الدراسات والتقارير الاقتصادية بوزارة التخطيط والتعاون الدولي اليمنية، أن الوضع الإنساني لا يزال قاتماً وهناك حاجة إلى استمرار المساعدات لمنع مزيد من تفاقم الاحتياجات، في ظل وجود 4.5 مليون شخص نازح داخلياً.

تداعيات جائحة كورونا وتفاقم الصراعات حول العالم أديا إلى انخفاض دعم الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال السنوات الأخيرة (منظمة الصحة العالمية)

ووفقاً للتقرير، فإن حجم التمويل الفعلي لبرامج الاستجابة الإنسانية في اليمن شهد زيادة بشكل مطرد منذ عام 2015، ووصلت ذروتها في عام 2019 عند 3.6 مليار دولار.

بينما بلغ حجم التمويل الفعلي خلال الأعوام من 2020 إلى 2022 نحو 2.2 مليار كمتوسط سنوي، وهو أقل بكثير عن عام 2019، وأرجع التقرير أسباب ذلك إلى جائحة «كوفيد - 19»، والحرب الروسية - الأوكرانية، إضافة إلى وجود سياق تمويل عالمي مليء بالتحديات جعل نسبة التغطية التمويلية للاحتياجات الإنسانية عند 53 في المائة فقط، وهي الأدنى منذ عام 2015.

ولفت التقرير إلى أن نسبة الاستجابة الإنسانية وصلت سقفها الأعلى عند 87 في المائة في عام 2019، مقارنة بـ51 في المائة خلال الفترة من 2021 إلى 2023. وأوصى تقرير الحكومة اليمنية بإعطاء الأولوية للسياسات الاقتصادية والاجتماعية الرامية إلى إنعاش النشاط الاقتصادي من أجل تعزيز التعافي والتنمية الاقتصادية، وتوفير الموارد اللازمة للمؤسسات على نحو يمكنها من تقديم خدماتها بفاعلية وضمان رفاه المواطنين.

تتوقع الحكومة اليمنية أن تستمر الحاجة للمساعدات الإنسانية خلال العام الحالي جراء تفاقم الأوضاع الاقتصادية (أ.ف.ب)

وأفاد التقرير بأن الحرب الدائرة في البلاد أحدثت أضراراً جسيمة، حيث لا يزال 21.6 مليون شخص، أي أكثر من 66 في المائة من السكان بحاجة إلى مساعدة، مبيناً أن الوضع ازداد سوءاً في السنوات الأخيرة، بسبب السيول وتفاقم أزمة النزوح، حيث بلغ عدد النازحين داخلياً أكثر من 4.5 مليون شخص، أي نحو 14 في المائة من السكان حتى أوائل عام 2023.

وشدد التقرير الحكومي على أن زيادة التركيز على التعاون بين جهات العمل في المجال الإنساني ومجالات التنمية والسلام أمر أساسي لتقديم حلول أكثر استدامة، بما في ذلك إعادة بناء الاقتصاد وتقديم وتوسيع الخدمات العامة المتناقصة وتحسين نوعيتها وجودتها.

كما رجح التقرير أن يستمر الاعتماد على المساعدات الإنسانية خلال عام 2024، وستكون المنظمات الإنسانية محدودة بشكل مزداد في قدرتها على تقديم المساعدة بسبب فجوات التمويل المستدام. وأضاف: «من المحتمل أن يؤدي بطء النمو الاقتصادي والتمويل غير الكافي لبرامج التنمية طويلة المدى إلى مزيد من الانخفاض في قيمة العملة الوطنية، مما يؤدي إلى تفاقم أكبر للوضع الاقتصادي والاعتماد على آليات التكيف».

أدت الحرب التي أشعلها الحوثيون قبل نحو 10 سنوات إلى أكبر أزمة إنسانية في اليمن ونزوح أكثر من 4 ملايين شخص داخلياً (أ.ف.ب)

وبحسب تقرير قطاع الدراسات بوزارة التخطيط، فإن الانقسام في المؤسسات الاقتصادية، والقرارات غير المنسقة المتعلقة بالسياسات الكلية، أديا إلى تفاقم الأزمتين الاجتماعية والاقتصادية، مشيراً إلى أن الناتج الإجمالي المحلي للبلاد انكمش خلال الفترة من 2014 إلى 2021 بأكثر من 50 في المائة.

وسجل اليمن أعلى معدلات الفقر بين الدول العربية بنسبة 80 في المائة، وبمتوسط دخل بلغ نحو 644 دولاراً للفرد، وهو أقل مقارنة بالبلدان العربية الأخرى، وفقاً للتقرير. وتابع التقرير: «من العوامل التي ساعدت في زيادة وحدة وتيرة انتشار الفقر باليمن؛ استمرار الصراع والحرب وارتفاع سعر الصرف وتدهور القيمة الشرائية للريال اليمني وانكماش وتوقف بعض الأنشطة الاقتصادية، مما أدى إلى مزيد من انزلاق الأسر في الفقر، الذي كان عبارة عن انعكاس للتغيرات في انخفاض متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي».


مقالات ذات صلة

غارات غربية تضرب 15 موقعاً حوثياً في اليمن

العالم العربي الدخان يتصاعد من موقع الضربات الأميركية - البريطانية على صنعاء (رويترز)

غارات غربية تضرب 15 موقعاً حوثياً في اليمن

أفادت قناة «المسيرة» التابعة للمتمردين الحوثيين، اليوم (الجمعة)، بأن طائرات أميركية وبريطانية شنّت سلسلة غارات على 3 مدن يمنية بينها صنعاء والحديدة الساحلية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد أشخاص قرب دمار سببه القصف الإسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

صندوق النقد: صراع الشرق الأوسط قد تكون له تداعيات اقتصادية كبيرة

قال صندوق النقد الدولي، الخميس، إن تصعيد الصراع في الشرق الأوسط قد تكون له تداعيات اقتصادية كبيرة على المنطقة والاقتصاد العالمي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي صاروخ باليستي زعم الحوثيون أنهم أطلقوه باتجاه إسرائيل (إعلام حوثي)

انقلابيو اليمن يتبنّون استهداف تل أبيب بمسيّرات

ضمن تصعيد الجماعة الحوثية تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، وأخيراً مناصرة «حزب الله» في لبنان، تبنت، الخميس، إطلاق عدد من الطائرات المسيرة باتجاه تل أبيب

علي ربيع (عدن)
العالم العربي إصابة سفينتين في هجومين قبالة سواحل اليمن تبناهما المتمردون الحوثيون (إ.ب.أ)

إصابة سفينتين قبالة اليمن في هجومين تبناهما الحوثيون

أفادت وكالة أمن بحري بريطانية بإصابة سفينتين في هجومين، الثلاثاء، قبالة سواحل اليمن، تبناهما المتمردون الحوثيون، مع تصاعد التوتر الإقليمي.

«الشرق الأوسط» (دبي)
العالم العربي ميناء إيلات في إسرائيل (أرشيفية - رويترز)

الحوثيون: استهداف مواقع عسكرية إسرائيلية في تل أبيب وإيلات بمسيرات

قال المتحدث العسكري لجماعة الحوثي اليمنية يحيى سريع إن الجماعة استهدفت، اليوم (الثلاثاء)، بطائرات مسيرة مواقع عسكرية إسرائيلية في تل أبيب وإيلات.

«الشرق الأوسط» (لندن)

النفايات ترفع معدل الاحتباس الحراري والتلوث في اليمن

مواقع غير رسمية مليئة بالنفايات الخطرة في اليمن تسبب التلوث (إعلام محلي)
مواقع غير رسمية مليئة بالنفايات الخطرة في اليمن تسبب التلوث (إعلام محلي)
TT

النفايات ترفع معدل الاحتباس الحراري والتلوث في اليمن

مواقع غير رسمية مليئة بالنفايات الخطرة في اليمن تسبب التلوث (إعلام محلي)
مواقع غير رسمية مليئة بالنفايات الخطرة في اليمن تسبب التلوث (إعلام محلي)

كشف مرصد مختص بالبيئة عن استخدام الأقمار الاصطناعية في الكشف عن تأثير مواقع النفايات غير الرسمية في اليمن على البيئة وزيادة معدل الاحتباس الحراري، وقال إن هذه المواقع تشكل مخاطر تلوث بيئية كبيرة عبر الهواء والماء والتربة، فضلاً عن المواد المسرطنة والمعادن الثقيلة.

ووفق دراسة لمرصد الاستشعار عن بُعد، فإن الحرب في اليمن أثرت بشكل عميق على إدارة النفايات الصلبة، مما أدى إلى زيادة الإغراق والمخاطر على البيئة والصحة العامة، وقالت الدراسة إنه يتم استخدم الأقمار الاصطناعية في تحديد مواقع الإغراق، وبالتالي المساعدة في إيجاد التدابير العلاجية وسياسات إدارة النفايات.

إحراق النفايات في اليمن يؤدي إلى إطلاق الغازات فضلاً عن المواد المسرطنة (إعلام محلي)

وأوضح المرصد أنه رغم تراجع حدة الصراع الذي دام قرابة عقد من الزمان في اليمن، فإن البلاد لا تزال بعيدة عن السلام، إذ احتلت في بداية الصراع بالفعل المرتبة 160 من أصل 177 على مؤشر التنمية البشرية، مما عزز مكانتها بوصفها واحدة من أكثر دول العالم فقراً.

وأثناء الصراع أشار المرصد إلى نشوء عديد من تحديات إدارة النفايات، ما أدى إلى انتشار مواقع الإغراق غير الرسمية وتفاقم المخاطر البيئية والصحية، كما أدت الحرب إلى إجهاد الموارد الاقتصادية، وتعطيل البنية التحتية للنفايات، وتحويل الانتباه بعيداً عن إدارتها.

وأكدت الدراسة أن مواقع النفايات غير الرسمية المليئة بالنفايات الخطرة تسبب تلوث الهواء أثناء إحراقها، ما يؤدي إلى إطلاق غازات مثل ثاني أكسيد الكبريت، فضلاً عن المواد المسرطنة والمعادن الثقيلة، ورجحت أن يكون تفشي الكوليرا في اليمن عام 2016، الذي أسفر عن وفاة 3000 شخص، مرتبطاً بالنفايات الطبية غير المعالجة التي تلوث المجاري المائية.

100 حريق سنوياً

وأوضح المرصد أنه استعمل الأقمار الاصطناعية لتحديد ومراقبة مثل هذه المواقع باستخدام نظام معلومات الحرائق التابع لوكالة «ناسا»، وكشف عن تسجيل 1350 حريقاً بين أكتوبر (تشرين الأول) 2014، وأكتوبر2023، وقال إن هذه الحرائق تتركز في المناطق الحضرية على طول السواحل الغربية والجنوبية المكتظة بالسكان في اليمن.

ووفق ما جاء في دراسة المرصد فإن الصور أظهرت أن غالبية الحرائق وقعت في عامي 2019 و2021، حيث وقعت 215 و226 ​​حادثة على التوالي، بينما شهدت الفترة بين 2014 و2016 عدداً أقل من الحرائق، حيث سُجل 17 حريقاً فقط في عام 2016، لكن المرصد نبه إلى أنه على الرغم من انخفاض وتيرة الحرائق في عامي 2022 و2023، فإن كلا العامين لا يزالان يسجلان أكثر من 100 حريق سنوياً.

نظام إدارة النفايات المتدهور يسبب ضرراً كبيراً على البيئة والسكان في اليمن (إعلام محلي)

وبحسب البيانات فإن مواقع هذه النفايات كانت حول المدن الكبرى، إذ كان لدى كل من صنعاء والحديدة مكبّان جديدان للنفايات، كما ظهر معظم النفايات حول مدينة عدن؛ التي شهدت انخفاضاً كبيراً في معدلات جمع النفايات، وهو ما يفسر انتشار المكبات غير الرسمية.

ومع ذلك أكدت الدراسة أن ظهور مكبات النفايات غير الرسمية الجديدة لم يكن متأثراً بما إذا كانت المنطقة خاضعة لسيطرة الحوثيين أو الحكومة، كما أن قربها من مكبات النفايات الرسمية لم يمنع تشكلها، كما يتضح من حالات في عدن والمكلا.

ضرر على البيئة

نبهت دراسة مرصد الاستشعار عن بُعد، أن نظام إدارة النفايات المتدهور في اليمن يسبب ضرراً كبيراً على البيئة والسكان، ذلك أن لها تأثيرات على البيئية والمناخية، خصوصاً في ميناء «رأس عيسى» النفطي على البحر وصنعاء.

ففي «رأس عيسى» أوردت الدراسة أن ممارسات الإلقاء غير السليمة بالقرب من الساحل تساهم بشكل كبير في تلوث المياه البحرية والجوفية، كما يتسرب السائل الناتج عن تراكم النفايات إلى التربة ويصل إلى المياه الساحلية، مما يؤدي إلى تعطيل النظم البيئية البحرية وتعريض الأنواع للخطر.

وتقول الدراسة إن المواد البلاستيكية تتحلل من هذه المكبات إلى جزيئات بلاستيكية دقيقة، تبتلعها الكائنات البحرية وتتراكم بيولوجياً من خلال سلسلة الغذاء، أما في صنعاء، فتساهم مكبات النفايات في تغير المناخ بشكل كبير، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى انبعاثات غاز الميثان؛ لأنه مع تحلل النفايات العضوية بشكل لا هوائي، يتم إطلاق الغاز مما يؤدي إلى تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري والتلوث الجوي المحلي.

مسؤولة في اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي تتفقد مكب القمامة غربي صنعاء (الصليب الأحمر)

وطالب المرصد باستراتيجية شاملة للتخفيف من هذه التأثيرات، بما في ذلك أنظمة التقاط غاز مكبات النفايات واستخدامه لتحويل الميثان إلى طاقة، وممارسات تحويل النفايات مثل التسميد وإعادة التدوير للحد من النفايات العضوية.

ولكنه رأى أن الصراع المستمر في اليمن غالباً ما يهمش جهود حماية البيئة، مما يجعل من الصعب معالجة هذه القضايا الحرجة بشكل فعال.

وأعاد مرصد الاستشعار عن بُعد التذكير بأن تحديد المخاطر البيئية الفعلية على الناس والنظم البيئية أمر مستحيل باستخدام هذه الأساليب وحدها. وقال إن تحديد المواقع «ليس سوى جزء صغير من الحل». وأكد أن معالجة إدارة النفايات الصلبة ستظل معقدة طالما بقي الوضع السياسي في اليمن على حاله.