ماذا يعني اعتراف ثلاث دول أوروبية بفلسطين؟

خبراء عدوه «انتصاراً معنوياً»

متظاهرون في برشلونة لدعم الفلسطينيين يطالبون بوقف فوري لإطلاق النار في غزة (أ.ب)
متظاهرون في برشلونة لدعم الفلسطينيين يطالبون بوقف فوري لإطلاق النار في غزة (أ.ب)
TT

ماذا يعني اعتراف ثلاث دول أوروبية بفلسطين؟

متظاهرون في برشلونة لدعم الفلسطينيين يطالبون بوقف فوري لإطلاق النار في غزة (أ.ب)
متظاهرون في برشلونة لدعم الفلسطينيين يطالبون بوقف فوري لإطلاق النار في غزة (أ.ب)

شكل إعلان ثلاث دول أوروبية، عزمها الاعتراف بدولة فلسطين، «حرجاً متزايداً» لإسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة، اللتين تواجهان ضغوطاً دولية متزايدة، بسبب حرب دموية في غزة، قاربت على ثمانية أشهر.

وأعلنت آيرلندا وإسبانيا والنرويج، الأربعاء، أنها ستعترف بدولة فلسطينية في 28 مايو (أيار) الحالي، وقالت إنها تأمل في أن تحذو حذوها دول غربية أخرى، الأمر الذي دفع إسرائيل إلى استدعاء سفرائها لدى الدول الثلاث.

الإعلان الأوروبي الجديد، الذي قوبل بحفاوة فلسطينية وعربية، رأى خبراء قانونيون ودبلوماسيون، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أنه «تطور سياسي مهم» في مسار مشروع «حل الدولتين»، ودعم قوي لمكانة فلسطين القانونية، يعزز من فرص نيلها عضوية كاملة في الأمم المتحدة.

ووصف رئيس الوزراء الآيرلندي سايمون هاريس، تلك الخطوة، التي تم تنسيقها مع إسبانيا والنرويج، بـ«اليوم التاريخي المهم لآيرلندا ولفلسطين»، فيما قال بيدرو سانشيز رئيس الوزراء الإسباني إن هدف هذا التحرك هو «تسريع جهود التوصل إلى وقف لإطلاق النار في حرب غزة».

وفي أوسلو، قال رئيس الوزراء النرويجي يوناس غار ستوره إن الخيار الوحيد لحل سياسي بين الإسرائيليين والفلسطينيين هو «أن تعيش دولتان جنبا إلى جنب في سلام وأمن».

ترحيب فلسطيني-عربي

لاقى إعلان الدول الأوروبية الثلاث ترحيباً فلسطينياً وعربياً، وبينما وصفت منظمة التحرير الفلسطينية تلك الخطوة بـ«التاريخية». دعت وزارة الخارجية الفلسطينية، جميع الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين إلى المضي قدما بذلك، كما عدّت حركة «حماس» الإعلان «خطوة مهمة تثبت حق الفلسطينيين في أراضيهم».

ووصفت السعودية قرار آيرلندا وإسبانيا والنرويج بـ«الإيجابي»، وعدته «يؤكد الإجماع الدولي على الحق الأصيل للشعب الفلسطيني في تقرير المصير». كما دعت «بقية الدول للمسارعة في اتخاذ نفس القرار» خصوصاً «الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن التي لم تعترف حتى الآن بالدولة الفلسطينية».

كما صدرت بيانات ترحيبية من دول عربية وإسلامية، مثل مصر وقطر والأردن وتركيا، طالبت بقية «الدول التي لم تتخذ هذه الخطوة بالمضي قدما نحو الاعتراف بدولة فلسطين».

ووجه الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، الشكر للدول الأوروبية الثلاث، داعيا الدول التي لم تفعل ذلك إلى الاقتداء بها.

«إحراج لإسرائيل»

سفير مصر الأسبق في إسرائيل حازم خيرت، عدّ الخطوة الأوروبية، «تجاوباً مع الرأي العام الغربي الغاضب من الممارسات الإسرائيلية في قطاع غزة طوال الأشهر الماضية»، مشيرا إلى أن تلك الخطوة «تمثل إحراجاً لإسرائيل، وللدول التي تدعم السياسات الإسرائيلية».

وطالب خيرت، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بـ«استثمار القرار دبلوماسياً على المستوى العربي، حتى يمكن الحصول على اعترافات من دول أخرى بدولة مستقلة لفلسطين».

وتعد الولايات المتحدة المعرقل الرئيسي للاعتراف بالدولة الفلسطينية، بسبب حق النقض (الفيتو)، الذي استخدمته منتصف أبريل (نيسان) الماضي، في مجلس الأمن الدولي، لمنع أحدث محاولة للاعتراف بدولة فلسطين.

وتقول واشنطن إنها لا تمانع إقامة دولة فلسطينية، لكن لا بد أن يجري ذلك عن طريق المفاوضات مع إسرائيل، وهو الموقف الذي تشاركه مع قوى أوروبية غربية بينها فرنسا وألمانيا.

ويعد اعتراف الدول الأوروبية الثلاث «تطوراً سياسياً مهماً» في مسار مشروع «حل الدولتين»، كما يشير أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس الدكتور أيمن الرقب، الذي عده «موقفا قويا في مواجهة الجرائم الإسرائيلية التي ترتكب في قطاع غزة على مدى الأشهر الماضية».

وقال الأكاديمي الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، إن القرار الثلاثي «انتصار معنوي لصالح القضية الفلسطينية»، كما أنه «يحرج الاحتلال الإسرائيلي ومن يدافع عنه خاصة الولايات المتحدة».

وفي مطلع مايو الحالي، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، قرارا بأحقية دولة فلسطين في العضوية الكاملة بالمنظمة، بعد تصويت 143 دولة على القرار، ورفض 9 دول مشروع القرار.

دعم قانوني

ويعد أستاذ القانون الدولي بمصر الدكتور أحمد رفعت، أن إعلان ثلاث دول أوروبية عزمها الاعتراف بدولة فلسطين «دعم لمكانة فلسطين القانونية على الساحة الدولية، يعزز فرصها لنيل العضوية الكاملة في الأمم المتحدة»، مؤكدا أن «الاعتراف يستند إلى قواعد راسخة في القانون الدولي، أبرزها حق الشعوب في تقرير المصير».

وأوضح أستاذ القانون الدولي لـ«الشرق الأوسط»، أن «توالي الاعتراف يشير إلى أن المجتمع الأوروبي يتجاوب مع موجة التأييد الشعبي لفلسطين»، ويشرع لفلسطين كدولة محتلة «استخدام كل الأساليب لتحرير أرضها كما فعلت جنوب أفريقيا والجزائر وغيرهما من الدول».

خريطة الاعتراف الدولي بفلسطين

بحسب بيانات السلطة الفلسطينية، تعترف 142 دولة، من إجمالي 193 عضواً في الأمم المتحدة، بالدولة الفلسطينية، التي أعلنتها قيادة منظمة التحرير في الخارج، قبل أكثر من 35 عاماً، لكن ذلك لا يشمل معظم دول أوروبا الغربية وأميركا الشمالية وأستراليا واليابان وكوريا الجنوبية.

وكان زعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات، أعلن في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) 1988، «قيام دولة فلسطين» وعاصمتها القدس، خلال انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر. وبعد دقائق، اعترفت الجزائر رسميا بالدولة الفلسطينية المستقلة.

وبعد أسبوع، اتخذت 40 دولة، من بينها الصين والهند وتركيا ومعظم الدول العربية، الخطوة نفسها. تبعتها جميع دول القارة الأفريقية والكتلة السوفياتية السابقة.

وفي عامي 2010 و2011، اعترفت معظم بلدان أميركا الوسطى واللاتينية بالدولة الفلسطينية.

وأصبحت السويد أول دولة في الاتحاد الأوروبي تعترف بـ«دولة فلسطين» عام 2014، بعد جمهورية التشيك والمجر وبولندا وبلغاريا ورومانيا وقبرص قبل الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. كما تستعد سلوفينيا للاعتراف، عقب تصويت البرلمان في 13 يونيو (حزيران) المقبل.

وفي نوفمبر 2012، حصل الفلسطينيون على صفة دولة مراقب في الأمم المتحدة يحقّ لها، في غياب العضوية الكاملة وحق التصويت، الانضمام إلى وكالات الأمم المتحدة والمعاهدات الدولية.

وبناء على وضعهم الجديد، انضم الفلسطينيون إلى المحكمة الجنائية الدولية في عام 2015.


مقالات ذات صلة

مظاهرات ودعوى قضائية لفرض لجنة تحقيق على الحكومة الإسرائيلية

المشرق العربي جانب من الاحتجاجات الإسرائيلية أمام منزل نتنياهو بالقدس في 27 يونيو 2024 (رويترز)

مظاهرات ودعوى قضائية لفرض لجنة تحقيق على الحكومة الإسرائيلية

انطلقت في تل أبيب ومدن أخرى، يوم الخميس، مظاهرات واسعة للمطالبة بلجنة تحقيق في أحداث 7 أكتوبر في ظل ما يرونه مماطلة من الحكومة.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي 
طفل فلسطيني أمام مبان مدمرة بفعل غارات جوية إسرائيلية في حي الصبرة وسط مدينة غزة أمس (د.ب.أ)

إسرائيل تكثف هجومها في غزة ونزوح جديد للآلاف

شن الجيش الإسرائيلي، أمس، هجوماً مفاجئاً في شمال قطاع غزة بالمدفعية والمروحيات، بالتزامن مع هجوم آخر في مدينة رفح جنوباً، ما تسبب في موجة جديدة وكبيرة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي أسرة تمشي وسط الدمار الذي سببه قصف إسرائيلي على حي الصبرة في مدينة غزة في 27 يونيو 2024 (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي يكثف هجومه في غزة شمالاً وجنوباً

توغل الجيش الإسرائيلي في أحد أحياء مدينة غزة، يوم الخميس، وأخبر الفلسطينيين أثناء دخول الدبابات بأن عليهم التحرك نحو الجنوب، كما قصف في الوقت ذاته مدينة رفح.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شمال افريقيا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

نتنياهو يسعى لتأجيل محاكمته 9 شهور بسبب الحرب

تقدم طاقم الدفاع عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بطلب رسمي لتأجيل مسار محاكمته تسعة شهور؛ «لأنه مشغول في إدارة الحرب».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن يرحب بنظيره الإسرائيلي يوآف غالانت في البنتاغون (رويترز)

غالانت: قادرون على إعادة لبنان «للعصر الحجري» لكننا نفضل حلاً دبلوماسياً

حذر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، من أن الجيش الإسرائيلي قادر على إعادة لبنان إلى «العصر الحجري» في أي حرب مع مقاتلي جماعة «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

خطر الحوثيين يتفاقم بحرياً وسط ضعف الحزم الدولي

السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر إثر هجوم حوثي (رويترز)
السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر إثر هجوم حوثي (رويترز)
TT

خطر الحوثيين يتفاقم بحرياً وسط ضعف الحزم الدولي

السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر إثر هجوم حوثي (رويترز)
السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر إثر هجوم حوثي (رويترز)

تبنّى زعيم الجماعة الحوثية عبد الملك الحوثي، في خطبته الأسبوعية، الخميس، تنفيذ أربع هجمات ضد السفن خلال أسبوع، وذلك في الشهر الثامن من تصعيد الجماعة البحري، ليبلغ عدد السفن المهاجمة نحو 160 سفينة.

ومع ورود تقارير غربية عن تعرض سفينة أخرى للهجوم في البحر الأحمر، الخميس، يرى سياسيون يمنيون أن هناك تراخياً دولياً مع الجماعة التي باتت خطراً على المنطقة والعالم، بخاصة مع عدم نجاح التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في الحد من تصاعد الهجمات يوماً إثر يوم.

السفينة اليونانية «توتور» الغارقة في البحر الأحمر إثر هجوم حوثي (رويترز)

وتشنّ الجماعة منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، هجماتها في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي؛ إذ تحاول منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، كما تدّعي، بغضّ النظر عن جنسيتها، وكذا السفن الأميركية والبريطانية، كما أعلنت أخيراً توسيع الهجمات إلى البحر المتوسط، وتبنّت هجمات في موانئ إسرائيلية، بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لإيران.

وزعم الحوثي أن جماعته نفذت أربع عمليات مشتركة مع الفصائل العراقية الموالية لإيران ضد سفن في موانئ إسرائيل، إلى جانب تبنيه خلال أسبوع أربع هجمات نفذت بسبعة صواريخ باليستية ومجنحة وبزورق «طوفان»، الذي قال إنه يمكنه أن يحمل قرابة 1.5 طن من المتفجرات.

كما أعلن زعيم الجماعة دخول صاروخ «حاطم» في خط العمليات، وهدد باستهداف حاملة الطائرات الأميركية «روزفلت» التي من المقرر أن تحل في البحر الأحمر محل «أيزنهاور» التي سحبتها واشنطن قبل أيام.

وكان المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع، تبنى، الأربعاء، عملية مشتركة مع فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران زعم أنها استهدفت بطائرات مسيّرة السفينة الإسرائيلية «مانزانيلو» في ميناء حيفا، دون ورود أي تقارير إسرائيلية أو دولية تدعم هذه المزاعم.

أحدث الهجمات والضربات

ذكرت شركة «أمبري» البريطانية للأمن البحري، الخميس، أن سفينة تجارية أبلغت عن إصابتها بمقذوف قبالة السواحل الغربية لليمن في أثناء رحلة إلى السعودية، حيث أُصيبت بمقذوف على بُعد 84 ميلاً بحرياً نحو غرب الحُديدة في اليمن، مشيرةً إلى أنه لم يتمّ الإبلاغ عن أي إصابات أو أضرار.

وفي حين أوضحت «أمبري» أن السفينة كانت تبحر جنوباً في البحر الأحمر عندما أصدرت نداء استغاثة، وأنها كانت متّجهة إلى الدمام في السعودية، أكدت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية في بيان أنها على علم بالحادثة.

في غضون ذلك، أوضحت القيادة المركزية الأميركية أن قواتها نجحت خلال 24 ساعة في تدمير موقع رادار تابع للحوثيين في منطقة تسيطر عليها الجماعة المدعومة من إيران.

وبحسب بيان الجيش الأميركي، تبين أن موقع الرادار كان يمثل تهديداً وشيكاً للولايات المتحدة وقوات التحالف والسفن التجارية في المنطقة، وأنه يتم اتخاذ الإجراءات لحماية حرية الملاحة وجعل المياه الدولية أكثر أماناً.

ومع تواصل عمليات الدفاع الاستباقية التي تقودها واشنطن لحماية الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، كان الجيش الأميركي، تعهد بالاستمرار مع الشركاء في تقويض القدرات العسكرية للجماعة الحوثية، واصفاً هجماتها بـ«الخبيثة».

ووصف الجيش الأميركي سلوك الحوثيين المدعومين من إيران بـ«الخبيث والمتهور». وقال إنه «يهدد الاستقرار الإقليمي ويعرّض حياة البحارة عبر البحر الأحمر وخليج عدن للخطر». وتعهد «العمل مع الشركاء لمحاسبة الحوثيين وتقويض قدراتهم العسكرية».

غياب الرؤية الغربية

تعطي الهجمات الحوثية المتلاحقة في الشهر الحالي انطباعاً عن ضراوة الهجمات وفاعليتها، خاصة مع غرق السفينة اليونانية «توتور» في البحر الأحمر، لتصبح ثاني سفينة تغرق بعد السفينة البريطانية «روبيمار»، وتهديد سفينتين على الأقل بمصير مماثل، لتضاف إلى السفينة المقرصنة «غالاكسي ليدر» منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

ويتحدث سياسيون يمنيون عن أن خطة الولايات المتحدة للتصدي للحوثيين لم تحقق هدفها، حيث لا تزال هجمات الجماعة تتصاعد رغم الضربات التي تلقتها، كما يرون أن هناك حاجة لمزيد من الجدية لإدراك ما يمثله الخطر الحوثي على المنطقة والعالم.

مسلحون حوثيون في حشد بمناسبة تأييد أحقية زعيمهم في حكم اليمنيين (أ.ف.ب)

ويرى المستشار الإعلامي في السفارة اليمنية في الرياض، صالح البيضاني، أن غياب الرؤية الدولية الواضحة والحازمة إزاء التصعيد الحوثي في البحر الأحمر، سيدفع باتجاه المزيد من التصعيد الحوثي كمّاً ونوعاً.

ويقول البيضاني في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «إن هذا التراخي الدولي قد يعمق من الخسائر الاقتصادية العالمية نتيجة العمليات الحوثية الإرهابية التي تهدف للتأسيس لواقع جديد وتريد من المجتمع الدولي أن يتقبله ويتعايش معه، انطلاقاً من فرض سياسة أمر واقع، مستفيدة من التراخي الدولي، الأمر الذي يعزز من فرضية سياسية تشير إلى أن ‏الغرب ليس جاداً حتى الآن، على الأقل، في مواجهة المشروع الإيراني في المنطقة، بقدر رغبته في عقلنة هذا المشروع واستثماره لتحقيق غايات استراتيجية بعيدة المدى».

ويضيف المستشار اليمني: «ليس من المعقول كما يقول مراقبون أن الطائرات والصواريخ الحديثة التي تستطيع قتل شخص في عمق كهوف أفغانستان أو على دراجة نارية في الصحراء، باتت عاجزة عن معاقبة من يخرج كل يوم مُصرِّحاً بأنه أغرق السفن التجارية الدولية في عرض البحر!».

حاملة الطائرات الأميركية «أيزنهاور» مع مجموعتها القتالية في البحر الأحمر قبل مغادرته أخيراً (أ.ف.ب)

وكانت الولايات المتحدة قد أطلقت تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمَّته «حارس الازدهار»، لحماية الملاحة في البحر الأحمر، وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض، وشاركتها بريطانيا في 5 مناسبات حتى الآن، كما شارك عدد من سفن الاتحاد الأوروبي ضمن عملية «أسبيدس» في التصدي لهجمات الجماعة.

وأصابت الهجمات الحوثية حتى الآن نحو 28 سفينة منذ بدء التصعيد، غرقت منها اثنتان، حيث أدى هجوم في 18 فبراير (شباط) إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور» التي استُهدفت في 12 يونيو (حزيران) الحالي.

وتسود مخاوف من مصير مماثل تواجهه السفينة الأوكرانية «فيربينا» التي تركها بحارتها تهيم في خليج عدن بعد تعذر إطفاء حرائق على متنها جراء هجوم حوثي آخر تعرّضت له في 13 من الشهر الحالي، دون أن تتوفر معلومات أحدث حول حالتها.

كما أدى هجوم صاروخي في 6 مارس (آذار) الماضي، إلى مقتل 3 بحارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية.

مقاتلات أميركية تحلق فوق البحر الأحمر ضمن عمليات حماية السفن من الهجمات الحوثية (أ.ف.ب)

وإلى جانب الإصابات التي لحقت بالسفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر» التي قرصنتها في نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.

وبلغ عدد الغارات الأميركية والبريطانية ضدّ الحوثيين على الأرض، منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، نحو 530 غارة، أدَّت في مجملها، حتى الآن، إلى مقتل 58 عنصراً، وجرح 86 آخرين، وفق ما اعترفت به الجماعة.