غروندبرغ قلق من عودة الحرب وتهديد الحوثيين لمأرب

غارة في الحديدة... وفرقاطة هولندية انضمت إلى «أسبيدس»

المبعوث الأممي إلى اليمن يحيط مجلس الأمن عبر الاتصال المرئي حول آخر جهود السلام (أ.ف.ب)
المبعوث الأممي إلى اليمن يحيط مجلس الأمن عبر الاتصال المرئي حول آخر جهود السلام (أ.ف.ب)
TT

غروندبرغ قلق من عودة الحرب وتهديد الحوثيين لمأرب

المبعوث الأممي إلى اليمن يحيط مجلس الأمن عبر الاتصال المرئي حول آخر جهود السلام (أ.ف.ب)
المبعوث الأممي إلى اليمن يحيط مجلس الأمن عبر الاتصال المرئي حول آخر جهود السلام (أ.ف.ب)

جدّد المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، الاثنين، مخاوفه بخصوص التهديدات بعودة الحرب في اليمن، معبراً عن قلقه من تصرفات الحوثيين إزاء مأرب، مع اعترافه باصطدام جهوده بالتصعيد الإقليمي، حيث حال ذلك دون إحراز أي تقدم في مسار السلام الذي ينشده.

تصريحات غروندبرغ التي جاءت خلال إحاطته الشهرية أمام مجلس الأمن، واكبها حديث الحوثيين عن تلقيهم غارة جوية في مدينة الحديدة الساحلية، إضافة إلى إعلان مهمة «أسبيدس» الأوروبية عن انضمام فرقاطة هولندية للمساهمة في حماية السفن من هجمات الجماعة المدعومة من إيران.

وأشار المبعوث الأممي إلى زيارته إلى عدن، حيث التقى رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي ورئيس الحكومة أحمد عوض بن مبارك ووزير الخارجية شائع الزنداني، وقال إنهم تحدثوا عن الحاجة الملحة لمعالجة تدهور الأوضاع المعيشية وإحراز تقدم نحو تأمين اتفاق خريطة الطريق الذي يُنهي الحرب ويمهد الطريق نحو سلام عادل.

وأعاد غروندبرغ التذكير بأن الحكومة اليمنية والحوثيين كانوا قد اتخذوا في ديسمبر (كانون الأول) الماضي خطوة شجاعة نحو الحل السلمي عندما اتفقوا على مجموعة من الالتزامات التي سيتم تفعيلها من خلال خريطة طريق الأمم المتحدة.

واعترف المبعوث بأن التحديات التي تم تسليط الضوء عليها في الإحاطات السابقة لا تزال تعوق تقدمه، وقال: «بينما يستمر الوضع الإقليمي في تعقيد قدرتنا على تحقيق تقدم في اليمن، فإنني أكرر دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لوقف إطلاق النار في غزة، وأحث جميع الأطراف المعنية على خفض التصعيد في البحر الأحمر ومحيطه».

وأضاف: «داخل اليمن، ظل الوضع الأمني على طول الخطوط الأمامية في نطاق الاحتواء خلال الشهر الماضي، إلا أنني أشعر بالقلق إزاء استمرار الأنشطة العسكرية... في الضالع والحديدة ولحج ومأرب وصعدة وشبوة وتعز».

وتطرق المبعوث إلى ما حدث في 27 أبريل (نيسان) الماضي، حيث لقيت امرأتان وثلاث فتيات حتفهن بشكل مأساوي في محافظة تعز جراء هجوم بطائرة من دون طيار أثناء جمعهن الماء قرب منزلهن، وقال إن ذلك يبرز «المخاطر الجسيمة التي يتعرض لها المدنيون في ظل غياب الحل عن الوضع القائم».

العنف ليس حلاً

فيما يتعلق بالمخاوف من عودة القتال وانهيار التهدئة الهشة في اليمن، قال غروندبرغ: «إنني قلق إزاء تهديدات الأطراف بالعودة إلى الحرب، بما في ذلك تصريحات أنصار الله (الحوثيون) وتصرفاتهم فيما يخص مأرب. إن المزيد من العنف لن يكون حلاً للصراع... بل سيتسبب في فقدان فرصة التوصل إلى تسوية سياسية».

أعضاء مجلس الأمن يستمعون إلى الإحاطة الشهرية من غروندبرغ بخصوص اليمن (أ.ف.ب)

دعا المبعوث الأممي الأطراف اليمنية مجدداً إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس في أفعالهم وخطابهم خلال هذه المرحلة الهشة، وشدد على أنه «يؤمن بأن الوصول إلى حل سلمي وعادل ما زال ممكناً».

وتابع بالقول: «ينادي اليمنيون بالمساواة بصفتهم مواطنين أمام القانون، وبالفرصة للاستفادة من كامل القدرات الاقتصادية لبلادهم، وبتحسين الخدمات وبالحكم الرشيد. هذه النداءات تتطلب في نهاية المطاف التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب وبدء عملية سياسية».

وأفاد غروندبرغ بأنه يواصل العمل مع الأطراف لإحراز تقدم بشأن خريطة الطريق الأممية، بدعم من المجتمع الدولي والدول الإقليمية، لا سيما السعودية وعُمان.

وأوضح أنه في الوقت الحالي ينخرط مكتبه مع اليمنيين لتسهيل إطلاق سراح المحتجزين المرتبطين بالنزاع، وفتح الطرق، وتحسين القطاع الاقتصادي والمالي، كما ذكر أنه يستمر في التحضير للتوصل لوقف إطلاق النار على مستوى البلاد واستئناف عملية سياسية جامعة والتركيز على أجندة المرأة والسلام والأمن.

وبالنظر إلى حالة عدم اليقين في المنطقة التي تؤثر على اليمن، قال المبعوث الأممي إلى اليمن: «يجب ألا نغفل عن القيمة الجوهرية للسلام طويل الأمد... سأحتاج إلى الاعتماد على دعم المنطقة وهذا المجلس».

الهجمات والضربات

في ظل العمليات الدفاعية التي تقودها واشنطن لحماية السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، أقرت وسائل إعلام الجماعة الحوثية، بتلقيها غارة استهدفت مطار الحديدة جنوب المدينة ووصفتها بـ«الأميركية والبريطانية» وهو مطار خارج عن الخدمة منذ سنوات.

ولم تشر الجماعة إلى النتائج التي أسفرت عن الضربة، في حين لم يتبنها الجيش الأميركي على الفور، لكن يرجح أنها ضمن الضربات الاستباقية التي درجت واشنطن على تنفيذها لمنع الهجمات ضد السفن.

وفي آخر تحديث للجيش الأميركي بخصوص الهجمات، أوضح أن قواته نجحت في نحو الساعة 3:30 صباحاً (بتوقيت صنعاء) يوم 12 مايو (أيار)، في تدمير طائرة من دون طيار أطلقها الحوثيون المدعومون من إيران فوق خليج عدن ولم يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات أو أضرار.

وجاء الحديث عن تدمير هذه الطائرة بعد ساعات من تأكيد القيادة المركزية الأميركية تدمير 4 طائرات حوثية مسيرة فوق البحر الأحمر وخليج عدن؛ حيث شاركت طائرة تابعة لتحالف «حارس الازدهار» في تدمير إحدى الطائرات في حين دمرت القوات الأميركية الثلاث الأخرى.

في غضون ذلك، أفادت المهمة الأوروبية «أسبيدس» في تغريدة على منصة «إكس»، الاثنين، بانضمام فرقاطة هولندية إلى القطع البحرية العسكرية التابعة للمهمة التي كان قد أطلقها الاتحاد الأوروبي في منتصف فبراير (شباط) الماضي للمساهمة في حماية الملاحة.

وتهاجم الجماعة المدعومة من إيران السفن في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، ومحاولة منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، وكذا السفن الأميركية والبريطانية، وأعلنت الأسبوع الماضي توسيع الهجمات إلى البحر المتوسط.

وفي أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، زعم أنه ليست هناك خطوط حمراء تحول دون تنفيذ الهجمات، وتبنى مهاجمة 112 سفينة، مدعياً أن لدى جماعته خيارات استراتيجية حساسة ومهمة ومؤثرة، وأنها لا تكترث لكل التهديدات التي تلقتها ومستعدة لكل الاحتمالات.

مسلح حوثي قبالة السفينة «غالاكسي ليدر» التي قرصنها الحوثيون في نوفمبر الماضي (أ.ب)

وهدّد الحوثي باستهداف أي سفينة نقلت بضائع لموانئ إسرائيل، وقال إن المرحلة الرابعة من التصعيد التي كان قد أعلن عنها ستشمل استهداف أي سفن لأي شركة لها علاقة بالإمداد أو نقل بضائع لإسرائيل وإلى أي جهة ستتجه.

ومع تهديده بمرحلة خامسة من التصعيد، أقرّ بأن جماعته استغلت الحرب في غزة لمزيد من التعبئة والتجنيد، حيث بلغ عدد المتدربين في التعبئة والتأهيل العسكري 296 ألفاً، داعياً إلى المزيد.

وبلغ عدد الغارات الأميركية والبريطانية ضد الحوثيين على الأرض نحو 450 غارة، في حين أقرت الجماعة بمقتل 40 من عناصرها وإصابة 35 آخرين، جراء هذه الضربات.

وأطلقت واشنطن تحالفاً دولياً، في ديسمبر الماضي، سمَّته «حارس الازدهار»، لحماية الملاحة في البحر الأحمر، وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض، حيث شاركتها بريطانيا في 4 مناسبات.

وإلى جانب قرصنة السفينة «غالاكسي ليدر»، واحتجاز طاقمها، تسببت إحدى الهجمات الحوثية، في 18 فبراير الماضي، بغرق السفينة البريطانية «روبيمار» بالبحر الأحمر بالتدريج.

كما أدى هجوم صاروخي حوثي، في 6 مارس (آذار) الماضي، إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس».


مقالات ذات صلة

جبايات انقلابية في صنعاء تفاقم معاناة اليمنيين

العالم العربي متسوقون في سوبر ماركت في صنعاء قبل أيام قليلة من عيد الأضحى الماضي (أ.ب)

جبايات انقلابية في صنعاء تفاقم معاناة اليمنيين

اشتكى التجار وملاك المحال التجارية والباعة المتجولون في صنعاء ومدن يمنية أخرى، خلال الأيام الماضية، من عودة أتباع الجماعة الحوثية لفرض جبايات جديدة عليهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي ألسنة اللهب والدخان تتصاعد من انفجار في ناقلة نفط بعد هجوم في البحر الأحمر باليمن (إ.ب.أ)

هجوم مزدوج على سفينة قبالة المخا اليمنية... والأضرار طفيفة

أعلنت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، اليوم (السبت)، أنها تلقت بلاغاً عن هجومين على سفينة على بعد 64 ميلاً بحرياً شمال غربي المخا باليمن.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

الحوثيون يتبنّون أول هجوم مميت باتجاه إسرائيل منذ نوفمبر 2023

تبنّت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، الجمعة، أول هجوم مميت ضد إسرائيل بطائرة مسيّرة استهدفت تل أبيب وأدت إلى مقتل شخص وإصابة أربعة آخرين.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي مناهج دراسية تباع على الأرصفة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء (الشرق الأوسط)

انقلابيو اليمن متهمون ببيع الكتب المدرسية في السوق السوداء

يقوم قادة الجماعة الحوثية في قطاع التربية والتعليم ببيع الكتب الدراسية المجانية في السوق السوداء لجني الأموال والإنفاق على برامج التطييف والمجهود الحربي

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

اليمن ينتقد تقصير الأمم المتحدة في حماية موظفيها من بطش الحوثيين

انتقدت الحكومة اليمنية تقصير الأمم المتحدة في حماية الموظفين في وكالاتها من بطش الحوثيين، ودعت إلى اتخاذ تدابير ضاغطة لإجبار الجماعة على إطلاق المعتقلين.

علي ربيع (عدن)

إثيوبيا تبدأ «الملء الخامس» لـ«سد النهضة» وسط ترقّب مصري

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي - إكس)
«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي - إكس)
TT

إثيوبيا تبدأ «الملء الخامس» لـ«سد النهضة» وسط ترقّب مصري

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي - إكس)
«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي - إكس)

بدأت إثيوبيا عملية «الملء الخامس» لخزان «سد النهضة» على نهر النيل، بحسب ما أظهرته صور بالأقمار الاصطناعية، وسط ترقّب مصر، التي حذّرت من المساس بما تعتبره «حصتها التاريخية» من مياه النهر الدولي.

وتبني إثيوبيا السد، منذ 2011 بداعي «توليد الكهرباء»، مسببة توترات مع دولتي المصب (مصر والسودان). في حين فشلت جميع الجولات التفاوضية، التي عُقدت بشكل متقطع على السنوات الماضية، في التوصل إلى اتفاق، آخرها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وبحسب خبير الموارد المائية المصري، الدكتور عباس شراقي، فإن إثيوبيا بدأت الأربعاء عملية الملء الخامس، ويستمر التخزين حتى الأسبوع الثاني من سبتمبر (أيلول) المقبل.

وتوقع شراقي، في تدوينة له، أرفقها بصور للأقمار الاصطناعية، أن تخزّن أديس أبابا خلال الملء الحالي (23 مليار متر مكعب إضافي، ليرتفع منسوب المياه المخزنة خلف السد من 41 مليار متر مكعب (المنسوب الحالي) إلى 64 مليار متر مكعب».

وقال شراقي: «(الملء الخامس) يختلف كثيراً عن التخزينات السابقة، ففي الأعوام الماضية لم يكن يمكن لإثيوبيا أن تفتح بوابات التصريف خلال موسم التخزين بسبب عدم اكتمال بناء السد، وفي الوقت الحالي اكتمل البناء الخرساني، ويمكن لها (إثيوبيا) أن تفتح بوابات التصريف خلال (الملء) لتسمح بمرور جزء من المياه إلى السودان ومصر؛ لذلك القرار بيد أديس أبابا».

بدورها، حذّرت مصر من المساس بحصتها في مياه النيل، وقال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي في مؤتمر صحافي مساء الأربعاء، إن مصر «ليست ضد أي مشروع تنموي تتم إقامته في أي دولة، وهذه ثوابت الدولة المصرية، لكن لا بد أن يتم ذلك بما لا يؤثر، ولا يضرّ بحصة مصر التاريخية من مياه نهر النيل، وهذا هو الشيء الأهم».

مصطفى مدبولي يحذّر من المساس بحصة مصر في مياه النيل (مجلس الوزراء)

وتعاني مصر عجزاً كبيراً في مواردها المائية، نسبة إلى احتياجاتها الفعلية من المياه، يتم تعويضها بمشروعات التحلية وإعادة تدوير مياه الصرف الزراعي.

وتبلغ حصة مصر من مياه نهر النيل 55.5 مليار متر مكعب، في حين أن «استهلاكها الحالي يتجاوز 85 مليار متر مكعب، يتم تعويض الفارق من المياه الجوفية ومشروعات تحلية مياه البحر»، ووفق رئيس الوزراء المصري، الذي أكد أن «هناك تحدياً في توفير احتياجاتنا من المياه، وهذه الاحتياجات تزيد بشكل كبير كلما زاد عدد السكان».

ويرى نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بمصر، الدكتور أيمن عبد الوهاب، أن الشروع في «الملء الخامس» قد لا ينهي فرص استئناف التفاوض، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر متمسكة بالنهج الدبلوماسي منذ بدء الأزمة (السد) سعياً لاتفاق قانوني ملزم، رغم التعنت الإثيوبي»، غير أنه توقع أيضاً أن «يدفع (الملء الخامس) القاهرة إلى إثارة الأزمة دولياً بشكل مكثف».

وبحسب عبد الوهاب، فإنه يمكن لمصر أن «تستعين بالتقارير الفنية المتعلقة باكتمال بناء السد والملء الحالي وتأثيره على حصتها، وتقديمها إلى المجتمع الدولي والدول الفاعلة، خاصة المؤسسات المعنية بقضايا المياه ونزاعاتها».