اليمن: تدخلات الانقلابيين في المساعدات فاقمت سوء التغذية

نسبة الانتشار وصلت إلى 165 % في محافظة حجة

سوء التغذية بين الأطفال اليمنيين ارتفع وانتشرت الأمراض المعدية على نطاق واسع (الأمم المتحدة)
سوء التغذية بين الأطفال اليمنيين ارتفع وانتشرت الأمراض المعدية على نطاق واسع (الأمم المتحدة)
TT

اليمن: تدخلات الانقلابيين في المساعدات فاقمت سوء التغذية

سوء التغذية بين الأطفال اليمنيين ارتفع وانتشرت الأمراض المعدية على نطاق واسع (الأمم المتحدة)
سوء التغذية بين الأطفال اليمنيين ارتفع وانتشرت الأمراض المعدية على نطاق واسع (الأمم المتحدة)

أظهر تحليل أجراه «برنامج الأغذية العالمي» أن قراره بتعليق توزيع المساعدات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بسبب الخلاف معها وتدخلاتها في توزيع تلك المساعدات، ساهم في انتشار سوء التغذية بشكل كبير في تلك المناطق حتى وصل إلى 165 في المائة في محافظة حجة، و80 في المائة في محافظة صنعاء.

وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أعلن «برنامج الأغذية العالمي» عن توقف مؤقت في المساعدات الغذائية العامة؛ ما أثر على نحو 9.5 مليون مستفيد في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، بسبب تحديات التمويل والمفاوضات المطولة مع الجماعة بشأن مستقبل المساعدات وتحديد قوائم المستفيدين.

عيادة متنقلة لعلاج سوء التغذية في اليمن (الأمم المتحدة)

ومع أن المساعدات الغذائية التي يقدمها «برنامج الأغذية العالمي» هي سلة غذائية منزلية تغطي نحو 30 في المائة من احتياجات الأسرة الإجمالية من الطاقة فقط، إلا أن بيانات التحليل الجديد تظهر أنه ورغم أن هذا المستوى من الدعم لم يكن كافياً لضمان مستويات مقبولة من استهلاك الغذاء للأسر الأكثر ضعفاً، فإنه لعب دوراً حاسماً في منع الملايين من الوقوع في براثن الجوع الشديد.

وبحسب التحليل، فإن 61 في المائة من الأسر التي شملتها الدراسة التحليلية، وكانت تتلقى المساعدات من «برنامج الأغذية العالمي»، أصبحت تعاني من الحرمان الشديد من الغذاء نتيجة توقف توزيع هذه المساعدات، وهو ما يعادل 5.8 مليون شخص من نحو 9.5 مليون مستفيد في المحافظات التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية.

وأكدت البيانات الأممية أن النازحين من بين الفئات الأكثر تضرراً من وقف المساعدات، خاصة في محافظة عمران التي تحتضن عدداً كبيراً منهم، حيث ارتفع معدل انتشار سوء استهلاك الغذاء بين الأسر النازحة إلى 41 في المائة في فبراير (شباط) الماضي، مقارنة مع 25 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وأوضح التحليل أنه تم إجراء عمليات محاكاة للأمن الغذائي باستخدام بيانات التقييم لوضع نموذج للتأثير المحتمل لاستمرار توقف المساعدة، والذي يتفاقم بسبب الارتفاع المتوقع في أسعار المواد الغذائية. ونبه إلى أن النتائج أظهرت تدهوراً كبيراً في أنماط استهلاك الغذاء بين المستفيدين السابقين من مساعدات الغذاء العالمية بعد توقف المساعدة.

انخفاض حاد

أفاد البرنامج الأممي بأن استهلاك الغذاء في اليمن شهد انخفاضاً بشكل حاد في استهلاك العناصر الأساسية، وخاصة البروتين الحيواني والبقول، مما أثار مخاوف بشأن صحة المجتمعات المتضررة على المدى الطويل.

المساعدات الأممية تغطي نحو 30 % من احتياجات الأسر اليمنية (الأمم المتحدة)

وأوضح أن البيانات أظهرت أن مؤشر استراتيجية التكيف المنخفضة القائمة على الاستهلاك قد تفاقم مع توقف المساعدة مؤقتاً، وزادت معها النسبة المئوية للأشخاص الذين خفضوا أحجام الوجبات، وقيدوا استهلاك البالغين، وخفضوا عدد الوجبات يومياً.

وبحسب البرنامج، فإن اعتماد استراتيجيات التكيف القائمة على سبل العيش في الأزمات إلى مستويات الطوارئ بات مرتفعاً بالفعل بشكل مثير للقلق، حيث بلغ 78 في المائة، مما لا يترك مجالاً كبيراً لمزيد من التدهور.

وإلى جانب ذلك، أكدت نتائج التحليل الأممي أن التوقف المؤقت لتوزيع المساعدات الغذائية أجبر الأسر الضعيفة على اللجوء إلى تدابير أكثر يأساً، مثل إرسال الأطفال للعمل والهجرة إلى المناطق الحضرية؛ بحثاً عن فرص كسب العيش.

وفيما زاد سوء التغذية بين الأطفال وانتشار الأمراض المعدية على نطاق واسع بسبب نقص المناعة، تأثر النازحون داخلياً في مناطق سيطرة الحوثيين بشكل خاص، وفق البيانات الأممية.

وبحسب برنامج الأغذية العالمي، فإنه يواصل مراقبة انعدام الأمن الغذائي بين إجمالي السكان اليمنيين عن بعد، وأنه قد تمت مقارنة نتائج دراسة الرصد مع بيانات التحليل والتقييم المتعدد الأطراف، مما يوفر فهماً شاملاً لتطور حالة الأمن الغذائي في مناطق شمال اليمن.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً جديدةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

نبه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات مثل الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)

«المركزي اليمني» يستهجن مزاعم تهريب أموال إلى الخارج

استهجن البنك المركزي اليمني أنباء راجت على مواقع التواصل الاجتماعي تدعي قيام البنك بتهريب الأموال في أكياس عبر المنافذ الرسمية، وتحت توقيع المحافظ.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني الزبيدي يثمن دور السعودية في دعم بلاده (سبأ)

الزبيدي يثمن جهود السعودية لإحلال السلام والاستقرار في اليمن

وسط تأكيد سعودي على استمرار تقديم الدعم الإنساني والإغاثي لليمن، ثمّن عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عيدروس الزبيدي، سعي المملكة إلى حشد الجهود لإحلال السلام.

«الشرق الأوسط» (عدن)

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.