سكان تهامة اليمنية تحت طائلة بطش الانقلابيين

10 مدنيين مهددون بالإعدام... وتهجير قرويين لنهب أراضيهم

أوساط شعبية ورسمية ترى أن الجماعة الحوثية تستقوي على أهالي تهامة وتستعرض عليهم جبروتها (أ.ف.ب)
أوساط شعبية ورسمية ترى أن الجماعة الحوثية تستقوي على أهالي تهامة وتستعرض عليهم جبروتها (أ.ف.ب)
TT

سكان تهامة اليمنية تحت طائلة بطش الانقلابيين

أوساط شعبية ورسمية ترى أن الجماعة الحوثية تستقوي على أهالي تهامة وتستعرض عليهم جبروتها (أ.ف.ب)
أوساط شعبية ورسمية ترى أن الجماعة الحوثية تستقوي على أهالي تهامة وتستعرض عليهم جبروتها (أ.ف.ب)

صعَّدت الجماعة الحوثية في اليمن من أعمال البطش والتنكيل بسكان منطقة تهامة (غرب)، حيث بدأت الإعداد لإعدام 10 مدنيين بتهمة التخابر مع الولايات المتحدة وإسرائيل، بالتزامن مع تهجيرها أهالي إحدى القرى لنهب أراضيهم وممتلكاتهم.

وزعمت الجماعة أن أجهزتها الأمنية ضبطت، خلال الأيام الماضية، 10 جواسيس كانوا يعملون على جمع معلومات ورصد مواقع عسكرية تابعة لها في الساحل الغربي لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل، وذلك بعد الهجمات التي بدأت تنفيذها على السفن الملاحية والحربية في البحر الأحمر منذ أكثر من 5 أشهر.

وجاء ضمن مزاعم الجماعة أنها رصدت نشاطاً استخباراتياً أميركياً وإسرائيلياً بالتعاون مع عملاء فيما سمَّته «قوة 400» التي ركَّزت نشاطها على تجنيد جواسيس وتكليفهم رصد وجمع معلومات عن أماكن إطلاق الصواريخ والطيران المسيَّر التي تنفذ الهجمات على السفن في البحر الأحمر.

كما ادَّعت أن مَن جرى اعتقالهم اعترفوا بتنفيذ مهام وأنشطة استخباراتية أُسندت إليهم بعد تجنيدهم، كان أبرزها تنفيذ عمليات رصد مواقع إطلاق الصواريخ والطيران المسيَّر ومواقع الزوارق، ورفع إحداثياتها لمشغِّليهم فيما تُسمى «قوة 400»، بغرض استهدافها من قبل الطيران الأميركي والبريطاني.

وزعمت الجماعة الموالية لإيران حصولها على اعترافات من المعتقلين بتنفيذ عمليات إعطاب وإحراق آليات تابعة لها، ثم التجهيز لتنفيذ عمليات اغتيالات باستخدام مسدسات كاتمة للصوت ومواد متفجرة، بغرض تشتيت قواتها.

ولوحت الجماعة الحوثية بعقوبة الإعدام التي تواجه مَن تم اعتقالهم، أو من يعمل على التعاون والتخابر مع خصومها، ضمن جهودها لتأمين «الجبهة الداخلية وتحصينها من محاولات الاختراق الأميركي والإسرائيلي»، وفق زعمها.

صمت أممي

جدَّدت هذه المزاعم الاتهامات للجماعة الحوثية بالاستقواء على أهالي سكان منطقة تهامة الساحلية (تشمل محافظة الحديدة وأجزاء من محافظات تعز وحجة وريمة والمحويت) وممارسة البطش والتنكيل بهم، ونهب ممتلكاتهم، والتضحية بهم في مساعيها لإثبات جبروتها وقوَّتها.

وأعادت مزاعم الجماعة الحوثية ضبط هذه الخلية الاستخباراتية التذكير بواقعة إعدام 9 من أبناء تهامة في سبتمبر (أيلول) من عام 2021، بتهمة التواطؤ والمشاركة في مقتل القيادي الحوثي صالح الصماد الذي قُتِل بضربة جوية في مدينة الحديدة، أبريل (نيسان) 2018.

الجماعة الحوثية تنشر أسماء وصور 10 مدنيين من أهالي تهامة اتهمتهم بالتخابر (إعلام حوثي)

وقوبلت عملية الإعدام تلك باستنكار محلي ودولي واسع، خصوصاً أنها تمَّت بعد محاكمة وصفتها أوساط حقوقية وقانونية بالصورية والملفّقة، وسط اتهامات للجماعة باستخدام أهالي تهامة وسيلة لإثبات سطوة وقوة أجهزتها الأمنية، إذ لم يكن لمن جرى إعدامهم أي صلة تربطهم بالصماد الذي يتحرك بسرية مطلقة، وتحت حماية أمنية مشددة.

في السياق نفسه، اتهم وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني الجماعة الحوثية بمواصلة أعمال التهجير القسري ونهب الممتلكات بحق أبناء تهامة، والاعتداء عليهم، مستغلةً «اتفاق استوكهولم»، في ظل صمت بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها).

ونقلت وكالة «سبأ» عن الإرياني قوله إن إقدام ميليشيا الحوثي على تنفيذ حملة تهجير جديدة لسكان قرية الدقاونة في مديرية باجل بمحافظة الحديدة، واعتقال مَن رفضوا إخلاء منازلهم ومزارعهم، والاعتداء الهمجي على النساء والأطفال، يُعد «امتداداً لأعمال التهجير القسري والسلب والنهب التي تمارسها بحق سكان تهامة منذ انقلابها على الدولة».

وأقدمت ميليشيا الحوثي على تهجير ونهب أهالي قرية الدقاونة في محافظة الحديدة الساحلية، واعتقلت عدداً من سكانها الرافضين لإخلاء منازلهم ومزارعهم.

وذكرت مصادر محلية أن عناصر حوثية اعتدت على النساء والأطفال أثناء اقتحام القرية، وأطلقت النار عليهم متسببةً في سقوط جرحى بين النساء، في مساعٍ لإجبارهم على ترك أراضيهم الزراعية، بعد سنوات من الحملات الرامية إلى إخلاء القرية من سكانها، التي شملت تجنيد شبابها بالقوة، وممارسة الانتهاكات التي دفعت كثيرين للنزوح منها.

وأكدت المصادر أن الجماعة الحوثية اغتصبت، خلال السنوات الماضية، مساحات كبيرة من أراضي القرية بقوة السلاح.

انتهاكات يومية

ناشد أهالي الدقاونة جميع المنظمات الحقوقية المحلية والدولية والحكومة الشرعية العمل على إنقاذ العشرات من المختطَفين في سجون الجماعة الحوثية، وإعادة الأطفال والنساء المهجَّرين إلى منازلهم ومزارعهم.

الجماعة الحوثية لم تلتزم بـ«اتفاق استوكهولم» الذي أُبرم أواخر 2018 (أ.ف.ب)

ووفقاً لوزير الإعلام اليمني، فإن أهالي تهامة يدفعون ثمناً باهظاً منذ «اتفاق استوكهولم»، الذي لم تلتزم الجماعة الحوثية بأيّ من بنوده، واستغلته لتكريس سيطرتها، وتوسيع نطاق جرائمها وانتهاكاتها اليومية بحق المواطنين، وتهجيرهم قسرياً، ونهب أراضيهم ومزارعهم، وتهديد السفن التجارية وناقلات النفط في خطوط الملاحة الدولية.

وأعرب الإرياني عن أسفه لتقاعس بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها) التي تكتفي بموقف المتفرج على الجرائم اليومية التي ترتكبها الجماعة منذ انقلابها على الدولة بحق أهالي تهامة، وتحويل أراضيهم ومزارعهم إلى استثمارات خاصة، ومواقع عسكرية.

وطالب المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمبعوث الأممي وبعثة الأمم المتحدة (أونمها) بموقف واضح من هذه الجرائم النكراء، ووقف استغلال ميليشيا الحوثي السافر لـ«اتفاق استوكهولم» كغطاء لتنفيذ جرائمها.

من جانبه، دان ما يُعرف بـ«الحراك التهامي السلمي»، في بيان، التهجير القسري ونهب الأراضي اللذين ترتكبهما الجماعة الحوثية بحق أبناء تهامة، وكان آخر ذلك ما حدث في قرية الدقاونة شمال مدينة الحديدة.

وأرجع «الحراك التهامي» تمادي الجماعة الحوثية في انتهاكاتها بحق أهالي تهامة إلى «حالة التراخي والتعامل غير المسؤول معها»، ومن ذلك «اتفاقية استوكهولم» التي كانت طامة كبرى على تهامة، كما جاء في البيان.

بعد هجماتها في البحر الأحمر، تستنفر الجماعة الحوثية قوتها الأمنية داخلياً ضد السكان (أ.ب.أ)

ودعا البيان مَن وصفهم بـ«المخدوعين بشعارات الجماعة الحوثية التي ترفعها باسم نصرة فلسطين وغزة» إلى النظر لجرائمها وانتهاكاتها بحق أهالي تهامة، حيث تمارس نفس سلوك إسرائيل.

وتُعدّ منطقة تهامة اليمنية إحدى أكثر المناطق أهمية للجماعة الحوثية؛ فإلى جانب استغلالها الساحل والموانئ اليمنية فيه كرئة اقتصادية ومحطات لتهريب السلاح والمخدرات، وفق تقارير محلية وأممية، فإنها تستغل مساحتها الواسعة لأنشطتها العسكرية، وتعمل على إنشاء مشاريع زراعية وعقارية على أراضٍ منهوبة تعود عليها بإيرادات ضخمة.


مقالات ذات صلة

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً جديدةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

نبه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات مثل الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات

محمد ناصر (تعز)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.