مؤيدون للحوثيين يشتكون الظلم ويقرّون بتعرضهم للخديعة

على خلفية اعتقال المعارضين للفساد والمبيدات المحظورة

الحوثيون اهتموا بتجنيد صغار السن والصفقات مع تجار الأسلحة والمبيدات (إعلام حوثي)
الحوثيون اهتموا بتجنيد صغار السن والصفقات مع تجار الأسلحة والمبيدات (إعلام حوثي)
TT

مؤيدون للحوثيين يشتكون الظلم ويقرّون بتعرضهم للخديعة

الحوثيون اهتموا بتجنيد صغار السن والصفقات مع تجار الأسلحة والمبيدات (إعلام حوثي)
الحوثيون اهتموا بتجنيد صغار السن والصفقات مع تجار الأسلحة والمبيدات (إعلام حوثي)

مع تصاعد الخلافات حول الفساد وتورط قيادات نافذة بجماعة الحوثي في حماية الفاسدين وتجار المبيدات الزراعية المحرَّمة، وجّهت مجموعة من أبرز النشطاء السياسيين الذين ساندوا الجماعة عند اقتحام صنعاء في 2014 انتقادات حادة إليها، قائلين إنها خدعتهم بشعاراتها في البداية وعند إمساكها بالسلطة مارست من الظلم والفساد ما لم يمارسه أحد من قبل.

هذه الانتقادات أتت مواكبةً لتصاعد الخلافات داخل صفوف الجماعة التي تسيطر على أجزاء من شمال اليمن مع تبادل الاتهامات بين مسؤوليها حول التورط في إدخال كميات كبيرة من المبيدات المحرمة وحماية الفساد، ومع حملة الاعتقالات التي طالت نشطاء ساندوها في انقلابها على الشرعية، انتقاماً من حملتهم على تجار المبيدات الزراعية المحرمة.

نائف القانص يظهر إلى يمين بشار الأسد حين كان سفير الحوثيين في دمشق (إعلام حوثي)

كان نايف القانص، وهو العضو السابق فيما تسمى اللجنة الثورية التي تولت حكم مناطق سيطرة الحوثيين عقب الانقلاب، هو الأقوى في انتقاده، إذ قال إن «عصابة الفساد» وتجار المبيدات المسرطنة المسيطرين في صنعاء، تعتقل المقاوم للفساد والفاسدين، الكاشف لفسادهم بالأدلة القطعية والموثَّقة، في إشارةٍ إلى واقعة اعتقال الناشط الإعلامي خالد العراسي.

وحسب القانص الذي عُيِّن أيضاً سفيراً للحوثيين في سوريا قبل إزاحته، فإن الناشط العراسي في طرحه لم يتهم أحداً دون أن يكون لديه الدليل القطعي حتى أصبح الجميع يحترمه ويقدِّر دوره وشجاعته في مقارعة الفساد من داخل صنعاء.

وأكد أنهم خُدعوا في الجماعة التي بعد أن تمكنت مارست ظلماً وفساداً ما لم يمارسه أحد من قبلها، وقال: «لا أعتقد أننا سنرى في المستقبل من يصل إلى مستوى ظلمها وفسادها وديكتاتوريتها».

من جهته أشار الناشط السياسي أيمن الحوثي، إلى أنه «غسل يديه من الحوثيين» ولم يعد يثق بأحد، ولم يعد يصدق أي حرف لهم، وقال: «سنوات ونحن نغالط أنفسنا ونقول إن الأمور غداً ستسير للأحسن، للأفضل، للأعدل.. ضحكنا على أنفسنا عاماً بعد عام وبعدها أعوام، ولم نجد غير الظلم والفساد ينخر، والاستقواء والكذب يعظم، وقلة الحياء والمناطقية تتبجح أكثر».

واتهم الحوثي الجماعة بتمكين المتردية والنطيحة وقال: «لقد خُدعنا. نعم خُدعنا، وهذه هي الحقيقة، وكفاية أننا ضحكنا على أنفسنا كل هذه السنوات ننتظر الوهم، هذه هي الحقيقة المرة التي لا نريد الاعتراف بها».

انتقاد غير مسبوق

أما السياسي اليمني عبد الله سلام الحكيمي الذي عُرف بدفاعه المستميت عن الحوثيين وبوصفه ضيفاً على محطاتهم التلفزيونية، فإنه يؤمِّل أن تطلق الجماعة القاضي عبد الوهاب قطران من محبسه حياً وليس محمولاً على نعش، في إشارةٍ إلى وفاة عدد من المعارضين في سجون الجماعة.

أمر قبض قهري بحق تاجر المبيدات الموالي للحوثيين دغسان (نشطاء يمنيون)

وفي مواقف غير مسبوقة ذكَّر الحكيمي الحوثيين بأن أي حكم لا يدوم أبداً ويستمر إلا بحفظ حقوق الناس وإقامة العدل والمساواة بين أفراد المجتمع، وقال: «يخطئ خطأ قاتلاً مَن يظن أنه بالإرهاب والقمع والعنف والدماء يدوم حكم أو يستقر أو يطوِّر بلاداً، فكل هذه الوسائل السلبية لا تُنتج إلا كوارث ومآسي وخراباً وفوضى وحروباً لا تُبقي ولا تذر».

في السياق نفسه، قال الناشط الإعلامي الحوثي عبد الوهاب الشرفي، الذي سبق أن هُدد لإرغامه على السكوت عن فساد الجماعة: «إنه في الوقت الذي انتظر الناس القانون والذمة والضمير للتحرك ضد المبيدات ومَن ساهموا في غسيلها وإدخالها بكميات هائلة والإفراج عن جزء منها بعد انتهاء صلاحيتها، وبعد التقارير الرسمية التي تبين وجود قفزة هائلة ومفجعة في عدد المسجلين لدى مركز علاج الأورام، جاء التحرك لاعتقال العراسي».

من جهته يقول الكاتب مجدي عقبة إنهم لم يعودوا يطالبون بوقف الاعتقالات التي تطول أصحاب الرأي، بل أصبحوا يطالبون باعتقالهم وفق القانون بغضّ النظر عن هل المعتقل مذنب أم بريء.

علاقات مصالح ربطت الحوثيين مع تجار محافظة صعدة وفي مقدمتهم عائلة دغسان (إعلام محلي)

الانتقادات الحادة التي وُجهت إلى القيادات المتنفذة في جماعة الحوثي شارك فيها أيضاً المذيع في قناة «الساحات» المموَّلة من إيران عبد الحافظ معجب، وصلاح الدكاك، رئيس تحرير صحيفة «لا» التي يموّلها الحوثيون وتصدر في صنعاء.

وسبق ذلك أن أعلن القيادي السابق في اللجنة الثورية الحوثية محمد المقالح، اعتزال الكتابة في مواقع التواصل الاجتماعي، رداً على اعتقال القاضي عبد الوهاب قطران، وهو صديقه الشخصي وأحد الذين عملوا معه خلال الفترة التي سبقت اجتياح صنعاء.​


مقالات ذات صلة

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

العالم العربي غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غداة سلسلة من الغارات التي ضربت 4 محافظات يمنية خاضعة للجماعة الحوثية المدعومة من إيران، أعلن الجيش الأميركي تبني هذه الضربات التي قال إنها طالت 15 هدفاً.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي)

جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)

المدارس الأهلية في صنعاء تحت وطأة الاستقطاب والتجنيد

كثف الحوثيون من استهداف قطاع التعليم الأهلي في صنعاء من خلال إجبار الطلبة والمعلمين في عدد من المدارس على المشاركة في دورات قتالية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي ضربات غربية استهدفت معسكر الصيانة الخاضع للحوثيين في صنعاء (رويترز)

اتهامات حوثية لواشنطن ولندن بضربات جوية طالت 4 محافظات يمنية

استهدفت ضربات جوية غربية مواقع للجماعة الحوثية شملت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء وثلاث محافظات أخرى ضمن مساعي واشنطن لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن

علي ربيع (عدن)
العالم العربي مواقع غير رسمية مليئة بالنفايات الخطرة في اليمن تسبب التلوث (إعلام محلي)

النفايات ترفع معدل الاحتباس الحراري والتلوث في اليمن

كشف مرصد مختص بالبيئة عن استخدام الأقمار الاصطناعية في الكشف عن تأثير مواقع النفايات غير الرسمية في اليمن على البيئة والصحة وزيادة معدل الاحتباس الحراري.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي عنصر حوثي على متن عربة عسكرية في صنعاء (إ.ب.أ)

اتهامات لنجل مؤسس «الحوثية» باعتقال آلاف اليمنيين

قدرت مصادر يمنية أن جهاز الاستخبارات المستحدث الذي يقوده علي حسين الحوثي، نجل مؤسس الجماعة، اعتقل نحو 5 آلاف شخص على خلفية احتفالهم بذكرى «ثورة 26 سبتمبر».

محمد ناصر (تعز)

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

غداة سلسلة من الغارات التي ضربت مواقع في صنعاء وثلاث محافظات يمنية خاضعة للجماعة الحوثية المدعومة من إيران، الجمعة، أعلن الجيش الأميركي تبني هذه الضربات، التي قال إنها طالت 15 هدفاً للجماعة، في سياق الحد من قدراتها الهجومية ضد السفن.

وتشن واشنطن ضربات على الأرض منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، ضد الجماعة الحوثية، وشاركتها بريطانيا في 4 مرات على الأقل، رداً على الهجمات التي تنفذها الجماعة ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية في بيان على منصة «إكس»، أن قواتها نفذت ضربات على 15 هدفاً حوثياً في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

وشملت هذه الأهداف -بحسب البيان- قدرات عسكرية هجومية للحوثيين، إذ اتخذت هذه الإجراءات (الضربات) لحماية حرية الملاحة وجعل المياه الدولية أكثر أمناً وأماناً للسفن الأميركية وقوات التحالف والسفن التجارية.

وكانت الجماعة الحوثية أقرت، الجمعة، بسلسلة من الغارات وصفتها بـ«الأميركية - البريطانية»، وقالت إنها استهدفت «معسكر الصيانة» في صنعاء، وموقعاً في جنوبي ذمار، ومواقع في مديرية مكيراس التابعة لمحافظة البيضاء، فضلاً عن ضربات استهدفت مواقع عسكرية في مدينة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، ومناطق المطار والجبانة والكثيب.

ولم يشر الحوثيون إلى حجم خسائرهم جراء هذه الضربات التي استهدفت مواقع سبق استهدافها خلال الأشهر الماضية، في حين رجح مراقبون أن الغارات استبقت هجمات كانت تعد لها الجماعة ضد السفن.

وتشن الجماعة هجماتها ضد السفن منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، إذ تدعي محاولة منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل بغض النظر عن جنسيتها إلى جانب السفن الأميركية والبريطانية.

دخان يتصاعد في صنعاء بعد ضربات أميركية استهدفت مواقع حوثية (أ.ف.ب)

وأطلقت واشنطن، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ما سمّته «تحالف حارس الازدهار»؛ لحماية الملاحة البحرية، قبل أن تبدأ ضرباتها الجوية على الأرض في 12 يناير الماضي، بمشاركة بريطانيا.

وتلقّت الجماعة الحوثية نحو 720 غارة غربية في مناطق يمنية عدة خاضعة لها، بما فيها صنعاء، لكن أكثر الضربات تركّزت على المناطق الساحلية في محافظة الحديدة الساحلية، وأدت، في مجملها، إلى مقتل أكثر من 60 عنصراً.

ضربات غير مجدية

تقول الحكومة اليمنية إن الضربات الغربية ضد الجماعة الحوثية غير مجدية، وإن الحل الأنجع هو دعم القوات الشرعية لاستعادة الحديدة وموانئها وصولاً إلى إنهاء الانقلاب الحوثي واستعادة العاصمة المختطفة صنعاء.

ووجدت الجماعة المدعومة من إيران في الحرب الإسرائيلية على غزة فرصة للهروب من استحقاقات السلام مع الحكومة اليمنية، إذ كان الطرفان وافقا أواخر العام الماضي على خريطة سلام توسطت فيها السعودية وعمان، قبل أن تنخرط الجماعة في هجماتها ضد السفن وتعلن انحيازها إلى المحور الإيراني.

عناصر حوثيون في صنعاء متضامنون مع «حزب الله» اللبناني (أ.ف.ب)

وبخلاف ما تزعمه الجماعة الحوثية من مساندة للفلسطينيين، ترى الحكومة اليمنية أن الجماعة تزايد بالقضية الفلسطينية في مسعى لتبييض جرائمها بحق اليمنيين خلال العشر سنوات الماضية مستغلة العاطفة الشعبية.

وأقر عبد الملك الحوثي في خطاب حديث بأن جماعته نجحت خلال أشهر التصعيد البحري من تجنيد وتعبئة نحو 500 ألف شخص، وسط مخاوف في الشارع اليمني من استغلال هذه التعبئة الواسعة لمهاجمة المناطق المحررة الخاضعة للحكومة اليمنية.

وتبنت الجماعة الحوثية إطلاق المئات من الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل خلال الأشهر العشرة الماضية، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي باستثناء مسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها في شقة بتل أبيب في 19 يونيو (حزيران) الماضي.

واستدعت الهجمات الحوثية إسرائيل للرد في 20 يوليو (تموز) الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكررت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، على مستودعات الوقود في ميناءي الحديدة ورأس عيسى، كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

صورة وزعها الحوثيون لاستهداف ناقلة نفط بريطانية في البحر الأحمر بزورق مسيّر (إ.ب.أ)

ومِن بين نحو 188 سفينة تبنّت الجماعة مهاجمتها، أدى هجوم، في 18 فبراير (شباط) الماضي، إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استهدفتها الجماعة في 12 يونيو الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي حوثي، في 6 مارس (آذار) الماضي، إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية في خليج عدن.

وإلى جانب الإصابات، التي لحقت عدداً من السفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر»، التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.