كثّف رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي من اجتماعاته في الأيام الأخيرة مع الأوساط السياسية والعسكرية والحكومية وصولاً إلى اجتماعه برجال الدين والوعاظ، داعياً إلى خطاب ديني متجدّد لمؤازرة الحكومة ومواجهة مشكلات المجتمع اليمني.
ووضع رئيس مجلس الحكم اليمني المحددات المطلوبة للخطاب الديني، متهماً الجماعة الحوثية بالسعي لفرض نظام حكم عنصري غير عادل، إلى جانب السعي لإعادة البلاد للعيش ضمن صراع القرون الهجرية الأولى.
وذكر الإعلام الرسمي أن العليمي دعا علماء الدين والخطباء والمرشدين، إلى حشد الطاقات وتوجيهها في خدمة المصلحة العامة للمواطنين، وقضاياهم المركزية المتمثلة باستعادة مؤسسات الدولة، وإنهاء انقلاب الميليشيات الحوثية، ومكافحة الإرهاب بأشكاله ومصادره المختلفة، وتحفيز جهود التنمية وتحسين الخدمات.
وخاطب العليمي العلماء والمرشدين، في اجتماعه معهم بالقول إن اللقاء معهم «ليس لتبادل المجاملات، وإنما من أجل نقاش مفتوح ومسؤول حول تحدياتنا، ودور رجال الدين في مواجهتها، بصفتهم مخزون الأمة الأخلاقي والفكري».
وتطرّق رئيس مجلس القيادة الرئاسي إلى التمييز بين التدين السلوكي، وبين الخطاب الديني، قائلاً إن «التدين السلوكي هو أمر متصل بعلاقة العبد وربه، أما الخطاب الديني فهو يتصل بالمصالح المرعية والمقاصد الشرعية، لذا فهو ليس شأناً فردياً، وإنما هو شأن عامّ».
وتحدّث العليمي عن خصوصية اليمن، بوصفه أهم مرابض العلم والفكر الديني الإسلامي منذ مئات السنين، حيث الكثير من المدارس الفكرية والفقهية، وأشار إلى أن التحدي اليوم أمام الفكر الديني يتعلق بكيفية الاقتداء بالسلف الصالح دون الإصابة بالجمود، وكيفية التفاعل مع متغيرات المجتمع دون الإصابة بالتفلت؛ وفق تعبيره.
مقتضيات العصر
شدّد رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي على أن الخطاب الديني في بلاده بحاجة إلى التركيز على عدة محاور، يأتي في مقدمها الأخلاق وحُسن المعاملة بصفتهما جوهر الدين، مع أهمية مراعاة مقتضيات العصر واحتياجات الجيل الجديد، مثل استثمار الوقت، والابتكار، والعمل والإنتاج، والتنمية، بوصفها جزءاً من الأخلاق والقيم الدينية.
كما شدّد على أهمية التركيز على مسائل الترابط الأسري، في ظل الانتشار الملحوظ مؤخراً لجرائم العنف الأسري، وأشار إلى أهمية دعم جهود الحكومة في مكافحة الفساد، والإصلاح الإداري والمالي.
وقال: «ليس من المقبول أن يأتي أحدهم لممارسة الطقوس التعبدية وهو يتلقى الرشوة، أو يسرق الكهرباء». متهماً الجماعة الحوثية بمحاولة جر الناس إلى معارك القرون الأولى للهجرة.
وحضّ العليمي على أهمية أن يركز الخطاب الديني في هذه المرحلة على تعزيز قيم التعايش والسلم المجتمعي، وقال إن مفهوم «ولي الأمر» لم يعد يُقصد به اليوم شخص الرئيس فقط، بل أيضاً المؤسسات.
وفيما رأى أن احترام القانون، ومؤسسات الدولة، وسلطة القضاء والأمن، هو جزء جوهري من قيم الدين، دعا إلى نبذ الفرقة، سواء على أساس طائفي أو قبلي أو مناطقي، ونبذ كل العصبيات الجاهلية.
وحذّر رئيس مجلس الحكم اليمني من خطورة إقحام مواضيع الخلاف السياسي في المساجد، لكنه أكد على حق الناس في التعبير عن رأيهم والنقد والاعتراض، ما دام كان ذلك في ظل احترام قيم الدين، ومؤسسات الدولة، وعدم بث الفرقة.
التركيز على العدالة
حضّ رئيس مجلس القيادة اليمني، على التركيز في الخطاب الديني على العدالة بكامل أبعادها سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، وقال إن انتقاد الحوثيين «يجب أن ينطلق من مفهوم العدالة والمواطنة، وليس لأنهم يسيئون للصحابة الأخيار فقط، ولكن لأنهم يتبنون نهجاً ومسلكاً يريد أن يفرض على الناس اعتقادات باطلة، وحكماً ظالماً وعنصرياً وغير عادل».
كما دعا العليمي إلى التركيز على خطر التيارات المتطرفة، وجماعات العنف الإرهابية الذين قال إنهم «يشتركون جميعاً في رفض التجديد، وتزييف المصطلحات الشرعية، والموقف العدائي من مخالفيهم، فضلاً عن انتهاكهم ثوابت الدين بما يرتكبونه من جرائم الاعتداء على الأنفس والأموال والأعراض، وفي مقدمة ذلك تأتي الميليشيات الإرهابية الحوثية».
وحذّر العليمي من آفة التكفير التي ابتليت بها المجتمعات الإسلامية، وأكد أن الدولة هي وحدها المنوط بها قرار الحرب أو الجهاد، وهي السلطة المختصة في البلاد وفق الدستور والقانون، وليس الجماعات والأفراد.
وشدّد على أهمية دعم جهود الدولة في مكافحة تهريب المخدرات والأسلحة، واتخاذ التدابير التربوية والثقافية والدعوية والأمنية كافة التي تمنع هذا النوع من المهربات المدمرة، وسن العقوبات الرادعة لجالبيها ومروجيها.