«هدنة غزة»: المفاوضات تراوح مكانها... والأمل في اتفاق قبل نهاية رمضان

القاهرة أكدت حتمية وقف إطلاق النار... و«حماس» نفت أي «أجواء إيجابية»

وزير الخارجية المصري ونظيرته الألمانية خلال جلسة مباحثات في القاهرة (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري ونظيرته الألمانية خلال جلسة مباحثات في القاهرة (الخارجية المصرية)
TT

«هدنة غزة»: المفاوضات تراوح مكانها... والأمل في اتفاق قبل نهاية رمضان

وزير الخارجية المصري ونظيرته الألمانية خلال جلسة مباحثات في القاهرة (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري ونظيرته الألمانية خلال جلسة مباحثات في القاهرة (الخارجية المصرية)

تترقب أطراف الوساطة المنخرطة في مفاوضات التهدئة في قطاع غزة نتائج المباحثات التي يقوم بها وزير الدفاع الإسرائيلي في واشنطن، في وقت تراوح فيه المفاوضات مكانها بانتظار اختراق قبل انتهاء شهر رمضان، يقود إلى إعلان هدنة مؤقتة في القطاع الذي دخل القتال فيه شهره السادس.

وبينما أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري «حتمية إنفاذ التهدئة ووقف إطلاق النار في غزة في أسرع وقت»، مشيراً إلى «استمرار جهود الوساطة بين (حماس) وإسرائيل، بهدف الوصول إلى هدنة تُفضي إلى وقف دائم لإطلاق النار»، نفت حركة «حماس» وجود «أجواء إيجابية» في الجولة الحالية من المفاوضات، وقال قياديون بالحركة إنه «لا توجد إرادة سياسية لدى الجانب الإسرائيلي للوصول إلى أي اتفاق».

وكان مدير الاستخبارات الأميركية ويليام بيرنز، ورئيس الموساد ديفيد برنيع، غادرا العاصمة القطرية الدوحة، في حين تتواصل مساعي الوسطاء القطريين والأميركيين والمصريين من أجل صياغة اتفاق مقبول من طرفي الحرب في غزة، يقود إلى إعلان هدنة جديدة في القطاع، خاصة مع تفاقم حدة المعاناة الإنسانية، والتي وصلت إلى «حافة المجاعة» بحسب تقارير أممية، وتحذيرات لمسؤولين دوليين.

في السياق، أكد وزير الخارجية المصري «حتمية إنفاذ التهدئة ووقف إطلاق النار في غزة في أسرع وقت»، مستعرضاً الاتصالات والجهود التي تبذلها مصر على كافة الأصعدة، بما في ذلك الاتصالات مع الجانب الأميركي وجهود الوساطة بين «حماس» وإسرائيل، بهدف الوصول إلى هدنة تُفضي إلى وقف دائم لإطلاق النار.

وجدد شكري خلال مباحثاته في القاهرة مع نظيرته الألمانية، «رفض مصر القاطع وتحذيرها غير القابل للتأويل أو الشك، من أي عملية عسكرية إسرائيلية في رفح الفلسطينية، لما ستنطوي عليه من كارثة إنسانية ستخرج عن السيطرة، وتعقيدات غير مسبوقة».

وشدد الوزير المصري على أهمية حل الأزمة من جذورها، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي طويل المدى، استناداً إلى رؤية حل الدولتين ومقررات الشرعية الدولية، مطالباً بتغيير نمط التعامل الدولي مع القضية الفلسطينية عن النهج السابق، وأن يبدأ ذلك بتحرك جاد نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وإقرار العضوية الكاملة لها داخل الأمم المتحدة.

من جانبه، رأى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة والجامعة الأميركية في مصر والمتخصص في الدراسات الفلسطينية والإسرائيلية الدكتور طارق فهمي، أن وسطاء التهدئة في غزة ينتظرون رد حركة «حماس» على ما تم التوافق عليه في الجولة الحالية بالدوحة، مشيراً إلى أن مغادرة رؤساء أجهزة استخبارات الدول المنخرطة في الوساطة «لا تعني جمود المفاوضات»؛ إذ لا تزال فرق فنية وأمنية تواصل عملها لصياغة بنود اتفاق، يمكن إعلانه وتنفيذه قبل نهاية شهر رمضان.

وتوقع فهمي لـ«الشرق الأوسط» أن توافي حركة «حماس» الوسطاء المصريين والقطريين بردها خلال يومين، لافتاً إلى أن الجانب الأميركي «بات محور ما يجري من عمل حالياً»، فقد قدم الجانب الأميركي صياغة لاتفاق، كما تبنى عدم توسيع نطاق المناقشات خاصة بعد اقتراح حركة «حماس» إدخال تركيا وروسيا في سياق المفاوضات، إضافة إلى الترقب لنتائج المباحثات التي يجريها وزير الدفاع الإسرائيلي في واشنطن، والتي توقع الأكاديمي المصري «ألا تؤثر على الحظوظ المرتفعة لإقرار اتفاق قبل نهاية شهر رمضان»، إذا ما جاء رد «حماس» إيجابياً، خاصة في ظل ما شهدته مفاوضات الدوحة من ضغوط من جانب الوسطاء على طرفي الحرب.

كانت «حماس» نفت وجود أجواء إيجابية في الجولة الحالية من المفاوضات، وقال القيادي في الحركة محمود مرداوي في تصريحات صحافية إنه لا توجد إرادة سياسية لدى الجانب الإسرائيلي للوصول إلى أي اتفاق، مضيفاً أن الرد الإسرائيلي «سلبي ولم يتضمن أي إشارة لوقف إطلاق النار، ولم يتم ذكر انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة».

بدوره، رأى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس الدكتور أيمن الرقب، أن هناك حالة من الترقب تسيطر على أجواء مفاوضات التهدئة، مشيراً إلى أن ثمة انخراطاً أميركياً مختلفاً هذه المرة، فالإفراج عن الأسرى الإسرائيليين في غزة «مصلحة أميركية بالأساس».

وأضاف الرقب لـ«الشرق الأوسط» أنه «ربما تكون هناك انفراجة ما هذه المرة»، لافتاً إلى أن التشدد الإسرائيلي قد يكون «مؤشراً على قرب التوصل إلى اتفاق»، فأي تهدئة ستكون «ورقة ضغط» على حكومة نتنياهو، الذي يريد أن يستخدم في المقابل ورقة العملية البرية في رفح كأداة ضغط مقابلة.

كان رئيس الوزراء الإسرائيلي أكد الجمعة لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن عزم إسرائيل على اجتياح رفح «لتحقيق الانتصار» على حركة «حماس»، بدعم واشنطن أو من دونه.

في المقابل، قالت حركة «حماس»، الاثنين، إن بنيامين نتنياهو بعزمه على التوغل في مدينة رفح جنوب قطاع غزة «يتحدى كل الدعوات والمواقف الدولية التي تحذر من عملية عسكرية في المدينة المكتظة بالنازحين».

وأضافت الحركة في بيان أن نتنياهو يواصل استخدام خطاب ديني «لتحقيق غاياته السياسية» عبر تصعيد الحرب في غزة.


مقالات ذات صلة

«لانسيت»: حصيلة قتلى غزة أعلى بنحو 40 بالمئة من أرقام وزارة الصحة

المشرق العربي غزيون يقيمون الثلاثاء صلاة الميت على عدد من ضحايا غارة إسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)

«لانسيت»: حصيلة قتلى غزة أعلى بنحو 40 بالمئة من أرقام وزارة الصحة

أفادت دراسة بحثية نشرتها مجلة «لانسيت» الطبية الجمعة بأنّ حصيلة القتلى في غزة خلال الأشهر التسعة الأولى من الحرب بين إسرائيل وحماس هي أعلى بنحو 40 بالمئة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الولايات المتحدة​ صورة ملتقطة في 18 أكتوبر 2024 للرئيس الأميركي جو بايدن (د.ب.أ)

بايدن: نحرز بعض التقدم الحقيقي فيما يتعلق باتفاق لغزة

قال بايدن للصحافيين في البيت الأبيض «إننا نحرز بعض التقدم الحقيقي، لقد التقيت المفاوضين اليوم».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي فلسطينيون يشيعون قتلى سقطوا بغارة إسرائيلية على دير البلح بوسط قطاع غزة الخميس (إ.ب.أ)

حديث عن تقدم في مفاوضات «هدنة غزة»

أفادت مصادر فلسطينية قريبة من محادثات وقف إطلاق النار في غزة، أمس، بأن الوسطاء الأميركيين والعرب أحرزوا بعض التقدم في جهودهم الرامية للتوصل إلى اتفاق

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ خارج المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا (أ.ب)

«النواب الأميركي» يصوّت بمعاقبة الجنائية الدولية بسبب إسرائيل

صوت مجلس النواب الأميركي، الخميس، على فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية احتجاجاً على إصدارها مذكرتي اعتقال بحق بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي نتنياهو يلتقي مجندين في الجيش (إكس)

عائلات جنود إسرائيليين تناشد نتنياهو إنهاء الحرب في غزة

دعت مجموعة من عائلات الجنود الإسرائيليين الخميس رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لإنهاء الحرب في قطاع غزة حفاظاً على حياة أبنائهم متّهمين إياه بإطالة أمد هذا النزاع

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم