موجة «كوليرا» تتفشى في محافظات يمنية

تسجيل 500 إصابة منذ مطلع العام الحالي

يواجه اليمن حالياً تدهوراً في الصحة العامة وتفشي الحصبة وأوبئة أخرى (الأمم المتحدة)
يواجه اليمن حالياً تدهوراً في الصحة العامة وتفشي الحصبة وأوبئة أخرى (الأمم المتحدة)
TT

موجة «كوليرا» تتفشى في محافظات يمنية

يواجه اليمن حالياً تدهوراً في الصحة العامة وتفشي الحصبة وأوبئة أخرى (الأمم المتحدة)
يواجه اليمن حالياً تدهوراً في الصحة العامة وتفشي الحصبة وأوبئة أخرى (الأمم المتحدة)

أفادت تقارير أممية جديدة بتسجيل مئات الإصابات بوباء «الكوليرا» وأمراض أخرى قاتلة في مناطق يمنية عدة، وسط تدهور القطاع الصحي، وانقطاع سبل العيش، واستمرار الصراع الذي يعصف بالبلاد منذ قرابة العقد.

وأكدت مصادر طبية لـ«الشرق الأوسط»، وجود بلاغات جديدة منذ مطلع هذا العام من مدن وقرى عدة معظمها تحت سيطرة الحوثيين، تفيد بظهور إصابات جديدة وحالات وفاة؛ نتيجة الإصابة بأمراض، من بينها: الكوليرا، والملاريا، وسوء التغذية، وحمى الضنك، وغيرها.

يعاني النظام الصحي في اليمن زيادة سريعة بحالات الطوارئ التي تتجاوز قدرته (الأمم المتحدة)

وحذّرت المصادر من مغبة إطالة أمد الحرب، وما سيخلفه ذلك من تدهور الأوضاع على كل المستويات، في بلد لا يزال يشهد أكبر أزمة إنسانية على مستوى العالم؛ نتيجة الحرب المشتعلة منذ سنوات.

وتقول المصادر الطبية إن تفشي الأوبئة القاتلة في أوساط اليمنيين، بمختلف المناطق، مستمر دون وجود أي تدخلات من قبيل تنفيذ حملات التوعية والتحصين، وتقديم الرعاية الطبية، وهو ما سيعرض الآلاف من السكان لمخاطر كارثية.

وحذّر أطباء في صنعاء من عودة تفشي مرض «الكوليرا»، وأكدوا وصول حالات إسهال مائي حاد إلى طوارئ مستشفيات المدينة، بعضها دخل في فشل كلوي حاد نتيجة الجفاف بعد الإسهال الشديد. وأظهرت عينات من الفحوص التي أرسلها الأطباء إلى المختبرات ثبوت الإصابة بالكوليرا، وسط مخاوف من اتساع رقعة العدوى بالتزامن مع اقتراب موسم هطول الأمطار.

مئات الحالات

في ظل تدهور القطاع الصحي في اليمن، لا سيما في مناطق سيطرة الحوثيين، أعلنت منظمة الصحة العالمية تسجيل نحو 508 حالات إصابة بالكوليرا، وحالتَي وفاة خلال أول شهرين من العام الحالي.

وفي حين يعد اليمن واحداً من ضمن 8 بلدان في إقليم شرق المتوسط تشهد تفشياً لحالات الإصابة بالكوليرا، أكدت المنظمة الأممية في تقرير حديث لها أن إجمالي الحالات التراكمية المسجلة للإصابة بالكوليرا في اليمن، بلغ 4312 حالة، مع 16 حالة وفاة مرتبطة بالمرض، وذلك خلال الفترة بين 1 يناير (كانون الثاني) 2023، ونهاية فبراير (شباط) 2024.

مستويات التحصين لجميع اللقاحات في اليمن آخذة في الانخفاض (الأمم المتحدة)

و«الكوليرا» عدوى معوية حادة تنتشر عن طريق الطعام والماء الملوثَين ببكتيريا ضمة الكوليرا، ويمكن أن تؤدي إلى الوفاة في غضون ساعات إذا لم يتم العلاج، لكن الوصول الفوري إلى العلاج ينقذ الأرواح. ويمكن الوقاية من الكوليرا من خلال توفير المياه الآمنة وخدمات الصرف الصحي.

وسبق لمنظمة الصحة العالمية أن أعلنت في تقرير سابق لها، تسجيل أكثر من 8 آلاف حالة إصابة، منها 21 حالة وفاة؛ نتيجة مرض الكوليرا في اليمن خلال عام 2023.

وسجل إقليم الشرق الأوسط، بحسب التقرير، أعداداً مرتفعة بمرض الكوليرا في العام الماضي، حيث تم الإبلاغ وقتها عن تسجيل 8426 حالة إصابة بذلك المرض في محافظات وقرى يمنية عدة.

وشهدت حالات الإصابة بالكوليرا ارتفاعاً ملحوظاً في مناطق يمنية متفرقة مع نهاية العام الماضي، حيث سجلت «الصحة العالمية» نحو 2184 حالة إصابة خلال الشهرين الأخيرين منه، وأرجعت المنظمة ذلك التفشي المتسارع للمرض إلى أسباب عدة، منها استمرار الحرب، وعدم الاستقرار، وضعف البنى التحتية للمياه والصرف الصحي.

وأدى الصراع المستمر في اليمن إلى تهاوي القطاع الصحي، وتوقف شبه تام لحملات التحصين، الأمر الذي تسبّب في عودة انتشار عديد من الأوبئة والأمراض في أوساط السكان من مختلف الأعمار.

27 % من الأطفال اليمنيين الذين تقل أعمارهم عن سنة لم يُحصّنوا ضد الحصبة (الأمم المتحدة)

ويعاني نحو 5 ملايين طفل يمني من سوء التغذية الحاد في ظل استمرار النزاع القائم، في حين يعيش الملايين منهم حياة يطغى عليها الفقر والأمراض والحرمان من الحقوق الأساسية، وفق تقارير أممية.

وجاء التفشي الجديد لوباء الكوليرا في ظل استمرار التردي الحاصل في القطاع الصحي، خصوصاً في المناطق تحت قبضة الحوثيين، وذلك نتيجة استمرار سوء الإدارة، وإمعان قادة الجماعة في تدمير ذلك القطاع المهم، ونهب المساعدات الإنسانية والطبية وتسخيرها لمصلحة المجهود الحربي.


مقالات ذات صلة

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.