«هدنة غزة»: مساعي الوسطاء تصطدم بـ«مطالب حماس» و«شروط إسرائيل»

وسط اتصالات مصرية للتقريب بين المواقف المتباينة

زينة رمضان في خيام النازحين في رفح (وكالة أنباء العالم العربي)
زينة رمضان في خيام النازحين في رفح (وكالة أنباء العالم العربي)
TT

«هدنة غزة»: مساعي الوسطاء تصطدم بـ«مطالب حماس» و«شروط إسرائيل»

زينة رمضان في خيام النازحين في رفح (وكالة أنباء العالم العربي)
زينة رمضان في خيام النازحين في رفح (وكالة أنباء العالم العربي)

يبذل الوسطاء في مصر وقطر والولايات المتحدة مساعي حثيثة للوصول إلى «هدنة» في قطاع غزة تضع حداً لمعاناة سكانه المستمرة منذ أكثر من 5 أشهر، لكن يبدو أن جهودهم لا تزال تراوح مكانها حتى الآن مصطدمة بمطالب و«ضوابط» وضعتها حركة «حماس»، مقابل «شروط» إسرائيلية «عرقلت» حتى الآن التوصل إلى «هدنة»، يجري خلالها تبادل المحتجزين.

وأكد مصدر مصري مطلع على سير المفاوضات لـ«الشرق الأوسط»، «استمرار الاتصالات المصرية مع كل الأطراف المعنية لتقريب وجهات النظر بشأن اتفاق (الهدنة)».

وقال المصدر، الذي رفض الكشف عن هويته، إن «قنوات الاتصال مفتوحة مع الجميع (واشنطن وقطر وحماس وتل أبيب)، وكان هناك اتصالات مع الجانب الإسرائيلي خلال الأيام الماضية بهدف تقريب وجهات النظر».

واستضافت القاهرة، الأحد الماضي، وعلى مدار 4 أيام جولة مفاوضات تستهدف الاتفاق على «تهدئة في غزة مدة 6 أسابيع»، شاركت فيها وفود من «حماس»، وقطر، والولايات المتحدة، بينما غابت إسرائيل عن هذه الجولة، بداعي رفض «حماس» تنفيذ طلبها تقديم قائمة بأسماء الأحياء من المحتجزين لديها، وهو ما أشارت الحركة لـ«صعوبته» في ظل استمرار القتال، لا سيما مع وجود المحتجزين في مناطق عدة داخل قطاع غزة.

وبدوره، أشار المصدر المصري إلى أن «هناك عوامل عدة تؤثر في سير المفاوضات. من بينها الميناء المؤقت الذي تجهزه الولايات المتحدة لإيصال المساعدات إلى غزة، إضافة إلى الطريق التي تمهدها إسرائيل داخل القطاع، ومحاولتها تقسيمه إلى نصفين».

وقال إن «جميع الوسطاء في مصر وقطر والولايات المتحدة يبذلون جهوداً من أجل الوصول إلى هدنة»، مشيراً إلى أن «المفاوضات لا تزال صعبة، حيث يضغط كل طرف (إسرائيل وحماس) على الآخر».

لكن المصدر رجح «إمكانية الوصول إلى اتفاق بعد مرور الأيام العشرة الأولى من رمضان، وفي أعقاب بدء تشغيل ميناء غزة المؤقت، والانتهاء من الطريق الذي تبنيه تل أبيب، ما قد يشكل عامل ضغط على طرفي الهدنة للقبول بها».

وفي سياق متصل، أكدت الولايات المتحدة استمرار جهود الوساطة. وقال الرئيس الأميركي جو بايدن، الاثنين، في بيان نشره البيت الأبيض مع حلول شهر رمضان، إن «واشنطن ستواصل العمل دون توقف للتوصل لوقف فوري ومستديم لإطلاق النار مدة 6 أسابيع على الأقل».

وأضاف: «سنواصل العمل نحو مستقبل من الاستقرار والأمن والسلام يتضمن حل الدولتين، وهو الطريق الوحيدة نحو سلام دائم».

لكن جهود الوسطاء المستمرة تصطدم بتبادل طرفي الهدنة إسرائيل وحركة «حماس» الاتهامات بشأن المسؤول عن عدم الوصول إلى اتفاق حتى الآن.

وألقت إسرائيل باللوم على «حماس» في فشل التوصل لاتفاق، واتهمت الحركة «بالتشبّث بمواقفها، وعدم إبداء اهتمام بالتوصل لاتفاق، والسعي إلى إشعال المنطقة خلال شهر رمضان». بينما أكد رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، في كلمة بمناسبة حلول شهر رمضان، مساء الأحد، «انفتاح الحركة على التفاوض»، محملاً «إسرائيل مسؤولية فشل محادثات الهدنة؛ لأنها لا تريد أن تلتزم بالمبادئ الأساسية للاتفاق».

وقال هنية إن الحركة وضعت «ضوابط» خلال مفاوضات التوصل لصفقة مع إسرائيل، من بينها إنهاء الحرب، و«قطع الطريق على مخطط» اليوم التالي للحرب في قطاع غزة، مشيراً إلى أنه «لم يتلقَّ في اتصال مع الوسطاء في المفاوضات، خلال الساعات الماضية، أي التزام من إسرائيل حول وقف إطلاق النار».

ويلفت المصدر المصري إلى أن «أياً من الوسطاء لم يطلب تنازلات من حركة (حماس)، بل طلبوا رؤية أكثر شمولية لإتمام التهدئة»، مشيراً إلى أن «خطاب هنية لا يعكس جديداً في موقف الحركة».

وأوضح المصدر أن «هناك مشكلات داخلية في حركة (حماس) تتعلق بفقدان الاتصال بين جناحيها السياسي والعسكري، ورفض الجناح العسكري أي مقترحات بشأن الهدنة»، معرباً عن اعتقاده أن «خطاب هنية جاء في هذا السياق بهدف إحداث نوع من التوازن بين مواقف الداخل والخارج في الحركة».

وأكد المصدر المصري أن «الوسيطين المصري والقطري يتحركان على المستوى نفسه». وقال إن «الدوحة تعمل على تفاصيل صفقة تبادل الأسرى، بينما تركز القاهرة على مقاربة أكثر شمولاً».

وبدوره، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس، الدكتور جهاد الحرازين، إن «كل الأطراف (مصر وقطر والولايات المتحدة) تعمل على قدم وساق لإيجاد خطوات منتصف الطريق بين الطرفين من أجل الوصول إلى هدنة». وأكد أن «هناك محاولات للاتفاق على هدنة قصيرة يومين أو4 يجري خلالها استكمال المفاوضات من أجل هدنة أطول وأكثر تفصيلاً».

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «ما يعرقل الاتفاق هو تمسُّك كل طرف بموقفه، حيث وضعت (حماس) شروطاً لا تقبلها إسرائيل، وفي المقابل وضعت تل أبيب شروطاً لا يمكن أن تقبلها (حماس)»، مشيراً إلى أن «المفاوضات تراوح مكانها، ولا بد من تحكيم صوت العقل، وإبداء مرونة أكبر، والعمل على إنهاء معاناة الفلسطينيين».


مقالات ذات صلة

إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

شؤون إقليمية بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)

إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

ما يجب أن نعرفه عن النطاق القانوني للمحكمة الجنائية الدولية، حيث تسعى إلى اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية صور للمحتجَزين لدى «حماس» (رويترز)

تقرير: إسرائيل لا ترى إمكانية التفاوض مع «حماس» إلا بعد الاتفاق مع «حزب الله»

التفاوض بشأن الرهائن الإسرائيليين تقلَّص منذ تعيين يسرائيل كاتس وزيراً للدفاع.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا (الموقع الرسمي للمحكمة) play-circle 02:06

ما حيثيات اتهامات «الجنائية الدولية» لنتنياهو وغالانت والضيف؟

مع إصدار الجنائية الدولية مذكرات اعتقال لرئيس وزراء إسرائيل نتنياهو ووزير دفاعه السابق غالانت والقيادي في «حماس» محمد الضيف، إليكم أبرز ما جاء في نص المذكرات.

«الشرق الأوسط» (لاهاي)
شؤون إقليمية عناصر من حركتي «حماس» و«الجهاد» يسلمون رهائن إسرائيليين للصليب الأحمر في نوفمبر 2023 (د.ب.أ)

انتقادات من الجيش لنتنياهو: عرقلة الاتفاق مع «حماس» سيقويها

حذر عسكريون إسرائيليون، في تسريبات لوسائل إعلام عبرية، من أن عرقلة نتنياهو لصفقة تبادل أسرى، تؤدي إلى تقوية حركة «حماس»، وتمنع الجيش من إتمام مهماته القتالية.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي «كتائب القسام» تعلن أن مقاتليها تمكنوا من قتل 15 جندياً إسرائيلياً في اشتباك ببلدة بيت لاهيا (رويترز)

«كتائب القسام» تقول إنها قتلت 15 جندياً إسرائيلياً في اشتباك بشمال قطاع غزة

أعلنت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، الخميس، أن مقاتليها تمكّنوا من قتل 15 جندياً إسرائيلياً في اشتباك ببلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.