الكساد يضرب الأسواق اليمنية بسبب تدهور القدرة الشرائية

توقعات باستمرار ارتفاع أسعار السلع في المدى المنظور

تحذر التقارير الأممية من حدوث مجاعة في اليمن بسبب انقطاع سبل العيش واستمرار الصراع (إ.ب.أ)
تحذر التقارير الأممية من حدوث مجاعة في اليمن بسبب انقطاع سبل العيش واستمرار الصراع (إ.ب.أ)
TT

الكساد يضرب الأسواق اليمنية بسبب تدهور القدرة الشرائية

تحذر التقارير الأممية من حدوث مجاعة في اليمن بسبب انقطاع سبل العيش واستمرار الصراع (إ.ب.أ)
تحذر التقارير الأممية من حدوث مجاعة في اليمن بسبب انقطاع سبل العيش واستمرار الصراع (إ.ب.أ)

تعاني الأسواق والمحال التجارية اليمنية قبيل حلول شهر رمضان من موجة كساد غير مسبوقة في مناطق سيطرة الحوثيين، يرافقها تراجع في حركة البيع؛ بسبب عزوف أغلبية السكان عن الشراء، مع استمرار تدهور أوضاعهم المعيشية، وانقطاع الرواتب، وارتفاع الأسعار وندرة فرص العمل.

تزامن ذلك مع قيام ما تسمى بمصلحة الضرائب الخاضعة للحوثيين في صنعاء بإصدار تعميمات جديدة تحض على رفع نسبة الضرائب بما يعادل 500 في المائة على قطاعات العقارات والزراعة والبضائع المحلية والمستوردة بزعم القيام بتحسين الإيرادات.

ارتفعت أسعار السلع الأساسية في اليمن ما ألقى بتبعاته على ملايين السكان (إ.ب.أ)

وشكا تجار وملاك محلات في صنعاء وإب وذمار لـ«الشرق الأوسط»، من خمول غير معهود في النشاط التجاري مع استمرار كساد بضائعهم وعدم قدرتهم على بيعها، خصوصاً في هذه الأيام التي تعد بالنسبة لهم موسم العام، حيث كانت في فترة ما قبل اندلاع الحرب تشهد حركة ونشاطاً تجارياً واسعاً وكبيراً.

وأكد بعض التجار أن تدهور الظروف الاقتصادية يعد سبباً في عدم إقبال السكان على شراء ما يحتاجونه من مستلزمات ضرورية لأسرهم.

خشية من الإغلاق

أجبرت الأوضاع المتدهورة جراء استمرار الحرب في اليمن مئات التجار على إغلاق متاجرهم وتسريح الآلاف من موظفيهم وعمالهم، ويرجع اقتصاديون الأسباب إلى عوامل عدة، في مقدمها تدهور الاقتصاد بشكل عام، وتراجع القوة الشرائية لدى السكان، إضافة إلى الإجراءات الجبائية غير القانونية المفروضة على التجار.

ويخشى أحمد، وهو تاجر مواد غذائية في إب، من أن يقوده استمرار ذلك الكساد بالأخير إلى الإفلاس وإغلاق متجره وتسريح ما تبقى من العاملين لديه، موضحاً أنه وصل إلى مرحلة لم يعد فيها قادراً على بيع ما يغطي مصروفه وأسرته اليومي وأجور العاملين والإيفاء بالتزاماته للغير.

وكشف أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن وجود العشرات من كبار التجار ممن خسروا خلال تسع سنوات منصرمة، وعلى مدى الأشهر القليلة الماضية، مصادر عيشهم بسبب تبعات الانقلاب والحرب وتضاعف النفقات والإتاوات وغيرها.

تهدد الهجمات الحوثية البحرية بالمزيد من ارتفاع الأسعار في الأسواق اليمنية (أ.ف.ب)

ويلقي التاجر باللوم على الجهة التي تسببت بانقطاع الراتب؛ كونه يعد شريان حياة ويعتاش منه ملايين الموظفين الحكوميين وأسرهم، ويعم ذلك بالفائدة والنفع على بقية الفئات والشرائح بمن فيهم التجار وأصحاب المصالح الأخرى.

ولا تقتصر تلك المعاناة على ملاك المتاجر، بل تشمل أيضاً ملايين اليمنيين، ممن عجزوا نتيجة الأوضاع المادية الحرجة عن شراء أبسط السلع الضرورية.

موجة غلاء

ويشكو سكان في صنعاء ومدن عدة خاضعة للحوثيين في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، من موجة غلاء جديدة وغير مسبوقة شملت أغلب السلع والمواد الأساسية تشهدها أغلبية الأسواق والمتاجر، مشيرين إلى أن الكثير منهم لم يعودوا قادرين هذه الأيام على توفير ولو الحد الأدنى منها نتيجة لارتفاع أسعارها.

وجاءت تلك الشكاوى المتصاعدة جراء استمرار الحرمان وشدة الفاقة وسط توقعات دولية، بمزيد من ارتفاع الأسعار على المدى القصير في اليمن نتيجة استمرار الحرب الدائرة منذ تسع سنوات، وكذا الصراع المستمر في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن.

ويعترف خالد، وهو موظف تربوي في ريف إب لـ«الشرق الأوسط»، بعجزه، حتى اللحظة مع بقية أفراد أسرته المكونة من 6 أفراد، عن توفير أبسط المستلزمات الضرورية لهم خلال رمضان. ويرجع ذلك إلى استمرار انقطاع راتبه ومواجهته مع بقية أفراد الأسرة ظروفاً مادية حرجة.

تعد القهوة سلعة ضرورية لليمنيين لا سيما في شهر رمضان (إ.ب.أ)

وتوقع الموظف التربوي أن تخلو موائد اليمنيين في رمضان هذا العام من كثير من الأصناف الغذائية، بعكس ما كانت عليه معظم الأسر في مثل هذه الأيام في سنوات ما قبل الحرب، حيث يرفع كثير من الأسر حالة الطوارئ استعداداً لاستقبال الشهر الفضيل، عبر القيام بالكثير من الأمور منها توفير الاحتياجات الغذائية.

ورغم عدم وجود أي إحصاءات رسمية بعدد التجار والشركات الخاصة الذين تعرضوا للإفلاس والإغلاق جراء تدهور الأوضاع، فإن مصادر يمنية اقتصادية كشفت عن تصاعد أعداد اليمنيين ممن فقدوا مصادر عيشهم بعد إغلاق متاجرهم ومؤسساتهم بسبب عوامل عدة، خلفها الصراع المستمر في البلد منذ تسع سنوات.


مقالات ذات صلة

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.