التمر الجيد شحيح في الأسواق الرمضانية اليمنية

مواطنون يشكون غلاء أسعاره... ورداءة التخزين تزيد الكميات الفاسدة

التمور الجيدة تباع في اليمن بأسعار مضاعفة بحلول الموسم الرمضاني  (رويترز)
التمور الجيدة تباع في اليمن بأسعار مضاعفة بحلول الموسم الرمضاني (رويترز)
TT

التمر الجيد شحيح في الأسواق الرمضانية اليمنية

التمور الجيدة تباع في اليمن بأسعار مضاعفة بحلول الموسم الرمضاني  (رويترز)
التمور الجيدة تباع في اليمن بأسعار مضاعفة بحلول الموسم الرمضاني (رويترز)

يستورد اليمن عشرات آلاف الأطنان من التمور وتزداد تلك الكميات قبيل شهر رمضان، إلى جانب المساعدات السعودية التي تتضمن كميات كبيرة منها، لكن ومع ذلك فإن المستهلكين يعانون من غلاء أسعارها وانتشار كميات كبيرة مغشوشة.

ويسارع اليمنيون إلى شراء احتياجاتهم الرمضانية من التمور قبل أسابيع من شهر الصيام خوفاً من الزيادات الكبيرة في أسعاره، وبسبب الأوضاع المعيشية الصعبة التي يواجهونها يضطرون غالباً إلى شراء الأنواع الرخيصة، والتي غالباً ما تكون إما رديئة أو فاسدة بسبب التخزين السيئ، أو مخصصة للحيوانات.

ولا يقتصر الغش في التمور على الأنواع الرخيصة فقط، فقد وقعت كوثر عبد الرحمن، وهي معلمة تعمل في العاصمة المؤقتة عدن، ضحية للتلاعب عندما اشترت كمية من التمور استعداداً لشهر رمضان قبل أكثر من ثلاثة أسابيع، وبعد عدة أيام من شرائه قدمت لضيوفها كمية منه لتكتشف فساده.

الأزمات الاقتصادية تؤثر على جودة التمور المتوفرة بالأسواق اليمنية (رويترز)

وتفيد كوثر «الشرق الأوسط» بأنها شعرت بالإحراج الشديد أمام ضيوفها، لأنها كانت تظن أنها اختارت أحد أفضل أنواع التمر المعروضة في السوق وأغلاها، ولم يدر بخلدها أن يكون «فاسداً ومليئاً بالسوس»، واشتكت من أن البائع رفض استرجاعه أو تبديله لها، ولا تجد جدوى من الشكوى لأي جهة حكومية.

ودفعت كوثر 12 ألف ريال يمني (الدولار نحو 1600 ريال في مناطق سيطرة الحكومة، و530 ريالاً في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي فرضت نظاماً مصرفياً موازياً بالقوة) مقابل ثلاثة كيلوغرامات من التمر المعبأ في علب صفيح كبيرة الحجم، بعد أن أكد لها البائع أنه من أجود أنواع التمور، ونصحها بتجنب شراء التمر المغلف لارتفاع سعره المبالغ فيه.

ويزداد استهلاك التمور في اليمن طوال شهر رمضان، كما هو الحال في معظم البلاد الإسلامية، إلا أن أسعاره ترتفع بشكل دائم، ويتضاعف هذا الارتفاع قبل قدوم شهر الصيام، خصوصا أن أغلب الكميات المعروضة منه تأتي من الاستيراد، مع تراجع زراعة النخيل محلياً.

غلاء وتلف

ووصل سعر الكيلوغرام من التمر المغلف أخيراً إلى ما يزيد على 4500 ريال في مدينتي تعز وعدن الواقعتين تحت سيطرة الحكومة اليمنية، بعد أن كان يساوي ثلثي هذا المبلغ تقريباً، في حين يزيد سعره في صنعاء التي تقع تحت سيطرة الجماعة الحوثية عن ثلاثة آلاف ريال، بعد أن كان في حدود ألفي ريال قبل أسابيع، بحسب شهادات السكان.

ويبلغ سعر الدولار في مناطق الحكومة حوالي 1600 ريال، و530 ريالاً في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، التي فرضت نظاماً مصرفياً موازياً بالقوة.

وتختلف الأسعار بحسب الأنواع، فهناك أنواع تزيد أسعارها عن هذه الأرقام بكثير، وكما يفيد سكان في مختلف المدن اليمنية؛ فإن هناك أنواعا من التمور لا يستطيع شراءها سوى الأثرياء، خصوصا أنها مستوردة ومعبأة ومخزنة بجودة عالية تحفظها من التلف.

يعتاد كثير من اليمنيين والمسلمين حول العالم شراء التمور بمواكبة رمضان (رويترز)

ويعيد أحد رجال الأعمال في صنعاء أسباب ارتفاع أسعار التمور إلى أسباب عدة، كانهيار العملة المحلية وصعوبات الاستيراد التي فرضتها الحرب وإجراءات الانقلابيين الحوثيين، إلى جانب الإتاوات والجبايات الباهظة المفروضة عليهم، ولا ينكر أن رفع الأسعار بمناسبة رمضان عادة موسمية لا يستطيع التجار التخلي عنها.

ويكشف لـ«الشرق الأوسط» عن وجود كميات كبيرة من التمور الفاسدة تباع بأسعار متفاوتة، مُعللاً فسادها بسوء النقل والتخزين الذي قد يمتد إلى سنوات بفعل ضخامة الاستيراد، لافتاً إلى أن هناك قناعة سارية بعدم تلف التمور مهما طال تخزينها تساهم في تسويق التمور دون الاكتراث بجودتها، خصوصا لدى الفقراء.

التمر كمساعدات

ويتهم رجل أعمال آخر، طلب عدم ذكر اسمه، الجماعة الحوثية التي وصفها بسلطة الأمر الواقع بالمساهمة في تجارة المواد الغذائية المنتهية الصلاحية والتالفة، بما فيها التمور، حيث تمتلئ بها الأسواق الشعبية دون تدخل من الجهات الرقابية التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية.

ويبين لـ«الشرق الأوسط» أن الفقراء والمعدمين يعلمون غالبا برداءة جودة تلك السلع أو انتهاء صلاحيتها وفسادها، إلا أنهم يندفعون لشرائها بسبب تدني أسعارها مقارنة بأسعار المواد ذات الجودة العالية.

ويضيف أنه «تم تنميط الناس على رداءة المواد الاستهلاكية، حيث غالبية المواد الغذائية فاسدة منتهية الصلاحية أو غير صالحة للاستهلاك البشري».

ويشتكي سكان المناطق الواقعة تحت سيطرة الجماعة الحوثية من أن بعض أنواع التمور التي توزع لهم رديئة أو تالفة ومليئة بالسوس والحشرات ولا تصلح للاستهلاك.

لكن وفي المقابل وزع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، أخيرا، أكثر من 6 آلاف كرتون تمر في مديرية الغيضة التابعة لمحافظة المهرة منذ أسبوعين، ضمن مشروع توزيع مساعدات التمور في الجمهورية اليمنية للعام 2024.

يقوم مركز الملك سلمان للإغاثة بتوزيع التمور ضمن المساعدات الغذائية في عدد من المحافظات اليمنية (الموقع الإلكتروني للمركز)

ويتضمن المشروع توزيع 21.000 كرتون تمر يستفيد منها 147,000 فرد من الأسر الأكثر احتياجا والنازحة في محافظة المهرة بحسب موقع المركز.

كما وزع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية 6 آلاف كرتون تمر أخرى للنازحين في مديرية المدينة بمحافظة مأرب، استفاد منها 36.000 فرد.


مقالات ذات صلة

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً جديدةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

نبه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات مثل الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات

محمد ناصر (تعز)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
TT

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

يواصل «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» تقديم المشاريع والمبادرات التنموية في التمكين الاقتصادي للمرأة والشباب والمجتمعات، والاستثمار في رأس المال البشري، ودعم سبل العيش والمعيشة.

وذكر تقرير حديث عن البرنامج أن البرامج والمبادرات التنموية التي يقدمها البرنامج السعودي ركزت في المساهمة على بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد، من خلال برنامج «بناء المستقبل للشباب اليمني» الذي يساهم في ربط الشباب اليمني بسوق العمل عبر تدريبهم وتمكينهم بالأدوات والممكنات المهارية.

ويساعد البرنامج الشباب اليمنيين على خلق مشاريع تتلاءم مع الاحتياجات، ويركّز على طلاب الجامعات في سنواتهم الدراسية الأخيرة، ورواد الأعمال الطموحين، وكان من أبرز مخرجاته تخريج 678 شاباً وشابةً في عدد من التخصصات المهنية، وربط المستفيدين بفرص العمل، وتمكينهم من البدء بمشاريعهم الخاصة.

وشملت المشاريع والمبادرات برامج التمكين الاقتصادي للسيدات، بهدف تعزيز دور المرأة اليمنية وتمكينها اقتصادياً.

تدريبات مهنية متنوعة لإعداد الشباب اليمني لسوق العمل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وأشار التقرير إلى أن برنامج «سبأ» للتمكين الاقتصادي للسيدات، الذي أسهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب، وإكساب 60 سيدة للمهارات اللازمة لإطلاق مشاريعهن، وإطلاق 35 مشروعاً لتأهيل وتدريب قطاع الأعمال ودعم 35 مشروعاً عبر التمويل وبناء القدرات والخدمات الاستشارية، مع استفادة خمسة آلاف طالبة من الحملات التوعوية التي تم تنظيمها.

وإلى جانب ذلك تم تنظيم مبادرة «معمل حرفة» في محافظة سقطرى لدعم النساء في مجال الحرف اليدوية والخياطة، وتسخير الظروف والموارد المناسبة لتمكين المرأة اليمنية اقتصادياً.

وقدم «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» مشروع الوصول إلى التعليم في الريف، الذي يهدف إلى حصول 150 فتاة على شهادة الدبلوم العالي وتأهيلهن للتدريس في مدارس التعليم العام، في أربع محافظات يمنية هي: لحج، شبوة، حضرموت، والمهرة، بما يسهم في الحد من تسرب الفتيات في الريف من التعليم وزيادة معدل التحاقهن بالتعليم العام في المناطق المستهدفة.

وقدّم البرنامج مشروع «دعم سبل العيش للمجتمعات المتضررة»، الموجه للفئات المتضررة عبر طُرق مبتكرة لاستعادة سبل المعيشة الريفية وتعزيز صمود المجتمعات المحلية من خلال دعم قطاعات الأمن الغذائي، مثل الزراعة والثروة السمكية والثروة الحيوانية، لأهمية القطاعات الأكثر حساسية للصدمات البيئية والاقتصادية، موفراً أكثر من 13 ألف فرصة عمل للمستفيدين من المشروع.

البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن يساهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وضمن البرامج والمبادرات التنموية المستدامة، جاء مشروع استخدام الطاقة المتجددة لتحسين جودة الحياة في اليمن، بهدف توفير المياه باستخدام منظومات الطاقة الشمسية، وتوفير منظومات الري الزراعي بالطاقة المتجددة، وتوفير الطاقة للمرافق التعليمية والصحية، والمساهمة في زيادة الإنتاج الزراعي وتحسين الأمن الغذائي لليمنيين.

كما يهدف المشروع إلى حماية البيئة من خلال تقليل الانبعاثات الكربونية، وتوفير مصدر مستدام للطاقة، محققاً استفادة لأكثر من 62 ألف مستفيد في 5 محافظات يمنية.

وفي مساعيه لتعزيز الموارد المائية واستدامتها، أطلق البرنامج مشروع تعزيز الأمن المائي بالطاقة المتجددة في محافظتي عدن وحضرموت، لتحسين مستوى خدمات المياه والعمل على بناء قدرات العاملين في الحقول على استخدام وتشغيل منظومات الطاقة الشمسية.

تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

ومن خلال مشروع المسكن الملائم، يسعى البرنامج إلى المساهمة في تعزيز التنمية الحضرية وإيجاد حل مستدام للأسر ذات الدخل المحدود في المديريات ذات الأولوية في محافظة عدن من خلال إعادة تأهيل المساكن المتضررة، وقد ساهم المشروع في إعادة تأهيل 650 وحدة سكنية في عدن.

وتركّز البرامج التنموية على المساهمة في بناء قدرات الكوادر في القطاعات المختلفة، وقد صممت عدد من المبادرات في هذا الجانب، ومن ذلك مبادرات تدريب الكوادر في المطارات مركزة على رفع قدراتهم في استخدام وصيانة عربات الإطفاء، ورفع درجة الجاهزية للتجاوب مع حالات الطوارئ، والاستجابة السريعة في المطارات اليمنية، إضافة إلى ورش العمل للمساهمة في الارتقاء بمستوى الأداء وتذليل المعوقات أمام الكوادر العاملة في قطاعات المقاولات والزراعة.