النساء الأرامل في اليمن... معاناة متفاقمة جراء افتقادهن الحماية

عشرات الآلاف من الأمهات بحاجة إلى المساندة الإنسانية

يمنيات في صنعاء يطلبن في أحد الشوارع المساعدة من المارة (الشرق الأوسط)
يمنيات في صنعاء يطلبن في أحد الشوارع المساعدة من المارة (الشرق الأوسط)
TT

النساء الأرامل في اليمن... معاناة متفاقمة جراء افتقادهن الحماية

يمنيات في صنعاء يطلبن في أحد الشوارع المساعدة من المارة (الشرق الأوسط)
يمنيات في صنعاء يطلبن في أحد الشوارع المساعدة من المارة (الشرق الأوسط)

يعاني عشرات الآلاف من النساء الأرامل في اليمن ممن فقدن أزواجهن ظروفاً معيشية حرجة، في ظل غياب المساندة والحماية الاجتماعية اللازمة من قبل الجهات الرسمية والمؤسسات الإغاثية والخيرية، خصوصاً في العاصمة المختطَفة، صنعاء، حيث يزداد القمع والفقر، يوماً إثر يوم.

ووفق مصادر إغاثية في صنعاء، يلجأ الآلاف من النساء الأرامل إلى البحث عن عمل من أجل توفير القليل من متطلبات أسرهن، فيما يبقى الآلاف في المنازل في انتظار ما يجود به عليهن أقاربهن أو فاعلي الخير.

دعوات إغاثية لمنح النساء الأرامل في اليمن أولوية خاصة (الشرق الأوسط)

وتشكو أم أسامة القاطنة في حي السنينة بصنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، من التدهور المعيشي الحاد الذي أصابها و4 من أبنائها، عقب وفاة زوجها؛ الأمر الذي دفعها إلى ترك المنزل على خلفية نشوب خلاف بينها وبين عائلة زوجها، والانتقال للعيش مع صغارها في غرفة منعزلة لا تخضع لأدنى مقومات العيش.

وتجلس أم أسامة يومياً خلال ساعات النهار بالقرب من جسر المشاة في حي السنينة بصنعاء تبيع النباتات العطرية، من قبيل «الشذاب» و«الكاذي» و«العنصيف» و«الريحان»، وهي نباتات تُستخدم في تزيين العرائس وعند قدوم المواليد وفي بعض الأطعمة، ويتم زراعة بعضها في مناطق خارج صنعاء، حيث تصل كميات كبيرة منها كل يوم إلى سوق باب اليمن الشهير، وتقوم مئات النساء، أغلبهن من الأرامل، باقتنائها وبيعها للناس في عدة أماكن.

وتتحدث أم أسامة عن ضعف الإقبال على شراء تلك النباتات، بعكس ما كانت عليه الحال قبل أشهر سابقة، وتشير إلى أنها تتحصل بنهاية اليوم على ما يعادل 5 دولارات (الدولار يساوي 530 ريالاً يمنياً).

يواجه كثير من النساء اليمنيات بمختلف المناطق عواقب الصراع بشكل يومي (الأمم المتحدة)

وبينما لا توجد إحصاءات محلية حول أعداد النساء الأرامل في اليمن، تتوقع مصادر إغاثية وجود عشرات الآلاف منهن في مناطق سيطرة الحوثيين، حيث يفتقدن إلى المساندة. كما تحذر المصادر من أن استمرار الصراع من شأنه أن يضاعف بشكل أو بآخر من عدد الأرامل وغيرهن من الفئات اليمنية الأشد فقراً.

3 فئات

بحسب المصادر الإغاثية، يمكن تصنيف النساء الأرامل إلى 3 فئات من حيث التعامل مع متطلبات الحياة، تتمثل الفئة الأولى في الأرامل اللواتي يتجهن إلى مزاولة مهن وحرف مختلفة لكسب العيش، فيما تتجه فئة أخرى منهن إلى طلب المساعدة من الناس في الشوارع والأحياء، ويبقى السواد الأعظم من الأرامل اليمنيات في انتظار ما قد يصل إليهن وأبنائهن من معونات من الأقارب وبعض فاعلي الخير أو المنظمات الإنسانية.

وتوضح أماني، وهي أم لطفلين وتعيش في «مخيم ضروان» بهمدان في ريف صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن معاناتها وأطفالها لها أوجه مختلفة ومتعددة؛ إذ لا معيل ولا عمل ولا سكن، ولا دواء ولا ماء يصل إلا بعد صعوبات وانتظار طويل. وذلك بعد أن فقدت زوجها أثناء قتاله إلى جانب الحوثيين.

وتقول إنها لم تعد قادرة على تحمُّل مزيد من المعاناة والحرمان في ذلك المخيم الذي لا يلقى النازحون فيه أي اهتمام من قِبَل القائمين عليه، كاشفةً عن أنها في طور البحث حالياً على فرصة عمل لإعالة نفسها وطفليها.

وإلى جانب أماني، يعاني أزيد من 300 نازح من مختلف المناطق، جلهم من النساء والأطفال في ذلك المخيم الخاضع لسيطرة الحوثيين، أشد الويلات والحرمان، حيث أصبحوا مهددين بالتشرد بسبب استمرار عدم وجود أي نوع من المساعدات وافتقارهم لأبسط الخدمات.

تقديم مساعدات غذائية لنازحين يمنيين في «مخيم ضروان» بريف صنعاء (الأمم المتحدة)

وتؤكد المصادر الإغاثية أن آلاف اليمنيات في صنعاء وريفها ومدن أخرى يواجهن ظروفاً حياتية بالغة الصعوبة، في ظل عدم تحصل كثير منهن وأطفالهن على أي شكل من أشكال الدعم والمساندة، وهو الأمر الذي يقود إلى إصابة المئات منهن بأمراض نفسية بفعل تردي الوضع الاقتصادي.

تأتي معاناة الأرامل باليمن في وقت تحذر فيه منظمات دولية من استمرار الصراع فيه، وما سيخلفه من مزيد من الأوضاع الكارثية على جميع المستويات؛ في البلد الذي يشهد حرباً منذ 9 سنوات جعلته يعاني من أكبر أزمة إنسانية على مستوى العالم.

وكشفت التقارير الأممية عن أن أكثر من 17 مليون يمني باتوا يواجهون انعدام الأمن الغذائي، بينما 15.4 مليون شخص باتوا يفتقرون إلى المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي، بالإضافة إلى 20.3 مليون يفتقرون إلى الرعاية الصحية المناسبة.


مقالات ذات صلة

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

العالم العربي طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً جديدةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

نبه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات مثل الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)

«المركزي اليمني» يستهجن مزاعم تهريب أموال إلى الخارج

استهجن البنك المركزي اليمني أنباء راجت على مواقع التواصل الاجتماعي تدعي قيام البنك بتهريب الأموال في أكياس عبر المنافذ الرسمية، وتحت توقيع المحافظ.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني الزبيدي يثمن دور السعودية في دعم بلاده (سبأ)

الزبيدي يثمن جهود السعودية لإحلال السلام والاستقرار في اليمن

وسط تأكيد سعودي على استمرار تقديم الدعم الإنساني والإغاثي لليمن، ثمّن عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عيدروس الزبيدي، سعي المملكة إلى حشد الجهود لإحلال السلام.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي خسائر بشرية بصفوف الحوثيين جراء استمرار خروقهم الميدانية (فيسبوك)

انقلابيو اليمن يشيّدون مقابر جديدة لقتلاهم ويوسّعون أخرى

خصصت الجماعة الحوثية مزيداً من الأموال لاستحداث مقابر جديدة لقتلاها، بالتزامن مع توسيعها لأخرى بعد امتلائها في عدد من مناطق العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
TT

«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)

رحبت حركة «حماس»، اليوم (الخميس)، بإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، معتبرة أنه خطوة «تاريخية مهمة».

وقالت الحركة في بيان إنها «خطوة ... تشكل سابقة تاريخيّة مهمة، وتصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا»، من دون الإشارة إلى مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة بحق محمد الضيف، قائد الجناح المسلح لـ«حماس».

ودعت الحركة في بيان «محكمة الجنايات الدولية إلى توسيع دائرة استهدافها بالمحاسبة، لكل قادة الاحتلال».

وعدّت «حماس» القرار «سابقة تاريخية مهمة»، وقالت إن هذه الخطوة تمثل «تصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا، وحالة التغاضي المريب عن انتهاكات بشعة يتعرض لها طيلة 46 عاماً من الاحتلال».

كما حثت الحركة الفلسطينية كل دول العالم على التعاون مع المحكمة الجنائية في جلب نتنياهو وغالانت، «والعمل فوراً لوقف جرائم الإبادة بحق المدنيين العزل في قطاع غزة».

وفي وقت سابق اليوم، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت؛ لتورطهما في «جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب»، منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقال القيادي بحركة «حماس»، عزت الرشق، لوكالة «رويترز» للأنباء، إن أمر الجنائية الدولية يصب في المصلحة الفلسطينية.

وعدّ أن أمر «الجنائية الدولية» باعتقال نتنياهو وغالانت يكشف عن «أن العدالة الدولية معنا، وأنها ضد الكيان الصهيوني».

من الجانب الإسرائيلي، قال رئيس الوزراء السابق، نفتالي بينيت، إن قرار المحكمة بإصدار أمري اعتقال بحق نتنياهو وغالانت «وصمة عار» للمحكمة. وندد زعيم المعارضة في إسرائيل، يائير لابيد، أيضاً بخطوة المحكمة، ووصفها بأنها «مكافأة للإرهاب».

ونفى المسؤولان الإسرائيليان الاتهامات بارتكاب جرائم حرب. ولا تمتلك المحكمة قوة شرطة خاصة بها لتنفيذ أوامر الاعتقال، وتعتمد في ذلك على الدول الأعضاء بها.