صنعانيون يتهمون الحوثيين باستغلال الاتصالات للمجهود الحربي والاستقطاب

الجماعة تطلب التبرع لتمويل قدراتها العسكرية الجوية

مقر شركة «تليمن» المزود الرئيسي لخدمة الاتصالات الخاضع للحوثيين في اليمن (إكس)
مقر شركة «تليمن» المزود الرئيسي لخدمة الاتصالات الخاضع للحوثيين في اليمن (إكس)
TT

صنعانيون يتهمون الحوثيين باستغلال الاتصالات للمجهود الحربي والاستقطاب

مقر شركة «تليمن» المزود الرئيسي لخدمة الاتصالات الخاضع للحوثيين في اليمن (إكس)
مقر شركة «تليمن» المزود الرئيسي لخدمة الاتصالات الخاضع للحوثيين في اليمن (إكس)

اتهم سكان في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء جماعة الحوثي بالاستمرار في التلاعب بخدمات الاتصالات واستغلالها منذ بداية الحرب لتمويل المجهود الحربي، في ظل تحذيرات دولية بأن أكثر من 5 ملايين يمني باتوا على شفا المجاعة، مع تفاقم الأوضاع الإنسانية في البلد المدمر بفعل الحرب المستمرة منذ نحو 9 أعوام.

وإضافة إلى استيلاء الجماعة الحوثية على موارد الاتصالات المباشرة، لجهة تحكمها في الشركات، تمطر الجماعة المشتركين بالرسائل النصية التي تطلب التبرع لمصلحة المجهود الحربي، أو الترويج لأفكارها.

مبنى شركة «يمن موبايل» الخاضعة للحوثيين في صنعاء (إكس)

وأثارت الدعوات الحوثية المتكررة عبر رسائل «SMS»، للتبرع لمصلحة دعم القوة الصاروخية والطيران المسير وللتعبئة، موجة سخط في أوساط السكان، الذين وصفوها بأنها «نوع من الابتزاز»، رغم علم الجماعة المسبق بالتدهور المادي والمعيشي الحاد الذي أصاب ملايين اليمنيين منذ الانقلاب.

وفيما يستنكر الناشطون اليمنيون استغلال الحوثيين كعادتهم لأهم قطاع حيوي وتسخيره بالمجمل لأهدافهم الانقلابية، تتعالى الأصوات المطالبة للحكومة الشرعية المعترف بها دولياً بالتحرك من أجل استعادة ذلك القطاع وتحريره من قبضة الجماعة.

ضجر وسخرية

يبدي الناشط اليمني طه حسن ضجره من الرسائل المهولة التي تبعثها الجماعة الحوثية عبر شركات الاتصالات الخاضعة لها إلى هواتف المشتركين بمناطق سيطرتها، حيث تطلب منهم تقديم التبرع والدعم لمصلحتها وفق مزاعم ومبررات مختلفة.

ويقول متسائلاً في تغريدة على منصة «إكس»: «من سيقنع شركة (يمن موبايل) بإيقاف رسائلها إلى ما بعد تسليم المرتبات؟!». ويضيف متهكماً: «أقنعوهم بأن يفهموا ويستحوا، فالشعب كله (حراف أنتف)». في إشارة إلى أن غالبية اليمنيين لا يجدون قيمة القوت الضروري.

يجمع الحوثيون الأموال تحت مزاعم أنهم يخوضون حرباً ضد أميركا وإسرائيل (رويترز)

ويأتي الاستغلال الحوثي لأهم قطاع حيوي يمني في وقت شكا فيه سكان في صنعاء ومدن أخرى، لـ«الشرق الأوسط»، من استمرار تردي خدمة الاتصالات والإنترنت، لافتين إلى أن ذلك التدني في الخدمة تصاعد أكثر خلال الأيام والأسابيع القليلة المنصرمة.

ويُعد قطاع الاتصالات في اليمن واحداً من أبرز القطاعات الحيوية التي تستغلها الجماعة الحوثية منذ بداية الحرب، لتمويل عملياتها العسكرية واستهداف اليمنيين في مختلف المناطق.

وشكا مشتركون في خدمات الهاتف المحمول بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» من استمرار تلقيهم عبر هواتفهم سلسلة من الرسائل النصية يصفونها بـ«الابتزازية»، حيث تطلب منهم تقديم الدعم للمجهود الحربي، وتمويل إحياء المناسبات، وأخرى تحضّهم على تقديم الدعم تحت عناوين مختلفة.

وبينما يتحدث المشتركون في الخدمة عن تكرار تعرض باقاتهم للاحتيال، يشكون من تدهور الخدمات وضعف الشبكة في شركات الهاتف المحمول، بما فيها شركة «يمن موبايل»، التي تخضع لقبضة الجماعة.

رسائل ابتزاز

يؤكد عادل، وهو من سكان صنعاء ويعمل بالأجر اليومي، أن هاتفه أصبح يعج بمئات الرسائل النصية التي تبعثها شركات الاتصالات الخاضعة للحوثيين، ويشير إلى أن آخر الرسائل التي وصلت هاتفه تطلب منه تقديم الدعم لمصلحة ما تسميه الجماعة «قوات الدفاع الساحلي» عبر إرسال رسالة من هاتفه بمبلغ 100 إلى رقم مخصص من قبل الشركة.

ويوضح أن الرسائل الأخرى تدعو إما إلى التبرع للمجهود الحربي ودعم حملات تزعم الجماعة أنها تأتي لنصرة القضية الفلسطينية، وإما للاشتراك عبر رسائل بتحميل مجموعة نغمات وأهازيج حوثية مدفوعة القيمة.

يحشد الحوثيون أتباعهم لتكريس أفكارهم فيما يعيش ملايين اليمنيين على المساعدات (رويترز)

وتعد شركة «يمن موبايل» من أكبر الشركات في اليمن من حيث الدخل، حيث يقدر دخلها اليومي بما يقارب مليوني دولار، خاصة بعد أن تجاوز مشتركوها 12 مليون مشترك.

وتحول قطاع الاتصالات بشكل عام، وشركات الهاتف النقال والجهات التابعة لها على وجه الخصوص، طيلة السنوات المنصرمة من عمر الصراع، إلى موارد مالية رئيسية لتمويل حرب الجماعة ضد اليمنيين.

وتقدر تقارير اقتصادية أن حجم الثروة التي جمعتها الجماعة الحوثية من موارد القطاع، بما فيها الاتصالات، منذ الانقلاب حتى أغسطس (آب) 2021، بلغت نحو 14 مليار دولار، منها ما يستثمر في الخارج، وأخرى أصول عقارية، وشركات تجارية حلّت محل القطاع الخاص التقليدي.

ويأتي استمرار إرسال الجماعة الحوثية للرسائل النصية (SMS) لحضّ السكان على تقديم الدعم تحت مسميات عدة، بالتوازي مع مواصلة تجاهلها المتعمد للمعاناة التي يجابهها ملايين اليمنيين جراء استمرار انقطاع المرتبات وغياب الخدمات وغلاء الأسعار وانحسار فرص العمل وتوالي مزيد من الأزمات.

وفي أحدث بياناتها، حذّرت اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» من أن أكثر من 5 ملايين يمني على شفا المجاعة، مع تفاقم الأوضاع الإنسانية في البلد المدمر بفعل الحرب المستمرة منذ نحو 9 سنوات. مؤكدة أن الصراع والتدهور الاقتصادي ترك الأسر اليمنية تكافح من أجل العثور على ما يكفي من الغذاء لقضاء يومها.


مقالات ذات صلة

الحوثيون ينشئون آلية للجبايات تحت مزاعم دعم القضاء

العالم العربي الجماعة الحوثية تعتزم فرض ضرائب دخل على مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)

الحوثيون ينشئون آلية للجبايات تحت مزاعم دعم القضاء

يتجه الحوثيون إلى توسيع دائرة مواردهم من خلال ابتكار آليات ووسائل جديدة للجبايات بالتزامن مع مساعيهم إلى إعادة هيكلة المؤسسات الحكومية في مناطق سيطرتهم.

وضاح الجليل (عدن)
يوميات الشرق وزير الإعلام اليمني وعدد من سفراء الدول العربية والأجنبية لدى اليمن خلال انطلاق «ليالٍ يمنية» في الرياض (متداولة)

أنغام الطرب اليمني الأصيل تُعانق رقصات الفلكلور في قلب الرياض

على إيقاع الطرب اليمني الأصيل، وتناغم رقصات الفلكلور التراثي العريق، انطلقت مساء الأحد في قلب العاصمة السعودية الرياض، فعاليات «ليالٍ يمنية» التي تستمر 3 أيام.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي اليمنيون يشتكون من بطء الإنترنت رغم مزاعم تدشين خدمة الجيل الرابع (إكس)

إرغام محال الإنترنت بصنعاء على المشاركة في التعبئة الحوثية

شنَّت الجماعة الحوثية في الأيام الأخيرة حملات ضد مُلاك مَحال وشبكات الإنترنت في العاصمة المختطفة صنعاء، بغية ابتزازهم وإجبارهم على الترويج لأفكار الجماعة.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي من اجتماع سابق لمجلس القيادة الرئاسي اليمني (سبأ)

«الرئاسي اليمني» يلتزم بدعم إصلاح الاقتصاد ومعركة استعادة الدولة

جدد مجلس القيادة الرئاسي اليمني التزامه بدعم مسار الإصلاحات الاقتصادية، والتركيز على القضية المصيرية المتمثلة في معركة استعادة الدولة وإنهاء انقلاب الحوثيين

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي حضور فاعل لمركز الملك سلمان في كل الجوانب الإنسانية داخل اليمن (الأمم المتحدة)

185 ألف يمني يستفيدون من مشروع يموله مركز الملك سلمان

أطلقت المنظمة الدولية للهجرة، بالشراكة مع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، مشروعاً حيوياً بقيمة 2.25 مليون دولار لتحسين خدمات الصرف الصحي في مأرب.

محمد ناصر (تعز)

إرغام محال الإنترنت بصنعاء على المشاركة في التعبئة الحوثية

اليمنيون يشتكون من بطء الإنترنت رغم مزاعم تدشين خدمة الجيل الرابع (إكس)
اليمنيون يشتكون من بطء الإنترنت رغم مزاعم تدشين خدمة الجيل الرابع (إكس)
TT

إرغام محال الإنترنت بصنعاء على المشاركة في التعبئة الحوثية

اليمنيون يشتكون من بطء الإنترنت رغم مزاعم تدشين خدمة الجيل الرابع (إكس)
اليمنيون يشتكون من بطء الإنترنت رغم مزاعم تدشين خدمة الجيل الرابع (إكس)

شنَّت الجماعة الحوثية أخيراً حملات ضد مُلاك مَحال وشبكات الإنترنت في العاصمة المختطفة صنعاء، بغية ابتزازهم مالياً، وإجبارهم على الترويج لأفكار الجماعة، والمساهمة في التعبئة العسكرية.

وأكدت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الحملة التي تنفِّذها عناصر تابعة لما تُسمَّى دائرة «التعبئة والتحشيد» الحوثية، ومكتب الاتصالات الخاضع للجماعة، أغلقت محال الإنترنت في مديريتي الوحدة ومعين، بذريعة مخالفة التعليمات ونشر محتوى برامج وتطبيقات علمية ورياضية وترفيهية، مخالفة لما تسميه الجماعة «الهوية الإيمانية».

مقر شركة «تيليمن» المزودة الرئيسية لخدمة الاتصالات الخاضع للحوثيين في اليمن (إكس)

واشترطت الجماعة الحوثية لإعادة فتح المحال، أن يقوم مُلاكها بدفع غرامات تأديبية، وتقديم محتوى يركز على نشر «الملازم الخمينية» وخطب زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.

واشتكى مُلاك محال إنترنت في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات ابتزاز تستهدفهم ومصادر عيشهم على أيدي مشرفين ومسلحين، يجبرونهم على نشر محتوى أُحادي يُحرِّض الشبان والمراهقين من مرتادي محال الإنترنت على الانضمام للجبهات.

ووفقاً لبعض السكان، فإن مسلحي الجماعة لم يتركوا المجال لأي مالك محل وشبكة إنترنت دون أن يستهدفوه، إما بالابتزاز والإغلاق، وإما بالإرغام على المشاركة في الترويج لأفكار الجماعة ذات المنحى الطائفي، وبث الأهازيج الحماسية بغية حشد المقاتلين.

وتتحكم الجماعة الانقلابية في اليمن بخدمة الإنترنت من خلال سيطرتها على شركة «تيليمن» المزودة الوحيدة للخدمة، وتحصل جميع شركات الهاتف الجوال -خصوصاً بمناطق سيطرتها- على الخدمة من الشركة.

استغلال عسكري

ويأتي التعسف الحوثي ضد محال الإنترنت متوازياً مع تقرير حديث صادر عن فريق خبراء الأمم المتحدة، اتهم الجماعة باستغلال إيرادات قطاع الاتصالات في الجانب العسكري، وشراء معدات الاتصال ذات الاستخدام المزدوج.

وأوضح التقرير أن جماعة الحوثي استغلت وسائل التواصل في حربها ضد اليمنيين، واستخدموا وجنَّدوا كثيراً من المشاهير في الشبكات الاجتماعية، للحديث باسم الجماعة، وتمرير أي رسائل وأجندة.

الجماعة الحوثية تستغل الاتصالات للتجسس على السكان (إعلام حوثي)

ويتزامن ذلك مع تصاعد شكاوى سكان في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرة الحوثيين، من استمرار تردي خدمة الإنترنت بصورة غير مسبوقة، لافتين إلى أن ذلك البطء تصاعد أكثر خلال الأيام القليلة الماضية.

ولفت السكان إلى وجود مساعٍ حوثية لعزلهم عن العالم، عبر التدابير المتعاقبة التي تقوم بها الجماعة، والمتصلة بخدمة الإنترنت، سواءً من حيث إضعاف الخدمة إلى درجة كبيرة، أو رفع أسعارها بصورة متكررة.

ولا يُعد هذا الاستهداف الأول لملاك محال وشبكات الإنترنت، فقد سبق للجماعة أن استهدفت أكثر من 50 ألف شبكة إنترنت محلية في مناطق سيطرتها.