الحوثيون يهاجمون سفينة شحن يونانية... والعليمي يشدد على إسقاط انقلابهم

تحولت الضربات الغربية لتأمين الملاحة إلى روتين شبه يومي

رئيس مجلس القيادة اليمني الرئاسي رشاد العليمي يجتمع في عدن مع الحكومة 12 فبراير (سبأ)
رئيس مجلس القيادة اليمني الرئاسي رشاد العليمي يجتمع في عدن مع الحكومة 12 فبراير (سبأ)
TT

الحوثيون يهاجمون سفينة شحن يونانية... والعليمي يشدد على إسقاط انقلابهم

رئيس مجلس القيادة اليمني الرئاسي رشاد العليمي يجتمع في عدن مع الحكومة 12 فبراير (سبأ)
رئيس مجلس القيادة اليمني الرئاسي رشاد العليمي يجتمع في عدن مع الحكومة 12 فبراير (سبأ)

شدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، يوم الاثنين، على الحكومة من أجل صنع الفارق، واضعاً لها أهم موجهات العمل، عقب تعيين رئيس جديد لها، وفي صدارة ذلك إسقاط الانقلاب الحوثي، ومعالجة ملفات الاقتصاد والخدمات، وتعزيز الشراكة السياسية وضبط الأمن ومكافحة الفساد.

جاء ذلك في وقت تبنّت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجوماً جديداً على سفينة شحن يونانية جنوب البحر الأحمر، مما أصابها بأضرار، وفق ما أفادت به تقارير بريطانية بحرية، فيما زعمت الجماعة أنها سفينة أميركية.

ومع دخول الشهر الثاني منذ بدء الضربات الأميركية والبريطانية ضد مواقع الجماعة الحوثية للحد من قدراتها على شن الهجمات البحرية بالصواريخ والمُسيّرات والقوارب المفخخة، تحولت هذه الضربات إلى روتين شبه يومي، غير أنها لم تَحُلْ دون استمرار قدرة الجماعة على تهديد السفن.

وتبنى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع، في بيان، استهداف السفينة «ستار أريس» بصواريخ مناسبة أصابتها إصابة مباشرة، زاعماً أنها سفينة أميركية، مع تأكيده استمرار الهجمات التي قال إنها تأتي في سياق مساندة الفلسطينيين في غزة.

يهدد الحوثيون بمزيد من الهجمات البحرية رغم الضربات الأميركية والبريطانية (إ.ب.أ)

استهداف بصاروخين

وذكرت هيئة العمليات البحرية البريطانية أن سفينةً أبلغت عن استهدافها بصاروخين على بُعد 40 ميلاً بحرياً قبالة السواحل اليمنية، إلى جنوب المخا، وأن القبطان أبلغ أن سفينته هُوجمت بصاروخين وتعرضت لأضرار طفيفة، وأن طاقمها بخير.

من جهتها، أفادت وكالة «أمبري» البريطانية للأمن البحري بأن ناقلة بضائع مملوكة لليونان، وترفع عَلَم جزر مارشال «استُهدفت بصواريخ في حادثتين منفصلتين»، في غضون 20 دقيقة، و«ورد أنها أُصيبت وتعرضت لأضرار مادية على الجانب الأيمن»، لافتةً إلى أن السفينة كان على متنها فريق أمني مسلَّح خاص.

كانت أحدث ضربات وجّهتها واشنطن ضد الحوثيين، في 10 فبراير (شباط) بين الساعة 4 و5 مساءً بتوقيت صنعاء، حيث نفّذت قوات القيادة المركزية الأميركية ضربات دفاع عن النفس ضد قاربين مُسيّرين مفخَّخَين وثلاثة صواريخ كروز متنقلة مضادة للسفن شمال الحديدة اليمنية، إذ كانت مستعدة للانطلاق ضد السفن في البحر الأحمر.

وحسب البيان الأميركي، حددت القوات هذه الزوارق والصواريخ في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن، وقررت أنها تمثل تهديداً وشيكاً لسفن البحرية الأميركية والسفن التجارية في المنطقة. وقالت إن هذه الإجراءات ستحمي حرية الملاحة وتجعل المياه الدولية أكثر أماناً.

وشن الحوثيون منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني)، الماضي نحو 43 هجوماً ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وأدت الهجمات إلى تضرر 6 سفن على الأقل، واختطاف السفينة «غالاكسي ليدر» واحتجاز طاقمها. فيما بلغت الضربات الأميركية نحو 15 ضربة شملت عشرات الغارات والقصف البحري، وشاركتها بريطانيا في ثلاث مناسبات، إضافةً إلى عشرات عمليات التصدي للصواريخ والطائرات المُسيّرة.

سفينة حاويات تَعبر من جنوب البحر الأحمر حيث تتصاعد هجمات الحوثيين (إ.ب.أ)

تحالف «حارس الازدهار»

وردّت واشنطن بتشكيل تحالف دولي أطلقت عليه «حارس الازدهار» لحماية الملاحة في البحر الأحمر، قبل أن تشن ابتداءً من 12 يناير (كانون الثاني) الماضي ضربات على الأرض ضد أهداف حوثية، في مناطق متفرقة، وهي الضربات التي شاركت لندن في ثلاث موجات منها.

واعترف الحوثيون بمقتل 22 عنصراً في هذه الضربات إلى جانب 10 قُتلوا في 31 ديسمبر (كانون الأول) في البحر الأحمر بعد تدمير البحرية الأميركية زوارقهم رداً على محاولتهم قرصنة إحدى السفن.

وتطغى مخاوف من تأثير هذا التصعيد في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة في اليمن، بعد نحو عقد من الصراع وسيطرة الحوثيين على مناطق شمال اليمن، فيما تكافح الحكومة الشرعية من أجل تحسين الخدمات والاقتصاد ودفع الرواتب في المناطق المحررة.

ويشكك مراقبون يمنيون في جدوى هذه الضربات ضد الحوثيين الذين يقولون إنهم يهدفون إلى منع ملاحة السفن المتجهة من وإلى إسرائيل دعماً لغزة، قبل أن يضيفوا إليها السفن الأميركية والبريطانية.

ويقول مجلس الحكم اليمني الذي يقوده رشاد العليمي، إن الحل الأنجع هو من خلال دعم القوات الحكومية لاستعادة المؤسسات وبسط سيطرتها على الأرض بما في ذلك الحديدة وموانئها التي يستغلها الحوثيون لشن الهجمات البحرية وتهريب الأسلحة الإيرانية.

شدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني على أولوية إسقاط انقلاب الحوثيين (سبأ)

موجهات رئاسية

غداة إعلان السعودية تحويل ربع مليار دولار إلى حساب البنك المركزي اليمني في عدن، وبعد أسبوع من تعيين أحمد عوض بن مبارك رئيساً للحكومة اليمنية خلفاً لمعين عبد الملك، وضع رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي الموجّهات الرئيسية لعمل الحكومة في المرحلة المقبلة.

وذكر الإعلام الرسمي أن العليمي رأس اجتماعاً للحكومة في قصر معاشيق في مدينة عدن، الاثنين، وأكد التزام المجلس دعم الحكومة وتمكينها من ممارسة كامل صلاحياتها بموجب الدستور والقانون.

وقال العليمي: «إن استعادة مؤسسات الدولة وإسقاط انقلاب الميليشيات الحوثية الإرهابية، وصناعة الفارق، وبناء النموذج في المحافظات المحرَّرة، ستظل في صدارة أولويات العمل الرئاسي والحكومي».

وشدد رئيس مجلس الحكم اليمني على وحدة الصف، وحماية التوافق الوطني العريض بين المكونات كافة على هدف استعادة مؤسسات الدولة وإسقاط الانقلاب بوصفها أولوية قصوى.

ورغم التحديات والصعوبات التي تواجه الحكومة اليمنية، خصوصاً مع استمرار وقف تصدير النفط بسبب الهجمات الحوثية، أعرب العليمي عن ثقته في التغلب على تلك التحديات مع العمل معاً بروح الفريق الواحد، وبدعم من تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية والإمارات.

وشدد رئيس مجلس الحكم اليمني تأكيد أن «السلام المنشود هو السلام المشرّف والعادل بموجب المرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً، خصوصاً القرار 2216».

وأضاف أن مهمة الحكومة هي «الاضطلاع بمسؤولياتها لتعزيز ثقة المواطنين والمجتمع الإقليمي والدولي بالمؤسسات العامة، من خلال بناء النموذج المنشود في المحافظات المحررة واعتماد مبادئ الشفافية، والمساءلة وبرامج الحوكمة الشاملة، ودعم السلطة القضائية لممارسة ولايتها الدستورية والقانونية في إقامة العدل وإنفاذ سيادة القانون وتعزيز هيبة الدولة».

يواجه رئيس الحكومة الجديد في اليمن تحديات متشابكة على صعيد الاقتصاد والعملة والخدمات والسلام مع الحوثيين (سبأ)

وأكد أن المدخل لتحقيق تقدم في برنامج استعادة الثقة بالمؤسسات، يبدأ بإقامة العدل والنهوض بالعمل الأمني، بوصفه ضامناً لاستقرار المؤسسات جميعها في العمل من الداخل، وتأمين الأنشطة الميدانية للوزراء، كما سيبقى هو المؤشر الحقيقي لنجاح الحكومة.

وقال: «سيكون على الحكومة إعداد وإقرار موازنة عامة للدولة بموجب الإجراءات الدستورية والقانونية»، مشدداً على العمل من المقرات الرسمية، وعدم سفر المسؤول الأول في المؤسسة إلا في حالات الضرورة القصوى، وتجنب أي تضارب للمصالح، واعتماد الريال اليمني في جميع التعاملات الداخلية».

قلق أممي من التصعيد

التطورات اليمنية، تزامنت مع زيارة للمبعوث الأممي هانس غروندبرغ، شملت عدن والمخا وتعز، إذ أفاد الإعلام الرسمي اليمني بأنه، خلال لقائه، الاثنين، السلطة المحلية في تعز، أعرب عن قلقه من عملية التصعيد في البحر الأحمر.

وطبقاً لوكالة «سبأ» الرسمية، أكد المبعوث الأممي «استمرار العمل لضمان عدم العودة للعمل العسكري والتركيز على خفض التصعيد في البحر الأحمر والعمل على تجاوز كل التحديات للوصول إلى خريطة طريق تتضمن الاستعداد للانخراط في عملية سياسية وصولاً إلى تحقيق السلام الشامل».

يخشى غروندبرغ من آثار التصعيد في البحر الأحمر على السلام اليمني الذي يقوده (أ.ف.ب)

كان غروندبرغ قد التقى رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي، ورئيس الحكومة في عدن، قبل أن يتوجه إلى المخا، الأحد، للقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح.

وذكر الإعلام الرسمي أن غروندبرغ قدم لعضو مجلس القيادة طارق صالح، إحاطة عن طبيعة جولته الأخيرة في المنطقة وما نتج عنها، بناءً على نتائج جهود السعودية وسلطنة عُمان، للشروع في عملية سياسية جامعة تحت رعاية الأمم المتحدة.

وشدد عضو مجلس القيادة اليمني على «ضرورة أن تلعبَ الأمم المتحدة دوراً فاعلاً وحاسماً في مواجهة الانتهاكات الإنسانية الجسيمة التي ترتكبُها ميليشيا الحوثي، وفي مقدمها رفعُ الحصار الظالم عن مدينة تعز، والسماحُ بدخول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين وإتاحة حرية تنقلات السكان دون أي ابتزاز أو عراقيل».

ونسبت وكالة «سبأ» إلى المبعوث الأممي أنه، أعرب عن قلقه من تداعياتِ التصعيد في البحر الأحمر، مؤكداً أنّ ذلك لا يخدمُ اليمن، كما أكد استمرارَ الأمم المتحدة في بذل كلِّ الجهود الممكنة لتحقيق السلامِ بالتشاور مع جميع الأطرافِ والحفاظ على ما تحققَ في طريق خريطة الطريق حتى اللحظة.

يشار إلى أن المبعوث كان قد استهل جولته الأخيرة من طهران، ثم الرياض وأبوظبي، قبل أن يصل إلى عدن والمخا ثم تعز، حيث يُحضر لإحاطته الجديدة أمام مجلس الأمن بخصوص تطورات مساعيه لرسم خريطة للسلام اليمني.


مقالات ذات صلة

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.