بن مبارك في مواجهة مع تردي الخدمات وتهاوي العملة اليمنية

رجال أعمال وضعوا مقترحات لحل الأزمة الاقتصادية

يهدد تصعيد الحوثيين العسكري بنسف التهدئة وإلقاء أعباء إضافية على الحكومة اليمنية (رويترز)
يهدد تصعيد الحوثيين العسكري بنسف التهدئة وإلقاء أعباء إضافية على الحكومة اليمنية (رويترز)
TT
20

بن مبارك في مواجهة مع تردي الخدمات وتهاوي العملة اليمنية

يهدد تصعيد الحوثيين العسكري بنسف التهدئة وإلقاء أعباء إضافية على الحكومة اليمنية (رويترز)
يهدد تصعيد الحوثيين العسكري بنسف التهدئة وإلقاء أعباء إضافية على الحكومة اليمنية (رويترز)

يواجه رئيس مجلس الوزراء اليمنى الجديد، أحمد عوض بن مبارك، المقبل من دهاليز الدبلوماسية مطلبَين ملحَّين لأغلبية سكان مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً، وتحديداً معالجة تدهور خدمات الكهرباء والمياه، وانهيار سعر العملة الوطنية مقابل الدولار، وانعكاس ذلك على أسعار السلع.

وخلافاً للوضع الذي تولى فيه سلفه، معين عبد الملك، إدارة الحكومة طوال السنوات الماضية، فإن تعيين بن مبارك جاء في ظل صعوبات مالية تأخر معها صرف رواتب الموظفين عن شهري ديسمبر (كانون الأول) ويناير (كانون الثاني) الماضيين حتى الآن.

يأمل اليمنيون أن ينجح رئيس الحكومة الجديد في معالجة ملف الخدمات والعملة (أ.ف.ب)
يأمل اليمنيون أن ينجح رئيس الحكومة الجديد في معالجة ملف الخدمات والعملة (أ.ف.ب)

كما يبرز تردي خدمة الكهرباء بصورة غير مسبوقة، خصوصاً في العاصمة المؤقتة عدن ومحافظتي لحج وأبين، حيث بلغت ساعات الإطفاء 18 ساعة في اليوم الواحد، كما تردَّت خدمات المياه بشكل غير مسبوق، وقارب سعر الدولار السقف الذي بلغه في نهاية عام 2021، وهو 1600 ريال يمني لكل دولار.

وإلى جانب أن بن مبارك معني بإدارة التناقضات السياسية للأطراف التي تتشكل منها الحكومة، فإنه يواجه تحديات مرتبطة بتعطيل الحوثيين جهود السلام والذهاب نحو التصعيد في البحر الأحمر وخليج عدن، وتأثير ذلك على واردات البلاد وأسعار السلع، واستمرار وقف تصدير النفط نتيجة استهدافهم لموانئ تصديره.

وضع معقد

يرى الباحث اليمني مصطفى ناجي أن تعيين بن مبارك سينقذ تعطيل الحكومة بسبب خلافات بينية امتدت لشهور وانقسام في مجلس الرئاسة وصل إلى حد الهجوم على قصر الرئاسة ومقر إقامة الحكومة في عدن مرات عديدة، ‏لكنه نبَّه إلى أن الظرف الاقتصادي والسياسي يقضم من فرحة الفرحين، لأن العملة المحلية في أدنى انخفاض لها مقابل العملات الخارجية، وموارد الحكومة متناقصة، وبوادر السلام متعثرة، ونذر حرب تلوح بالأفق.

صعوبات اقتصادية تضاعف من التحديات التي يواجهها رئيس الحكومة اليمنية الجديد (أ.ف.ب)
صعوبات اقتصادية تضاعف من التحديات التي يواجهها رئيس الحكومة اليمنية الجديد (أ.ف.ب)

ووفق هذه الرؤية، فإن الحكومة ستواجه وضعاً معقداً، والمواطنون ينتظرون إنقاذاً صادقاً، لأن التجديد يقتضي الجديد، وبيَّن ناجي أن معين عبد الملك قاد الحكومة في مناخ مضطرب كشف عن قصور في وعي الشراكة في المسؤولية، وعن توغل الخطاب المناطقي والتنابز والأكاذيب في أوساط العامة والخاصة. ‏

وبحسب الباحث اليمني المقيم في فرنسا، فإن الهم الأساسي لدى المواطن عودة الخدمات وتوطيد الأمن، والهم الرئيسي في الإدارة العامة توفير الموارد.

وقال إن السنوات الماضية بيَّنت أن تقلبات مزاج الشركاء في إطار الشرعية لا تفعل شيئاً سوى سوء صورة الشركاء جميعاً، وتردي الخدمات وفقدان المصداقية. ‏ومع ذلك أكد ناجي أن الحكومة بصيغتها الراهنة لن تستطيع المضي قدماً دون تفعيل أدوات الرقابة، ودون رعاية من «مجلس القيادة». ‏

بدوره، طالَب عضو مجلس النواب اليمني عيدروس النقيب رئيس الوزراء الجديد بالإعلان عن خطته للتعامل مع الفساد والموارد الاقتصادية، وتساءل عما إذا كان ينوي السؤال عن عائدات نفط وغاز مأرب، وماذا سيفعل من أجل إعادة تشغيل ميناءَي الضبة والنشيمة لتصدير النفط وتحسين مستوى الإيرادات.

مقترحات للحل

بالتزامن مع تعيين رئيس جديد للحكومة اليمنية، كان رجال المال والأعمال يجتمعون في عدن لمناقشة انهيار العملة الوطنية، حيث أكد أبوبكر باعبيد رئيس الغرفة التجارية في عدن أن الشعب يعاني منذ 8 سنوات من ويلات الحرب وتحديات اقتصادية كبيرة؛ الأمر الذي أدى إلى انهيار العملة وارتفاع الأسعار بشكل جنوني، وتأخُّر في صرف الرواتب، مع دفع الجبايات للجهات غير الحكومية.

لم تتمكَّن الحكومات اليمنية المتعاقبة من معالجة أزمة الكهرباء في عدن (إعلام حكومي)
لم تتمكَّن الحكومات اليمنية المتعاقبة من معالجة أزمة الكهرباء في عدن (إعلام حكومي)

وتمنى باعبيد التجاوب مع مخرجات اللقاء، لأن ذلك من شأنه انتشال الأوضاع الاقتصادية وتخفيف الأعباء المعيشية عن المواطنين، في حين أوضح نائب الرئيس التنفيذي لـ«بنك التسليف التعاوني والزراعي» لقطاع العمليات المساندة، شكيب عليوة، أن المشكلة الحقيقية في البلاد المعاناة من وجود الاختلالات السياسية والاقتصادية، مشيراً إلى أن التلاعب بأسعار العملات والمضاربة في السوق أدَّيا لانفلات وانهيار العملة.

ودافع عليوة عن «البنك المركزي» وقال إنه لا يستطع أن يقوم بمسؤوليته إلا إذا توافرت لديه موارد كبيرة من العملات الأجنبية تمكِّنه من التدخل في السوق وتحديد أسعار الصرف، وطالب بتقليص الإنفاق الحكومي، وتحصيل الإيرادات العامة للدولة بشكل منظم، وتوريدها إلى حساب «البنك المركزي» بالعملة المحلية والعملات الأجنبية.

وأصدر المجتمعون بياناً طالب بإيجاد معالجة سريعة لانهيار قيمة الريال، والعمل بجدية مع دول التحالف الداعم للشرعية من أجل إيجاد حلول للقضايا الاقتصادية والمالية المستعصية، وإنجاز تسوية في هيكل الأجور، وتشكيل هيئة مشاركة من الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني والسلطة المحلية لمتابعة خطة الطوارئ لإنقاذ الوضع.

كما طالب المجتمعون الحكومة بالسعي للحصول على المساعدات من الجهات المانحة والتحالف لوضع الوديعة التأمينية (50 مليون دولار) لتنشيط الشحن إلى الموانئ اليمنية، داعين إلى إنقاذ الموقف الصعب والحرج الذي تمر به البلاد نتيجة التراكمات والتحديات التي تواصل الفتك بالمواطن.

50 مليون دولار من شأنها أن تخفض تكاليف شحن البضائع إلى ميناء عدن (إعلام محلي)
50 مليون دولار من شأنها أن تخفض تكاليف شحن البضائع إلى ميناء عدن (إعلام محلي)

هذه التحديات جاءت في وقت أكدت فيه وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام، روزماري دي كارلو، على أن استمرار هجمات الحوثيين على طرق الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن يهدد بتفاقم الصراع، ويضاعف من حدة التأثيرات على التجارة الدولية بشكل أكبر، حيث تقوم الشركات بتحويل السفن بعيداً عن الطرق البحرية الحيوية.

وكرَّرت دعوة الأمين العام للأمم المتحدة لجميع الأطراف إلى «التراجع عن حافة الهاوية والأخذ بعين الاعتبار التكلفة البشرية والاقتصادية التي لا تُحتمَل لصراع إقليمي محتمل».

وحذرت المسؤولة الأممية من خطر التصعيد في الشرق الأوسط، وعواقبه المحتملة، وقالت إن المنطقة لا تزال «مضطربة إلى حد كبير، والتوترات التي اجتاحت العديد من بلدانها لا تزال تتصاعد».


مقالات ذات صلة

الحوثيون: 4 قتلى في غارات أميركية على الحديدة في غرب اليمن

العالم العربي بدأت الولايات المتحدة الشهر الماضي عملية عسكرية موسعة ضد الحوثيين (إ.ب.أ)

الحوثيون: 4 قتلى في غارات أميركية على الحديدة في غرب اليمن

أعلن المتمردون الحوثيون في اليمن مقتل أربعة أشخاص وإصابة 13 آخرين في غارات نُسبت إلى الولايات المتحدة على محافظة الحديدة الساحلية في غرب البلاد.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مقاتلة أميركية تنطلق من على متن حاملة طائرات لضرب الحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)

خطوط التماس الحوثية في مأرب تحت القصف الأميركي

ركَّزت الضربات الأميركية ليل الاثنين وفجر الثلاثاء، على خطوط تماس الحوثيين مع القوات الحكومية في جبهات محافظة مأرب وامتدت إلى محيط صنعاء وجزيرة كمران.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي 
جانب من تجمع مهمَّشين يعملون في صندوق النظافة بمحافظة إب (فيسبوك)

انقلابيو اليمن يدفعون بعشرات «المهمَّشين» إلى جبهات مأرب

دفع الانقلابيون الحوثيون في الأيام الأخيرة بعشرات من المهمَّشين من ذوي البشرة السوداء من محافظة إب، باتجاه عدة جبهات قتالية في محافظة مأرب.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مسلح يتحدث على هاتفه الجوال أثناء فحصه حطام سيارة في موقع بصنعاء ضربته غارة أميركية (رويترز)

ضربات أميركية على مواقع حوثية في صنعاء وصعدة وحجة

استهدفت غارات أميركية جديدة ثلاث محافظات يمنية خاضعة لسيطرة الحوثيين، ليل الأحد - الاثنين، استمراراً للحملة التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

صعدة تتصدّر محافظات اليمن في العنف ضد المدنيين

سجلت محافظة صعدة الخاضعة للحوثيين أعلى عدد من الضحايا في أوساط المدنيين رغم انخفاض الخسائر بجميع أنحاء البلاد بأول شهرين من السنة الحالية

محمد ناصر (تعز)

رئيس المخابرات المصرية يبحث مع البرهان سبل استعادة الاستقرار للسودان

رئيس مجلس السيادة السوداني يستقبل رئيس المخابرات المصرية (مجلس السيادة السوداني)
رئيس مجلس السيادة السوداني يستقبل رئيس المخابرات المصرية (مجلس السيادة السوداني)
TT
20

رئيس المخابرات المصرية يبحث مع البرهان سبل استعادة الاستقرار للسودان

رئيس مجلس السيادة السوداني يستقبل رئيس المخابرات المصرية (مجلس السيادة السوداني)
رئيس مجلس السيادة السوداني يستقبل رئيس المخابرات المصرية (مجلس السيادة السوداني)

بحث اللواء حسن رشاد رئيس المخابرات العامة المصرية، الثلاثاء، مع رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، «سبل استعادة الاستقرار والعمل المشترك لإنهاء الحرب بما يحفظ سلامة ووحدة السودان».

وذكرت «وكالة أنباء الشرق الأوسط» (أ.ش.أ)، أن الجانبين بحثا أيضاً خلال اللقاء الذي عقد في مدينة بورتسودان، سبل تعزيز العلاقات الثنائية وتطوير التعاون المشترك في المجالات كافة.

وأشاد رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، بـ«دور القاهرة، في مساندة بلاده»، مشيراً خلال استقباله رئيس المخابرات المصرية، إلى «أهمية تنمية علاقات البلدين، بما يخدم مصالحهما المشتركة».

ونقل رئيس المخابرات المصرية رسالة شفوية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إلى البرهان، وحسب إفادة لمجلس السيادة السوداني، فإن الرسالة «تتعلق بالعلاقات الثنائية، وسبل دعمها وتطويرها وترقية التعاون المشترك بين البلدين في المجالات كافة».

ويشهد السودان، حرباً داخلية منذ نحو عامين، بعد اندلاع مواجهات مسلحة بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، منتصف أبريل (نيسان) 2023، أدت إلى نزوح نحو 13 مليون سوداني داخل وخارج البلاد، حسب تقديرات أممية، بينهم نحو مليون و200 ألف إلى مصر، وفق إحصائيات رسمية.

مباحثات موسعة بين وفد المخابرات المصرية ومجلس السيادة السوداني (مجلس السيادة السوداني)
مباحثات موسعة بين وفد المخابرات المصرية ومجلس السيادة السوداني (مجلس السيادة السوداني)

وحسب بيان مجلس السيادة السوداني، أشاد البرهان، بـ«دور مصر الرائد في دعم ومساندة بلاده، في إطار العلاقات الثنائية والتاريخية والأخوية التي تجمع البلدين»، وأكد «أهمية تعزيز وتنمية العلاقات بين البلدين، بما يخدم المصالح المشتركة».

ومنذ اندلاع الحرب السودانية، تشدد القاهرة على ضرورة «الحفاظ على وحدة واستقرار السودان»، وسعت إلى وضع حد للنزاع المسلح، والتأسيس لخريطة طريق انتقالية، بمشاركة جميع الأطراف السودانية، من خلال استضافتها مؤتمري «قمة دول جوار السودان»، في يوليو (تموز) 2023، ثم «مؤتمر القوى السياسية السودانية»، في يوليو من العام الماضي.

ويستكمل لقاء رئيس المخابرات المصرية، مع رئيس مجلس السيادة السوداني، «مراحل التنسيق المستمر بين القاهرة والخرطوم، للحفاظ على استقرار السودان»، وفق تقدير مدير وحدة العلاقات الدولية بالمركز السوداني للفكر والدراسات الاستراتيجية، مكي المغربي، الذي أشار إلى أن «التقارب المصري مع المؤسسات الوطنية في السودان، ساهم بشكل كبير في حلحلة الأزمة».

وحقق الجيش السوداني، تقدماً ميدانياً، باستعادته عدداً من المدن الرئيسية، كانت تسيطر عليها «الدعم السريع»، أبرزها العاصمة الخرطوم، و«ود مدني»، عاصمة ولاية الجزيرة (جنوب الخرطوم).

ويعتقد المغربي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «تطورات الحرب في الساحة السودانية، تفرض الحوار والتنسيق بين القاهرة والخرطوم».