اليمن: عودة التوتر إلى مأرب على خلفية زيادة أسعار الوقود

تحذيرات قبلية من استهداف المنشآت النفطية ووعيد حكومي

لعبت القبائل في مأرب دوراً محورياً في المواجهة مع الحوثيين (إعلام محلي)
لعبت القبائل في مأرب دوراً محورياً في المواجهة مع الحوثيين (إعلام محلي)
TT

اليمن: عودة التوتر إلى مأرب على خلفية زيادة أسعار الوقود

لعبت القبائل في مأرب دوراً محورياً في المواجهة مع الحوثيين (إعلام محلي)
لعبت القبائل في مأرب دوراً محورياً في المواجهة مع الحوثيين (إعلام محلي)

عاد التوتر إلى محافظة مأرب اليمنية، على خلفية الإصلاحات السعرية التي اتخذتها شركة النفط، ورفض مسلحين قبليِّين للقرار، وغلقهم الطريق أمام ناقلات الوقود، والتلويح بمهاجمة المنشآت النفطية لإرغام الشركة على التراجع عن قرارها.

جاء ذلك وسط تحذيرات قبليَّة من مهاجمة المنشآت النفطية، ووعيد أمني حكومي بالتصدي لكل أعمال التخريب، في المحافظة النفطية التي يتطلع الحوثيون الموالون لإيران للسيطرة عليها.

عاد مسلحو القبائل في مأرب اليمنية لإغلاق الطرق وتهديد منشآت النفط (إعلام محلي)

وذكرت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» أنه عقب انتهاء الفترة الاستثنائية -ومدتها شهر- لتطبيق قرار زيادة أسعار الوقود، وفقاً للمساعي التي قادتها قوات «تحالف دعم الشرعية» في المحافظة، والتي انتهت مع بداية الشهر الجاري، بدأت شركة النفط في المحافظة تطبيق التسعيرة الجديدة لصفيحة الوقود سعة 20 لتراً، بمبلغ 8 آلاف ريال يمني، بدلاً من السعر السابق 3500 ريال، في حين أن السعر المعمول به في بقية مناطق سيطرة الحكومة هو 26 ألف ريال (الدولار نحو 1500 ريال يمني في مناطق سيطرة الشرعية).

الخطوة الحكومية قوبلت باعتراض مجاميع قبلية مسلحة أقدمت على إنشاء مراكز اعتصام (مطارح) على الطريق الذي يربط مركز محافظة مأرب مع مناطق إنتاج وتكرير النفط وغاز الطهي المنزلي في منطقة صافر.

وبدأ المسلحون في منع ناقلات الوقود من المرور، قائلين إن الجانب الحكومي لم يفِ بالتزاماته، وبالذات تشكيل لجنة من المعتصمين تناقش مسألة تعيين أبناء القبائل في مواقع مختلفة في أجهزة الدولة، ونفوا كذلك موافقتهم على تأجيل تطبيق التسعيرة الجديدة مدة شهر فقط.

وأمهل المسلحون القبليون الجانب الحكومي يومين للتراجع عن القرار، وهددوا باستئناف الخطوات التصعيدية التي وصلت في المرة الماضية إلى التلويح باستهداف المنشآت النفطية، بعد أن منعوا وصول المشتقات النفطية وغاز الطهي إلى المحافظة والمحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة، بما فيها المحطة الرئيسية لتوليد الكهرباء في عدن، والتي تعمل بالوقود الذي يُنقل من مأرب.

تحذيرات قبلية

هذه الخطوة من قبل المسلحين قوبلت باعتراض من قبيلتي الدماشقة وآل حفرين؛ حيث أفادتا في بيان بأنهما تابعتا ما جرى خلال الأيام الماضية من احتجاجات ضد رفع أسعار المشتقات النفطية، ووقفتا إلى جانب بعض هذه المطالب؛ لكنهما أكدتا ضرورة الحل عن طريق الحوار والتفاهم بين السلطة وقوى المجتمع. وأبدتا ارتياحهما للدعوة إلى تشكيل لجنة تتبنى هذه المطالب مع الحكومة المركزية.

أدت مواجهات سابقة بين القبائل وقوات الأمن في مأرب إلى سقوط قتلى وجرحى (إعلام محلي)

القبيلتان أكدتا في بيان مشترك أنهما تفاجأتا بوجود بعض العناصر التي تدعو إلى التخريب، بذريعة ارتفاع أسعار المشتقات النفطية، حتى وصل الحد بهم إلى الدعوة والشروع في ضرب المنشآت الحيوية وتدميرها. وأعلنتا وقوفهما إلى جانب الدولة في حماية أمن واستقرار محافظة مأرب، وحذرتا كل من تسول له نفسه القيام بأي عمل تخريبي أو إقلاق لأمن وسكينة الناس داخل بلادهم.

وتبرأت القبيلتان من أي فرد من أبنائها يشارك في تلك الأعمال التخريبية، أو قطع للطرقات، وتعهدتا بعدم التساهل مع كل من يحاول تهديد أمن وسلامة مأرب ومنشآتها ومصالح الشعب فيها؛ لأنها دفعت وكل اليمنيين لأجلها فلذات الأكباد وخيرة الرجال.

وعيد بالتصدي الأمني

على وقع هذه التطورات، توعدت اللجنة الأمنية في محافظة مأرب بالتصدي لأي أعمال تخريبية، تحت مزاعم الاعتراض على الإصلاحات السعرية للوقود.

وأوضحت اللجنة الأمنية والعسكرية في مأرب خلال اجتماع ترأسه عضو مجلس القيادة الرئاسي سلطان العرادة، ومعه رئيس أركان الجيش الفريق صغير بن عزيز، أنها تتابع ما قامت به بعض العناصر من استهداف للمنشآت النفطية ونقاط التفتيش العسكرية والأمنية، وقطع الطرقات، وتهديد موظفي وعمال الشركات النفطية بالمحافظة.

وأكدت اللجنة -حسبما ذكره الإعلام الرسمي، الثلاثاء- أن القوات المسلحة والأمن «لن تتهاون مع الضالعين في تلك الأعمال الإجرامية التي تسعى لزعزعة الأمن والاستقرار، والإضرار بالمنشآت الاقتصادية السيادية للوطن، ومحاولة تعطيلها بأي شكل من الأشكال».

توعدت اللجنة الأمنية في مأرب بالتصدي لأعمال التخريب التي يقودها مسلحون قبليون (سبأ)

ووجَّهت اللجنة الأمنية والعسكرية كافة الجهات المختصة بسرعة جمع الاستدلالات في الجرائم المرتكبة، وتحديد المتورطين فيها، وإحالتهم مع الأوليات إلى القضاء، والتعميم بأسمائهم في كل المنافذ البرية والجوية والبحرية كمطلوبين للعدالة.

وأشادت اللجنة بالمواقف السياسية والقبلية، ووعي أبناء وسكان مأرب، واستنكارهم للأعمال التخريبية، وإعلان براءتهم ممن يقف خلفها. وأهابت بكافة المواطنين الالتفاف خلف المؤسستين الأمنية والعسكرية، ومساندة جهودهما للتصدي لتلك الأعمال ومن يقف وراءها، وإفشال المخططات التخريبية، والتعاون مع كافة الوحدات العسكرية والأمنية المكلفة للقيام بواجباتها الدستورية في حفظ الأمن والاستقرار، وتأمين الطرقات وحماية المصالح والممتلكات العامة والخاصة.

يشار إلى أن خطوة زيادة أسعار الوقود في مأرب أتت ضمن إجراءات شاملة للإصلاح المالي، بدأت الحكومة اليمنية تنفيذها، وشملت تحصيل فواتير استهلاك الكهرباء والمياه في المحافظات التي كان أغلب سكانها لا يدفعون ما عليهم من مبالغ مالية عن الاستهلاك منذ عام 2015 وحتى الآن.

كما شملت الإجراءات رفع سعر الكيلوواط من الكهرباء للقطاع التجاري من 50 ريالاً يمنياً إلى 150، بعد أن أرهقت تكاليف وقود محطات الكهرباء واستئجار مولدات تجارية الموازنة العامة للدولة؛ حيث يبلغ إجمالي ما يتم إنفاقه شهرياً نحو 50 مليون دولار، في حين أن عدد ساعات الانقطاع تبلغ 12 ساعة في اليوم.


مقالات ذات صلة

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً جديدةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

نبه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات مثل الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)

«المركزي اليمني» يستهجن مزاعم تهريب أموال إلى الخارج

استهجن البنك المركزي اليمني أنباء راجت على مواقع التواصل الاجتماعي تدعي قيام البنك بتهريب الأموال في أكياس عبر المنافذ الرسمية، وتحت توقيع المحافظ.

«الشرق الأوسط» (عدن)

الجيش السوداني يعلن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر إكس)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر إكس)
TT

الجيش السوداني يعلن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر إكس)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر إكس)

أعلن الجيش السوداني اليوم السبت «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع».

وقال الناطق باسم الجيش السوداني على منصة «إكس» إن «القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى نجحت في تحرير سنجة... وسنستمر في التحرير وقريبا سننتصر على كل المتمردين في أي مكان».

واندلعت الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) 2023 بعد خلاف حول خطط لدمج الدعم السريع في القوات المسلحة خلال فترة انتقالية كان من المفترض أن تنتهي بإجراء انتخابات للانتقال إلى حكم مدني، وبدأ الصراع في الخرطوم وامتد سريعا إلى مناطق أخرى.

وأدى الصراع إلى انتشار الجوع في أنحاء البلاد وتسبب في أزمة نزوح ضخمة، كما أشعل موجات من العنف العرقي في أنحاء السودان.