يحظى السمسم - كغيره من المحاصيل الزراعية - بزيادة الاهتمام والإقبال على زراعته في عدد من المحافظات اليمنية، في إطار توجه الكثير من السكان لمزاولة مهنة الفلاحة، بسبب البطالة وتردي الأحوال المعيشية وانقطاع الرواتب.
وأسس عدد من مزارعي السمسم في محافظة الحديدة، أخيراً، وبالتعاون مع ناشطين وإعلاميين، نادياً للمحصول المحبوب لدى فئات واسعة من اليمنيين، واعتمدوا الـ30 من يناير (كانون الثاني) يوماً شعبياً للاحتفال به، والتركيز على الاهتمام به وزراعته والترويج له، والدعوة إلى توسيع وزيادة إنتاجه لمنافسة المنتج المستورد منه، بما يساهم في تحسين المعيشة.
وأقيم مهرجان الاحتفال بيوم السمسم في مدينة الخوخة، جنوب محافظة الحديدة على الساحل الغربي للبلاد، الثلاثاء الماضي، بعرض محصول المئات من مزارعي السمسم، إلى جانب محاصيل أخرى من الخضراوات والحبوب، حيث يهدف المنظمون إلى التعريف بالمنتجات الزراعية التي يشتهر بها سهل تهامة الذي يضم إلى جانب الحديدة أجزاء من محافظتي حجة شمالاً وتعز جنوباً.
وذكر المنظمون أنهم يهدفون إلى التذكير بهذه المنتجات الزراعية التهامية والتعريف بجودتها، من أجل توفير فرص دعم وتشجيع المزارعين التهاميين، وحثهم على زيادة الإنتاج وتحسين الجودة، وتسويق منتجاتهم وربطهم مع كبار المشترين وتجار الجملة والمصدرين؛ لتمكينهم من تحسين معيشتهم، مشيدين بالدعم والتسهيل اللذين تلقّونهما من الجهات الرسمية.
وفي فعاليات المهرجان التي تضمنت عروضاً متنوعة للأزياء الشعبية والموروثات الفلوكلورية التهامية، أعرب المنظمون عن تقديرهم للجهود المجتمعية في دعم نجاح فكرة إشهار نادي السمسم وفعاليات يوم السمسم، والتي ظهرت إلى العلن منذ أكثر من شهرين، وجرى الترتيب لها بتعاون مثمر مع مزارعي محصول السمسم من أبناء سهل تهامة.
توجه شعبي
تزايدت الدعوات المحلية لرفع مستوى إنتاج السمسم الذي يتعارف اليمنيون على تسميته بـ«الجلجل» أو «الترتر»، ويستخدمونه في تحضير العديد من الوجبات والحلويات المتوارثة، إلى جانب استخدام زيته في الطباخة والتداوي.
ويرى مؤسسو النادي أن دعم زراعة وإنتاج السمسم يحتاج إلى تمكين المزارعين من استخدام الطرق الزراعية الحديثة، والعمل على توسيع رقعة زراعته، وتحسين مستوى الدخل المالي للمزارعين، وتحويله إلى محصول نقدي يساهم في دعم الاقتصاد الوطني، مشددين على ضرورة احتفاء اليمنيين بالسمسم والاهتمام بقيمته الصحية والاقتصادية.
وعبروا عن رغبتهم في إيلاء الحكومة اليمنية والجهات المانحة المحلية والدولية الاهتمام بهذا المحصول، وتقديم الدعم والرعاية والتشجيع للمزارعين للتوسع في إنتاجه.
من جهتها عقدت «وكالة تنمية المنشآت الصغيرة والأصغر»، التابعة للصندوق الاجتماعي للتنمية في مدينة عتق عاصمة محافظة شبوة (جنوب شرقي البلاد)، ورشة عمل للتعريف بمشروع الاستجابة لتعزيز الأمن الغذائي في اليمن، في مجالي الثروة الحيوانية ومحصول السمسم، الممول من البنك الدولي، بمشاركة قيادات السلطة المحلية وممثلي الجمعيات الزراعية في المحافظة.
وبحسب مسؤولين محليين، فإن المشروع يهدف إلى تعزيز الاستجابة للأمن الغذائي في اليمن، وسيجري هذا العام تقديم دعم لـ700 من مربي الثروة الحيوانية، و500 من مزارعي السمسم في المديريات المستهدفة في المحافظة، بهدف تحسين المعيشة، وتعزيز الأمن الغذائي للعائلات المستهدفة، والتعريف كذلك بآلية عمل المشروع وآلية الدعم الفني والمالي الخاص به.
ويزرع السمسم ﻓﻲ اليمن مرتين خلال العام الواحد؛ يبدأ الأول خلال الصيف وينتهي في الخريف، بينما يبدأ الثاني منتصف الشتاء لينتهي في الربيع، وتنتشر زراعته في محافظات الحديدة وحجة وأبين ولحج والجوف وشبوة وريمة والبيضاء وتعز. ووفقاً لبيانات رسمية بلغ حجم الإنتاج 19547 طناً.
وتحسر مصدر في وزارة الزراعة اليمنية في حديث لـ«الشرق الأوسط» من قلة الاهتمام الحكومي بزراعة السمسم، معللاً ذلك بالظروف التي فرضها الانقلاب والحرب اللتين تَحُولان دون توسع الاهتمامات الحكومية لتغطية جميع المحاصيل.
المصدر الذي فضل عدم الإفصاح عن هويته أفاد بأن الحكومة تتطلع إلى استمرار المنظمات الدولية في تقديم دعمها لقطاع الزراعة، مشيراً إلى أنها ساهمت في تسهيل وصول التمويل الدولي إلى مزارعي السمسم في عدد من المحافظات، وأبرمت عدداً من العقود خلال السنوات الماضية في هذا الجانب.
وأشار المصدر إلى أن اليمن يستورد كميات كبيرة من السمسم حالياً، وأن كميات كبيرة من زيت السمسم الذي يجري تسويقه باعتباره منتجاً يمنياً، تم استخراجه من سمسم مستورد.
دعم دولي ومحلي
منذ أعوام بدأت «مؤسسة الزكاة الأميركية» برنامجاً خاصاً لتعزيز القدرة على مواجهة الأزمات في أوساط مزارعي السمسم، وذلك بتوزيع هدايا لاستخدامها لشراء مصادر طاقة لـ65 منشأة مملوكة لليمنيين بهدف مباشر يتمثل بمنع المجاعة، وهدف طويل الأجل لزيادة التجهيزات لنمو الأغذية المحلية في اليمن، وعدّت سلسلة إنتاج السمسم هي المفتاح.
وتشاركت منظمة «ميرسي كوربس» مع مؤسسة الزكاة في مشروع مرونة الغذاء، لمساعدة منتجي السمسم اليمنيين المحليين على زيادة الغلة وبيع المنتجات وتوفير معدات لمصنعي زيت الطهي، من مولدات الطاقة الشمسية والوقود؛ سعياً لزيادة الإنتاج الغذائي المحلي وتوفير الدخل المادي للجميع في سلسلة المنتجات.
وسعت المنظمتان إلى نقل خبرات زراعة السمسم في دول أفريقية إلى مزارعي السمسم اليمنيين، وبفضل ذلك زاد إنتاج السمسم بأكثر من 25 في المائة لكل هكتار، نتيجة لاستخدام بذور عالية الجودة وطرق زراعية أفضل.
وأطلق أحد البنوك اليمنية منذ ثلاثة أعوام برنامجاً لتمويل مزارعي سهل تهامة، عبارة عن قروض ميسرة، يستفيد منها من تضررت مزارعهم خلال سيطرة الجماعة الحوثية على مناطقهم قبل تحريرها، وتمثل البرنامج بقروض ميسرة مفتوحة، للمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لتحسين مستوى معيشة الفرد.
ويقول خبراء اقتصاديون إن السمسم اليمني يمكن أن يحصل على ميزة تنافسية خارج البلاد في حال أمكن إنتاجه بكميات كافية للتصدير.