هل تنسحب المعارضة المصرية من الجولة الثانية لـ«الحوار الوطني»؟

«الحركة المدنية» رهنت مشاركتها بمطالب جديدة

جانب من جلسة سابقة للحوار الوطني المصري (صفحة الحوار الوطني على «فيسبوك»)
جانب من جلسة سابقة للحوار الوطني المصري (صفحة الحوار الوطني على «فيسبوك»)
TT

هل تنسحب المعارضة المصرية من الجولة الثانية لـ«الحوار الوطني»؟

جانب من جلسة سابقة للحوار الوطني المصري (صفحة الحوار الوطني على «فيسبوك»)
جانب من جلسة سابقة للحوار الوطني المصري (صفحة الحوار الوطني على «فيسبوك»)

رهنت «الحركة المدنية الديمقراطية» (تجمع لأحزاب وقوى معارضة)، مشاركتها في الجولة الثانية من «الحوار الوطني المصري»، المزمعة قريباً، بمطالب جديدة؛ على رأسها تعديل قانون الانتخابات البرلمانية، والإفراج عن «سجناء الرأي»، ما أثار تساؤلات بشأن إمكانية انسحاب الحركة من الحوار المرتقب.

ووفق بيان للحركة، الثلاثاء، فإن «موقفها من المشاركة بالحوار سيكون مرهوناً بتنفيذ مطالب تقدمت بها مراراً منذ انطلاق الحوار قبل الانتخابات الرئاسية الماضية».

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، دعا، قبل عامين، إلى بدء «حوار وطني بشأن أولويات العمل» في البلاد، وفي مايو (أيار) من العام الماضي انطلقت الجولة الأولى من فعالياته، وبعد نحو ثلاثة أشهر تم رفع توصيات الجولة الأولى إلى الرئيس.

وحددت «الحركة المدنية» 6 مطالب، هي: «تعديل قانون الانتخابات باعتماد نظام القائمة النسبية، وتعديل قانون الحبس الاحتياطي، الذي يسمح بحبس المواطنين لفترة تبلغ عامين في القضايا السياسية، والعودة للصياغة القديمة التي كانت تنص على عدم تجاوز الحبس الاحتياطي فترة ستة أشهر، وأيضاً الإفراج عن سجناء الرأي، والتوقف عن سياسة إلقاء القبض على المواطنين بسبب التعبير السلمي عن الرأي على وسائل التواصل الاجتماعي وفي الإعلام»، وفق البيان.

وطالبت الحركة بـ«تخفيف القيود المفروضة على وسائل الإعلام وتمثيل مختلف التوجهات والآراء السياسية، ورفع الحجب المفروض على المئات من المواقع الإخبارية والحقوقية»، حسب البيان الذي أكد أنه «من دون الاستجابة لهذه المطالب، فإن (الحوار الوطني) برمته لن يتمتع بالمصداقية المطلوبة».

وكان مجلس أمناء «الحوار الوطني» أعلن قبل يومين استئناف جلساته في مرحلته الثانية، موجهاً الدعوة للكيانات والأفراد كافة إلى «إرسال مشاركاتهم وتصوراتهم لمختلف القضايا خلال أسبوعين، على أن تنتهي مدة استقبال المقترحات في 11 فبراير (شباط) المقبل».

وقال المنسق العام لـ«الحوار الوطني»، ضياء رشوان، في تصريحات تلفزيونية (الثلاثاء): «طلبنا من كل الأطراف أن يقدموا لمجلس أمناء الحوار تصوراتهم المكتوبة، وكل شخص يرسل ما يرى أنه بالنسبة له أولوية، على أن تكون هذه التصورات ذات طبيعة تفصيلية ومحددة، وبها إجراءات تنفيذية أو تشريعية».

من جهته، شدد المتحدث باسم «الحركة المدنية الديمقراطية» خالد داود في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، على أن «مشاركة الحركة مشروطة بالاستجابة للمطالب الستة»، وقال: «لن نعود إلى الجولة الثانية دون تحقيق هذه المطالب».

داود رأى كذلك أن المطالب السياسية التي تتبناها حركته «ضرورية؛ وهي مطالب قديمة قبل (الحوار الوطني)، واختبار لجدية الدولة». متابعاً «لا نريد العودة إلى صيغة المرحلة الأولى نفسها ونشارك في جلسات، ونقدم توصيات لا تُنفذ».

وقبل نحو أسبوعين أعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي عن وضع الحكومة لـ«الخطة التنفيذية لتوصيات (الحوار الوطني)»، التي أسفرت عنها المرحلة الأولى من جلساته التي أنهت جلساتها في أغسطس (آب) الماضي.

وأكد مدبولي حرصه على «رصد الخطوات التي تتم لترجمة توصيات منصة (الحوار الوطني) إلى إجراءات وبرامج عمل من جانب الوزارات المعنية، استكمالاً لاهتمام الحكومة بمتابعة جميع النقاشات بالجلسات المختلفة»، كما أحال رئيس الوزراء الوثيقة التي أعدتها الحكومة تحت عنوان «أبرز التوجهاتِ الاستراتيجية للاقتصادِ المصري للفترة الرئاسية الجديدة (2024 - 2030)» لطرحها للنقاش خلال الجولة الثانية من «الحوار الوطني».

ويرى عضو مجلس أمناء «الحوار الوطني»، الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «عدم مشاركة (الحركة المدنية)، حال حدوثه، له تأثير على (الحوار الوطني) وينال من جديته»، حسب تعبيره.

وقال ربيع لـ«الشرق الأوسط» إن «الحوار الوطني ضرورة سياسية، لكن عدم تنفيذ المطالب والاستجابة للتوصيات التي تم الاتفاق عليها بالجولة الأولى يعطي رسالة سلبية، فيجب أن يعرف المشاركون مصير التوصيات السابقة قبل المشاركة في جلسات جديدة».

لكن وفي المقابل، قالت عضو مجلس النواب فريدة الشوباشي لـ«الشرق الأوسط»، إن «تأثر (الحوار الوطني) بعدم مشاركة (الحركة المدنية) مرهون بحجم المشاركة من أطياف المجتمع كافة، وإنه يجب على الحركة المشاركة وطرح مطالبها».

وشددت الشوباشي على أن «الجولة الثانية من (الحوار الوطني) ستكون ذات أهمية كبيرة في رسم سياسات مستقبلية لمصر، وهي تعكس القيم الديمقراطية بالبلاد».


مقالات ذات صلة

فرقة «الحضرة» المصرية تدخل عامها العاشر بطموحات كبيرة

يوميات الشرق «الحضرة» تنشد على المسرح (الشرق الأوسط)

فرقة «الحضرة» المصرية تدخل عامها العاشر بطموحات كبيرة

تحتفل فرقة «الحضرة» المصرية للإنشاد الديني بعيد ميلادها التاسع خلال فعاليات الموسم الصيفي للموسيقى والغناء في دار الأوبرا؛ بإحيائها حفلاً على «المسرح المكشوف».

نادية عبد الحليم (القاهرة)
شمال افريقيا العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

مصر تنفي صوراً متداولة حول تصميم جديد لجواز سفر مواطنيها

نفت القاهرة صوراً متداولةً على بعض مواقع التواصل الاجتماعي حول تصميم جديد لجواز السفر المصري.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
مذاقات البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)

هل تأثرت توابل المصريين بالجاليات الأجنبية؟

«رشّة ملح وفلفل»، معادلة مصرية تعود إلى الجدات، تختصر ببساطة علاقة المطبخ المصري بالتوابل، والذي لم يكن يكترث كثيراً بتعدد النكهات.

إيمان مبروك (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد عز في لقطة من فيلم «فرقة الموت» (الشرق الأوسط)

أربعينات القرن الماضي تجذب صناع السينما في مصر

يبدو أن سحر الماضي دفع عدداً من صناع السينما المصرية إلى اللجوء لفترة الأربعينات من القرن الماضي بوصفها مسرحاً لأحداث أفلام جديدة.

داليا ماهر (القاهرة)
شمال افريقيا سيارة إطفاء تعمل بعد إخماد حريق كبير في الموسكي بوسط القاهرة (رويترز)

حرائق متكررة في وسط القاهرة تُثير جدلاً

أعاد الحريق الهائل الذي نشب في بنايتين بمنطقة العتبة في حي الموسكي وسط القاهرة، وتسبب في خسائر كبيرة، الجدل حول تكرار الحرائق في هذه المنطقة

أحمد عدلي (القاهرة)

اليمن بين إمكانية التعافي واستمرار اقتصاد الحرب

استئناف تصدير النفط سيسمح بمعالجة الكثير من الأزمات الاقتصادية في اليمن (رويترز)
استئناف تصدير النفط سيسمح بمعالجة الكثير من الأزمات الاقتصادية في اليمن (رويترز)
TT

اليمن بين إمكانية التعافي واستمرار اقتصاد الحرب

استئناف تصدير النفط سيسمح بمعالجة الكثير من الأزمات الاقتصادية في اليمن (رويترز)
استئناف تصدير النفط سيسمح بمعالجة الكثير من الأزمات الاقتصادية في اليمن (رويترز)

تتوالى التأثيرات السلبية على الاقتصاد اليمني، إذ يرجح غالبية المراقبين أن استمرار الصراع سيظل عائقاً أمام إمكانية السماح بالتعافي واستعادة نمو الأنشطة الاقتصادية واستقرار الأسعار وثبات سعر صرف العملة المحلية وتحسين مستوى معيشة السكان.

وتشهد العملة المحلية (الريال اليمني) انهياراً غير مسبوق بعد أن وصل سعر الدولار الواحد خلال الأيام الأخيرة إلى 1890 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، في حين لا تزال أسعار العملات الأجنبية ثابتة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بقرار انقلابي، كما يقول خبراء الاقتصاد الذين يصفون تلك الأسعار بالوهمية.

الانقسام المصرفي في اليمن يفاقم الأعباء الاقتصادية على المجتمع (رويترز)

وتتواصل معاناة اليمنيين في مختلف المناطق من أزمات معيشية متتالية؛ حيث ترتفع أسعار المواد الأساسية، وتهدد التطورات العسكرية والسياسية، وآخرها الضربات الإسرائيلية لميناء الحديدة، بالمزيد من تفاقم الأوضاع، في حين يتم التعويل على أن يؤدي خفض التصعيد الاقتصادي، الذي جرى الاتفاق حوله أخيراً، إلى التخفيف من تلك المعاناة وتحسين المعيشة.

ويعدّد يوسف المقطري، الأكاديمي والباحث في اقتصاد الحرب، أربعة أسباب أدت إلى اندلاع الحرب في اليمن من منظور اقتصادي، وهي ضعف مستوى دخل الفرد، وضعف هيكل نمو دخل الفرد، وهشاشة الدولة وعدم احتكارها العنف، وعندما تفقد الدولة القدرة على الردع، تبدأ الأطراف المسلحة بالصعود للحصول على الموارد الاقتصادية.

ويوضح المقطري لـ«الشرق الأوسط» أنه عندما لا يتم تداول السلطة من جميع القوى الاجتماعية والسياسية في البلد، تنشأ جهات انقلابية ومتمردة للحصول على السلطة والثروة والحماية، وإذا غابت الدولة المؤسساتية الواضحة، ينشأ الصراع على السلطة والثروة، والحرب تنشأ عادة في الدول الفقيرة.

طلاب يمنيون يتلقون التعليم في مدرسة دمرتها الحرب (البنك الدولي)

ويضيف أن اقتصاد الحرب يتمثل باستمرار الاقتصاد بوسائل بديلة لوسائل الدولة، وهو اقتصاد يتم باستخدام العنف في تسيير الاقتصاد وتعبئة الموارد وتخصيصها لصالح المجهود الحربي الذي يعني غياب التوزيع الذي تستمر الدولة في الحفاظ على استمراريته، بينما يعتاش المتمردون على إيقافه.

إمكانات بلا استقرار

أجمع باحثون اقتصاديون يمنيون في ندوة انعقدت أخيراً على أن استمرار الصراع وعدم التوصل إلى اتفاق سلام أو تحييد المؤسسات والأنشطة الاقتصادية سيجر الاقتصاد إلى مآلات خطيرة على معيشة السكان واستقرار البلاد.

وفي الندوة التي عقدها المركز اليمني المستقل للدراسات الاستراتيجية، عدّت الباحثة الاقتصادية رائدة الذبحاني اليمن بلداً يتمتع بالكثير من الإمكانات والمقدرات الاقتصادية التي تتمثل بالثروات النفطية والغاز والمعادن الثمينة والأحياء البحرية والزراعة وموقعها الاستراتيجي على ممرات طرق الملاحة الدولية، غير أن إمكانية حدوث الاستقرار مرهون بعوامل عدة، على رأسها الاستقرار السياسي والاجتماعي والأمني.

وترى الذبحاني ضرورة تكثيف الاستثمارات الاقتصادية وتشجيع القطاع الخاص بالدعم والتسهيلات لتشجيعه على الاستثمار في مشاريع صديقة للبيئة، مشددة على مشاركة المرأة في السياسات الاقتصادية لتحقيق التنمية الاقتصادية، وعدم إهدار طاقاتها الفاعلة في صنع القرار وإيجاد الحلول المبتكرة، وزيادة أعداد القوى العاملة، إذ يمكن أن تضيف المرأة ما نسبته 26 في المائة من الإنتاج المحلي.

سوق شعبية قديمة وبوابة أثرية في مدينة تعز اليمنية المحاصرة من الحوثيين طوال سنوات الحرب (رويترز)

وفي جانب الإصلاح المصرفي يشترط الباحث رشيد الآنسي إعادة هيكلة البنك المركزي ودعم إدارة السياسة النقدية، وتطوير أنظمة المدفوعات وأنظمة البنك المركزي والربط الشبكي بين البنوك باستثمارات بنكية وتحديث القوانين واللوائح والتعليمات المصرفية، وفقاً لمتطلبات المرحلة، وتقليص أعداد منشآت وشركات الصرافة وتشجيع تحويلها إلى بنوك عبر دمجها.

وركز الآنسي، في ورقته حول إعادة ھندسة البیئة المصرفیة الیمنیة بوصفها ركيزة حیویة لبناء اقتصاد حديث، على ضرورة إلزام شركات الصرافة بإيداع كامل أموال المودعين لديها والحوالات غير المطالب بها كوسيلة للتحكم بالعرض النقدي، ورفع الحد الأدنى من رأسمال البنوك إلى مستويات عالية بما لا يقل عن 100 مليون دولار، وعلى فترات قصيرة لتشجيع وإجبار البنوك على الدمج.

كما دعا إلى إلزام البنوك بتخصيص جزء من أسهمها للاكتتاب العام وإنشاء سوق أوراق مالية خاصة لبيع وشراء أسهم البنوك والحوكمة الحقيقية لها.

انكماش شامل

توقّع البنك الدولي، أواخر الشهر الماضي، انكماش إجمالي الناتج المحلي في اليمن بنسبة واحد في المائة خلال العام الحالي 2024، بعد أن شهد انكماشاً بنسبة 2 في المائة في العام الماضي، ونمواً متواضعاً بواقع 1.5 في المائة في العام الذي يسبقه.

يمنيون ينقلون المياه على ظهور الحمير إذ أدى الصراع إلى تدهور سبل المعيشة (أ.ف.ب)

وبيّن البنك أنه في الفترة ما بين عامي 2015 و2023، شهد اليمن انخفاضاً بنسبة 54 في المائة في نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي، ما يترك أغلب اليمنيين في دائرة الفقر، بينما يؤثر انعدام الأمن الغذائي على نصف السكان.

ويذهب الباحث الاقتصادي عبد الحميد المساجدي إلى أن السياسة والفعل السياسي لم يخدما الاقتصاد اليمني أو يعملا على تحييده لتجنيب السكان الكوارث الإنسانية، بل بالعكس من ذلك، سعى الحوثيون إلى ترسيخ نظام اقتصادي قائم على الاختلال في توزيع الثروة وتركزها بيد قلة من قياداتهم، مقابل تجويع القاعدة العريضة من المجتمع.

وأشار المساجدي، في مداخلته خلال الندوة، إلى أن هناك ملفات أخرى تؤكد استغلال الحوثيين الملف الاقتصادي لتحقيق مكاسب عسكرية وسياسية، كإنشاء منافذ جمركية مستحدثة، ووقف استيراد الغاز من المناطق المحررة، وإجبار التجار على استيراد بضائعهم عبر ميناء الحديدة، وغير ذلك الكثير.

منشأة نفطية يمنية حيث يعد إنتاج وتصدير النفط أحد أهم موارد الاقتصاد الهش (أرشيفية - غيتي)

وتحدث الباحث الاقتصادي فارس النجار حول القطاع الخدمي الذي يعاني بسبب الحرب وآثارها، مشيراً إلى تضرر شبكة الطرق والنقل، وتراجع إجمالي المسافة التي تنبسط عليها من أكثر من 70 ألف كيلومتر قبل الانقلاب، إلى أقل من 40 ألف كيلومتر حالياً، بعد تعرض الكثير منها للإغلاق والتخريب، وتحولها إلى مواقع عسكرية.

وتعرض النجار إلى ما أصاب قطاع النقل من أضرار كبيرة بفعل الحرب، تضاعفت أخيراً بسبب الهجمات الحوثية في البحر الأحمر، وهو ما ألحق أضراراً بالغة بمعيشة السكان، في حين وضعت الجماعة الحوثية يدها، عبر ما يعرف بالحارس القضائي، على شركات الاتصالات، لتتسبب في تراجع أعداد مستخدمي الهواتف المحمولة من 14 مليوناً إلى 8 ملايين، بحسب إحصائيات البنك الدولي.