تصعيد الحوثيين بحرياً يعيد خطر القراصنة الصوماليين إلى الواجهة

مدمرة بريطانية تعترض مسيّرة هاجمتها في البحر الأحمر

حريق جرت السيطرة عليه على متن ناقلة بريطانية في خليج عدن إثر هجوم بصاروخ حوثي (د.ب.أ)
حريق جرت السيطرة عليه على متن ناقلة بريطانية في خليج عدن إثر هجوم بصاروخ حوثي (د.ب.أ)
TT

تصعيد الحوثيين بحرياً يعيد خطر القراصنة الصوماليين إلى الواجهة

حريق جرت السيطرة عليه على متن ناقلة بريطانية في خليج عدن إثر هجوم بصاروخ حوثي (د.ب.أ)
حريق جرت السيطرة عليه على متن ناقلة بريطانية في خليج عدن إثر هجوم بصاروخ حوثي (د.ب.أ)

أدى انشغال القوات الدولية بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن إلى إنعاش نشاط القراصنة الصوماليين بعد سنوات من خفوته، حيث تمكنوا من قرصنة سفينة صيد سريلانكية، السبت، بعد نحو شهر من قرصنة سفينة بلغارية؛ وهو الأمر الذي سيزيد من تعقيد مهمة القوات البحرية المشتركة التي تكافح لتأمين الملاحة.

وفي حين أبلغ تقرير بريطاني عن فشل محاولة قرصنة أخرى، الأحد، أكدت لندن أن إحدى مدمراتها في البحر الأحمر اعترضت ودمرت طائرة مسيّرة حوثية حاولت مهاجمتها، السبت، وذلك بعد ساعات من توجيه واشنطن ضربة استباقية دمرت صاروخاً شمال الحديدة، بالتوازي مع جهود إخماد حريق في ناقلة نفط بريطانية بخليج عدن كان استهدفها الحوثيون مساء الجمعة.

مدمرة بريطانية تعترض مسيّرة حوثية حاولت مهاجمتها في البحر الأحمر (رويترز)

وأفادت وزارة الدفاع البريطانية، الأحد، بأن المدمرة «دايموند» تمكنت باستخدام نظامها الصاروخي «سي فايبر» من تدمير طائرة مسيّرة استهدفتها دون وقوع أضرار أو إصابات بين طاقمها.

وأضاف البيان البريطاني: «هذه الهجمات المقيتة وغير القانونية ليست مقبولة على الإطلاق، ومن واجبنا حماية حرية الملاحة في البحر الأحمر».

وتحت ذريعة مناصرة الفلسطينيين في غزة، شن الحوثيون نحو 34 هجوماً علي السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وهو ما دفع بواشنطن لتشكيل تحالف «حارس الازدهار» قبل أن تشن ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) الحالي نحو 10 ضربات ضد الجماعة الموالية لإيران في مناطق يمنية متفرقة بإسناد من بريطانيا في ضربتين.

ومع الإرباك الذي سببته الهجمات الحوثية والمساعي الدولية لاحتوائها، وجد القراصنة؛ الذين يعتقد أنهم صوماليون، فرصة للعودة إلى الاستيلاء على السفن، وهي العمليات التي كانت بلغت ذروتها في 2011، قبل أن تنحسر جراء القوات الدولية المشتركة التي تشكلت لمكافحة القرصنة.

ومنذ تصعيد الحوثيين هجماتهم؛ التي يزعمون أنها تستهدف السفن الإسرائيلية أو المتجهة من وإلى موانئ تل أبيب، سُجل كثير من محاولات القرصنة في بحر العرب والمحيط الهندي وجنوب البحر الأحمر، حيث نجح الحوثيون في قرصنة الناقلة الدولية «غالاكسي ليدر». فيما نجح قراصنة صوماليون في قرصنة سفينة بلغارية وأخرى سريلانكية.

وفي حين لم تردع الضربات الأميركية والبريطانية الجماعة الحوثية أو تحدّ من قدراتها على مهاجمة السفن، ترى الحكومة اليمنية أن الحل هو دعمها دولياً لتحرير الحديدة واستعادة مؤسسات الدولة وليس الضربات التي يشكك مراقبون في مدى فاعليتها.

عودة القراصنة الصوماليين

في ظل الغليان والتطورات التي تشهدها المياه الإقليمية اليمنية، أعلنت البحرية السريلانكية، الأحد، أنّ أشخاصاً يُشتبه في أنّهم قراصنة صوماليون استولوا على سفينة صيد سريلانكية تحمل طاقماً مكوّناً من 6 أفراد، في أحدث هجوم على السفن في المحيط الهندي.

قارب على متنه 5 أفراد بينهم مسلحون يقترب من سفينة قرب الصومال (أرشيفية - أ.ف.ب)

وطبقاً لما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية»، عن المتحدث باسم البحرية السريلانكية، غايان ويكراماسوريا، فقد أفادت المعلومات بأنّه جرى اختطاف السفينة من قبل قراصنة صوماليين، مضيفاً أنّ السفينة «لورينزو بوتا4»، احتُجزت، السبت، على بعد نحو 840 ميلاً بحرياً جنوب شرقي العاصمة الصومالية مقديشو.

ومنذ عام 2017، نجحت أول محاولة للقراصنة الصوماليين، في 16 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، حيث اختطفوا سفينة الشحن «إم في روين» المملوكة لبلغاريا والتي ترفع علم مالطا، على بعد 380 ميلاً بحرياً شرق جزيرة سقطرى اليمنية، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

واقتاد القراصنة السفينة «إم في روين» وطاقمها المكوّن من 17 فرداً إلى ولاية بونتلاند الصومالية التي تتمتع بحكم شبه ذاتي، وذلك بعدما أطلقوا سراح أحد البحارة المصابين وسلموه للبحرية الهندية.

وعلى أثر قرصنة السفينة الجديدة، قال المتحدث باسم البحرية السيريلانكية إنّ بلاده نبّهت القوات البحرية المشتركة، مشيراً إلى أن البحرية التابعة للهند أرسلت سفينة حربية «للتحقيق»، بينما تعدّ البحرية السريلانكية سفينة للسفر إلى المنطقة.

وعلى ما يبدو؛ فقد فتح الاستيلاء على السفينتين شهية القراصنة، حيث قالت «هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية»، الأحد، إنها تلقت بلاغاً عن اقتراب قارب على متنه 5 أفراد بينهم مسلحون من سفينة على بعد 70 ميلاً بحرياً شمال غربي بوصاصو في الصومال.

وذكرت الهيئة، في بيان، أن «الفريق الأمني المسلح أطلق طلقتين تحذيريتين وابتعد القارب»، مضيفة أن جميع طاقم السفينة في أمان وأنهم واصلوا طريقهم نحو وجهتهم، وفقاً لـ«وكالة أنباء العالم العربي».

سفينة حاويات راسية في أحد الموانئ البريطانية وسط تصاعد التهديد في البحر الأحمر بسبب هجمات الحوثيين (أ.ف.ب)

ومع وجود شكوك في وجود تخادم بين الجماعة الحوثية والجماعات المسلحة في الصومال سواء لجهة المشاركة في تهديد الملاحة الدولية أو لجهة تهريب الأسلحة الإيرانية، كانت تقارير بريطانية، أبلغت عن كثير من محاولات الاستيلاء على سفن شحن عبر قوارب صغيرة في بحر العرب وجنوب البحر الأحمر.

رؤية يمنية للحل

رغم الهدوء الذي شهده اليمن منذ نحو عامين بين الحوثيين والقوات الحكومية وسط المساعي الإقليمية والأممية للتوصل إلى سلام دائم، يرى مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، أن الحل يكمن في دعم قدرات الحكومة وتمكينها من استعادة مؤسسات الدولة، باعتبار ذلك السبيل الأمثل لتعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، ووضع حد لتهديدات واعتداءات الحوثيين والجماعات الإرهابية ضد الملاحة الدولية.

التصريحات اليمنية جاءت على لسان رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، خلال لقائه، في الرياض، مراسلي وسائل الإعلام بالتزامن مع اجتماع للحكومة لبحث التدابير المناسبة لمواجهة تداعيات التصعيد الحوثي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي مجتمعاً في الرياض مع صحافيين (سبأ)

وقال العليمي إن بلاده ترحب بأي جهد دولي للمساعدة في القضاء على التنظيمات الإرهابية، «وعلى رأسها الميليشيات الحوثية المصنفة من قبل الحكومة اليمنية والمنظومة الخليجية منظمةً إرهابيةً مثلها مثل تنظيمي (القاعدة) و(الدولة الإسلامية)».

وأكد رئيس مجلس الحكم اليمني أن الهجمات الحوثية الإرهابية في البحر الأحمر أضرت بـ«حرية التجارة العالمية، وشعوب المنطقة، وفي المقدمة مضاعفة معاناة اليمن الذي يعتمد على 90 في المائة من الواردات للبقاء على قيد الحياة».

واتهم العليمي إيران بـأنها «في النهاية لم تكن راضية فيما يبدو عن تحييد ذراعها في اليمن؛ لأن اتفاق وقف إطلاق النار تحديداً سيعني وقف الأعمال القتالية كافة براً وبحراً وجواً».

وأضاف: «إيران لا تريد السلام؛ سواء في اليمن وغيره، وما يقوم به الحوثيون في البحر الأحمر من أعمال إرهابية ضد السفن التجارية هو تقديم خدمة للتوسع الإيراني في المنطقة».

وطالب رئيس مجلس الحكم اليمني المجتمع الدولي بتطبيق قرار مجلس الأمن رقم «2216» لأنه هو الذي «سيجلب الميليشيات الحوثية إلى طاولة الحوار»؛ وفق تعبيره.

رئيس الحكومة اليمنية معين عبد الملك (سبأ)

من جهته؛ عقد رئيس الحكومة اليمنية، معين عبد الملك، اجتماعاً للوزراء لمناقشة الإجراءات الضرورية واللازمة للتعامل مع مستجدات الأوضاع المحلية في الجوانب الاقتصادية، والمعيشية، والسياسية، والأمنية والعسكرية.

ونقل الإعلام الرسمي أن الاجتماع استعرض خطط الحكومة على المستوى الوزاري والقطاعي للتعاطي مع إعادة تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية، لضمان عدم تأثر النشاط التجاري والقطاع الخاص الوطني وسلاسة تدفق المواد والسلع الغذائية، والعمل الإنساني والإغاثي.

وأوردت وكالة «سبأ» أن الاجتماع ناقش آليات تنسيق الإجراءات بين مختلف الجهات للحد من التداعيات المعيشية للهجمات الإرهابية الحوثية على سفن التجارة العالمية، التي تنذر باختناقات حادة في سلاسل إمداد السلع الأساسية، والواردات الغذائية والدوائية المنقذة للحياة.


مقالات ذات صلة

خطورة هجمات الحوثيين تتراجع و«أسبيدس» الأوروبية تدمر مسيرتين

العالم العربي المهمة الأوروبية البحرية أسهمت في مرافقة 17 سفينة تجارية بالبحر الأحمر (إكس)

خطورة هجمات الحوثيين تتراجع و«أسبيدس» الأوروبية تدمر مسيرتين

وسط تراجع في خطورة هجمات الحوثيين خلال الأسبوع الأخير أعلنت مهمة الاتحاد الأوروبي العسكرية لحماية السفن (أسبيدس) تدمير طائرتين من دون طيار فوق خليج عدن.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي النساء اللائي يعانين من سوء التغذية في اليمن معرضات بشكل كبير لمخاطر الحمل والولادة (الأمم المتحدة)

سوء التغذية الحاد يرتفع بين الأمهات والأطفال اليمنيين

كشفت مصادر صحية يمنية عن ارتفاع مستوى سوء التغذية الحاد بمختلف أشكاله في أوساط الأمهات والأطفال دون الخامسة في مناطق عدة واقعة تحت سيطرة الحوثيين.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي السفينة «روبيمار» قبل أيام من غرقها في البحر الأحمر إثر تعرضها لقصف صاروخي حوثي (أ.ف.ب)

حملة أممية لجمع الأموال لتنظيف تلوث السفينة «روبيمار»

أطلقت «الأمم المتحدة» دعوة للدول المانحة للمساهمة في تكاليف تنظيف التلوث الناتج عن غرق الناقلة البريطانية «روبيمار».

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي عنصر أمن تابع للحوثيين ضمن دورية في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

مقاول يمني مهدّد بالإعدام لرفضه التنازل للحوثيين عن أملاكه

اعتقل الحوثيون مقاولاً وأقاربه في صنعاء ويهددونه بالإعدام للتنازل عن أملاكه مقابل الإفراج عنه بذريعة أن الأملاك تابعة للرئيس اليمني الراحل علي صالح

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي عائلة صغيرة في مخيم للنازحين على مشارف مدينة تعز (أ.ف.ب)

دعوة يمنية إلى تحويل أموال الإغاثة عبر «المركزي» في عدن

شهدت الأشهر الماضية تزايداً في انعدام الأمن الغذائي في اليمن، وسط انتقادات للمنظمات ودعوات إلى تغيير نهج المساعدات وتحويل الأموال عبر البنك المركزي في عدن.

وضاح الجليل (عدن)

سوء التغذية الحاد يرتفع بين الأمهات والأطفال اليمنيين

عيادة متنقلة لعلاج سوء التغذية في اليمن (الأمم المتحدة)
عيادة متنقلة لعلاج سوء التغذية في اليمن (الأمم المتحدة)
TT

سوء التغذية الحاد يرتفع بين الأمهات والأطفال اليمنيين

عيادة متنقلة لعلاج سوء التغذية في اليمن (الأمم المتحدة)
عيادة متنقلة لعلاج سوء التغذية في اليمن (الأمم المتحدة)

بينما خصصت الأمم المتحدة، حديثاً، نحو 5.4 مليون دولار لمعالجة سوء التغذية في 5 محافظات يمنية تقع مُعظمها تحت سيطرة الحوثيين، كشفت مصادر صحية عن ارتفاع مستوى سوء التغذية بمختلف أشكاله في أوساط الأمهات والأطفال دون الخامسة في عدة مناطق واقعة تحت سيطرة الانقلابيين.

وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن القطاع الصحي سجل بغضون شهرين آلاف الإصابات الجديدة بسوء التغذية الحاد والوخيم في نحو 7 محافظات، أغلبها تحت السيطرة الحوثية، وهي محافظات صنعاء والحديدة وحجة وإب وريمة وعمران وتعز.

ملايين الأطفال في اليمن يعانون سوء التغذية والحرمان من اللقاحات (رويترز)

وعبَّرت المصادر ذاتها عن قلقها إزاء الارتفاع المستمر في معدلات سوء التغذية بين الأمهات والأطفال، مرجعةً ذلك إلى استمرار التدهور الاقتصادي والمعيشي الحادّ الذي تكابده مئات الآلاف من الأسر التي تعاني نقصاً حاداً في الغذاء، وانعداماً لأغلب الخدمات، بما فيها الصحية، وتوقف الرواتب واتساع رقعة الفقر والجوع والبطالة.

جاء هذا متزامناً مع تأكيد مشروع كويتي إغاثي أن ما يزيد على 8 ملايين طفل وامرأة حامل ومرضع، في نحو 13 محافظة يمنية، تم تسجيلهم مع بداية العام الحالي على أنهم مصابون بسوء التغذية وبحاجة إلى تدخلات غذائية وعلاجية عاجلة منقذة للحياة، والإشارة إلى أن هناك نحو 99 في المائة من الأسر اليمنية لا تتحمل تكلفة علاج أطفالهم من سوء التغذية.

عجز عن العلاج

يتحدث عصام محمد، أحد السكان في ريف صنعاء، عن إصابة اثنين من أولاده: مرام (8 أشهر)، وإياد (3 سنوات) بسوء التغذية الحاد، حيث يعجز حتى اللحظة عن تقديم العلاج لهما.

وقال عصام، وهو عامل بالأجر اليومي، لـ«الشرق الأوسط»، إن ابنته (مرام) تعاني من سوء التغذية منذ ولادتها، كما كانت تعاني زوجته أيضاً من المشكلة ذاتها أثناء فترة الحمل، إلى جانب مواجهتها صعوبة كبيرة أثناء الولادة، وذلك يعود (وفق قوله) إلى نقص حاد في الغذاء حُرِمت منه زوجته وأطفالها بالفترات السابقة، بسبب عدم تحصله على عمل يؤمِّن لهم لقمة العيش.

يمنية تحمل طفلة تعاني سوء تغذية تنتظر الحصول على مساعدات غذائية في صنعاء (إ.ب.أ)

وأكد عصام أنه وعائلته المكونة من 6 أفراد لا يزالون منذ عدة أشهر يتناولون وجبات طعام خفيفة ومتواضعة، منها «الخبز والشاي» أو «الخبز والزبادي» بعيداً عن تناول أي نوع من اللحوم، مُرجِعاً سبب هذا التدهور الغذائي الذي أصاب أفراد عائلته إلى عجزه عن إيجاد فرصة عمل لتأمين الغذاء الكافي لهم.

ويُعدّ سوء التغذية في اليمن من ضمن الأسباب الأولى المؤدية إلى وفاة الأمهات، والأطفال دون سن الخامسة، كما أن هذه المشكلة الصحية قد استفحلت كثيراً بسبب استمرار تدهور النظام الصحي وتوقف المساعدات الغذائية المنقذة للحياة، بالإضافة إلى عوامل أخرى، بحسب ما تؤكده التقارير الدولية.

ويفيد أحد العاملين الإغاثيين في صنعاء بأن عدداً كبيراً من الأطفال والنساء بمختلف المناطق تحت سيطرة الانقلابيين لا يزالون جراء الحرب المستمرة والممارسات الجائرة للجماعة محرومين من الضروريات الأساسية، بما في ذلك التغذية السليمة، والخدمات العلاجية، الأمر الذي ساعد بدرجة كبيرة في ارتفاع معدلات الإصابة بسوء التغذية الحاد والوخيم بين أوساطهم.

ويحذر العامل الإغاثي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» من أن حياة الآلاف من الأطفال والنساء في اليمن باتت على المحك، لافتاً إلى أن الأغلبية منهم يعانون من مخاطر الإصابة بسوء التغذية، وهم بحاجة إلى تدخلات طارئة من قبيل ضمان الوصول إليهم وغيرهم، وتوفير الخدمات العلاجية ومختلف المساعدات، بما فيها الغذائية، لهم.

النساء اللائي يعانين من سوء التغذية في اليمن معرضات بشكل كبير لمخاطر الحمل والولادة (الأمم المتحدة)

ودفعت النساء والأطفال (وهم الأكثر ضعفاً) في اليمن طيلة الأعوام الماضية التي أعقبت الانقلاب والحرب الحوثية، أثماناً باهظة جراء شدة الفاقة والحرمان المستمر من أبسط الحقوق والاحتياجات الضرورية، مع تعرض كثير منهم للإصابة بأوبئة وأمراض مختلفة، وتعرضهم بصورة يومية لسلسلة انتهاكات وتعسفات حوثية.

انعدام الغذاء

أدى التدهور المستمر للأمن الغذائي لملايين اليمنيين إلى إعلان الأمم المتحدة عن تخصيص أكثر من خمسة ملايين دولار، لمعالجة تفاقم انعدام الأمن الغذائي في المديريات والمناطق الأكثر تضرراً في اليمن.

وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن (أوتشا) إنه تم إطلاق التخصيص الاحتياطي الأول للصندوق الإنساني لليمن بمبلغ 5.4 مليون دولار بهدف معالجة الارتفاع المتوقع في سوء التغذية نتيجة توقف توزيع المساعدات الغذائية على الأسر الضعيفة في 5 محافظات.

أسعار المواد الغذائية أصبحت باهظة الثمن بالنسبة للأسر الضعيفة في اليمن (الأمم المتحدة)

ويستهدف التخصيص توفير المساعدات الغذائية العاجلة والمنقذة للحياة لما مجموعه 267 ألف شخص في 34 مديرية تابعة لمحافظات الحديدة وحجة وريمة والضالع وتعز، حيث تُعدّ من المناطق ذات الأولوية التي تُظهِر أعلى تقارب في الاحتياجات بناءً على المؤشرات متعددة القطاعات.

وسيدعم هذا التخصيص توزيع إمدادات التغذية بقيمة 20 مليون دولار، المتوفرة بالفعل لدى «منظمة الأمم المتحدة للطفولة» و«برنامج الغذاء العالمي»، كما يأتي مكملاً لمنحة الاستجابة السريعة للصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ البالغة 7 ملايين دولار، التي تم إطلاقها في مارس (آذار) الماضي، لكي يبدأ البرنامج عملية توزيع المساعدات الغذائية العامة، قبل موسم العجاف.

وطبقاً لبيانات المكتب الأممي، تُعد محافظة حجة اليمنية في مقدمة المحافظات المستهدفة حيث خصص لها 2.1 مليون دولار، تليها الحديدة بمليونَي دولار، ثم الضالع (503.2 ألف دولار)، وريمة (452.8 ألف دولار)، وتعز (374.3 ألف دولار). أما بالنسبة للمستفيدين فإن غالبيتهم من الأطفال وبعدد 129 ألف طفل من الجنسين، تليهم النساء بـ103.7 ألف، ثم الرجال 34.2 ألف.