ذعر في إب اليمنية من تصاعد حوادث اختفاء المراهقين

شكوك حول استقطاب الصغار للتجنيد والتعبئة الفكرية

لا يفرق الحوثيون بين تجنيد الكبار والصغار (رويترز)
لا يفرق الحوثيون بين تجنيد الكبار والصغار (رويترز)
TT

ذعر في إب اليمنية من تصاعد حوادث اختفاء المراهقين

لا يفرق الحوثيون بين تجنيد الكبار والصغار (رويترز)
لا يفرق الحوثيون بين تجنيد الكبار والصغار (رويترز)

يمنع عدنان منذ أيام نجله مهند (15عاماً) من الخروج من المنزل للعب في الشارع مع أصدقائه وسط مدينة إب اليمنية، وذلك بدافع الخوف عليه من الخطف أو الاختفاء، بعد تسجيل حوادث عن اختفاء عدد من المراهقين من المدينة وسط ظروف غامضة.

ووسط فلتان أمني تعانيه محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) وعدد من مديرياتها، أكدت مصادر حقوقية عودة ظاهرة اختفاء صغار السن، بالتوازي مع شكوك حول جماعة الحوثيين التي تقوم بحملات الاستقطاب والتجنيد إلى صفوفها في مناطق متفرقة في المحافظة.

تُتهم الجماعة الحوثية بتجنيد آلاف المراهقين اليمنيين (إ.ب.أ)

وسجلت محافظة إب وعدد من مديرياتها في الأسبوعين الأخيرين نحو 9 حالات اختفاء لمراهقين، بعضها أعلن عنه الأهالي عبر منصات التواصل الاجتماعي.

وشكا عدنان، وهو اسم مستعار لتاجر سيارات يقطن في حي المشنة في إب لـ«الشرق الأوسط»، من أن ظاهرة اختفاء صغار السن من المراهقين عادت للظهور مجدداً وبشكل لافت، كاشفاً معلومات تَحصّل عليها تفيد باختفاء 3 مراهقين في أوقات متزامنة في مدينة إب خلال الأسبوع الأخير.

وأدت عودة تصاعد هذا النوع من الحوادث إلى حالة من الذعر في أوساط السكان بمدينة إب وضواحيها، بعد أن تم تسجيل حالات اختفاء جديدة وغامضة، وهو الأمر الذي دفع عدنان، وأولياء أمور آخرين، إلى منع أولادهم من مغادرة منازلهم إلا عند الضرورة.

حوادث متكررة

تَركّزت بعض حوادث الاختفاء المعلنة وغير المعلنة التي شهدتها إب ومديريات أخرى، وفق المصادر، في أحياء تتبع مديريات المشنة والظهار وريف إب، وكان آخرها تعرُّض أسامة محمد علي مهدي (17عاماً) للاختفاء في حارة الجباجب، بنطاق حي المشنة بالمدينة ذاتها.

وأوضح أحد المقربين من عائلة أسامة أنه اختفى في ظروف غامضة، بعد خروجه صباحاً من المنزل بالحي ذاته للذهاب إلى المدرسة. وقال إنهم لم يتمكّنوا حتى اللحظة من معرفة مصيره، ولا الجهة التي تقف وراء اختفائه.

صورة متداولة تظهر استغلال الأطفال اليمنيين لغرض التجنيد القسري (فيسبوك)

ويحمّل أهالي المراهقين المختفين في إب أجهزةَ أمن الحوثيين كامل المسؤولية إزاء ما يتعرض له أبناؤهم من حوادث اختفاء متزايدة، لا سيما وقد سبق أن رصدت تقارير حقوقية محلية، وأخرى دولية، خلال الأعوام الماضية مئات الحوادث المماثلة.

ويتهم بعض الأهالي ما قالوا إنهم «عصابات منظمة تتبع قيادات أمنية» في إب بالوقوف وراء عودة تفشي جرائم الاختطاف بحق صغار السن في المحافظة.

وقبل نحو أسبوعين ماضيين اختفى 3 مراهقين بظروف غامضة، الأول يدعى ماهر مطيع شايع (15عاماً) من قرية سواد بني محرم بريف إب، والثاني يدعى إياد صلاح سليم (15عاماً) من قرية المرزوم بالمديرية ذاتها، في حين يدعى الثالث بدر فؤاد الغلاب (14عاماً) من عزلة خولان بمديرية مذيخرة غرب إب.

وعوضاً عن قيام أهالي المختفين بإبلاغ الأجهزة الأمنية الحوثية لكي تقوم بدورها من قبيل البحث والكشف عن أماكن وجودهم ومعرفة الأسباب، يُفضِّل أغلبهم إطلاق مناشدات عاجلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي لمساعدتهم في البحث.

طفلان يمنيان يحملان السلاح خلال مشاركتهما في فعالية تعبوية (فيسبوك)

وربط ناشط حقوقي من إب، فضّل عدم ذكر اسمه، بين عودة تنامي ظاهرة اختفاء المراهقين في المحافظة وما تقوم به جماعة الحوثي هذه الأيام من حملات استقطاب وتجنيد واسعة للأطفال والشبان بمناطق متفرقة، مستغلة بذلك أحداث غزة وصراعها الدائر حالياً مع القوات الأميركية والبريطانية في البحر الأحمر.

وطالب الناشط الحقوقي باتخاذ تدابير محلية ودولية جادة لحماية حقوق صغار السن من الانتهاكات، خصوصاً في محافظة إب التي تتصدر نسب جرائم الخطف والانتهاكات اليومية والمتكررة ضد السكان.

ولا توجد أية إحصائية رسمية توضّح العدد الحقيقي لصغار السن والمراهقين الذين يتعرضون للاختفاء الغامض في إب ومديرياتها، إلا بعض التقديرات التي تشير إلى اختفاء المئات في مختلف المحافظات الخاضعة للحوثيين.


مقالات ذات صلة

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

العالم العربي غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غداة سلسلة من الغارات التي ضربت 4 محافظات يمنية خاضعة للجماعة الحوثية المدعومة من إيران، أعلن الجيش الأميركي تبني هذه الضربات التي قال إنها طالت 15 هدفاً.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي)

جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)

المدارس الأهلية في صنعاء تحت وطأة الاستقطاب والتجنيد

كثف الحوثيون من استهداف قطاع التعليم الأهلي في صنعاء من خلال إجبار الطلبة والمعلمين في عدد من المدارس على المشاركة في دورات قتالية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي ضربات غربية استهدفت معسكر الصيانة الخاضع للحوثيين في صنعاء (رويترز)

اتهامات حوثية لواشنطن ولندن بضربات جوية طالت 4 محافظات يمنية

استهدفت ضربات جوية غربية مواقع للجماعة الحوثية شملت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء وثلاث محافظات أخرى ضمن مساعي واشنطن لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن

علي ربيع (عدن)
العالم العربي مواقع غير رسمية مليئة بالنفايات الخطرة في اليمن تسبب التلوث (إعلام محلي)

النفايات ترفع معدل الاحتباس الحراري والتلوث في اليمن

كشف مرصد مختص بالبيئة عن استخدام الأقمار الاصطناعية في الكشف عن تأثير مواقع النفايات غير الرسمية في اليمن على البيئة والصحة وزيادة معدل الاحتباس الحراري.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي عنصر حوثي على متن عربة عسكرية في صنعاء (إ.ب.أ)

اتهامات لنجل مؤسس «الحوثية» باعتقال آلاف اليمنيين

قدرت مصادر يمنية أن جهاز الاستخبارات المستحدث الذي يقوده علي حسين الحوثي، نجل مؤسس الجماعة، اعتقل نحو 5 آلاف شخص على خلفية احتفالهم بذكرى «ثورة 26 سبتمبر».

محمد ناصر (تعز)

اتهامات حوثية لواشنطن ولندن بضربات جوية طالت 4 محافظات يمنية

واشنطن تشن ضرباتها ضد الحوثيين منذ بداية السنة لإضعاف قدراتهم على مهاجمة السفن (إكس)
واشنطن تشن ضرباتها ضد الحوثيين منذ بداية السنة لإضعاف قدراتهم على مهاجمة السفن (إكس)
TT

اتهامات حوثية لواشنطن ولندن بضربات جوية طالت 4 محافظات يمنية

واشنطن تشن ضرباتها ضد الحوثيين منذ بداية السنة لإضعاف قدراتهم على مهاجمة السفن (إكس)
واشنطن تشن ضرباتها ضد الحوثيين منذ بداية السنة لإضعاف قدراتهم على مهاجمة السفن (إكس)

استهدفت ضربات جوية غربية مواقع للجماعة الحوثية المدعومة من إيران، الجمعة، شملت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء ومحافظات الحديدة وذمار والبيضاء، وذلك غداة غارتين ضربتا موقعاً في الحديدة، في سياق العمليات التي تقودها واشنطن منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، تحت مسمى «حارس الازدهار»؛ للحد من قدرة الجماعة على مهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وتشنّ الجماعة هجماتها ضد السفن، منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، إذ تدّعي محاولة منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، بغض النظر عن جنسيتها، إلى جانب السفن الأميركية والبريطانية.

دخان يتصاعد على أثر ضربات غربية استهدفت معسكراً حوثياً في صنعاء (رويترز)

وأقرّت وسائل الجماعة الحوثية بتلقي الضربات التي وصفتها بـ«الأميركية البريطانية» في صنعاء والحديدة وذمار والبيضاء، حيث استهدفت 4 غارات معسكر الصيانة في منطقة الحصبة شمال صنعاء، كما استهدفت 7 غارات منطقة الكثيب في مدينة الحديدة الساحلية ومطارها، إضافة إلى غارة ضربت موقعاً عسكرياً جنوب مدينة ذمار، الواقعة على بُعد نحو 100 كيلومتر جنوب صنعاء، إلى جانب 3 غارات ضربت مواقع في مديرية مكيراس بمحافظة البيضاء المتاخمة للمحافظات اليمنية الجنوبية المحرَّرة (جنوب شرقي صنعاء).

وجاءت الضربات الغربية غداة غارتين قالت الجماعة الحوثية إنهما استهدفتا، مساء الخميس، منطقة الجبانة في مدينة الحديدة (غرب)، التي تتخذ منها الجماعة منطلقاً لشنّ الهجمات البحرية ضد السفن.

وذكر شهود عيان في صنعاء سماع سيارات الإسعاف المتجهة إلى «معسكر الصيانة»، ولم تتحدث الجماعة، على الفور، عن أثر هذه الضربات الغربية التي استهدفت مواقع سبق استهدافها أكثر من مرة، خلال الأشهر الماضية. كما لم يتبنَّ الجيش الأميركي هذه الضربات، على الفور.

720 غارة

أطلقت واشنطن، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ما سمّته «تحالف حارس الازدهار»؛ لحماية الملاحة البحرية، قبل أن تبدأ ضرباتها الجوية على الأرض، في 12 يناير الماضي، بمشاركة من بريطانيا.

وتلقّت الجماعة الحوثية نحو 720 غارة غربية في مناطق يمنية عدة خاضعة لها، بما فيها صنعاء، لكن أكثر الضربات تركّزت على المناطق الساحلية في محافظة الحديدة الساحلية، وأدت، في مجملها، إلى مقتل أكثر من 60 عنصراً.

دخان يتصاعد على أثر ضربات غربية استهدفت معسكراً حوثياً في صنعاء (رويترز)

ووزّعت الجماعة، الجمعة، مشاهد لاستهداف ناقلة النفط البريطانية «كورديلا مون»، التي كانت قد هاجمتها، الثلاثاء الماضي، بزورقٍ مفخّخ وطائرات مُسيرة وصواريخ باليستية، وهي العملية التي أفادت مصادر بحرية أمنية بريطانية بأنها لم تسفر عن سقوط ضحايا، حيث واصلت السفينة مسارها إلى الميناء التالي.

ومِن بين نحو 188 سفينة تبنّت الجماعة مهاجمتها، أدى هجوم، في 18 فبراير (شباط) الماضي، إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استهدفتها الجماعة في 12 يونيو (حزيران) الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي حوثي، في 6 مارس (آذار) الماضي، إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية في خليج عدن.

وإلى جانب الإصابات التي لحقت عدداً من السفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر»، التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.

استمرار التصعيد

كانت الجماعة الحوثية قد تبنّت إطلاق عدد من الطائرات المُسيرة باتجاه تل أبيب، الخميس، وأشار زعيمها عبد الملك الحوثي، في خطبته الأسبوعية، إلى استمرار التصعيد، وأفرد مساحة واسعة للحديث عن الهجمات الإيرانية الصاروخية الأخيرة على إسرائيل.

وفي حين زعم الحوثي أن مقتل حسن نصر الله لن يؤثر على «حزب الله» اللبناني، قال إن جماعته هاجمت 188 سفينة، منذ بدء التصعيد في نوفمبر 2023.

وادّعت الجماعة إطلاق 3 صواريخ مجنّحة باتجاه تل أبيب، الأربعاء الماضي، دون تأكيد إسرائيلي بخصوص هذه الهجمات، وذلك غداة مهاجمة الجماعة سفينتين في البحر الأحمر.

الحوثيون استهدفوا الثلاثاء الماضي ناقلة نفط بريطانية (إ.ب.أ)

ويوم الثلاثاء الماضي، كانت الجماعة قد زعمت مهاجمة هدف عسكري في تل أبيب بطائرة مُسيرة من نوع «يافا»، ومهاجمة أهداف عسكرية أخرى في إيلات بأربع مُسيرات من نوع «صماد 4»، وهي الهجمات التي لم يُشِر الجيش الإسرائيلي إلى آثار ناجمة عنها.

وفي 15 سبتمبر (أيلول)، كانت الجماعة قد أطلقت صاروخاً «فرط صوتي» من نوع «فلسطين 2» باتجاه تل أبيب، حيث أدت عملية اعتراضه إلى إشعال حرائق في أماكن مفتوحة، دون تسجيل أي إصابات بشرية. كما تبنّت، في 27 سبتمبر الماضي، إطلاق صاروخ من النوع نفسه باتجاه تل أبيب، وإطلاق مُسيرة من نوع «يافا» باتجاه منطقة عسقلان.

وإزاء الهجمات التي تبنّتها الجماعة الحوثية ضد إسرائيل، كان أول رد للأخيرة، في 20 يوليو (تموز) الماضي، حيث استهدفت مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل ستة أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكررت الضربات الإسرائيلية، الأحد الموافق 29 سبتمبر الماضي، على مستودعات الوقود في ميناءي الحديدة ورأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقرّ به الحوثيون.