العراق لـ«خفض التوتر» قليلاً مع إيران... وجدولة الانسحاب الأميركي

السوداني يوازن بين النقيضين: طهران حاربت «داعش» معنا... وواشنطن أسقطت نظام صدام

السوداني يلتقي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على هامش منتدى «دافوس» (أ.ف.ب)
السوداني يلتقي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على هامش منتدى «دافوس» (أ.ف.ب)
TT

العراق لـ«خفض التوتر» قليلاً مع إيران... وجدولة الانسحاب الأميركي

السوداني يلتقي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على هامش منتدى «دافوس» (أ.ف.ب)
السوداني يلتقي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على هامش منتدى «دافوس» (أ.ف.ب)

أطلق رئيس الحكومة العراقية، محمد شياع السوداني، تصريحات هادئة عن إيران بعد يومين من التصعيد ضدها على خلفية قصف أربيل بصواريخ باليستية.

وفي حين أكد أن الحكومة «تخطط لترتيب العلاقة مع التحالف الدولي وبعثة الأمم المتحدة»، قالت مصادر مطلعة إن «بغداد وطهران قررتا خفض التوتر بينهما». وخلال جلسة حوارية، اليوم (الخميس)، ضمن أعمال «منتدى دافوس» المنعقد في سويسرا، قال السوداني: «نحترم الموقف الدولي ووقوفه معنا ضد (داعش)، لكن القوات المسلحة أصبحت عامل استقرار في العراق، ومن أجل ذلك بدأنا بترتيب حوار انتهاء مهمة التحالف الدولي».

وأكد السوداني أن بغداد ستدخل في حوار لجدولة انتهاء مهمة تلك القوات، «بعد الاعتداءات التي تحصل على المقرات العراقية». وأضاف رئيس الحكومة: «هذا مطلب شعبي رسمي، وجادون بهذا الأمر، وانتهاء مهام التحالف الدولي ضرورة لأمن واستقرار العراق واستمرار العلاقات الطيبة بين العراق ودول التحالف».

السوداني تحدث في «دافوس» عن مستقبل العلاقة مع الأمم المتحدة والتحالف الدولي (أ.ف.ب)

وأكد السوداني أن ترتيب انتهاء مهمة التحالف الدولي كان «محور زيارة وفد برئاسة وزير الدفاع العراقي إلى واشنطن في أغسطس (آب) 2023»، التي أدت إلى تشكيل لجنة ثنائية كان من المفترض أن تدرس «انسحاب المستشارين الدوليين»، لكن الأمر تعرقل مع أحداث 7 أكتوبر (تشرين الأول) في غزة التي أوقفت الاجتماعات.

موازنة النقيضين

وحاول السوداني الموازنة بين طرَفي النزاع في المنطقة، طهران وواشنطن، وقال إن «العراق لديه مصالح مشتركة مع الجميع»، مشيراً إلى أن «إيران دولة جارة وقفت مع العراق ضد (داعش)»، وهناك «مصالح مع الولايات المتحدة التي وقفت معنا في إسقاط نظام صدام حسين».

وشدد رئيس الحكومة على أن العراق «مثلما لا يسمح بالتدخل بشؤون الدول الأخرى، فإنه لا يسمح أيضاً بالتدخل في شؤونه»، مشيراً إلى أن «العراق دولة أساسية في استقرار المنطقة، ويؤمن بتعزيز العلاقة مع الجميع».

وتكثّفت الهجمات التي تستهدف القوات الأميركية وقوات التحالف الدولي في العراق وسوريا بعد بدء الحرب بين إسرائيل و«حماس»، وتبّنتها جماعة تطلق على نفسها «المقاومة الإسلامية في العراق».

ورداً على هذه الهجمات، نفّذت واشنطن غارات عدة في العراق ضد مقاتلين وقادة الجماعات المسلحة الموالية لإيران، كان آخرها قصف مقر لحركة «النجباء» في بغداد مطلع الشهر الحالي.

وفي إشارة إلى تلك الهجمات، قال السوداني إن «انتهاء مهمة التحالف الدولي ضرورة لأمن واستقرار العراق، كما أنه ضرورة للحفاظ على العلاقات الثنائية البناءة بين العراق ودول التحالف».

وعدّ السوداني أن «الموقف الأمني بشهادة كل المختصين في العراق ولدى الأصدقاء أن (داعش) لا يمثل تهديداً للدولة العراقية»، سوى «مجاميع منفردة لأشخاص يهربون ويختبئون في الكهوف في الجبال والصحاري، تطاردهم الأجهزة الأمنية وتقتص منهم».

وتنشر واشنطن 2500 عسكري في العراق ونحو 900 في سوريا في إطار مكافحة تنظيم «داعش» ضمن التحالف الدولي الذي أُنشئ عام 2014.

السوداني قال إن إيران بلد حليف ساعد العراق ضد «داعش» (أ.ف.ب)

أولويات السوداني

في دافوس، حاول السوداني تكريس عبارة «الدبلوماسية المنتجة» التي أطلقها عند توليه رئاسة الحكومة أواخر 2022. وقال إن بغداد «تخطط أيضاً لتحديد شكل العلاقة المستقبلية مع البعثة الأممية في العراق (يونامي)».

وعقب لقائه أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أكد السوداني أن العراق «استكمل بناء مؤسساته الدستورية وأوفى بالتزاماته الدولية، ويحتاج الآن إلى تحديد علاقته مع البعثة الدولية».

وقال: «نحاول ترتيب العلاقة مع الوكالات الأممية وحسب تخصصها، فضلاً عن استمرار التعاون مع المنظمة الدولية في جهود الحدّ من تأثيرات التغيرات المناخية، والتصحر، وشحّ المياه».

في السياق ذاته، وخلال لقائه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فقد بحث السوداني طبيعة العلاقة مع باريس في مختلف المجالات، لا سيما مراجعة الاتفاق مع كبرى الشركات الفرنسية «توتال»، التي أبرمتها بغداد مطلع عام 2023.

وتطرق لقاء السوداني وماكرون إلى «تطوير القدرات العسكرية العراقية، وتنفيذ عقود التسليح مع شركة (تاليس) الفرنسية، وتوسعة الشراكة في المجال النفطي وتعزيز التعاقدات المختلفة مع شركة (توتال) وباقي الشركات الفرنسية الكبرى».

السوداني يلتقي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على هامش منتدى «دافوس» (أ.ف.ب)

تهدئة مع طهران

وبينما كانت تصريحات السوداني عن الإيرانيين أكثر هدوءاً، اليوم (الخميس)، طرأت تغييرات سريعة على نبرة التصعيد التي تراجعت قليلاً،إثر هجوم «الحرس الثوري» الإيراني على مدينة أربيل، الاثنين الماضي.

وعلى الرغم من أن السوداني لم يصنف إيران، منذ أن تولى المنصب، إلا بموقع متقدم من حيث العلاقة مع بلاده، فإنه ومن خلال طريقة تعامله مع الهجوم على أربيل، أظهر موقفاً مفارقاً مع هذا البلد الجار.

وبدا أن موقف الحكومة الذي تصاعد كثيراً حتى يوم الأربعاء، تزامن مع تحفظ واضح من الأحزاب الشيعية في تحالف «الإطار التنسيقي» الحاكم، بينما كانت الأحزاب السنية والكردية تدعم السوداني في موقفه من طهران.

لكن، يبدو أن البلدان اتفقا على خفض التوتر بطلب من طهران. وقالت مصادر عراقية مطلعة إن «الحكومة ستتعامل بهدوء أكثر مع تداعيات القصف»، بعد ورود رسائل إيرانية بأن الوضع في المنطقة «لا يتحمل مزيداً من التصعيد، خصوصاً بعد اندلاع أزمة مع باكستان».

تحذير من توسيع الحرب

وعن تطور الأزمة في قطاع غزة، أكد السوداني أن «شعوب المنطقة تشعر بالغضب إزاء العدوان، والإبادة الجماعية التي تُرتكب هناك».

وخلال استقباله رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، على هامش منتدى دافوس، جدّد السوداني «موقف العراق ورؤيته تجاه مخاطر استمرار العدوان على الفلسطينيين»، مشيراً إلى أنّ «مجمل استقرار المنطقة مرهون بإيقاف الحرب، التي قد تتوسع وتؤدي إلى تدهور أمني شامل».

ودعا رئيس الوزراء العراقي البلدان الأوروبية إلى أن «تخطو خطوات مسؤولة، وأن تتعاون مع العراق في إنهاء ملف مخيّم الهول، وأن تتسلم مواطنيها، وتتحمل المسؤولية الأمنية المتعلقة بهم».

بدورها، أعربت فون دير لاين عن تقديرها لمواقف العراق تجاه تطورات الأوضاع في غزّة، وجهود الحكومة العراقية في احتواء التداعيات.

وأكدت «قلق المفوضية الأوروبية إزاء اتساع رقعة الصراع، وعزمها الاستمرار في تقديم المساعدات الإنسانية للفلسطينيين».

ورحبت بـ«الجهود الساعية إلى تعزيز علاقات التعاون والشراكة بين العراق والاتحاد الأوروبي، وأهمية المضيّ في مجال توسعة الاستثمارات ومشاركة الشركات والمؤسسات الأوروبية في مشروعات التنمية الاستراتيجية الجارية في العراق».

 


مقالات ذات صلة

«فوضى» تضرب مطار بغداد... والحكومة تتدخل بالتحقيق

المشرق العربي مسافرون داخل مطار بغداد الدولي (أرشيفية - أ.ف.ب)

«فوضى» تضرب مطار بغداد... والحكومة تتدخل بالتحقيق

قالت مصادر حكومية إن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني «أمر بتشكيل لجنة للتحقيق في أسباب فوضى شهدها مطار بغداد الدولي»، جراء التضارب والتأخير في مواعيد الرحلات.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي صورة من قاعدة عين الأسد في الأنبار بالعراق 29 ديسمبر 2019 (رويترز)

أحزمة ناسفة وقيادات «صف أول»... تفاصيل الغارة على «داعش» غرب العراق

كشفت واشنطن وبغداد عن غارة مشتركة على مواقع لمسلحي «داعش» في الصحراء الغربية بالأنبار، أسفرت عن مقتل «قيادات» في التنظيم.

حمزة مصطفى (بغداد)
شؤون إقليمية موقع سقوط المسيّرة التركية في كركوك (إكس) play-circle 00:24

أنقرة تتحرى مع بغداد عن مسيّرة «أُسقطت» في كركوك

أكدت تركيا أنها والعراق لديهما إرادة قوية ومشتركة بمجال مكافحة الإرهاب كما عدّ البلدان أن تعاونهما بمشروع «طريق التنمية» سيقدم مساهمة كبيرة لجميع الدول المشاركة

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
المشرق العربي متظاهرون عراقيون يتجمعون للاحتفال بذكرى احتجاجات مناهضة للحكومة في بغداد (أرشيفية - رويترز)

دعوات أميركية لتشريع قانون يُجرِّم الاختطاف في العراق

دعت الولايات المتحدة الجهات المعنية في العراق إلى إجراء تعديلات تشريعية بشأن ضحايا الاختفاء القسري، بعد 3 موجات من الخطف والتغيب.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي صورة إطلاق طائرة مسيّرة من فيديو نشرته «المقاومة الإسلامية في العراق» عبر «تلغرام»

فصائل عراقية تخرق الهدنة باستهداف موقع في حيفا

أعلنت الجماعة التي تطلق على نفسها اسم «المقاومة الإسلامية»، الخميس، استهداف محطة كهرباء «ألون تافور» الصناعية في حيفا.

حمزة مصطفى (بغداد)

الحوثيون يعلنون استهداف السفينة «جروتون» في خليج عدن للمرة الثانية

صورة بالأقمار الاصطناعية تُظهر حريقاً على سطح ناقلة النفط «سونيون» التي استهدفها الحوثيون في البحر الأحمر (أ.ف.ب)
صورة بالأقمار الاصطناعية تُظهر حريقاً على سطح ناقلة النفط «سونيون» التي استهدفها الحوثيون في البحر الأحمر (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعلنون استهداف السفينة «جروتون» في خليج عدن للمرة الثانية

صورة بالأقمار الاصطناعية تُظهر حريقاً على سطح ناقلة النفط «سونيون» التي استهدفها الحوثيون في البحر الأحمر (أ.ف.ب)
صورة بالأقمار الاصطناعية تُظهر حريقاً على سطح ناقلة النفط «سونيون» التي استهدفها الحوثيون في البحر الأحمر (أ.ف.ب)

قالت جماعة الحوثي اليمنية المتمردة، السبت، إنها هاجمت السفينة «جروتون» التي ترفع علم ليبيريا في خليج عدن للمرة الثانية، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال العميد يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين المدعومين من إيران في بيان: «انتصاراً لمظلومية الشعب الفلسطيني ومجاهديه، نفذت قواتنا المسلحة عملية عسكرية استهدفت السفينة (جروتون)، وذلك لانتهاك الشركة المالكة لها قرار حظر الدخول إلى مواني فلسطين المحتلة».

وأضاف سريع: «نفذت العملية القوات البحرية وسلاح الجو المسير والقوة الصاروخية. وقد أدت العملية إلى إصابة السفينة بشكل دقيق ومباشر».

وأشار إلى أن هذا الاستهداف «هو الثاني للسفينة بعد استهدافها في الثالث من أغسطس (آب) الحالي».

وأوضح المتحدث العسكري الحوثي أن قوات جماعته «أكدت نجاحها في منع الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر، وكذلك فرض قرار حظر الملاحة في منطقة العمليات المعلن عنها على جميع السفن المرتبطة بالعدو الإسرائيلي أو التي تتعامل معه، بغض النظر عن وجهتها أو السفن التابعة لشركات لها علاقة بهذا العدو».

كما أكد سريع استمرار عملياتهم البحرية في منطقة العمليات التابعة لهم «وكذلك استمرار إسنادها للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وفي الضفة الغربية حتى وقف العدوان ورفع الحصار عن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة».

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 يواصل الحوثيون استهداف كثير من السفن في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي، ويقولون إن هذه العمليات تأتي «نصرة لغزة».