خلافاً لأكثر من 100 هجمة صاروخية نفذتها إيران ضد إقليم كردستان، خلال الأشهر والسنوات الماضية بذرائع مختلفة، كشف الهجوم الباليستي لـ«الحرس الثوري» على أربيل، للمرة الأولى تقريباً، عن موقف حكومي متماسك حيال الانتهاك الإيراني، استند إلى تكذيب الرواية التي ساقتها طهران منذ الثلاثاء.
وقُتل في القصف الذي نفّذه «الحرس الثوري» الإيراني بـ10 صواريخ باليستية، ليل الاثنين، رجل الأعمال الكردي بيشرو دزيي مع طفلته التي تبلغ من العمر 11 شهراً، وكان من المفترض أن تحتفل بعيد ميلادها الأول نهاية الشهر الجاري.
وإلى جانب المواقف الحكومية المنددة بالهجوم، لوح وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي بإمكانية إلغاء بلاده للاتفاق الأمني الموقع مع طهران بشأن الأحزاب الإيرانية المعارضة التي تتخذ إقليم كردستان مقراً لها.
وقال العباسي في تصريح لقناة «العربية»، إن «ما قامت به إيران يضر بالعلاقات والمصالح المشتركة بين البلدين. على دول الجوار أن تعي أن العراق ليس ضعيفاً».
وأضاف: «القصف الإيراني ليس مرفوضاً بل مداناً بشكل قاطع (...) لدينا اتفاق أمني معهم لم يجف حبره بعد، وكان يجدر بهم تزويد العراق بالمعلومات التي يدّعونها وكان بإمكاننا التعامل معها بعدة طرق».
وقال العباسي: «من الممكن أن نذهب إلى تعليق الاتفاق الأمني الأخير».
وخاض العراق وإيران مفاوضات أمنية واسعة منذ أشهر، بشأن الأحزاب الإيرانية المعارضة لطهران، وتمكنا من توقيع اتفاق يقضي بنزع أسلحة تلك الجماعات ونقل مقراتها بعيداً عن الحدود المشتركة بين البلدين.
وفي سياق الغضب العراقي من السلوك الإيراني، قرر كل من رئيس الوزراء محمد السوداني ورئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، إلغاء اجتماع كان مقرراً، الأربعاء، مع وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، ضمن جدول أعمال منتدى «دافوس».
وجدد خالد اليعقوبي، المستشار الأمني لرئيس الوزراء، الأربعاء، موقف بلاده الرافض للهجوم الإيراني، وقال في تصريحات صحافية: «لا يمكن أن يوضع هذا التصرف إلا في خانة تهديد الأمن القومي العراقي (...) انتهاك صريح للسيادة العراقية، لا يتناسب مع طبيعة وعمق العلاقة العراقية الإيرانية».
واتهم مجلس أمن إقليم كردستان، الأربعاء، الأجهزة الإيرانية بنشر «صور مزيفة عن هجوم أربيل»، ليكمل مواقف التكذيب التي أصدرتها المؤسسات العراقية خلال الساعات الماضية،، دشنها مستشار الأمن القومي، قاسم الأعرجي، الذي قال: «المنزل الذي قصفته إيران منزل رجل أعمال، وليس مقراً للموساد».
وقال مجلس الأمن الكردي: «بعد الهجمات الإرهابية على أربيل ورد فعل الحكومة الاتحادية وتشكيل لجنة تحقيق، بدأت أجهزة إيرانية بنشر أخبار وصور مزيفة وغير ذات صلة».
وأضاف: «من واضح جداً أن الهجوم استهدف أبناء إقليم كردستان، وجهود الأجهزة الإيرانية لا يمكن أن تغير الرأي العام الغاضب في الإقليم والعراق تجاه هذه الجرائم والانتهاكات».
من جانبه، قال النائب السابق مشعان الجبوري، في تدوينة عبر منصة «إكس»، إن «المدونين الذين يتبنون الرواية الإيرانية حول العلاقة المزعومة للفقيد بيشرو دزيي مع الموساد الإسرائيلي (...) يجافون الحقيقة التي يعرفها سكان مدينة أربيل».
وأوضح الجبوري أن منزله الشخصي قيد الإنشاء يقع في جوار المنزل الذي درمته الصواريخ الإيرانية، وأكد أن رجل الأعمال «الضحية لا يتعاطى السياسة ولا تجارة النفط، وبذلك يسيئون لعائلته وعشيرته ومحبيه ويدمرون سمعته ظلماً وهو ميت».
أتمنى على الاخوة المدونين والذين يظهرون في القنوات الفضائية متبنين الرواية الايرانية حول العلاقة المزعومة للفقيد بيشرو دزيي مع الموساد الاسرائيلي الادراك انهم يجافون الحقيقة التي يعرفها المجتمع الاربيلي عن الضحية الذي لا يتعاطى السياسة ولا تجارة النفط وبذلك يسيئون لعائلة الضحية... pic.twitter.com/r3ZE1SOpFs
— مشعان الجبوري (@mashanaljabouri) January 17, 2024
وسأل الجبوري من «يتبنى الرواية الإيرانية» فيما «إذا كان لدى طهران يقين بأن الفقيد على صلة بالموساد، لماذا لم يقتلوه بمسدس كاتم في أربيل أو دبي أو بغداد التي يزورها كل شهر بدل مهاجمة منزله بالصواريخ وقتل النساء والأطفال الأبرياء وترويع الأمنين من سكان أربيل؟».
في السياق، قال «المجلس العراقي للسلم والتضامن»، إن «ما قامت به إيران من عدوان سافر على السيادة العراقية لا يمكن تبريره بادعاءات مزعومة».
وأوضح المجلس، في بيان صحافي، أن «سلوك إيران يتنافى مع القواعد التي تقوم عليها العلاقات بين البلدان»، مشيراً إلى أن «الادعاء (الإيراني) بوجود مواقع للتجسس في الإقليم نفاها مستشار الأمن الوطني العراقي المكلف بالتحقيق في الحادث».
وطالب المجلس، الذي يدير مبادرة مدنية للحوار المجتمعي، الحكومة العراقية بـ«اتخاذ كل الإجراءات الكفيلة بحماية حياة المواطنين في كل أرجاء العراق».
في المقابل، لاذت بالصمت قوى وأحزاب منضوية تحت مظلة «الإطار التنسيقي»، ولم يصدر عنها أي رد فعل إزاء الهجوم، وهو ما يفسره مراقبون بأن «الحرج والالتباس» يؤثران على مواقف هذه الجماعات قدر تعلق الأمر بإيران.