العليمي: ملتزمون بالسلام الشامل لإنهاء معاناة اليمنيين

أميركا تصنف الحوثيين في قائمة الإرهاب العالمي

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مجتمعاً في الرياض مع السفير الأميركي (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مجتمعاً في الرياض مع السفير الأميركي (سبأ)
TT

العليمي: ملتزمون بالسلام الشامل لإنهاء معاناة اليمنيين

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مجتمعاً في الرياض مع السفير الأميركي (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مجتمعاً في الرياض مع السفير الأميركي (سبأ)

جدّد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، الأربعاء، التزام المجلس الذي يقوده بالسلام الشامل ودعم المساعي الأممية لإنهاء معاناة بلاده، في وقت أعلنت فيه واشنطن أنها صنفت الجماعة في قوائم الإرهاب العالمي.

تزامن ذلك مع تسجيل حادث جديد في البحر الأحمر، دون أضرار، غداة استهداف الحوثيين سفينة يونانية بصاروخ وإعلان القيادة المركزية الأميركية ضبط شحنة أسلحة إيرانية متقدمة كانت في طريقها إلى الحوثيين.

شنت واشنطن ولندن ضربات على الحوثيين وسط تشكيك في فاعليتها (أ.ف.ب)

وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية في بيان الأربعاء تصنيف الحوثيين «جماعة إرهابية عالمية»، وذلك في قرار يسري بعد 30 يوماً من الآن. وذكر البيان أنه خلال مدة الثلاثين يوماً قبل نفاذ القرار «ستجري الحكومة الأميركية تواصلاً واسع النطاق مع الأطراف المعنية، ومقدمي المساعدات، والشركاء المهمين لتسهيل المساعدة الإنسانية والاستيراد التجاري للسلع الضرورية في اليمن».

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن هجمات الحوثيين ضد عمليات الشحن الدولية أدت إلى تعطيل التدفق الحر للتجارة وتعريض البحارة للخطر، واصفاً تصنيف الحوثيين «جماعة إرهابية» بأنه يهدف إلى مساءلة الجماعة عن «أنشطتها الإرهابية»، وفق البيان. وأضاف البيان «يجب محاسبة الحوثيين على أفعالهم، لكن هذا يجب ألا يكون على حساب المدنيين اليمنيين... نتخذ خطوات كبيرة من أجل تخفيف أي تداعيات محتملة على شعب اليمن نتيجة لهذا التصنيف».

ونفذت الجماعة الموالية لإيران نحو 29 هجوماً ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بما في ذلك إصابات محققة طالت سفينة نرويجية وأخرى أميركية وثالثة يونانية، إلى جانب قرصنة سفينة «غالاكسي ليدر»، واحتجاز طاقمها وتحويلها إلى مزار لأتباع الجماعة.

وعلى الرغم من الضربات التي وجهتها واشنطن ولندن يومي الجمعة والسبت الماضيين، ضد مواقع حوثية في صنعاء وأربع محافظات أخرى، فإن الجماعة توعدت بالاستمرار في مهاجمة السفن التي تزعم أنها إسرائيلية أو متجهة من وإلى إسرائيل، في سياق ادعائها مناصرة الفلسطينيين في غزة.

إنهاء الانقلاب

ذكر الإعلام الرسمي اليمني أن العليمي استقبل في الرياض، الأربعاء، سفير الولايات المتحدة لدى اليمن ستيفن فاغن، وبحث معه مستجدات الوضع والمساعي الأممية لإطلاق عملية سياسية شاملة، تضمن إنهاء الانقلاب، واستعادة مؤسسات الدولة، بناء على الجهود الحميدة للسعودية، والمرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً.

ونقلت وكالة «سبأ» أن اللقاء تطرق إلى تطورات الأوضاع في المنطقة، والحرب الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني وتداعياتها الكارثية على السلم والأمن الدوليين، بما في ذلك عسكرة الميليشيات الحوثية للبحر الأحمر، وتهديد حرية الملاحة الدولية.

وقال العليمي إن مجلس الحكم الذي يقوده ملتزم «بنهج السلام الشامل والعادل، ودعم جهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة من أجل إنهاء المعاناة الإنسانية التي صنعتها الميليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني».

تتهم الحكومة اليمنية الحوثيين بتنفيذ أجندة إيران في المنطقة مستغلة حرب إسرائيل على غزة (أ.ف.ب)

الإعلام الحكومي أفاد بأن العليمي أعاد التذكير بتعنت الحوثيين إزاء مساعي السلام، بما في ذلك رفضهم المبادرات كافة لدفع رواتب موظفي القطاع العام، واستمرار انتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان، وتصعيدها الحربي على مختلف الجبهات، فضلاً عن هجماتها الإرهابية على المنشآت النفطية وخطوط الملاحة الدولية ما يستدعي اتخاذ مواقف دولية حازمة.

من جهته، وصف نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني عيدروس الزبيدي، الأربعاء، التطورات التي يشهدها البحر الأحمر بأنها «منفصلة عما يحدث في قطاع غزة»، محذراً من أن تصعيد الحوثيين سيؤدي إلى «كارثة إنسانية» بالبلاد في المستقبل.

وذكر الزبيدي خلال جلسة بـ«منتدى دافوس الاقتصادي العالمي» أن الحوثيين «يحاولون زيادة شعبيتهم من خلال ربط عملياتهم في البحر الأحمر بما يحدث في غزة».

وعدّ الزبيدي أن ما تقوم به الولايات المتحدة وبريطانيا «مطلوب»، متوقعاً أن تؤدي الضربات الأخيرة التي شنها البلدان إلى التصعيد.

ومع تصاعد المخاوف من تأثر الوصول الإنساني إلى اليمن الذي يعيش غالبية سكانه على المساعدات الأممية، أعربت 26 منظمة دولية ويمنية في بيان مشترك عن قلقها البالغ إزاء تأثير التصعيد العسكري في اليمن والبحر الأحمر على العمل الإنساني.

وأكدت المنظمات في بيانها أنها «بدأت تشعر بالفعل بتأثير التهديد الأمني في البحر الأحمر، إذ يؤدي تعطيل التجارة إلى ارتفاع الأسعار والتسبب في تأخير شحنات السلع المنقذة للأرواح».

وأوضح البيان أن بعض المنظمات عقب التصعيد في البحر الأحمر والضربات الأميركية اضطرت إلى تعليق عملياتها بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة والأمن، بينما تقيّم منظمات أخرى قدرتها على العمل.

وقالت المنظمات الإنسانية إن ندرة السلع الأساسية وزيادة تكاليفها، مثل الغذاء والوقود، ستفاقم الأزمة الاقتصادية الحادة أصلا، وستزيد الاعتماد على المساعدات.

إعادة التصنيف

مع عدم امتثال الجماعة الحوثية للتحذيرات الأميركية والدولية بما فيها الضربات الجوية والبحرية، تتأهب واشنطن لإعادة تصنيف الجماعة على لوائح الإرهاب الدولي، وفق ما أفاد به مصدران مطلعان على قرار البيت الأبيض، ومسؤول أميركي لـ«أسوشييتد برس».

وكانت الإدارة الأميركية الحالية ألغت قراراً للرئيس السابق دونالد ترمب، كان قضى بوضع الجماعة الحوثية على قوائم الإرهاب، إذ كانت تعتقد أن هذا التصنيف سيؤثر على الوضع الإنساني.

أثرت الهجمات الحوثية على التجارة العالمية وهددت حياة الصيادين اليمنيين (أ.ف.ب)

ويعتقد مراقبون يمنيون أن قرار التصنيف لن يكون مجديا مع جماعة تعمل على طريقة الميليشيات ويختبئ قادتها في الكهوف.

ومن جهته، قال منسق الاتصالات الاستراتيجية بمجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي، إن الولايات المتحدة تدرس الأمر؛ لكنه امتنع عن الإفصاح عما إذا كان اتخاذ قرار بإعادة إدراج جماعة الحوثي على قائمة «التنظيمات الإرهابية الأجنبية» وشيكاً.

ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤول أميركي طلب عدم نشر اسمه قوله إن الولايات المتحدة ستدرس إعادة إدراج الحوثيين بدءاً من منتصف فبراير (شباط) ما سيحول دون وصولها إلى النظام المالي العالمي، فضلاً عن عقوبات أخرى.

إلى ذلك، قال صامويل وربيرغ، المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأميركية، إن واشنطن قلقة على الشعب اليمني من ردود فعل جماعة الحوثي على الهجمات التي شنتها بلاده على مواقع للحوثيين.

وأوردت «وكالة أنباء العالم العربي» عن وربيرغ قوله: «إذا كانت هناك حاجة لنعود إلى مجلس الأمن الدولي لإصدار أي بيان أو قرار، أو حتى الذهاب لأي جهة أخرى لحماية أنفسنا وحماية التجارة العالمية، فالولايات المتحدة لن تتردد في ذلك».

قارب يحمل شحنة أسلحة إيرانية أوقفته البحرية الأميركية (الجيش الأميركي)

وحمل وربيرغ إيران المسؤولية عن الهجمات التي تشنها جماعة الحوثي على السفن في البحر الأحمر.

وقال: «إيران هي من تدعم وتمول الحوثيين وتمدهم بالأسلحة والإمكانيات التكنولوجية واللوجيستية والاستخباراتية. وإيران تلعب دوراً كبيراً في هذه الهجمات، وحتى الآن ليس هناك أي إشارة أو محاولة من النظام الإيراني لمنع الحوثيين من تنفيذ هذه الهجمات، وبالتالي على إيران والنظام الإيراني مسؤولية».

وحول موقف واشنطن من دعم إيران للحوثيين، قال وربيرغ: «لا يمكن افتراض الخطوات التي ستتخذها الولايات المتحدة في المستقبل. لكن دون أي شك نحن نراقب كيف يساهم النظام الإيراني في هذه الهجمات على السفن المارة في البحر الأحمر».

كما كرر التأكيد على حرص الولايات المتحدة على تجنيب المدنيين أي ضرر من جراء هذه الضربات.

وقال إن واشنطن وحلفاءها حريصون أولا على «حماية السفن وحماية المنطقة بشكل عام من احتمال وقوع أي كارثة بيئية، نتيجة ضرب أي سفينة محملة بالوقود والنفط مثلا».

وأضاف «هذه الإدارة (الأميركية) دائما تفضل المسار الدبلوماسي، وترى أن الخيار العسكري هو الخيار الأخير وليس الأول. لذلك قمنا بصياغة بيانات مشتركة مع دول أخرى وأصدرنا بيانات من مجلس الأمن وبيانات أخرى من أكثر من 44 دولة».

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

وعلى أثر التطورات المتصاعدة في البحر الأحمر والمياه اليمنية جراء هجمات الحوثيين والضربات الأميركية - البريطانية، كان المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ شدّد في بيان على ضرورة حماية المدنيين اليمنيين، والحاجة لصون التقدم الذي جرى إحرازه فيما يتعلق بجهود السلام منذ هدنة عام 2022، بما في ذلك الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف مؤخراً في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، والمناقشات الجارية حول خريطة الطريق الأممية التي من شأنها تفعيل وقف إطلاق النار على الصعيد الوطني، واستئناف عملية سياسية شاملة تحت رعاية الأمم المتحدة ومعالجة أولويات أساسية لصالح الشعب اليمني.

وأشار المبعوث ببالغ القلق إلى تزعزع الوضع الإقليمي بشكل متصاعد، وإلى التأثير السلبي لذلك على جهود السلام في اليمن، وعلى الاستقرار والأمن في المنطقة. وحض جميع الأطراف المعنية على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وتقديم المسارات الدبلوماسية على الخيارات العسكرية، داعياً إلى وقف التصعيد.


مقالات ذات صلة

اتهامات للحوثيين بعرقلة مساعدات الفقراء

العالم العربي جانب من عملية صرف مساعدات نقدية للفقراء في إحدى مناطق سيطرة الجماعة الحوثية (فيسبوك)

اتهامات للحوثيين بعرقلة مساعدات الفقراء

الجماعة الحوثية توقف صرف المساعدات النقدية للحالات الأشد فقراً في مناطق سيطرتها، وتستقطع منها لصالح جبهاتها، متسببة بمزيد من المعاناة الإنسانية للسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي معدل انعدام الغذاء الكافي انتشر بين 62 ‎%‎ من سكان اليمن (الأمم المتحدة)

برنامج أممي يحذر من خطر سوء التغذية الحاد في اليمن

حذر برنامج الأغذية العالمي من أن سوء التغذية الحاد في اليمن لا يزال يشكل تهديداً خطيراً لحياة الأشخاص مع وجود 17.6 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي دُشنت المشروعات التنموية برعاية عدد من الوزراء والمسؤولين (الشرق الأوسط)

«البرنامج السعودي» يضع حجر الأساس لمشروعات تنموية في مأرب

وضع «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» حجر الأساس لحزمة مشروعات تنموية في محافظة مأرب.

«الشرق الأوسط» (مأرب)
العالم العربي آثار عميقة تسببت بها الفيضانات في اليمن وأدت إلى تفاقم الظروف الإنسانية المتردية (أ.ف.ب)

تحذيرات من استمرار تأثير الفيضانات على الوضع الإنساني في اليمن

على الرغم من اقتراب موسم الأمطار في اليمن من نهايته مع رحيل فصل الصيف، تواصلت التحذيرات من استمرار هطول الأمطار على مناطق عدة، مع تراجع حدتها وغزارتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

العليمي: لا خيار سوى الانتصار على المشروع الإيراني في اليمن

وسط احتفالات واسعة بذكرى «ثورة 26 سبتمبر» أكد رئيس مجلس الحكم اليمني رشاد العليمي أنه لا خيار في بلاده إلا الانتصار على المشروع الإيراني المتمثل في الحوثيين

علي ربيع (عدن)

اتهامات للحوثيين بعرقلة مساعدات الفقراء

الجماعة الحوثية متهمة باستقطاع أجزاء من مبالغ مخصصة للفقراء (فيسبوك)
الجماعة الحوثية متهمة باستقطاع أجزاء من مبالغ مخصصة للفقراء (فيسبوك)
TT

اتهامات للحوثيين بعرقلة مساعدات الفقراء

الجماعة الحوثية متهمة باستقطاع أجزاء من مبالغ مخصصة للفقراء (فيسبوك)
الجماعة الحوثية متهمة باستقطاع أجزاء من مبالغ مخصصة للفقراء (فيسبوك)

أوقفت الجماعة الحوثية، خلال الأيام القليلة الماضية، صرف المساعدات النقدية المخصصة للحالات الأشد فقراً في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، في ظل اتهامات لها باستقطاع مبالغ مالية من المساعدات التي تُخصصها المنظمات الأممية والدولية لمصلحة الفقراء في اليمن.

وذكرت مصادر مطلعة في العاصمة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية تعمدت وضع صعوبات وعراقيل عدة، لمنع صرف المساعدات النقدية للمستحقين في نحو 35 مركزاً خاصاً في 6 محافظات يمنية تحت سيطرتها، وهي صنعاء، وإب، والمحويت، وذمار، وريمة، وعمران، من خلال ما سمته «المرحلة الـ18 لمشروع الحوالات النقدية للمستفيدين من صندوق الرعاية الاجتماعية».

إشراف عناصر حوثية على عملية صرف مساعدات نقدية طارئة في محافظة إب (إعلام حوثي)

ويستهدف مشروع الحوالات النقدية المموَّل من البنك الدولي ومنظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة (اليونيسيف)، في هذه المرحلة، ما يزيد على مليون ونصف المليون أسرة، تضم نحو 10 ملايين شخص في صنعاء وبقية المحافظات، بينما يبلغ إجمالي المبلغ المخصص بوصفه معونات نقدية في هذه المرحلة أكثر من 63 مليون دولار.

واشتكى مستفيدون من تلك الحوالات في صنعاء ومدن أخرى لـ«الشرق الأوسط»، من عراقيل وصعوبات مستمرة تتعمد الجماعة وضعها، وتؤدي لإيقاف عملية صرف المساعدات النقدية ساعات وأحياناً أياماً، في مراكز عدة؛ الأمر الذي يزيد من معاناتهم ومتاعبهم نتيجة الوقوف ساعات طويلة أمام تلك المراكز.

وتتم عملية الصرف التي يُشرِف عليها عناصر يتبعون ما يسمى «المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية»، وهو هيئة مخابراتية شكَّلتها الجماعة للرقابة على أنشطة الإغاثة والمنظمات الدولية والمحلية، إضافة إلى موظفين في بنك الأمل وصندوق التنمية الاجتماعي، عبر أكثر من 2500 مركز صرف تنتشر في نحو 40 ألف قرية.

جانب من عملية صرف مساعدات نقدية للفقراء في إحدى مناطق سيطرة الجماعة الحوثية (فيسبوك)

ويبرر هؤلاء المشرفون إيقاف عمليات الصرف في تلك المراكز وحرمان المستفيدين من الحصول على مستحقاتهم المالية الزهيدة، بزعم عدم انتظام المستفيدين في طوابير خاصة بعملية التسلُّم، وعدم تجهيز كشوفات أسماء بعض المستفيدين، إضافة إلى التحجج بوجود أعطال فنية في المراكز.

استقطاع متكرر

كشف مستفيدون آخرون من تلك الحوالات في قرى عدة في مديريات العدين وحبيش ومذيخرة في محافظة إب، ومديريات الجبين والجعفرية في محافظة ريمة، والرجم وحفاش في المحويت، وعتمة في ذمار، والعشة في عمران، ومناطق أخرى في صنعاء، عن وجود استقطاعات حوثية حالية من مستحقاتهم الزهيدة لدعم جبهات القتال.

ولفت المستفيدون إلى أن تلك الاستقطاعات يسبقها في كل مرة عمليات إيقاف متعمدة للصرف ساعات طويلة، دون إبداء الأسباب.

الجوع والفقر يدفعان يمنيين في صنعاء للتسول (الشرق الأوسط)

وبيَّن (أمين ع.)، وهو أحد المقربين من أحد المستفيدين من الضمان الاجتماعي في إب لـ«الشرق الأوسط»، أن قريبه لم يتسلم هذه المرة سوى مبلغ يساوي 15 دولاراً أميركياً تقريباً (8 آلاف ريال يمني)، وتفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار يساوي (536 ريالاً) كمساعدة نقدية مخصصة له، وذلك بعد عناء وجهد من أحد مراكز الصرف في ضواحي مدينة العدين.

وأوضح أن قريبه سبق له أن تَسَلَّمَ في المرحلة السابقة مبلغ 22 دولاراً (12 ألف ريال)، أي أنه تم استقطاع ثلث مستحقاته هذه المرة.

واتُّهم أمين الجماعة باستهداف الفقراء بشكل متكرر، ونهب كل مدخرات وموارد برامج الحماية الاجتماعية (شبكات الضمان الاجتماعي)، ما أدى إلى تعميق الفقر وارتفاع نسبته، وفقدان اليمنيين في عموم مناطق سيطرتها للحماية.

تدمير شبكة الضمان

ليست المرة الأولى التي تعرقل فيها الجماعة الحوثية صرف المساعدات العينية أو النقدية لصالح الفقراء والنازحين؛ إذ سبق أن اشتكى مستفيدون في مدن تحت سيطرتها مرات عدة من عمليات نهب واستقطاع مستحقاتهم.

وكشفت مصادر حقوقية في يونيو (حزيران) من العام قبل الماضي عن استقطاع قيادات انقلابية تدير مكاتب الشؤون الاجتماعية في المحافظات التي تحت سيطرتها، مبالغ من مستحقات الفقراء المستفيدين من مشروع الضمان الاجتماعي، تراوحت في حينها بين 6 و12 دولاراً (3 آلاف و7 آلاف ريال) عن كل حالة.

أسر يمنية في صنعاء تلجأ للحصول على وجبات طعام من مخلفات القمامة (الشرق الأوسط)

كما اتهمت المصادر الجماعة حينها بعدم مراعاة معاناة آلاف الأسر المعوزة المستفيدة من تلك المبالغ، وقد باتت مُعظمها لا تملك أي مصادر دخل غير تلك المستحقات الزهيدة التي تُصْرف لها كل 3 أشهر بعد انقطاع دام أعواماً، بفعل سطو قادة الجماعة على أرصدة صندوق الضمان الاجتماعي.

وأظهرت تقارير محلية وأخرى دولية تعرُّض عدد من الصناديق الإيرادية بما فيها «صناديق التقاعد» في مناطق سيطرة الجماعة لعمليات سطو منظمة، من بينها صندوق الضمان الاجتماعي، وصندوق النشء والشباب، وصندوق مؤسسة التأمينات الاجتماعية.

وعمدت الجماعة عقب انقلابها، وفق التقارير، إلى نهب أموال صناديق التقاعد، وأوقفت في المقابل مشاريع البنية التحتية، كما أحجمت عن تسديد ديونها للبنوك ومؤسسات التمويل الأصغر، ما قاد هذه المكونات التي تقدم العون والمساعدة لشريحة كبيرة من اليمنيين، إلى التوقف عن العمل.