سخرية يمنية من تهم لفقها الحوثيون لقاضٍ بعد اعتقاله

الجماعة تنتقم من معارضيها بمحاولة تشويه سمعتهم

تتهم الجماعة الحوثية باعتقال الآلاف في سجونها وتعذيبهم (إ.ب.أ)
تتهم الجماعة الحوثية باعتقال الآلاف في سجونها وتعذيبهم (إ.ب.أ)
TT

سخرية يمنية من تهم لفقها الحوثيون لقاضٍ بعد اعتقاله

تتهم الجماعة الحوثية باعتقال الآلاف في سجونها وتعذيبهم (إ.ب.أ)
تتهم الجماعة الحوثية باعتقال الآلاف في سجونها وتعذيبهم (إ.ب.أ)

رغم مضي خمسة أيام على اقتحام منزل القاضي اليمني عبد الوهاب قطران في صنعاء واعتقاله، فشل الحوثيون في إثبات التهمة التي وجهت له بحيازة مشروبات كحولية، وهي التهمة التي قوبلت بسخرية من قطاع عريض من الناشطين والسياسيين الذين أجمعوا على أنها محاولة للانتقام من الرجل بسبب مواقفه المعارضة لنهج الجماعة.

ونقلت مصادر قريبة من أسرة القاضي أن العناصر الأمنية للحوثيين تواصلوا بعدد من جيرانه والتقوا بالبعض الآخر، وطلبوا منهم التعاون معهم لاستخدامهم شهودا لإسناد التهمة الملفقة ضده من أجل الإساءة لسمعته، إلا أنهم رفضوا ذلك وأشادوا بالقاضي وأخلاقه.

يواجه المعارضون في مناطق الحوثيين تهماً أخلاقية لإسكاتهم (إكس)

من جهته، حذّر البرلماني المعارض أحمد سيف حاشد من التفكير بتلفيق تهمة أخرى للقاضي قطران؛ لأن ذلك سيكون وفق تقديره «فخاً أسوأ من سابقه»، وعدّ أن مثل هذه الخطوة سوف تسلط الضوء على قضايا جوهرية وحقيقية تمس الحوثيين ولا تخدمهم، وليسوا مضطرين للخوض فيها الآن.

ورأى حاشد أن الخيار الأفضل للحوثيين هو الإفراج عن قطران، والاعتذار له ولأسرته، حتى من باب السياسة، إذا لم يستطيعوا اتخاذه من باب الإنصاف والعدالة.

وحذر مما وصفه بـ«طغيان الحماقة، والولع في الهروب إلى الأمام»، والتمسك بالعناد والاستكبار، وانحسار صوت العقلاء في أوساط الجماعة.

هذه المحاولة الحوثية أتت فيما تستمر المطالبة بإطلاق سراح الرجل والاعتذار له، وتأكيد كل المتضامنين من سياسيين وناشطين وكتاب بأنه يعاقب بسبب آرائه الناقدة لأداء سلطة الحوثيين.

هدّد الحوثيون قطران بالسجن إذا لم يتوقف عن نقدهم (إكس)

وكانت معظم الانتقادات والسخرية من التهمة التي يروج لها صادرة عن نشطاء محسوبين على الحوثيين، حيث أكد الإعلامي مجدي عقبة أن ‏التهمة التي أرادوا تلفيقها للقاضي قطران بقصد إسكاته والنيل من شخصه وسمعته ارتدت عليهم، «وتحولت إلى موجة من السخرية الجارفة التي كشفت المستوى اللاأخلاقي» الذي وصل إليه بعض المتحكمين بزمام السلطة، وجزم أن هؤلاء سيندمون على اللحظة التي فكروا فيها باستخدام هذه الأساليب.

خرق فاضح

من جهته، أكد القاضي أحمد الخبي أن اختطاف قطران غير مشروع بالأساس، وخرق فاضح للدستور والقانون، لأن للقاضي حصانة لم تشرع لشخصه، بل حماية للنظام العام وقد منعت كل القوانين المس بالقضاة إلا بعد رفع الحصانة، وحظرت نشر أي شيء متعلق بالتحقيق معهم، وحفظ الأوراق حفاظا على سمعة ومكانة القضاء.

وأضاف أن هذه القواعد لا يفهمها «الجهال والغوغاء والرعاع»، ولا يدركون أبعادها وغاياتها، ولماذا نهى الله عموما عن إشاعة الفواحش والحديث عنها، والقاضي أهم فئات المجتمع على الإطلاق، واستدرك بالقول: «هذا في حال إن كان ما قيل بحق القاضي قطران حقيقة»، وعاد ليتساءل «فكيف لو كان مفبركا مختلقا فإن التحريم أشد؛ لكونه كذباً وخطره يكون عظيما».

أما المحامي عبد الفتاح الوشلي فقال إنه وفي عهد من يظنون أنهم أهل الفضيلة (يعني الحوثيين) فإن أي معارض أو ناشط سياسي أو حقوقي يتم اعتقاله ويزج به في السجون والمعتقلات خارج القانون، وتلصق به على الفور تهمة أخلاقية لتكون مبررا أو سببا لاعتقاله.

وجزم أن إلصاق هذه التهم وكشف عورات الناس أصبح شيئاً مقدساً، وخاطب الحوثيين وقال: ‏«اعتقلوا قطران أو غيره أو ما بعد بعده، فلا غرابة لأن ذلك طبيعة الأنظمة القمعية الاستبدادية».

عبث الحوثيون بمنزل قطران وأخضعوا أسرته للاستجواب قبل اقتياده (إكس)

ويؤكد الناشط الإعلامي الحوثي الكرار المراني أن اعتقال قطران دون مسوغ قانوني، وذكر أنه لا يتفق مع آراء القاضي لكن إن كان هناك عليه شيء فالقضاء هو الذي يحكم.

وانتقد الأصوات التي تبرر الاعتقال «الهمجي»، وقال إن الحوثيين إذا أرادوا أن تكون صنعاء عاصمة الصوت الواحد فيجب عليهم سجن كل الكتّاب والصحافيين والإعلاميين والنشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي ما دام أنهم لا يريدون سماع آراء الآخرين فيهم.

بدوره يؤكد نايف القانص القيادي في جماعة الحوثي وسفيرها السابق في دمشق أنه لم يعد هناك قضاء مستقل في مناطق سيطرة الجماعة، بل هي عبارة عن مؤسسة خاصة تأتيها التوجيهات والأوامر من فوق. فيما يقول نبيل سعيد إن الاعتقال لم يكن مفاجئا، وكان قطران قد علم بذلك قبل 3 أسابيع من تنفيذه، وأكد أنه وعند صدور قرار الاعتقال طالب الحوثيون من الرجل التهدئة في نقده لهم، لكنه رفض وظل ينتظر التنفيذ في أي لحظة.


مقالات ذات صلة

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

المشرق العربي مجموعة من الشبان اليمنيين المجندين في معسكر تدريب روسي يرفعون العلم اليمني (إكس)

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

تنشط شبكة حوثية لتجنيد شبان يمنيين للقتال ضمن الجيش الروسي في أوكرانيا، من خلال إغرائهم بالعمل في شركات أمن روسية برواتب مجزية وتتقاضى آلاف الدولارات عن كل شاب.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.