الحوثيون ينكلون بسكان عزلة بركان في صعدة

تنديد حكومي بالانتهاكات... وحملة تضامن حقوقية مع الضحايا

مسلحون حوثيون في منطقة بركان بمديرية رازح التابعة لمحافظة صعدة شمال اليمن (تويتر)
مسلحون حوثيون في منطقة بركان بمديرية رازح التابعة لمحافظة صعدة شمال اليمن (تويتر)
TT

الحوثيون ينكلون بسكان عزلة بركان في صعدة

مسلحون حوثيون في منطقة بركان بمديرية رازح التابعة لمحافظة صعدة شمال اليمن (تويتر)
مسلحون حوثيون في منطقة بركان بمديرية رازح التابعة لمحافظة صعدة شمال اليمن (تويتر)

أطلق حقوقيون يمنيون حملة إلكترونية للتضامن مع السكان في منطقة بركان التابعة لمديرية رازح بمحافظة صعدة (المعقل الرئيسي للميليشيات الحوثية) في أعقاب شن الميليشيات حملة عسكرية للتنكيل بهم، وسط تنديد حكومي ودعوات لتدخل أممي ودولي لوقف هذه الانتهاكات.
الميليشيات شنت حملة عسكرية وصفها حقوقيون بـ«العدوانية»، ضد أبناء العزلة، واستهدفت بالقصف العشوائي بمختلف أنواع الأسلحة أهالي المنطقة ومنازلهم، لإجبارهم، تحت الترويع والقمع، على القبول بإنشاء مكبّ للنفايات في منطقتهم.
وفرض الحوثيون، بحسب مصادر محلية، حصاراً خانقاً على المنطقة والقاطنين فيها، واختطفوا عدداً منهم، إضافة إلى آخرين ممن أعلنوا تضامنهم معهم، يتصدرهم القيادي الحوثي المدعو قاسم سليمان المعيَّن من قبل الميليشيات مشرفاً عامّاً في مديرية رازح، وقد تعرض للخطف بسبب إدانته تلك الممارسات بحق أبناء عزلة «بركان»، ووصفه لها بـ«جريمة حرب وحصار» غير مبررة.
في السياق نفسه، تحدث سكان محليون عن اختطاف مسلحي الميليشيات عدداً من أبناء منطقتهم ومن قرى أخرى مجاورة، نتيجة تضامنهم معهم، ومطالبتهم بوقف الانتهاكات الحوثية بحقهم، واتهموا الميليشيات بالسعي لتحويل قراهم إلى مكب للنفايات بالقوة.
وفي حين أثار السلوك الإجرامي الحوثي موجة غضب واستنكار شديدة في الأوساط الحقوقية والمجتمعية، ندد يمنيون بالجريمة، وقالوا إن ما قامت به الجماعة الانقلابية من جرائم قصف وترويع وحصار واختطاف بحق أبناء صعدة لم تكن المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة، حيث سبق لها غير مرة التنكيل بهم، خصوصاً الرافضين لها ولمشاريعها الطائفية ذات المنزع الإيراني. ووصف الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي ‏محافظة صعدة بأنها «أول صدر جمهوري تلقَّى خناجر الحقد الحوثي»، وأنها «ما زالت حتى اليوم تدفع الثمن الأكبر، بعد أن تمكن الحوثي من تحشيد أهلها تحت الترغيب والترهيب». ودعوا الإعلاميين والحقوقيين إلى التفاعل مع الحملة لإدانة الميليشيات وفضح انتهاكاتها بحق أبناء صعدة، وأكدوا أن الغياب التام للمنظمات الحقوقية في صعدة مكَّن الميليشيات من مواصلة ارتكاب أبشع الجرائم والانتهاكات بحق السكان في تلك المحافظة.
هذه الجرائم لم تكن الأولى للميليشيات بحق سكان صعدة، بغية ترويعهم وإجبارهم، بمختلف الأساليب والطرق، على التماهي مع أفكار حوثية؛ إذ سبق للجماعة أن أصدرت، أواخر العام الماضي، عبر جهاز القضاء الخاضع للانقلاب أحكاماً قضائية قضت بإعدام وسجن العشرات من أبناء صعدة، بعد أن وجهت لهم تهماً بـ«التخابر والخيانة الوطنية».
في غضون ذلك، استنكر وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، بأشد العبارات، إقدام الميليشيات على تسيير حملة عسكرية من عشرات العربات والآليات والمدرعات على العزلة، وأوضح الإرياني في تصريحات رسمية أن الميليشيات تفرض حصاراً محكماً على المدنيين في المنطقة، في محاولة لإجبارهم على تحويل أراضيهم لمكب للنفايات.
وقال الوزير اليمني في تصريحات رسمية إن «محافظة صعدة دفعت، ولا تزال، ثمناً باهظاً للإرهاب الحوثي، وعانت، ولا تزال، الأمرَّين من سلوكه العدواني تجاه كل مَن يرفض فكرها الضالّ وممارساتها الإجرامية، ومن تلك الجرائم أوامرها مؤخراً بإعدام 16 من أبناء المحافظة الرافضين لانقلابها، بتهم كيدية ملفقة، في محاكمات صورية».
وطالب الإرياني المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومبعوثها الخاص ومنظمات وهيئات حقوق الإنسان بإدانة الجرائم والانتهاكات الحوثية بحق المواطنين في مناطق سيطرتها، ومنها جريمة حصار وقصف المدنيين في عزلة بركان بمديرية رازح، وممارسة ضغط حقيقي لرفع الحملة العسكرية والحصار بشكل فوري عن المنطقة.
وكان «المركز الأميركي للعدالة»، وهو منظمة حقوقية يمنية تعمل من الأراضي الأميركية، ندد، في بيان له، بأحكام الإعدام والسجن بحق 32 مواطناً من صعدة، أصدرتها محكمة خاضعة لميليشيا الحوثي الانقلابية.
وقال المركز إن تلك الأحكام جاءت في ظل سيطرة تامة ومطلقة للجماعة على أجهزة الأمن والقضاء بمناطق سيطرتها، وتجييرها لصالح أجندتها، وسبق لها أن أصدرت، عبر هذه المحكمة ومحاكم أخرى، أكثر من 340 حكماً بالإعدام. ووصف تلك الأحكام وغيرها بـ«الباطلة»، التي تتنافى جملة وتفصيلاً مع أبسط مبادئ العدالة، ومن محكمة تم إنشاؤها بالمخالفة لأحكام الدستور اليمني الذي لا يجيز إنشاء محاكم استثنائية، ولقرار مجلس القضاء الأعلى الذي ألغى هذه المحكمة.
وعدّ المركز تلك الأحكام انتهاكاً صارخاً لجميع القوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية، وتفتقر لكل مقومات المحاكمة العادلة وأبسطها، وتأتي من جهة غير شرعية تسيطر على أجهزة ومؤسسات القضاء والأمن. كما أعرب عن قلقه الشديد من استمرار هذه المحاكمات، ومن أن تصدر الميليشيات لاحقاً أحكاماً شبيهة ضد المختطَفين لديها، وهم بالآلاف، كما أعلن خشيته من تنفيذ هذه الأحكام دون رادع، خصوصاً أن المحكوم عليهم والمختطفين من دون حماية من أي نوع.
وقال إن المجتمع الدولي «أمام مسؤولية أخلاقية وقانونية وإنسانية لوقف هذه الأحكام والإعدامات»، مطالباً إياه بالعمل على وقفها.


مقالات ذات صلة

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.