طلبة في صنعاء يحتجون بعد استبعادهم من معهد القضاء

الجماعة الحوثية احتكرت مقاعد الدراسة للموالين لها

قررت الجماعة الحوثية احتكار الدراسة في معهد القضاء على أتباعها رغم الاحتجاجات (فيسبوك)
قررت الجماعة الحوثية احتكار الدراسة في معهد القضاء على أتباعها رغم الاحتجاجات (فيسبوك)
TT

طلبة في صنعاء يحتجون بعد استبعادهم من معهد القضاء

قررت الجماعة الحوثية احتكار الدراسة في معهد القضاء على أتباعها رغم الاحتجاجات (فيسبوك)
قررت الجماعة الحوثية احتكار الدراسة في معهد القضاء على أتباعها رغم الاحتجاجات (فيسبوك)

نفذ العشرات من الطلبة الخريجين من كلية الشريعة والقانون في صنعاء مظاهرة احتجاجية، هي الثانية منذ مطلع هذا الأسبوع، أمام مبنى وزارة العدل الخاضع للجماعة الحوثية في صنعاء؛ تنديداً باستبعادهم بشكل تعسفي من الدراسة في المعهد العالي للقضاء وحصر الدراسة فيه على الأتباع والمنتمين إلى سلالة زعيم الجماعة.

وخلال المظاهرة، رفع المحتجون شعارات منددة ورافضة للقرارات الحوثية، حيث رفض قادة الجماعة تنفيذ قرار صادر عن المحكمة الإدارية يقضي بتمكين الطلبة المستبعدين قسراً من دخول امتحانات القبول للمعهد وتمكينهم من إتمام إجراءات المفاضلة لذلك الامتحان.

ورفض المشاركون أساليب الاحتكار الحوثي للدراسة في المعهد وحصره فقط بالأتباع والمنتمين للجماعة سلالياً دون غيرهم من الطلبة اليمنيين ممن لديهم مؤهلات علمية وأكاديمية واستوفوا كامل الشروط.

احتجاج طلبة في صنعاء على منعهم من مواصلة تعليمهم بمعهد القضاء (فيسبوك)

واتهم ماهر، وهو اسم مستعار لأحد المشاركين في المظاهرة، في حديثه لـ«الشرق الأوسط» قيادات حوثية، منها وزير العدل في حكومة الحوثيين والمنتحل لصفة رئيس مجلس القضاء وعميد المعهد العالي للقضاء، بـ«اتخاذهم إجراءات مجحفة وغير قانونية» تهدف إلى استبعاده وزملائه من امتحانات القبول على الرغم من استيفائهم كل الشروط التي تمكّنهم من مواصلة تعليمهم في المعهد.

وسبق أن نفذ الطلبة المستبعدون وقفة احتجاجية مماثلة أمام بوابة معهد القضاء العالي بصنعاء؛ للمطالبة برفع الجور عنهم وتنفيذ جميع مطالبهم المشروعة.

واستبعدت الجماعة الحوثية في الشهر الماضي، نحو ألف متقدم ومتقدمة من الطلاب ذوي الكفاءة العلمية وأوائل كليات الشريعة والقانون والحقوق، مع استبعاد كلي للإناث، دون وجود أي سبب أو مبرر قانوني ودون إخضاعهم لأي مرحلة من مراحل المفاضلة المقررة في النصوص القانونية.

واكتفت قيادات الجماعة التي تدير معهد القضاء بصنعاء بقبول مَن تمت تزكيتهم من قِبل وزير العدل في حكومتهم غير المعترف بها، وغالبيتهم من الأتباع الذين التحقوا بدورات تعبوية مكثفة.

ونقلت مصادر قضائية في صنعاء عن طلبة تقدموا للدراسة في معهد القضاء، بعضهم من أوائل أقسام الشريعة والقانون قولهم، إنهم حُرموا من القبول؛ نتيجة عدم انتمائهم إلى السلالة الحوثية؛ إذ أسقطت الجماعة أسماءهم بينما قبلت محسوبين عليها، أقل كفاءة منهم.

ووصفت المصادر في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، تلك الممارسات بالتمييزية العنصرية الرامية إلى منع عموم الراغبين في دراسة القضاء من الالتحاق بالمعهد، وحصر ذلك في أنصار الانقلاب وعناصر جماعة الحوثي.

تنديد حقوقي

قال المركز الأميركي للعدالة (ACJ) إنه تلقى عشرات الشكاوى من خريجات وخريجي كلية الشريعة والقانون ممن تقدموا للتسجيل في معهد القضاء بصنعاء والذين تم إقصاؤهم على الرغم من استيفائهم متطلبات القبول كافة.

وثيقة تكشف عن خصخصة حوثية لمعهد القضاء العالي بصنعاء (فيسبوك)

وأكد المركز، وهو منظمة حقوقية تعمل من الأراضي الأميركية، في بيان حديث له، أن إدارة المعهد الخاضعة للجماعة أصدرت قراراً تضمن استبعاد 1000 متقدم ومتقدمة من الطلاب ذوي الكفاءة العلمية وأوائل كليات الشريعة والقانون، واستبعاد كلي للإناث دون وجود أي سبب أو مبرر قانوني، ودون إخضاعهم لأي مرحلة من مراحل المفاضلة المقررة في النصوص القانونية.

وبحسب المعطيات التي قال المركز إنه تحصل عليها، فقد اختارت إدارة معهد القضاء بصنعاء 205 متقدمين جميعهم من الذكور والذين تمت مفاضلتهم بناءً على تزكية من قِبل مشرفي الجماعة في المديريات تحت سيطرتهم.

وشدد البيان على أن ذلك الاستبعاد يشكل مخالفة صارخة للمعايير الموضوعية التي تواتر عليها المعهد طيلة السنوات الماضية منذ تأسيسه.

ورأى أن قرار استبعاد مئات المتقدمين ارتكز على الانتماء المذهبي في الاختيار وعلى اعتبارات ترتبط بالولاء والجنس والمولد، حيث يُطلب من كل خريج يرغب في التقدم للمسابقة أن يُحضر تزكية موقّعة من مشرف جماعة الحوثي في منطقته؛ الأمر الذي يعكس بشكل واضح نية جماعة الحوثي الواضحة في حصر التعيينات في الوظيفة العامة بعناصرها مع إقصاء تام لباقي الفئات.

بوابة المعهد العالي للقضاء الخاضع لسيطرة جماعة الحوثي بصنعاء (فيسبوك)

ويمثل ذلك القرار انتهاكاً مقلقاً لمبدأ سيادة القانون والمساواة وتكافؤ الفرص التي كفلها الدستور اليمني لعموم اليمنيين، لا سيما المادة (41) التي نصت على «المواطنون جميعهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة»، والمادة (25) التي أكدت بالقول: إن «المجتمع اليمني يقوم على أساس العدل والحرية والمساواة وفقاً للقانون».

وقال المركز: إن حرمان النساء من الحق في شغل منصب القضاء يعد انتقاصاً خطيراً لحقوق المرأة اليمنية التي كفلها دستور البلاد في المادة (31) ويتعارض القرار مع اتفاقية «سيداو» التي صادقت عليها اليمن.

وأبدى الرفض المطلق لاستبعاد الجماعة ثلثي المتقدمين لمعهد القضاء، داعياً إلى سرعة إلغاء القرار وإقامة مسابقة قضائية تستند إلى مبدأ تكافؤ الفرص، وتمكين الخريجين من التقدم دون أي اعتبارات مذهبية وضرورة احترام الجماعة لحرية وكرامة وحقوق اليمنيين جميعاً دون تمييز بسبب الجنس أو الولاء أو العرق أو الانتماء.


مقالات ذات صلة

تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

العالم العربي امرأتان يمنيتان في محافظة تعز تنقلان العلف لتخزينه كغذاء للمواشي بعد انتهاء موسم الحصاد وبدء مواسم الجفاف (البنك الدولي)

تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

بانتهاء موسم حصاد الحبوب الشحيح في اليمن، يواجه المزارعون خيارات صعبة في مواسم الجفاف لتأمين الغذاء وتربية المواشي مع قلة خبرتهم بالتعامل مع تغيرات المناخ

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي حوثيون يغلقون صالة مناسبات في صنعاء (إكس)

توجّه حوثي لإنشاء كيان يتولّى مراقبة صالات الأعراس

تعتزم الجماعة الحوثية في اليمن تأسيس كيان نقابي جديد يتولى مهمة تشديد الرقابة على عمل صالات الأعراس والمناسبات بصنعاء وغيرها من المدن الخاضعة للانقلاب

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الحكومة اليمنية التزمت بمحاربة الفساد واستعادة ثقة الداخل والمانحين (إعلام حكومي)

إحالة مسؤولَين يمنيَين إلى المحكمة بتهمة إهدار 180 مليون دولار

في خطوة أولى وغير مسبوقة للحكومة اليمنية، أحالت النيابة العامة مسؤولَين في مصافي عدن إلى محكمة الأموال العامة بتهمة إهدار 180 مليون دولار.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي واشنطن تقود تحالفاً لإضعاف قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن (الجيش الأميركي)

غارات تستهدف الحوثيين... وغروندبرغ يطالبهم بإطلاق الموظفين الأمميين

بينما جدد المبعوث الأممي هانس غروندبرغ مطالبته للحوثيين بإطلاق سراح الموظفين الأمميين فوراً، تواصلت، الثلاثاء، الضربات الغربية لليوم الرابع على مواقع الجماعة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون متهمون بتصعيد انتهاكاتهم ضد اليمنيين (إ.ب.أ)

انقلابيو اليمن متهمون بارتكاب انتهاكات ضد أقارب المغتربين

صعّدت جماعة الحوثيين في اليمن من وتيرة انتهاكاتها بحق أقارب المغتربين لا سيما المنتمون منهم إلى محافظتي إب والضالع، وذلك ضمن استهداف الجماعة الممنهج للسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

​تنسيق عربي - أميركي لحلحلة الأزمة السودانية

شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
TT

​تنسيق عربي - أميركي لحلحلة الأزمة السودانية

شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)

كشف مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» عن جهود عربية - أميركية جديدة لدفع جهود التهدئة في السودان. وقال المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن دول «السعودية ومصر والإمارات تعمل مع الولايات المتحدة، على التنسيق على أمل حلحلة الأزمة السودانية».

وأفاد المصدر المصري بأن «اجتماعاً ضم مسؤولين من الدول الأربع، استضافته السعودية نهاية الأسبوع الماضي، ناقش دفع الجهود المشتركة؛ لتحقيق انفراجة بالأزمة».

وسبق أن شاركت الدول الأربع في اجتماعات «جنيف»، التي دعت لها واشنطن لإنهاء الحرب بالسودان، منتصف أغسطس (آب) الماضي، إلى جانب ممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، غير أنها لم تحقق تقدماً، في ظل مقاطعة الحكومة السودانية المحادثات.

غير أن المصدر المصري، قال إن «اجتماع السعودية، الذي عقد يومي الخميس والجمعة الماضيين (ليس امتداداً لمبادرة جنيف)، وإن الآلية الرباعية الحالية هي للدول صاحبة التأثير في المشهد السوداني، وتستهدف دفع الحلول السلمية للأزمة». ورجح المصدر «انعقاد اجتماعات أخرى؛ لدفع جهود الدول الأربع، نحو وقف الحرب، وإيصال المساعدات الإغاثية للمتضررين منها».

صورة جماعية بختام اجتماعات جنيف حول السودان في أغسطس الماضي (إ.ب.أ)

ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً داخلية، بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت «ما يفوق 10 ملايين سوداني للفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار»، حسب تقديرات الأمم المتحدة.

وعقب اندلاع الحرب، استضافت مدينة جدة العام الماضي، بمبادرة سعودية - أميركية، محادثات بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، أفضت إلى توقيع «إعلان جدة الإنساني»، الذي نصّ على حماية المدنيين، والمرافق الخاصة والعامة، والامتناع عن استخدامها لأغراض عسكرية. وتتمسك الحكومة السودانية بتنفيذ مخرجات «اتفاق جدة»، قبل الانخراط في أي مفاوضات مباشرة مع «قوات الدعم السريع».

توحيد الجهود

وترى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفيرة منى عمر، أن «توحيد جهود الأطراف الدولية الفاعلة في الأزمة السودانية، سيسهم في تحريك حلول وقف إطلاق النار»، موضحة: «أدى تضارب الرؤى والمسارات الدولية، بسبب كثرة المبادرات والتدخلات التي خرجت من دول أفريقية وإقليمية ودولية، إلى إضعاف أي تحركات لوقف الحرب السودانية».

وقالت لـ«الشرق الأوسط»، إن «التنسيق الرباعي بين مصر والإمارات والسعودية والولايات المتحدة، سيسهم في دفع جهود إيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب على الأقل بصورة أكثر فاعلية»، مشيرة إلى أن «هناك مناطق مثل الفاشر في دارفور وولاية الجزيرة، تعاني من أوضاع إنسانية مأساوية».

ودعت إلى ضرورة تركيز تحرك الرباعي الدولي على «جهود وقف إطلاق النار، وأعمال الإغاثة، وصياغة خريطة طريق سياسية، تنهي الأزمة السودانية».

سودانيون يتلقون العلاج في مستشفى ميداني أقيم بمدينة أدري التشادية المحاذية للحدود مع السودان أغسطس 2023 (أ.ف.ب)

ويواجه السودان «واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية حالياً»، حسب تقديرات الأمم المتحدة، وأشار مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم، إلى أن «أكثر من نصف سكان السودان، يواجه خطر المجاعة والكوارث الطبيعية، مما يؤدي لانتشار الأوبئة»، وخلال زيارته لمدينة بورتسودان، في سبتمبر (أيلول) الماضي، شدّد على أن «الأزمة الإنسانية بالسودان، لا تجد اهتماماً كافياً دولياً».

دول مؤثرة

وباعتقاد الباحث السياسي السوداني المقيم في مصر، صلاح خليل، فإن «تشكيل رباعية من الدول صاحبة التأثير في الساحة السودانية، قد يحرك مسار الحلول السلمية، وتفعيل مسار جدة»، مشيراً إلى أن «توحيد جهود هذه الأطراف، سيسهم في تغيير مسار الأزمة السودانية»، منوهاً بأن «الدول الأربع تؤيد العودة لمسار جدة».

ورجح خليل، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، مشاركة الحكومة السودانية في مسار مفاوضات «الآلية الرباعية حال العودة إلى مسار جدة، ولن تقاطعه كما فعلت في مبادرة جنيف».

وأشار إلى أن «فوز المرشح الجمهوري دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية، قد يغير من معادلة التأثير الدولي في الحرب داخل السودان».

وكان السفير السوداني في القاهرة عماد الدين عدوي، شدّد على «تمسك بلاده بمسار جدة، بوصفه آلية للتفاوض لوقف الحرب»، وقال في ندوة استضافتها نقابة الصحافيين المصرية نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن «بلاده ترفض المشاركة في أي مبادرة أفريقية، إلا بعد عودة عضوية السودان للاتحاد الأفريقي».