موجة الكوليرا تضرب مديريتين في تعز اليمنية

55 ألف طفل يعانون سوء التغذية

66 ألف امرأة يمنية يعانين سوء التغذية (الأمم المتحدة)
66 ألف امرأة يمنية يعانين سوء التغذية (الأمم المتحدة)
TT

موجة الكوليرا تضرب مديريتين في تعز اليمنية

66 ألف امرأة يمنية يعانين سوء التغذية (الأمم المتحدة)
66 ألف امرأة يمنية يعانين سوء التغذية (الأمم المتحدة)

أكد تقرير إنساني حديث أن ذروة موجة مرض الكوليرا والإسهالات الحادة سُجلت في مديريتي القاهرة والمظفر، وسط مدينة تعز اليمنية. وأفاد بأن عشرات الآلاف من سكان المديريتين يعانون سوء التغذية وبخاصة في أوساط النساء الحوامل والأطفال، إذ يوجد نحو 55 ألف طفل و66 ألفاص من النساء يعانون انتشار سوء التغذية الحاد.

ووفق تقرير لمجموعة الوصول الإنساني، فإن الوضع الصحي في مديريتي المظفر والقاهرة بمحافظة تعز في حاجة ماسة إلى المساعدة، لأن الأشخاص في هذه المناطق المكتظة بالسكان معرَّضون للخطر بشكل ملحوظ بسبب ارتفاع معدل سوء التغذية الحاد وبنسبة 16.3 في المائة.

يواجه اليمن حالياً تدهوراً في الصحة العامة وتفشي الحصبة (الأمم المتحدة)

وأوضح التقرير أن هناك أعداداً كبيرة من الأشخاص المحتاجين، خصوصاً النساء الحوامل والمرضعات وعددهن 66.4 ألف، وكذلك الأطفال دون سن 5 سنوات وعددهن 55.5 ألف، مضافة إلى ذلك أعداد كبيرة من النازحين الذين يقدَّر عددهم في هاتين المديريتين بأكثر من 37 ألف فرد، ومجموعات كثيرة من المهمشين.

وبيَّن التقرير أنه بالإضافة إلى انتشار سوء التغذية في المديريتين فقد وصلت ذروة موجة الكوليرا والإسهالات المائية الحادة خلال أسبوعين إلى 25 حالة في المظفر و36 حالة في مديرية القاهرة. وعلاوة على ذلك، يذكر التقرير أن مستشفى الصحة النفسية بالمحافظة يوجد في هذه المنطقة ويخدم نحو 800 شخص شهريا دون دعم بالأدوية أو التكاليف التشغيلية.

استكشاف الاحتياجات

وطبقاً لما أوردته مجموعة الوصول الإنساني فإن الغرض من تقييم الاحتياجات هو استكشاف الاحتياجات الصحية للنازحين والمجتمعات المضيفة في المديريتين، إذ تُظهر البيانات أن الطرق معبَّدة مع سهولة الوصول إلى جميع المناطق، كما توجد بهما شبكة مياه وصرف صحي عبر الأنابيب إلا أن المصادر الرئيسية للمياه هي الآبار والصهريج لكنّ الكهرباء العامة غير متوفرة.

أبرز الإصابات بالإسهال الحاد في اليمن سُجّلت في أوساط الأطفال (الأمم المتحدة)

وحسبما جاء في التقرير فإن أمراض الإسهال والملاريا هي الأكثر شيوعاً في كلتا المنطقتين، مع سوء التغذية الحاد والحصبة وحمى الضنك وعدوى الجهاز التنفسي العلوي.

وأكد التقرير وجود مستشفى واحد في مديرية المظفر، ومستشفى للصحة العقلية، ومستشفى واحد لصحة الأم والطفل، و5 مراكز صحية بما في ذلك مركز الجذام.

لكنَّ تقييم الوضع الصحي هناك أظهرَ -وفق التقرير- أن حوافز العاملين في مجال الرعاية الصحية والتكاليف التشغيلية لهذه المستشفيات والمراكز الصحية يجري توفيرها بشكل شائع من المنظمات غير الحكومية عندما تدعم المرافق الصحية.

ونبه التقرير الإنساني إلى أن أهم المعوقات التي لوحظت في هذه المناطق هي ندرة المستلزمات الدوائية وعدم توافر الموازنة التشغيلية الكافية لتقديم الخدمة على أكمل وجه، وهذا ينعكس على المستوى وجودة الخدمات المقدَّمة في المرافق الصحية، إلى جانب تسرب العاملين في مجال الرعاية الصحية من المرافق الصحية العامة إلى المرافق الصحية الخاصة داخل وخارج المحافظة.

ويستند التقرير إلى بيانات الأمم المتحدة التي تؤكد وجود أكثر من 21.6 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة، بينما يقتربون من السنة العاشرة من الصراع مع النظام الصحي الهش بالفعل.

3.5 مليون يمني يعانون سوء التغذية (الأمم المتحدة)

وفي حين يحتاج أكثر من 20 مليون يمني إلى المساعدة الصحية، بما في ذلك 13 مليوناً من ذوي الاحتياجات الحادة، أكد التقرير أن البلاد تواجه في الوقت الحاضر تدهوراً كبيراً في الصحة العامة وازدياد هجمات تفشي الأمراض مثل الكوليرا والحصبة.

وطبقاً لبيانات المنظمات الإنسانية، فإنه خلال الفترة من بداية العام الحالي حتى نهاية أغسطس (آب) رصدت الوحدة التنفيذية للنازحين في اليمن، 5690 أسرة (31424 فرداً) نزحوا من 20 محافظة مختلفة، وتوزعوا على 10 محافظات.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً جديدةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

نبه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات مثل الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)

«المركزي اليمني» يستهجن مزاعم تهريب أموال إلى الخارج

استهجن البنك المركزي اليمني أنباء راجت على مواقع التواصل الاجتماعي تدعي قيام البنك بتهريب الأموال في أكياس عبر المنافذ الرسمية، وتحت توقيع المحافظ.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني الزبيدي يثمن دور السعودية في دعم بلاده (سبأ)

الزبيدي يثمن جهود السعودية لإحلال السلام والاستقرار في اليمن

وسط تأكيد سعودي على استمرار تقديم الدعم الإنساني والإغاثي لليمن، ثمّن عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عيدروس الزبيدي، سعي المملكة إلى حشد الجهود لإحلال السلام.

«الشرق الأوسط» (عدن)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.