بصور لمطاعم شهيرة تظهر نسب إشغال ضعيفة، وعروض تخفيضات على منتجات ماركات عالمية، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الأيام الماضية، بتدوينات تُشيد بالاستجابة لدعوات المقاطعة لشركات ومطاعم عالمية، بسبب مواقف دولها الداعمة لإسرائيل في الحرب على غزة، أو ما قيل عن تقديم وكلائها مساعدات مباشرة للجيش الإسرائيلي.
وانطلقت دعوات المقاطعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مع تداول صور لأحد المطاعم الشهيرة خلال توزيع فرعه بإسرائيل بتوزيع وجبات على العسكريين مع بداية الأحداث الشهر الماضي، لتمتد دعوات المقاطعة لشركات ومطاعم أميركية وأوروبية على خلفية مواقف هذه الدول الداعمة لإسرائيل.
وتداول ناشطون البدائل للمنتجات التي يدعون إلى مقاطعتها، وأماكن وجودها في ظل نقص لبعض المنتجات التي قُدمت بوصفها بدائل، فيما سجل آخرون تدوينات عبروا فيها عن قبولهم بـ«جودة أقل في مقابل استمرارهم بالمقاطعة».
لكن في المقابل، برز «تأثير سلبي» للمقاطعة على الاقتصاد المصري، خاصة على أوضاع العمالة المصرية، وفق ما قدّر «الاتحاد العام للغرف التجارية»، والذي عبّر عن إعلان رفضه تلك الدعوات، مشيرا في بيان له الأسبوع الماضي، إلى أن «من يدعم جيش الاحتلال في غالبية الأحوال يكون الوكيل في إسرائيل، وليس الشركة الأم، بينما وكيل الشركة العالمية في مصر لا ذنب له بأي حال من الأحوال». فيما اضطرت صفحة الاتحاد على «فيسبوك» لـ«تقييد التعليقات» مع الانتقادات الحادة لها.
وتعمل مختلف الشركات في السوق المصرية، بـ«رأس مال مصري»، وفق أحمد الوكيل رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «تلك الشركات تسجل في الاتحاد وتحصل على سجل تجاري وتساهم في الناتج المحلي القومي»، معدداً «أضرار المقاطعة على الاقتصاد الوطني»، وقائلاً: «ستؤدي لمزيد من زيادة في التضخم وارتفاع الأسعار، بجانب زيادة البطالة».
وبينما يؤمن البعض بأن «المقاطعة الاقتصادية سلاح مهم وله تأثير، إلا أنه يجب أن يكون تصويبه على العدو فقط وليس على نفسك»، وفق ما يرى الدكتور كريم العمدة، أستاذ الاقتصاد السياسي، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الاقتصاد قوة خشنة والمقاطعة سلاح له تأثير، لكن في المقابل دعوات المقاطعة تركز على شركات مصرية سواء كانت محلات أو شركات مشروبات غازية وهي شركات تعمل برأس مال مصري خالص، وحصلت فقط على حق الامتياز من الشركة العالمية التي تحصل منها بالمقابل على نسبة من الأرباح تتراوح بين 5 و15 في المائة».
ويضيف أن «مقاطعة هذه الشركات التي تعتمد بالكامل أو في غالبية تصنيعها على منتجات محلية وتسبب ضرراً مباشراً للعمالة الموجودة فيها، الأمر الذي يعني أن هذه الدعوات قد يكون لها تأثير سلبي على الصناعة المصرية».
ويفرق العمدة بين مقاطعة مثل هذه الشركات، ومقاطعة منتجات مستوردة بالكامل واستبدالها بواسطة منتجات محلية لأن «مقاطعة المستورد سيكون الضرر فيه على الشركات الموجودة بالخارج بشكل أكبر وليس في الداخل»، على حد قوله.
لكن وعلى النقيض يرى الدكتور فخري الفقي، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب المصري أن «تكلفة الحرب أعلى بكثير من تكلفة المقاطعة الاقتصادية»، مضيفا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «فكرة المقاطعة الاقتصادية ليست بجديدة في مثل هذه الظروف، وأن من يدخل الحرب لا ينظر إلى تأثير المقاطعة الاقتصادية».
ويرصد رئيس «لجنة الخطة والموازنة» أسباباً عدة يرى أنها «لن تجعل للمقاطعة تأثيرا سلبيا على الاقتصاد المصري»، ومن بينها: «وجود انكماش في الاقتصاد العالمي وصل تأثيره لكل الدول الناشئة بالمنطقة، بالإضافة للأزمة الموجودة بالاقتصاد المصري من قبل الحرب». ويتسق تقييم البرلماني والاقتصادي المصري مع وصف رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية الذي وصف التأثير بأنه «صغير، بل ليس له أي تأثير»، ويضيف «الموضوع بمثابة زوبعة ستنتهي». متسائلاً «عما إذا كان المقاطعون تخلوا عن مواقع التواصل (الغربية) أو السجائر المستوردة».
ويرى الأكاديمي المصري كريم العمدة أن «مثل هذه الدعوات ستؤدي لشعور المستثمر الأجنبي بالقلق خاصة وأن الهدف الرئيسي لأي مستثمر هو تحقيق الربح»، مذكراً بواقعة إغلاق إحدى الشركات العالمية لفروعها في مصر عام 2003 بعد الخسائر التي تكبدتها نتيجة دعوات المقاطعة خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية بعدما دشنت عشرات الأفرع في غضون أقل من 4 سنوات فقط.
وشهدت مواقع التواصل احتفاءً بتصوير فروع لمطاعم وكافيهات بأسماء عالمية وهي شبه خالية من الرواد خاصة خلال عطلات نهاية الأسبوع، في الوقت الذي كانت عادة ما تكون مزدحمة، ويحتاج الطلب منها لوقت طويل، فيما عدّ المقاطعون أنها دليل على نجاح دعوتهم بالتوجه نحو المحلات المصرية.
ويشكك العمدة في الأرقام والصور المتداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي بشأن تأثير المقاطعة على مختلف الأمور لعدة أسباب في مقدمتها غياب الأرقام والإحصاءات والاعتماد على المشاهدات في تداول ما وصُف بأنه «نجاح لحملات المقاطعة»، خاصة وأن «مصر سوق كبيرة بها أكثر من 100 مليون شخص».