وثيقة استخباراتية إسرائيلية تكشف مخططات التعامل مع غزة

طرحت 3 بدائل مختلفة أبرزها توطين سكان القطاع في سيناء

فلسطينيون ينزحون من منازلهم  في شمال غزة (13 أكتوبر) هرباً من القصف الإسرائيلي (رويترز)
فلسطينيون ينزحون من منازلهم في شمال غزة (13 أكتوبر) هرباً من القصف الإسرائيلي (رويترز)
TT
20

وثيقة استخباراتية إسرائيلية تكشف مخططات التعامل مع غزة

فلسطينيون ينزحون من منازلهم  في شمال غزة (13 أكتوبر) هرباً من القصف الإسرائيلي (رويترز)
فلسطينيون ينزحون من منازلهم في شمال غزة (13 أكتوبر) هرباً من القصف الإسرائيلي (رويترز)

على الرغم من أن الرئيس الأميركي، جو بايدن، أعرب لنظيره المصري، عبد الفتاح السيسي، قبل يومين عن «رفض الولايات المتحدة لنزوح الفلسطينيين خارج أراضيهم»، وفق إفادة الرئاسة المصرية؛ فإن وثيقة رسمية إسرائيلية حديثة صادرة عن «وزارة شؤون الاستخبارات» تحدثت عن تفاصيل «مخطط تُصر عليه تل أبيب، بل وتدعو إلى حملة لإقناع دول الغرب بأنه ضروري وحيوي لمصلحة كل دول الغرب»، في إشارة إلى دعوة ترفضها مصر لتوطين أهالي قطاع غزة في سيناء المصرية.

وتقول الوزارة إن «إحجام دول الغرب عن دعم إسرائيل في مخطط الترحيل وعدم تقديم مساندة سياسية واستراتيجية لكي تحقق إسرائيل انتصارا ساحقاً على حماس، سيؤديان قريباً جداً إلى أن تقوم (حماس) ومثيلاتها في العالم بهجمات مسلحة ضد دول الغرب، يكون هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، نموذجا ومصدر إلهام لها».

وجاء المخطط في وثيقة رسمية للدائرة السياسية في وزارة الاستخبارات الإسرائيلية تحمل تاريخ 13 أكتوبر 2023 بعنوان: «ورقة سياسة – بدائل في بلورة السياسة إزاء جمهور المدنيين في غزة». وجاء في مقدمته أن «دولة إسرائيل مطالبة بإحداث تغيير كبير في واقع المدنيين في قطاع غزة في أعقاب جرائم (حماس) التي قادت إلى حرب (السيوف الحديدية). لهذا الغرض عليها أن تُقرر ما هو الهدف السياسي تجاه جمهور المدنيين في غزة الذي نسعى إليه جنباً إلى جنب مع إسقاط حكم (حماس). والهدف الذي تقرره الحكومة يستلزم عملاً حثيثاً مثابراً لتجنيد الولايات المتحدة ودول أخرى لتأييده».

3 بدائل

وتطرح الوثيقة ثلاثة حلول لقضية القطاع، لكل منها ميزاتها وسلبياتها. وهي «أولاً: إبقاء السكان في قطاع غزة وجلب السلطة الفلسطينية إلى الحكم، وثانياً: إبقاء السكان في القطاع وإنشاء قيادة عربية محلية، وثالثا: إخلاء الجمهور المدني من غزة إلى سيناء». وتؤكد أن «كلا من هذه الحلول يجب أن يترافق في حملة كي للوعي الفلسطيني يتم فيها تغيير المفاهيم والعقائد المعادية لإسرائيل، بحيث يقتنع الفلسطينيون أن هجوم حماس على إسرائيل كان فاشلاً، وتسبب لهم في الدمار والضحايا والتشرد وأن (حماس) هي (داعش) وممارساتها نازية».

فلسطينيون ينتشلون ضحايا قصف إسرائيلي استهدف (الثلاثاء) مخيم جباليا بقطاع غزة (رويترز)

وبشكل أكثر تفصيلاً تفند الوثيقة البدائل، وتشرح أن الأول، والذي يتم بموجبه جلب السلطة الفلسطينية للقطاع هو «خيار سيئ». مستطردة: «بنظرة أولى، يبدو أن هذا البديل هو الأقل خطراً من الناحية الإنسانية لذلك فإنه سيكون الأسهل من ناحية الحصول على تأييد دولي واسع. لكن، في الواقع سيكون هذا البديل منطوياً على إبقاء السكان المدنيين، وهذا هو الأمر الأسوأ، وسيكون منوطاً بعدد كبير من القتلى العرب خلال التنفيذ، طالما أن المواطنين باقون في المدن ومشاركون في القتال. والسلطة الفلسطينية هي جسم عدائي لإسرائيل يقف على رجلي دجاجة. تقويتها يمكن أن تتسبب في خسارة استراتيجية لإسرائيل، والانقسام بين صفوف الجمهور الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة هو أحد العراقيل الأساسية أمام إقامة دولة فلسطينية اليوم. وليس معقولاً أن ينتهي هذا الهجوم بانتصار للحركة القومية الفلسطينية وتمهيد الطريق أمام دولة فلسطينية. ثم إن حلاً كهذا لن يكون كافياً لردع (حزب الله). بل بالعكس، وسيشير إلى ضعف إسرائيلي عميق ويرسل إشارات إلى الحزب اللبناني بأنهم لن يدفعوا ثمناً جدياً في حال الصدام مع إسرائيل، وأنها في أكثر الحالات ستقوم بعملية حربية شبيهة بالعمليات السابقة في لبنان، والتي تمحورت حول سيطرة عسكرية لفترة محدودة ثم الانسحاب».

سلطة محلية عربية

وأما الاقتراح الثاني، فهو يتحدث عن «إبقاء السكان في غزة وإنشاء سلطة عربية محلية»، لكن هذا الحل، بحسب الوثيقة الإسرائيلية: «غير واقعي وغير ملائم، بسبب طول حكم (حماس) في غزة، إذ إن من سيتم اختيارهم أو انتخابهم للقيادة سيكونون من المتأثرين بالحركة، وستكون إسرائيل مسؤولة بموجبه عن القطاع، وعملياً، فإن هذا البديل أيضا لا يوفر لإسرائيل تغييرا استراتيجيا على المدى الطويل. بالعكس، إن من شأنه أن يكتشف بوصفه عبئا استراتيجيا في غضون بضع سنوات».

سيناء

وهنا، تصل الوثيقة إلى البديل الثالث، وهو الإخلاء. فتقول: «تعمل إسرائيل على إخلاء السكان المدنيين إلى سيناء. في المرحلة الأولى، تقام مدينة خيام في رحاب سيناء. ولاحقاً، يتم إنشاء ممر إنساني لمساعدة المواطنين المدنيين الغزيين ثم يتم بناء مدن في مناطق تؤهل للسكن من جديد شمال سيناء، ويجب إنشاء منطقة عازلة على بعد عدة كيلومترات من الحدود معنا داخل مصر، وعدم السماح بعودة السكان إلى العيش أو العمل بالقرب من حدود إسرائيلـ».

وتزعم الوثيقة أن هذا الحل مقبول دولياً، وتضيف: «لأول وهلة، يبدو أن هذا البديل المنوط بإخلاء كمية كبيرة من المدنيين يمكن أن يكون أمراً معقداً في منظور الشرعية الدولية. حسب تقديرنا، إن القتال الذي سيعقب إخلاء المدنيين سيوقع عددا أقل من المصابين بين المدنيين مقابل عدد المصابين المتوقع فيما لو بقي المدنيون».

آلية عسكرية إسرائيلية متمركزة (الثلاثاء) على حدود قطاع غزة (أ.ف.ب)

وتواصل الوثيقة أن «الهجرة الكثيفة من مناطق الحرب (سوريا، أفغانستان، أوكرانيا) وتنقلات السكان هما نتيجة طبيعية ومطلوبة مقابل الأخطار الكامنة في البقاء في مناطق القتال. ثم إنه أيضا قبل هذه الحرب كان هناك تدفق على الهجرة خارج غزة في صفوف السكان المحليين والمتوقع أن تؤدي الحرب إلى زيادتها. ومن الناحية القضائية، الحديث يجري عن حرب دفاعية ضد تنظيم إرهابي قام بعملية اجتياح عسكري لإسرائيل. ومطلب إخلاء السكان غير المحاربين من منطقة قتال هو أسلوب متبع يحقن حياة الناس، فهكذا فعل الأميركيون في العراق في سنة 2003. وسيكون على مصر واجب، حسب القانون الدولي، بأن تمكن السكان المدنيين من العبور، وعلى إسرائيل أن تعمل على الدفع بمبادرة سياسية واسعة حتى تتجند دول أخرى لمساعدة السكان الذين يتم إخلاؤهم وأن توافق على استيعابهم بوصفهم مهجرين إليها، وعلى المدى الطويل، هذا البديل سيحظى بشرعية واسعة لأن الحديث يجري عن أناس سينخرطون في المجتمع في تلك الدول ويحظون بالجنسية».

يُذكر أن المندوب الفلسطيني في الأمم المتحدة، د. رياض منصور كان قد تطرق إلى المشروع المطروح من قبل وزارة الاستخبارات الإسرائيلية، وعدّه محاولة تنفيذ نكبة ثانية. ومصر التي كانت قد علمت بوجود أفكار كهذه في بداية الحرب، أثارت الأمر بقوة مع الولايات المتحدة، ودول الغرب، والقادة العرب، لكن إسرائيل نفسها لم تنكر وجوده، وادعت أنه «ترحيل مؤقت إلى حين تضع الحرب أوزارها». وهو ما دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى التصريح بأنه: «طالما أنه مؤقت وطالما أن إسرائيل هي صاحبته، فلماذا لا تقوم ببناء مدينة خيام (لهذا الغرض) داخل صحراء النقب في الجنوب الشرقي لقطاع غزة».


مقالات ذات صلة

لعبت دوراً رئيسياً بالحرب... شركات ناشئة إسرائيلية تخطط للتوسع عالمياً

شؤون إقليمية مركز قيادة حيث يمكن تشغيل طائرات «إكستند (Xtend)» المسيّرة من مسافة بعيدة مع الحد الأدنى من التدخل البشري في صورة غير مؤرخة حصلت عليها «رويترز» في 29 يناير 2025 (رويترز)

لعبت دوراً رئيسياً بالحرب... شركات ناشئة إسرائيلية تخطط للتوسع عالمياً

زادت شركة «إكستند» الإسرائيلية للمسيرات أعمالها بوصفها واحدةً من شركات عدة شهدت طفرة بطلب أسلحتها التي استخدمتها إسرائيل بفاعلية خلال الحرب، وفق وكالة «رويترز».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال دردشة مع الصحافيين في البيت الأبيض اليوم (إ.ب.أ)

ترمب: مصر والأردن ستقبلان استقبال نازحين من غزة

شدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب الخميس على أن مصر والأردن ستقبلان استقبال النازحين من غزة، رغم إعلان الدولتين العربيتين رفضهما خطته لنقل الفلسطينيين من القطاع.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي عناصر من «كتائب القسام» الذراع العسكرية لحركة «حماس» خلال تسليم رهائن إسرائيليين في قطاع غزة (إ.ب.أ)

«حماس»: سنستمر في حكم غزة حتى العثور على بديل فلسطيني

قال قيادي في «حماس» إن الحركة ستواصل حكم قطاع غزة حتى يتم الاستقرار على بديل فلسطيني خلال المباحثات في القاهرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي سيارة تتبع الصليب الأحمر وبجانبها أحد عناصر «كتائب القسام» خلال تسليم رهائن في قطاع غزة (إ.ب.أ)

الصليب الأحمر يدعو لإدخال «تحسينات» على أمن عملية تسليم الرهائن في غزة

قالت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر ميريانا سبوليارتش، اليوم الخميس: «نشعر بالارتياح لعودة المزيد من الأشخاص بأمان إلى ديارهم».

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يتحدث إلى أعضاء مجلس الأمن بشأن الوضع في الشرق الأوسط في مقر الأمم المتحدة في نيويورك 20 يناير 2025 (رويترز)

أطباء أميركيون يناشدون الأمم المتحدة إجلاء 2500 طفل من غزة لتلقي العلاج

قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش «يجب إجلاء 2500 طفل على الفور (من قطاع غزة) مع ضمان قدرتهم على العودة إلى عائلاتهم ومجتمعاتهم».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

رئيس جزر القمر ينفي اعتزامه تسليم السلطة لابنه

عثماني يلقي كلمة أمام أنصاره خلال تجمع سياسي قبل الانتخابات الرئاسية خارج موروني في جزر القمر 9 يناير 2024 (رويترز)
عثماني يلقي كلمة أمام أنصاره خلال تجمع سياسي قبل الانتخابات الرئاسية خارج موروني في جزر القمر 9 يناير 2024 (رويترز)
TT
20

رئيس جزر القمر ينفي اعتزامه تسليم السلطة لابنه

عثماني يلقي كلمة أمام أنصاره خلال تجمع سياسي قبل الانتخابات الرئاسية خارج موروني في جزر القمر 9 يناير 2024 (رويترز)
عثماني يلقي كلمة أمام أنصاره خلال تجمع سياسي قبل الانتخابات الرئاسية خارج موروني في جزر القمر 9 يناير 2024 (رويترز)

نفى رئيس جزر القمر غزالي عثماني الذي وصل جاء إلى السلطة في انقلاب عام 1999 وفاز بأربعة انتخابات منذ عام 2002 في الدولة الواقعة في المحيط الهندي، أنه ينوي تسليم السلطة لابنه.

وقال عثماني في 23 يناير (كانون الثاني) في كلمة أمام أنصاره في جزيرة موهيلي «سآخذ طفلا لأضعه مكاني» حين يترك منصبه، وهي عبارة فسرها منتقدوه على أنها تؤكد شكوكهم في أنه يعد ابنه لتولي السلطة. وكلمة «طفل» في لغة جزر القمر التي استخدمها عثماني قد تعني «طفلا» أو «ابنا» أو «ابنة».

وفي بيان صدر يوم 24 يناير (كانون الثاني)، أي في اليوم التالي للخطاب، نفى مكتب الرئيس أن تكون التعليقات تشير إلى نور الفتح، ابن عثماني، والأمين العام للحكومة. وقال إنه كان يشير بدلا من ذلك إلى جميع سكان جزر القمر باعتبارهم أبناءه. وجاء في البيان «الحكومة تود التأكيد على أن الرئيس غزالي لم يتحدث في أي وقت عن احتمال أن يخلفه نجله نور الفتح في رئاسة الدولة». وأضاف «بدلا من ذلك، تحدث عن ’طفل’ سيخلفه، مع العلم أنه من المعتاد في جزر القمر وصف كل مواطن بأنه ’طفل’، دون أن يتحدث المرء بالضرورة عن ذريته».

وأشار البيان إلى أن الرئيس رفض في السابق فكرة «الخلافة العائلية»، وأن خليفته يجب أن يأتي من أنجوان، إحدى الجزر الثلاث الرئيسية في جزر القمر. وبموجب دستور جزر القمر، يتعين أن تتناوب الجزر الثلاث الرئاسة كل عشر سنوات. وبناء على ذلك، لن يكون نور الفتح مؤهلا لخلافة والده في نهاية الفترة الرئاسية في عام 2029 إلا بتعديل الدستور.

وفاز عثماني بآخر انتخابات في عام 2022 رغم رفض المعارضة لنتائجها قائلة إن التصويت شابه مخالفات. وعين عثماني ابنه مسؤولا عن تنسيق شؤون الحكومة ومنحه سلطات واسعة على مجلس الوزراء. وحقق حزب عثماني الحاكم فوزا حاسما في الانتخابات البرلمانية هذا الشهر، بينما قاطعت بعض أحزاب المعارضة التصويت ورفضت أحزاب أخرى النتائج بداعي التزوير.

ويبلغ عدد سكان جزر القمر، وهي عبارة عن أرخبيل مكون من ثلاث جزر في المحيط الهندي قبالة ساحل شرق أفريقيا، نحو 800 ألف نسمة. وقد شهدت نحو 20 انقلابا أو محاولة انقلاب منذ استقلالها عن فرنسا في 1975.