مقتل موظف إغاثة يذكّر بآخرين يواجهون الموت في السجون الحوثية

تنديد حقوقي وحكومي... ودعوة أممية لمزيد من التفاصيل

رئيس الحكومة اليمنية معين عبد الملك يستقبل في عدن الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة فرجينيا جامبا (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية معين عبد الملك يستقبل في عدن الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة فرجينيا جامبا (سبأ)
TT

مقتل موظف إغاثة يذكّر بآخرين يواجهون الموت في السجون الحوثية

رئيس الحكومة اليمنية معين عبد الملك يستقبل في عدن الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة فرجينيا جامبا (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية معين عبد الملك يستقبل في عدن الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة فرجينيا جامبا (سبأ)

​أعادت وفاة هشام الحكيمي الموظف مع منظمة «إنقاذ الطفولة» في أحد المعتقلات الحوثية في صنعاء، التذكير بالمأساة التي يعانيها زملاؤه من موظفي الوكالات الأممية والموظفين السابقين لدى السفارة الأميركية، وسط مخاوف من أن يواجهوا المصير نفسه.

وفي بيان قلّما يكون مباشرا إلى الحوثيين، دعت الأمم المتحدة الحوثيين إلى تقديم معلومات وافية وعاجلة بشأن الظروف التي أدت إلى وفاة الحكيمي.

وقال ديفيد غريلسي وهو منسق الشؤون الإنسانية في اليمن إنه يشعر بالجزع الشديد والأسى لوفاة أحد موظفي رعاية الأطفال وهو قيد الاحتجاز من قبل سلطات صنعاء (الحوثيين). مضيفا في بيان: كان هشام الحكيمي الذي عمل مع منظمة رعاية الأطفال منذ العام 2006 قد احتجز بتاريخ 9 سبتمبر (أيلول) 2023.

وفاة الحكيمي الذي يتكهن حقوقيون بأنه مات تحت التعذيب في أحد السجون التابعة لما يسمى «جهاز الأمن الوقائي» التابع لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي مباشرة، أثارت غضباً حكومياً وحقوقياً، وسط دعوات للضغط على الجماعة لإطلاق سراح كافة المعتقلين من موظفي الوكالات الدولية وموظفي السفارة الأميركية.

تتهم الحكومة اليمنية الجماعة الحوثية بتصفية الموظف لدى منظمة «إنقاذ الطفولة» هشام الحكيمي في المعتقل (إكس)

هذه المخاوف بشأن حياة المعتقلين عززها أخيراً قيام أجهزة الجماعة الحوثية باقتحام منزل مبارك العنوه في صنعاء، وهو أحد المختطفين الموظفين لدى وكالة أممية، وترويع عائلته ومصادرة هواتفهم وحواسيبهم، وذلك بعد نحو شهرين من اختطافه.

وبحسب البيان الأممي، لا يزال 3 من موظفي الأمم المتحدة محتجزين، اثنان منذ نوفمبر 2021، وواحد منذ أغسطس (آب) 2023. وقال غريسلي: لم تتمكن الأمم المتحدة ولا عائلاتهم من زيارتهم. أدعو سلطات صنعاء إلى تقديم معلومات كاملة عن ظروفهم، وإتاحة الزيارة لهم.

وتكتفي واشنطن من وقت لآخر بإصدار بيانات للتذكير بالمعتقلين من موظفي سفاراتها بصنعاء، وبقية الموظفين الأمميين، وتقول إنها ستواصل مساعيها الدبلوماسية سعياً للإفراج عنهم، كما جاء في أحدث بيان للسفارة قبل أيام.

ويبدي أحد الحقوقيين العاملين في صنعاء مخاوفه بشأن حياة المعتقلين، ويقول لـ«الشرق الأوسط» إنه لا يستبعد أن يلاقوا مصير الحكيمي، خصوصاً بعد مرور أكثر من عامين على اعتقال أغلبهم، دون السماح لعائلاتهم بزيارتهم أو حتى للمنظمات الإنسانية.

ويؤكد الحقوقي الذي طلب عدم ذكر اسمه، خشية البطش به، أن السبب الرئيسي لاعتقال هؤلاء الموظفين مع الوكالات الأممية، هو عدم ثقة الجماعة الحوثية فيهم؛ إذ إن كل يمني من غير سلالة زعيمها متهم بالتآمر والخيانة، إلى جانب سعيها إلى إحلال موالين لها من السلالة الحوثية في هذه المواقع الوظيفية.

لقاء جمع في الرياض وزير الخارجية اليمني أحمد بن مبارك مع السفير الأميركي ستيفن فاغن (سبأ)

وتكابد أسر المعتقلين مأساة مضاعفة، فإلى جانب الخوف وفقدان العائل، تتعرض للإرهاب المستمر؛ حيث تتلقى التهديد بأن مصير عائلها سيكون عرضة لمخاطر أكبر، لو تم الحديث إلى وسائل الإعلام، أو إثارة قضية الاعتقال للرأي العام. وفق ما ذكره لـ«الشرق الأوسط» مصدر من عائلة أحد المختطفين.

ويتهم الحقوقيون اليمنيون المنظمات الأممية والدولية بأنها تخلت عن المعتقلين الذين يعملون معها؛ بل يوجه بعض الحقوقيين اتهامات مباشرة لمسؤولي هذه المنظمات بالتواطؤ مع الجماعة الحوثية، كما هي الاتهامات التي أثيرت عقب وفاة الحكيمي.

ويؤكد الحقوقي اليمني، رياض الدبعي، أن اثنين من موظفي المفوضية السامية لحقوق الإنسان في اليمن لا يزالان معتقلين ومخفيين قسراً لدى الجماعة الحوثية، وهما عبد المعين عزان ومبارك العنوه.

ويشير الدبعي إلى معاناة عائلة عبد المعين عزان المعتقل منذ أكثر من عامين؛ حيث تعرضت والدته لست جلطات قبل أن تفارق الحياة، دون أن تسمح له الجماعة الحوثية بوداعها.

تنديد حكومي

إضافة إلى التنديد الحقوقي بانتهاكات الجماعة الحوثية ضد الموظفين في الوكالات الدولية المعتقلين لديها، لقيت وفاة الحكيمي واقتحام منزل العنوه إدانة حكومية ومطالبة بالضغط الدولي لإطلاق المعتقلين، ومحاسبة المتورطين في اختطافهم من عناصر الجماعة الحوثية.

واستنكر وزير الإعلام معمر الإرياني في بيان رسمي «بأشد العبارات» اقتحام الحوثيين منزل مبارك العنوه، أحد موظفي المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في اليمن (OHCHR) والعبث بمحتوياته، ونهب هواتف زوجته وأطفاله وأجهزتهم المحمولة، بعد نحو شهرين من اختطافه، وإخفائه قسراً في معتقل تابع لما يسمى جهاز «الأمن والمخابرات».

ووصف الإرياني هذه الحادثة بـ«الجريمة النكراء»، وقال إنها تأتي «بالتزامن مع إقدام ما يسمى جهاز الأمن والمخابرات التابع لميليشيا الحوثي، على تصفية هشام الحكيمي أحد موظفي منظمة (save the Children) الدولية المتخصصة في رعاية الأطفال، تحت التعذيب، بعد قرابة شهرين من اختطافه، وإخفائه قسراً، في امتداد لسياسة التضييق على المنظمات الدولية العاملة في مناطق سيطرتها».

وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني (سبأ)

وأشار الوزير اليمني إلى أن الجماعة الحوثية تواصل اختطاف عدد من العاملين في منظمات تابعة للأمم المتحدة، إلى جانب 11 شخصاً من الموظفين المحليين الحاليين والسابقين لدى السفارة الأميركية والوكالة الأميركية للتنمية، منذ عامين، وإخفاءهم قسراً في ظروف غامضة، دون أن توجه لهم أي تهم، أو السماح لهم بمقابلة أسرهم، في انتهاك صارخ للقوانين والمواثيق الدولية.

وطالب وزير الإعلام اليمني المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومبعوثها الخاص لليمن ومنظمات حقوق الإنسان، بـ«مغادرة مربع الصمت، وإصدار إدانة واضحة لهذه الجريمة النكراء»، وفق تعبيره.

ودعا الإرياني إلى ممارسة «ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي، لكشف مصير جميع المخفيين قسراً، وإطلاقهم فوراً، والتحرك -وفي المقدمة الولايات المتحدة الأميركية- لإعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية، وملاحقة ومحاكمة قياداتها المسؤولين عن هذه الجرائم المروعة باعتبارهم مجرمي حرب».


مقالات ذات صلة

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً جديدةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

نبه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات مثل الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)

«المركزي اليمني» يستهجن مزاعم تهريب أموال إلى الخارج

استهجن البنك المركزي اليمني أنباء راجت على مواقع التواصل الاجتماعي تدعي قيام البنك بتهريب الأموال في أكياس عبر المنافذ الرسمية، وتحت توقيع المحافظ.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني الزبيدي يثمن دور السعودية في دعم بلاده (سبأ)

الزبيدي يثمن جهود السعودية لإحلال السلام والاستقرار في اليمن

وسط تأكيد سعودي على استمرار تقديم الدعم الإنساني والإغاثي لليمن، ثمّن عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عيدروس الزبيدي، سعي المملكة إلى حشد الجهود لإحلال السلام.

«الشرق الأوسط» (عدن)

«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
TT

«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)

رحبت حركة «حماس»، اليوم (الخميس)، بإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، معتبرة أنه خطوة «تاريخية مهمة».

وقالت الحركة في بيان إنها «خطوة ... تشكل سابقة تاريخيّة مهمة، وتصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا»، من دون الإشارة إلى مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة بحق محمد الضيف، قائد الجناح المسلح لـ«حماس».

ودعت الحركة في بيان «محكمة الجنايات الدولية إلى توسيع دائرة استهدافها بالمحاسبة، لكل قادة الاحتلال».

وعدّت «حماس» القرار «سابقة تاريخية مهمة»، وقالت إن هذه الخطوة تمثل «تصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا، وحالة التغاضي المريب عن انتهاكات بشعة يتعرض لها طيلة 46 عاماً من الاحتلال».

كما حثت الحركة الفلسطينية كل دول العالم على التعاون مع المحكمة الجنائية في جلب نتنياهو وغالانت، «والعمل فوراً لوقف جرائم الإبادة بحق المدنيين العزل في قطاع غزة».

وفي وقت سابق اليوم، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت؛ لتورطهما في «جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب»، منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقال القيادي بحركة «حماس»، عزت الرشق، لوكالة «رويترز» للأنباء، إن أمر الجنائية الدولية يصب في المصلحة الفلسطينية.

وعدّ أن أمر «الجنائية الدولية» باعتقال نتنياهو وغالانت يكشف عن «أن العدالة الدولية معنا، وأنها ضد الكيان الصهيوني».

من الجانب الإسرائيلي، قال رئيس الوزراء السابق، نفتالي بينيت، إن قرار المحكمة بإصدار أمري اعتقال بحق نتنياهو وغالانت «وصمة عار» للمحكمة. وندد زعيم المعارضة في إسرائيل، يائير لابيد، أيضاً بخطوة المحكمة، ووصفها بأنها «مكافأة للإرهاب».

ونفى المسؤولان الإسرائيليان الاتهامات بارتكاب جرائم حرب. ولا تمتلك المحكمة قوة شرطة خاصة بها لتنفيذ أوامر الاعتقال، وتعتمد في ذلك على الدول الأعضاء بها.