مصر: «قمة السلام» تدشن «الدور السياسي» للعاصمة الإدارية الجديدة

صورة جماعية للمشاركين في قمة السلام (رويترز)
صورة جماعية للمشاركين في قمة السلام (رويترز)
TT

مصر: «قمة السلام» تدشن «الدور السياسي» للعاصمة الإدارية الجديدة

صورة جماعية للمشاركين في قمة السلام (رويترز)
صورة جماعية للمشاركين في قمة السلام (رويترز)

استضافت العاصمة الإدارية الجديدة بمصر، السبت، قمة السلام التي دعا لها الرئيس عبد الفتاح السيسي، لبحث تطورات القضية الفلسطينية، ليكون بذلك الظهور الأول للعاصمة الجديدة على مستوى السياسة الدولية بعدما كانت مدينة شرم الشيخ هي المعهودة بذلك، ما عدّه مراقبون تدشيناً لدور سياسي للمدينة التي بدأ تدشينها عام 2015.

واستعداداً لاستقبال المشاركين في قمة السلام 2023، وقد شملوا وفوداً من 30 دولة وممثلين لـ3 منظمات دولية، فضلاً عن حضور الأمين العام للأمم المتحدة، أُضيء البرج الأيقوني في قلب العاصمة بأعلام مصر وفلسطين وشعار قمة القاهرة للسلام، في إشارة إلى جاهزية عاصمة مصر الجديدة.

القادة العرب خلال مشاركتهم في قمة السلام (الرئاسة المصرية)

وكشف المهندس خالد عباس، رئيس شركة العاصمة الإدارية، كواليس الاستعدادات والتجهيزات لاستقبال محافل دولية بارزة، وأوضح في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «بسبب الوضع الراهن، تم اختيار العاصمة لتستقبل القمة قبل انطلاقها بـ72 ساعة فقط، غير أن جاهزيتها المُسبقة مهدت للمهمة التي خرجت بنجاح اليوم».

وأوضح عباس أن المشروع منذ البداية يُعِد العاصمة الجديدة لتكون «قبلة» المحافل السياسية، حسب تعبيره، وقال: «هذه هي المرة الأولى التي تستقبل فيها العاصمة الجديدة قمة سياسية، غير أنه تم تنظيم عدد من المحافل الثقافية والفنية من قبل، لنحقق بهذا المسار الهدف من المشروع الذي انطلق قبل 8 سنوات».

صورة عامة للحضور بقمة السلام بالعاصمة الإدارية الجديدة لمصر (د.ب.أ)

ويُدلل عباس على الدور السياسي للعاصمة الجديدة بأنه لم يتحقق باستقبال القمة فحسب، قائلاً: «منذ انتقال الحكومة المصرية بالكامل، بقوة 40 ألف موظف، إلى مقراتها الجديدة في قلب العاصمة، وباتت مصنع القرارات وقبلة السياسة». وأردف: «في القريب ستنتقل مقرات الرئيس إلى العاصمة». وأشار إلى أنه «من المخطط تنفيذ هذا الانتقال عقب الانتخابات الرئاسية الجارية». وأضاف: «كذلك مقرات البرلمان ومجلس الشيوخ جاهزة لاستقبال النواب في الدورة التشريعية الجديدة، كل هذا يعزز دور العاصمة الجديدة السياسي».

وتعرض مشروع العاصمة الإدارية للانتقاد وتضمن تهماً بإهدار أموال الموازنة العامة للحكومة وإثقال الدولة بديون خارجية، (إجمالي الدين الخارجي المستحق على مصر نحو 165.3 مليار دولار بنهاية مارس - آذار الماضي)، لتنفيذ مشروعات «غير مُلحة. غير أن الرئيس السيسي أكد في حديث علني خلال مناقشة مشروعات العاصمة، يونيو (حزيران) الماضي، أن الحكومة لم تتحمل أياً من تكاليف المشروع، قائلاً: «والله العظيم ما خدنا جنيه من الدولة».

من جانبه، علق عباس على هذه الانتقادات قائلاً: «لا ننظر إلا لخطة التنفيذ بكل جهد وبجدول زمني مُحدد، وندلل على النجاح بتحقيق أرباح تعكسها أرقام واقعية».

وتوكل إدارة وتمويل المشروع لشركة العاصمة الإدارية الجديدة المساهمة، والتي تم إنشاؤها برأس مال يقدر بـ6 مليارات جنيه، مُقسمة بين جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، وهيئة المجتمعات العمرانية، وجهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة، وتخضع الشركة لرقابة من الأجهزة الرقابية بالدولة المصرية، حسبما أعده المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية.

الدكتور عمرو الشوبكي، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، يصف اختيار العاصمة الإدارية الجديدة لتحتضن محفلاً سياسياً بهذا الحجم بالقرار «الموفق»، غير أنه مرهون بتحقيق الهدف الأبعد والأشمل من المشروع وهو «عاصمة جديدة لمصر»، وأوضح لـ«الشرق الأوسط»: «المشروعات الكبرى تحقق أهدافها تباعاً، من ثم تقديم العاصمة الإدارية كوجهة سياسية للدولة أمر مقبول ومرحب به في إطار تسويق الدولة لمشروعاتها». وأردف: «اسم المشروع بـ(العاصمة) يجعل المصريين في انتظار مزيد من عناصر الجذب لجموع الشعب، لذلك علينا ألا نحمل الأمر فوق طاقته سواء بالانتقاد أو الاحتفاء».

ويمضي الشوبكي في القول: «ظهور القادة الإقليميين والسياسيين داخل العاصمة أمر مثير للاهتمام». وأوضح: «يحق للإدارة السياسية أن تدلل على تحقيق الأهداف من مشروعاتها، غير أن الآمال معلقة أكثر على نتائج قمة السلام وليس مكان استضافتها فحسب».

وانطلق مشروع العاصمة الإدارية الجديدة في مارس 2015، بهدف تخفيف الضغط على القاهرة، على مساحة بلغت نحو 700 كيلومتر مربع، تقدر بنحو 170 ألف فدان، ويشمل تنفيذ المشروع 3 مراحل؛ المرحلة الأولى جاءت على مساحة تقدر بنحو 168 كيلومتراً مربعاً (40 ألف فدان)، ما يعادل نصف مساحة القاهرة تقريباً، التي تبلغ نحو 90 ألف فدان، ومنتظر الانتهاء من المراحل التالية وفق جدول زمني يضع المشروع ضمن خطة مصر 2030.


مقالات ذات صلة

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

شؤون إقليمية جنود في مقبرة بالقدس خلال تشييع رقيب قُتل في غزة يوم 20 نوفمبر (أ.ب)

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

نشرت صحيفة «هآرتس» مقالاً بقلم «مقاتل في جيش الاحتياط»، خدم في كل من لبنان وقطاع غزة. جاء المقال بمثابة صرخة مدوية تدعو إلى وقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شمال افريقيا جانب من محادثات وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره الإيراني في القاهرة الشهر الماضي (الخارجية المصرية)

مصر تطالب بخفض التوترات في المنطقة و«ضبط النفس»

أعرب وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال اتصال هاتفي تلقاه من نظيره الإيراني، عباس عراقجي، مساء الخميس، عن قلق بلاده «من استمرار التصعيد في المنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير (رويترز)

ماذا نعرف عن «الخلية الفلسطينية» المتهمة بمحاولة اغتيال بن غفير؟

للمرة الثانية خلال ستة شهور، كشفت المخابرات الإسرائيلية عن محاولة لاغتيال وزير الأمن القومي الإسرائيلي، المتطرف إيتمار بن غفير، الذي يعيش في مستوطنة بمدينة…

نظير مجلي (تل ابيب)
تحليل إخباري فلسطينيون يبحثون عن ضحايا عقب غارة إسرائيلية وسط مدينة غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري حديث إسرائيلي عن «إدارة عسكرية» لغزة يعقّد جهود «الهدنة»

الحديث الإسرائيلي عن خطط لإدارة غزة يراه خبراء، تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، بمثابة «تعقيد خطير لجهود التهدئة المتواصلة بالمنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي المندوب الأميركي البديل لدى الأمم المتحدة روبرت وود يرفع يده لنقض مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة خلال اجتماع لمجلس الأمن (أ.ف.ب)

أميركا تحبط الإجماع الدولي على المطالبة بوقف إطلاق النار فوراً في غزة

خرجت الولايات المتحدة عن إجماع بقية أعضاء مجلس الأمن لتعطيل مشروع قرار للمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.

علي بردى (واشنطن)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.