بيانات أممية: ربع سكان اليمن بحاجة إلى الدعم والرعاية النفسية

تحذيرات من تفشي الأوبئة نتيجة الصراع والظواهر المناخية

عاملات يمنيات في برامج تقديم اللقاحات (الأمم المتحدة)
عاملات يمنيات في برامج تقديم اللقاحات (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: ربع سكان اليمن بحاجة إلى الدعم والرعاية النفسية

عاملات يمنيات في برامج تقديم اللقاحات (الأمم المتحدة)
عاملات يمنيات في برامج تقديم اللقاحات (الأمم المتحدة)

سلطت بيانات أممية جديدة الضوء على استمرار تدهور الوضع الصحي في اليمن نتيجة الصراع الدائر منذ سنوات في البلاد، حيث أدى ذلك مع تدهور الوضع الاقتصادي، وتزايد انعدام الأمن الغذائي، والتفشي المتكرر للأمراض إلى انهيار النظام الصحي اليمني.

البيانات أفادت بأن 46 في المائة فقط من إجمالي المرافق الصحية تعمل جزئياً، أو قد تكون خارجة عن الخدمة كلياً، جراء نقص الموظفين وغياب الموارد المالية والأدوية والإمدادات والمعدات، وغيرها من الأسباب الأخرى.

ومع ظهور مزيد من المخاطر الصحية المحدقة بملايين السكان في اليمن جراء استمرار الحرب، قالت الأمم المتحدة إن ربع سكان اليمن الذين يقدر عددهم بأكثر من 30 مليون نسمة، في حاجة ماسة إلى الدعم والرعاية في مجال الصحة النفسية جراء صدمات الصراع وتداعياته المستمرة منذ نحو 9 سنوات. وأوضح صندوق الأمم المتحدة للسكان، في بيان حديث بالتزامن مع مناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية الذي يصادف 10 أكتوبر (تشرين الأول) من كل عام، أن واحداً من بين كل أربعة أشخاص في اليمن يعانون اضطرابات في الصحة النفسية، وبحاجة لخدمات دعم ورعاية.

مبنى وزارة الصحة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)

ولفت الصندوق الأممي إلى أن اليمن الذي يعاني حرباً منذ نحو تسع سنوات، يحتاج سبعة ملايين شخص فيه إلى خدمات الصحة النفسية. وكانت منظمات أممية معنية بدعم القطاع الصحي اليمني، أوضحت في تقارير سابقة لها أن الانقلاب والحرب في اليمن تسبَّبا بحدوث أضرار نفسية وعقلية لأكثر من 5.5 مليون شخص، مؤكدة أن العدد في تزايد.

وتواجه معدلات الإصابة بأمراض نفسية تشمل النساء والأطفال والفئات الضعيفة الأخرى معوقات جمّة، يأتي في مقدمتها نقص الكادر الطبي المتخصص، حيث يُقدر عدد الأطباء النفسيين في اليمن بنحو 58 طبيباً، بمعدل طبيب نفسي واحد لكل نصف مليون شخص، إضافة إلى 120 استشارياً نفسياً، طبقاً لتقديرات 2020.

طفلة يمنية تتلقى جرعة لقاح من قبل «يونيسف» (الأمم المتحدة)

وحذرت منظمة الصحة العالمية من أن بلداناً في إقليم شرق المتوسط، منها اليمن، تواجه عدداً غير مسبوق من الطوارئ الصحية، منها أكثر من 63 فاشية هذا العام نتيجة عدة عوامل سلبية يتصدرها هشاشة الدول والصراعات والظواهر المناخية القصوى نتيجة تغير المناخ، وغيرها من الكوارث الطبيعية والتكنولوجية وحالات النزوح الجماعي وصور التفاوت الاقتصادي. وتعرّف منظمة الصحة العالمية «الفاشية المرضية بحدوث حالات من مرض ما تتجاوز المتوقع عادة، في مجتمع محدد أو منطقة جغرافية محددة أو موسم محدد».

وأكدت المنظمة تزايد فاشيات الأمراض، منها فاشيات لأمراض سبق القضاء عليها، حيث وثَّق الإقليم حتى الآن 63 فاشية للأمراض يتسبب كل منها في إصابات ووفيات يمكن الوقاية منها. وكشفت عن زيادة أعداد من احتاجوا إلى مساعدات إنسانية حتى منتصف هذا العام، ومنها مساعدات إنسانية صحية، عن 363 مليون إنسان على مستوى العالم، منهم 140 مليون إنسان في شرق المتوسط وحده.

وذكر مكتب المنظمة في إقليم شرق المتوسط، في بيان، أن اليمن الذي يغيب عن أذهان العالم كثيراً وما زال في محنة، يوجد فيه ملايين البشر ممن يحتاجون إلى مساعدات صحية عاجلة، في ظل عدم عمل المرافق الصحية إلا في حدود ضيقة ووصول سوء التغذية بين الأطفال والحوامل إلى مستويات وخيمة.

صبي يمني ينتظر مساعدات من برنامج الغذاء العالمي (أ.ف.ب)

وقدمت منظمة الصحة العالمية، العام الماضي، خدمات طبية ورعاية صحية منقذة للحياة إلى 12.6 مليون يمني، وذلك بنسبة 62 في المائة من خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2022. وطبقاً للبيان، فإن من بين 22 بلداً وأرضاً في الإقليم، ما زالت النزاعات المسلحة الممتدة تخرّب 9 من البلدان والأراضي، ما أدى إلى زيادة الإصابات الشديدة والنزوح والهجمات على مرافق الرعاية الصحية.

ويضم إقليم شرق المتوسط وحده، كما تقول المنظمة، نحو 55 في المائة من اللاجئين على مستوى العالم، وهو الأمر الذي يزيد من الضغط على أنظمة الرعاية الصحية الضعيفة في الإقليم الذي شهد في عامي 2022 و2023 خمساً من بين أكبر 10 كوارث طبيعية حدثت في العالم، ومنها الجفاف والفيضانات الجارفة والزلازل.


مقالات ذات صلة

سفينة تنجو من 5 صواريخ في البحر الأحمر... وغارات غربية في تعز

العالم العربي السفينة اليونانية «توتور» الغارقة في البحر الأحمر عقب هجوم حوثي (إ.ب.أ)

سفينة تنجو من 5 صواريخ في البحر الأحمر... وغارات غربية في تعز

غداة قرار جديد لمجلس الأمن الدولي دعا فيه الحوثيين إلى وقف الهجمات ضد السفن، أفادت هيئة بريطانية بحرية، الجمعة، بتعرض سفينة في البحر الأحمر للهجوم بـ5 صواريخ.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الجماعة الحوثية تعتمد سياسة البطش والتنكيل بالسكان لإخضاعهم (إكس)

انقلابيو اليمن يختطفون 70 مدنياً من 5 محافظات 

اعتقلت الجماعة الحوثية أكثر من 70 مدنياً خلال أسبوعين وأودعتهم في سجون محافظات الحديدة وعمران وحجة وإب وذمار، بناء على تُهم ملفقة.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي تراجع عائدات ميناء عدن بسبب تحويل البضائع إلى الموانئ الخاضعة للحوثيين (إعلام حكومي)

البنك الدولي: نصيب الفرد اليمني من الناتج المحلي ينخفض 54 ‎%‎

أكد البنك الدولي أن اقتصاد اليمن لا يزال يواجه عقبات كبيرة مع تفاقم الصراع المستمر والتوترات الإقليمية والأزمات الاقتصادية والإنسانية.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي السفينة اليونانية «توتور» الغارقة في البحر الأحمر إثر هجوم حوثي (رويترز)

خطر الحوثيين يتفاقم بحرياً وسط ضعف الحزم الدولي

يرى سياسيون يمنيون أن هناك تراخياً دولياً مع الجماعة الحوثية التي باتت هجماتها البحرية خطراً على المنطقة والعالم، حيث بلغ عدد السفن المهاجمة نحو 160 سفينة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي عنصر من ميليشيا الحوثي يفحص رجلاً عند نقطة تفتيش في صنعاء (إ.ب.أ)

​انقلابيو اليمن يضاعفون الرقابة الأمنية على سكان صنعاء

عزّز الحوثيون خلال الأسابيع القليلة الماضية من الرقابة الأمنية بصنعاء على السكان في المباني والأحياء مع ازدياد النقمة ضد الجماعة لعدم صرف المرتبات.

محمد ناصر (تعز)

البنك الدولي: نصيب الفرد اليمني من الناتج المحلي ينخفض 54 ‎%‎

هجمات الحوثيين أوقفت تصدير النفط وزادت من إجهاد الحكومة اليمنية (إعلام محلي)
هجمات الحوثيين أوقفت تصدير النفط وزادت من إجهاد الحكومة اليمنية (إعلام محلي)
TT

البنك الدولي: نصيب الفرد اليمني من الناتج المحلي ينخفض 54 ‎%‎

هجمات الحوثيين أوقفت تصدير النفط وزادت من إجهاد الحكومة اليمنية (إعلام محلي)
هجمات الحوثيين أوقفت تصدير النفط وزادت من إجهاد الحكومة اليمنية (إعلام محلي)

أكد البنك الدولي أن اقتصاد اليمن لا يزال يواجه عقبات كبيرة مع تفاقم الصراع المستمر والتوترات الإقليمية والأزمات الاقتصادية والإنسانية في البلاد، وقال إن من المتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.0 في المائة في 2024، بعد انكماش بنسبة 2.0 في المائة في 2023 ونمو متواضع بنسبة 1.5 في المائة في 2022.

ووفقاً لأحدث تقرير للبنك الدولي عن الاقتصاد في اليمن، فإنه وخلال الفترة بين 2015 و2023، شهد اليمن انخفاضاً بنسبة 54 في المائة في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، ما ترك غالبية اليمنيين في فقر.

تراجع عائدات ميناء عدن بسبب تحويل البضائع إلى الموانئ الخاضعة للحوثيين (إعلام حكومي)

ويؤكد البنك أن انعدام الأمن الغذائي يؤثر على نصف السكان، إذ ارتفعت معدلات وفيات الشباب، وتدهور الوضع المالي للحكومة المعترف بها دولياً بشكل كبير خلال عام 2023.

تأثير الحصار الحوثي

بحسب التقرير، انخفضت الإيرادات المالية بأكثر من 30 في المائة، مدفوعة بانخفاض كبير في عائدات النفط وانخفاض عائدات الجمارك بسبب إعادة توجيه الواردات من عدن إلى الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون. كما أن الحكومة المعترف بها دولياً نفذت تخفيضات حادة في الإنفاق، ما أثر على الخدمات العامة الأساسية والنمو الاقتصادي طويل الأجل.

وطبقاً لبيانات التقرير، اتسع عجز الحساب الجاري إلى 19.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2023، ارتفاعاً من 17.8 في المائة في 2022، كما أثر الحصار الذي فرضه الحوثيون على تصدير النفط بشكل كبير على العجز التجاري، في حين ظلت الاحتياطات الأجنبية مستقرة نسبياً بسبب الدعم المالي من شركاء اليمن، بما في ذلك تحويل حقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولي.

يعيش ملايين اليمنيين على المساعدات الإنسانية المقدمة من المنظمات الدولية (إ.ب.أ)

وذكر البنك الدولي أن استئناف التمويل النقدي من قبل الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً أدى إلى زيادة الضغوط التضخمية. ومع ذلك، تباينت معدلات التضخم عبر المناطق، إذ شهدت صنعاء انكماشاً بنسبة 11.8 في المائة وتواجه عدن تضخماً مرتفعاً بنسبة 7.0 في المائة بسبب انخفاض قيمة العملة، بالإضافة إلى ذلك، ارتفعت تكلفة السلع الأساسية في عدن، حيث تنفق العديد من الأسر الآن أكثر من 60 في المائة من دخلها على الغذاء وحده.

تحديات متزايدة

قالت دينا أبو غيدا، مديرة البنك الدولي في اليمن، إن التحديات الاقتصادية والإنسانية تتزايد في هذا البلد، لكن إمكانية التعافي لا تزال قائمة «مع الدعم والاستراتيجيات الصحيحة»، حيث يسلط التقرير الضوء على مجالات العمل الحاسمة، بما في ذلك معالجة الضغوط المالية، وتخفيف الاضطرابات التجارية، واستقرار العملة.

وجدد البنك الدولي التزامه الثابت بدعم اليمنيين خلال هذه الأزمات، وتقديم المساعدة الفورية، وتمهيد الطريق لمستقبل مستدام وقادر على الصمود.

وبالإضافة إلى ذلك، يشير تقرير البنك إلى الضغوط المالية المستمرة والتفتت الاقتصادي بين المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة وتلك الخاضعة لسيطرة الحوثيين ويؤكد أن ذلك «يهدد بتعميق الانقسام وزيادة تعقيد جهود التعافي».

وعلى سبيل المثال، يذكر التقرير أن إعادة توجيه الواردات إلى الموانئ الخاضعة لسيطرة الحوثيين أدى إلى انخفاض كبير في عائدات الجمارك في ميناء عدن الذي تديره الحكومة، ما زاد من إجهاد الظروف الاقتصادية في مناطق الحكومة مقارنة بمناطق سيطرة الحوثيين. وأكد أن إمكانية زيادة المساعدات والاستثمار تتوقف على تحقيق هدنة دائمة والالتزام بإعادة الإعمار من جميع الأطراف المعنية.

يقود البنك المركزي في عدن معركة الحفاظ على العملة الوطنية وضبط السوق المصرفية (إعلام حكومي)

تقرير البنك الدولي، سلّط الضوء أيضاً على التأثير الشديد للتوترات الإقليمية المتصاعدة، خصوصاً هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، التي عطّلت الشحن والتجارة الدولية. وقال إن ذلك أدى إلى زيادة تكاليف الشحن وأقساط التأمين، مما زاد من إجهاد اقتصاد اليمن.

وبيّن التقرير أن التوقعات الاقتصادية في اليمن لا تزال غير مؤكدة إلى حد كبير. وقال: «يبدو أن استئناف صادرات النفط والتعافي الاقتصادي الأوسع نطاقاً بعيد المنال في غياب اتفاق سلام دائم».

ونبه تقرير البنك الدولي إلى أن الصراعات الإقليمية المستمرة، وانخفاض قيمة العملة، والضغوط المالية تشكل مخاطر كبيرة. ومع ذلك، يشير إلى أن اتفاق السلام المستدام من شأنه أن يحسّن بسرعة آفاق اليمن الاقتصادية، بدعم من المساعدات المالية الخارجية وجهود إعادة الإعمار.