سخرية يمنية من مواقف الحوثيين ومزاعمهم تجاه أحداث غزة

اتهامات للجماعة بتسخير القضية الفلسطينية لمصلحة أجندتها

يزعم الحوثيون استخدام قوتهم العسكرية لمواجهة إسرائيل ويستخدمونها في مواجهة اليمنيين (رويترز)
يزعم الحوثيون استخدام قوتهم العسكرية لمواجهة إسرائيل ويستخدمونها في مواجهة اليمنيين (رويترز)
TT

سخرية يمنية من مواقف الحوثيين ومزاعمهم تجاه أحداث غزة

يزعم الحوثيون استخدام قوتهم العسكرية لمواجهة إسرائيل ويستخدمونها في مواجهة اليمنيين (رويترز)
يزعم الحوثيون استخدام قوتهم العسكرية لمواجهة إسرائيل ويستخدمونها في مواجهة اليمنيين (رويترز)

حاولت الجماعة الحوثية في اليمن استغلال أحداث غزة لمواصلة استغفال اليمنيين وكسب ثقة أنصارها؛ إلا أن الخطاب الأخير لزعيمها أثار التهكم والاستنكار، حيث تأكد للشارع اليمني أن القضية الفلسطينية بالنسبة للجماعة ليست سوى موضوع للمزايدة.

فبينما كان أتباع الحوثي ينتظرون إشارة منه لبدء الحرب على إسرائيل دعماً لمنظمة «حماس» والفصائل الفلسطينية، كان اليمنيون يتشوقون لسماع التبريرات التي سيطلقها لعدم مشاركته في أحداث غزة وتقديم الدعم، فلم يخيب زعيم الجماعة ظن أحد.

تستخدم جماعة الحوثي القضية الفلسطينية لخداع اليمنيين إزاء ممارساتها (إعلام إيراني)

هدّد الحوثي بالدخول في أحداث غزة وقصف إسرائيل بالصواريخ والطائرات المسيرة، في حال تحقُّق شرطين، الأول يأتي من تدخل الولايات المتحدة الأميركية بشكل مباشر في الحرب، والثاني تجاوز إسرائيل للخطوط الحمراء، دون أن يوضح ماهية الخطوط التي حذر إسرائيل من تجاوزها بعد كل ما فعلته آلتها العسكرية في قطاع غزة.

وفي حين انساق أتباع الحوثي وراء مزاعمه وتجاهلوا، بوعي أو من دونه، تناقضاته ومغالطاته؛ سخر اليمنيون على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي وفي الشوارع والتجمعات العامة من خطابه الذي تنصل فيه من وعيده الدائم وخطابه الذي استخدمه في حرب جماعته وممارساتها بحق المجتمع.

منذ نشأتها وصعودها رفعت الجماعة الحوثية شعار الموت لأميركا وإسرائيل، وتحت هذا الشعار مارست كل الفظائع بحق اليمنيين وانقلبت على دولتهم وإجماعهم الوطني، وأغرقت البلد في الحرب وأزمات سياسية واقتصادية واجتماعية، وتسببت في دمار المؤسسات ونسفت التعايش الاجتماعي.

 

شعارات لمعاقبة اليمنيين

سخر البرلماني اليمني عبد الرحمن معزب من خطاب عبد الملك الحوثي متسائلاً: «هل وجدتم أميركا في مأرب وتعز، لكنكم لم تجدوها في فلسطين وسواحل غزة؟!»، مستغربا من أن الحوثي لم يرَ في تحريك حاملة طائرات أميركية في مياه البحر المتوسط لمساندة إسرائيل، وتقديم ثمانية مليارات دولار تدخلاً مباشراً.

السياسي اليمني كامل الخوداني سخر من موقف الحوثي الذي تنصل من كل مواقفه السابقة، وكأن المطلوب من أعيان قطاع غزة إفادته بمشاركة الولايات المتحدة في الأحداث، بعد تسعة أعوام قاد فيها أبناء القبائل إلى المحارق بزعم مواجهة أميركا وإسرائيل.

وأضاف «لنفترض أن أميركا لا تشارك في الحرب؛ أين ذهب شعار الموت لإسرائيل ومزاعم العدوان الصهيو - أميركي على الجماعة؟!».

أما الكاتب والباحث اليمني همدان العليي فرأى أن الحوثيين قتلوا مئات الآلاف من اليمنيين بذريعة العمالة لأميركا وإسرائيل، ودمروا وارتكبوا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في حق أبناء شعبهم باستخدام الطائرات والصواريخ والدبابات وجميع أنواع الأسلحة، مستخدمين شعارات مواجهة أميركا وإسرائيل بوصفها مبررات، وعندما طُلب منهم اتخاذ موقف مما يجري في غزة؛ دسوا رؤوسهم في التراب، وتحججوا أنهم ينتظرون تدخلاً مباشراً من أميركا.

تبرز مخاوف من استغلال الحوثيين أحداث غزة لممارسة اعتداءات وأعمال قرصنة في البحر الأحمر (أ.ف.ب)

ونوه العليي إلى أن الحوثيين كانوا يعاقبون اليمنيين لعدم المشاركة في أنشطتهم المتعلقة بفلسطين، والتي يهدفون من خلفها لتحقيق أهداف خاصة لسلالتهم، ووصل بهم الحال لوصف اليمنيين بأنهم صهاينة عرب، والآن «أصبحت خطابات الحوثي محل سخرية واستهزاء اليمنيين»، ولا يوجد حالياً من يصدق هذه الخطابات إلا المتعصبون لجماعة الحوثي أو أصحاب المصالح الشخصية أو المغفلون وفق قوله.

 

فرصة لمغامرة جديدة

يذهب مسؤولون ومتابعون إلى أن وراء خطاب الحوثي ومواقفه ما هو أكثر من مجرد إلهاء الرأي العام ومغالطاته، فهذه الجماعة ترى نفسها مؤثرة بشكل عميق في الأحداث، وتسعى إلى الاستفادة من الأحداث الجارية الآن واستغلال معاناة أهالي غزة مثلما استغلت المأساة الإنسانية في اليمن لصالح مشروعها.

يؤكد فياض النعمان وكيل وزارة الإعلام اليمنية لـ«الشرق الأوسط» أن الأحداث الجارية في قطاع غزة كشفت الصورة الحقيقية للشعارات الكاذبة والزائفة للجماعات الإرهابية التي تاجرت بالقضية الفلسطينية، ومنها ميليشيات الحوثي الإرهابية التي أصبح مشروعها أكثر وضوحاً لدى الرأي العام اليمني بعد خداع استمر أكثر من عقد من الزمن.

وتابع: كانت القضية الفلسطينية حاضرة وبشكل مستمر في الخطاب السياسي والإعلامي للميليشيات الإرهابية الحوثية، ليس من أجل مناصرة ودعم الشعب الفلسطيني؛ بل هي استراتيجية لتضليل الرأي العام وحشد المغرر بهم إلى الجبهات وخداعهم بمواجهة إسرائيل في تعز ومأرب وعموم المناطق المحررة.

وعدّ النعمان خطاب زعيم المتمردين الحوثيين محاولة بائسة وخاسرة لتجميل صورة المشروع السلالي العنصري الذي يتاجر بالقضايا الإنسانية خدمة لداعميه في طهران والضاحية الجنوبية لبيروت، في حين أن هناك انسجاماً وتطابقاً وتحالفاً بين أدوات إيران في المنطقة، ومنها جماعة الحوثي الإرهابية، وإسرائيل في الأهداف والاستعلاء العنصري والاستراتيجية الإرهابية المعادية للشعوب في المنطقة.

يتباهى قادة الجماعة الحوثية بجمع الأموال للتبرع لمناصرة «حماس» و«حزب الله» على حساب المأساة الإنسانية في اليمن (إعلام حوثي)

الباحث السياسي صلاح علي صلاح نظر إلى الأمور بجدية في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، متوقعاً أن الجماعة الحوثية تتحين الفرصة فعلاً في محاولة لتوسعة قاعدتها الشعبية من خلال التصعيد الخطابي ضد إسرائيل والولايات المتحدة، خصوصاً بعدما واجهت تحديات وانتفاضة شعبية خلال توقف العمليات العسكرية، ومطالب الموظفين برواتبهم، والغضب الشعبي من تدهور الأوضاع المعيشية.

ورأى صلاح أن مزاعم الجماعة الحوثية بامتلاكها صواريخ بعيدة المدى بإمكانها استهداف إسرائيل قد تُختبر الآن، وقد تسعى لعمل مثل هذا لتحقيق انتصارات إعلامية، وكسب تأييد شعبي داخلي وخارجي، إضافة إلى فرض نفسها لاعباً إقليمياً.

لكن ما هو أخطر من ذلك، برأي صلاح؛ أن تتوجه الجماعة إلى استهداف طرق التجارة في البحر الأحمر، وهو ما سيكون وسيلة أكثر قوة لفرض وجودها، فالصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة تحقق انتصارات إعلامية وإرباكاً محدوداً، لكن استهداف الملاحة الدولية قد يعطي الجماعة أدواراً أكثر خطورة، خصوصاً وأن الأحداث الحالية قد تفرض واقعاً جديداً في المنطقة.


مقالات ذات صلة

اتهامات حوثية لواشنطن ولندن بضربات جوية طالت 4 محافظات يمنية

العالم العربي ضربات غربية استهدفت معسكر الصيانة الخاضع للحوثيين في صنعاء (رويترز)

اتهامات حوثية لواشنطن ولندن بضربات جوية طالت 4 محافظات يمنية

استهدفت ضربات جوية غربية مواقع للجماعة الحوثية شملت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء وثلاث محافظات أخرى ضمن مساعي واشنطن لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن

علي ربيع (عدن)
العالم العربي مواقع غير رسمية مليئة بالنفايات الخطرة في اليمن تسبب التلوث (إعلام محلي)

النفايات ترفع معدل الاحتباس الحراري والتلوث في اليمن

كشف مرصد مختص بالبيئة عن استخدام الأقمار الاصطناعية في الكشف عن تأثير مواقع النفايات غير الرسمية في اليمن على البيئة والصحة وزيادة معدل الاحتباس الحراري.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي عنصر حوثي على متن عربة عسكرية في صنعاء (إ.ب.أ)

اتهامات لنجل مؤسس «الحوثية» باعتقال آلاف اليمنيين

قدرت مصادر يمنية أن جهاز الاستخبارات المستحدث الذي يقوده علي حسين الحوثي، نجل مؤسس الجماعة، اعتقل نحو 5 آلاف شخص على خلفية احتفالهم بذكرى «ثورة 26 سبتمبر».

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي صاروخ باليستي زعم الحوثيون أنهم أطلقوه باتجاه إسرائيل (إعلام حوثي)

انقلابيو اليمن يتبنّون استهداف تل أبيب بمسيّرات

ضمن تصعيد الجماعة الحوثية تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، وأخيراً مناصرة «حزب الله» في لبنان، تبنت، الخميس، إطلاق عدد من الطائرات المسيرة باتجاه تل أبيب

علي ربيع (عدن)
العالم العربي عامل يعد نقوداً في محل للصرافة في صنعاء (إ.ب.أ)

منصة يمنية تكشف جانباً من خفايا الكيانات المالية للحوثيين

كشفت منصة يمنية متخصصة في تعقب الجرائم المنظمة وغسل الأموال جانباً من أسرار الكيانات المالية للحوثيين مسلطة الضوء على تورط شركات صرافة وأخرى تجارية.

«الشرق الأوسط» (عدن)

السيسي وبن زايد يشهدان حفل تخريج دفعات عسكرية جديدة بمصر

السيسي وبن زايد يفتتحان مقر الأكاديمية العسكرية الجديد بالعاصمة الإدارية (التلفزيون المصري)
السيسي وبن زايد يفتتحان مقر الأكاديمية العسكرية الجديد بالعاصمة الإدارية (التلفزيون المصري)
TT

السيسي وبن زايد يشهدان حفل تخريج دفعات عسكرية جديدة بمصر

السيسي وبن زايد يفتتحان مقر الأكاديمية العسكرية الجديد بالعاصمة الإدارية (التلفزيون المصري)
السيسي وبن زايد يفتتحان مقر الأكاديمية العسكرية الجديد بالعاصمة الإدارية (التلفزيون المصري)

استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الخميس، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الذي بدأ زيارة عمل إلى مصر، يحضر خلالها حفل تخريج دفعات جديدة من طلبة الكليات العسكرية بالأكاديمية العسكرية المصرية بالقيادة الاستراتيجية، بالعاصمة الإدارية الجديدة (شرق القاهرة).

وخلال استراحة قصيرة في قاعة كبار الزوار في مطار القاهرة، رحب الرئيس المصري، بالشيخ محمد بن زايد آل نهيان والوفد المرافق له. وأكد الرئيسان عمق العلاقات الأخوية التي تجمع البلدين وأهمية زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، في تعميق هذه العلاقات وفتح مسارات جديدة للتعاون المشترك.

واصطحب الرئيس السيسي، الشيخ بن زايد، إلى مقر الكلية الحربية بالعاصمة الإدارية الجديدة، حيث شهدا افتتاح المقر الجديد للأكاديمية العسكرية في العاصمة الإدارية، بالتزامن مع تخريج الدفعات الجديدة.

وتأتي زيارة بن زايد إلى مصر في وقت تشهد فيه المنطقة توترات على وقع الحرب الإسرائيلية في لبنان وغزة. وتعد هذه هي القمة الثانية التي تجمع الزعيمين خلال نحو شهرين، بعد لقائهما مطلع أغسطس (آب) الماضي في مدينة العلمين الجديدة المصرية، كما اجتمعا بالقاهرة في مارس (آذار) الماضي.