خطب الكراهية تدفع سكاناً في صنعاء وإب إلى مغادرة المساجد

الحوثيون سخّروا المنابر لخدمة أجندتهم ذات الصبغة الطائفية

مسجد في صنعاء حوله الحوثيون إلى مجلس للمقيل وعقد الاجتماعات (إكس)
مسجد في صنعاء حوله الحوثيون إلى مجلس للمقيل وعقد الاجتماعات (إكس)
TT

خطب الكراهية تدفع سكاناً في صنعاء وإب إلى مغادرة المساجد

مسجد في صنعاء حوله الحوثيون إلى مجلس للمقيل وعقد الاجتماعات (إكس)
مسجد في صنعاء حوله الحوثيون إلى مجلس للمقيل وعقد الاجتماعات (إكس)

على خلفية تصاعد خطاب الحقد والكراهية الذي يتبناه الحوثيون ضد اليمنيين المحتفلين بذكرى ثورة «26 سبتمبر» شهدت المساجد عزوف السكان عن أداء الصلوات، بما فيها صلاة الجمعة، لا سيما في مدينتي صنعاء وإب، وذلك عقب اعتلاء معممين حوثيين المنابر لإلقاء خطبة الجمعة.

ففي العاصمة صنعاء شهد مسجد «قلالة» بشارع هائل وسط العاصمة الجمعة الماضي اشتباكاً بين مصلين وعناصر حوثيين مسلحين على خلفية قيامهم بالاعتداء على بعض المصلين ومحاولة اعتقالهم واقتيادهم إلى السجون؛ بسبب رفضهم لخطب التعبئة والتحريض ضد اليمنيين.

مسجد في صنعاء وهو فارغ من المصلين نتيجة خطاب التحريض الحوثي (فيسبوك)

وتداول ناشطون يمنيون على منصات التواصل الاجتماعي مشاهد توثق جانباً من الاشتباك بين المصلين وعناصر الجماعة، حيث باشر المسلحون بالاعتداء بأعقاب البنادق على المصلين، ما اضطر بعضهم إلى الدفاع عن أنفسهم مستخدمين السلاح الأبيض (الجنابي).

وأوضح شهود لـ«الشرق الأوسط»، أن اعتداء الجماعة الحوثية على الرافضين لخطب معمميها بذلك المسجد خلّف عدداً من الجرحى بين الطرفين، بالإضافة إلى خطف مسلحي الجماعة - عقب إسنادهم بتعزيزات - مجموعة من المصلين في المسجد.

وسبق أن أصدرت الجماعة تعميمات إلى مكاتبها في العاصمة صنعاء ومحافظات أخرى تحضهم على إلزام خطباء وأئمة المساجد باستغلال المنابر وتسخيرها في التعبئة، وتحشيد السكان لحضور الاحتفال بذكرى الانقلاب، ومهاجمة الفعاليات اليمنية الوطنية وفي مقدمتها ثورة «26 سبتمبر» التي أطاحت في 1962 حكم أسلاف الجماعة.

عزوف عن الصلاة

سلوك الحوثيين دفع المصلين إلى العزوف عن صلاة الجمعة في كثير من مساجد صنعاء وإب ومحافظات يمنية أخرى، وذلك نتيجة استمرار تكثيف معممي الجماعة بث خطابات الكراهية والأفكار العنصرية ذات الصبغة الطائفية.

مسجد في صنعاء حوله الحوثيون إلى مجلس للمقيل وعقد الاجتماعات (إكس)

وتواصل الجماعة الحوثية منذ انقلابها استغلال آلاف المساجد بعموم مناطق سيطرتها لنشر أفكارها ومعتقداتها الطائفية في أوساط المجتمع اليمني الرافض لها ولمشروعاتها.

ومن أجل تمرير مخططاتها وأفكارها الدخيلة على المجتمع اليمني، عمدت الجماعة خلال الفترات السابقة إلى شن موجة اعتداءات وتعسفات غير مسبوقة بحق المساجد بمناطق سيطرتها، تمثّل بعضها بتغيير الخطباء والأئمة، وملاحقة وخطف بعضهم وتشريد آخرين، إلى جانب استهداف المساجد بالدهم والاعتداء والإغلاق والتفجير والتحويل إلى مخازن للسلاح ومجالس للسمر وعقد الاجتماعات.

رفض في إب

على صعيد الرفض الشعبي المتنامي ضد الجماعة الحوثية بمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) تواصل عزوف غالبية السكان عن الحضور لأداء صلاة الجمعة في بعض المساجد.

وكشفت مصادر محلية في إب لـ«الشرق الأوسط»، عن إقدام الجماعة قُبيل صلاة الجمعة على تغيير أربعة من خطباء المساجد في مدينة إب عاصمة مركز المحافظة، وتنصيب آخرين، ينحدر بعضهم من صعدة حيث معقلها.

وقاد ذلك الإجراء التعسفي مئات المصلين بمساجد «قباء» و«ابن القيم» و«الفلاح» و«مارح» في إب إلى المغادرة بشكل فردي وجماعي، حيث عاد بعضهم لمنازلهم، فيما ظل آخرون يبحثون عن مساجد أخرى لا تخضع خٌطبها للمنهج الحوثي الطائفي.

ويؤكد «عمر. م» وهو اسم مستعار لأحد السكان في إب، أن ظاهرة عزوف المصلين عن حضور صلاة الجمعة وسماع خطب المؤدلجين طائفياً ليس بالأمر الجديد. وأوضح أن هذا الرد من قبل السكان بدأ منذ سنوات عدة أعقبت الانقلاب والحرب، ثم توسع تدريجياً ليعم فيما بعد أغلبية المساجد في المدينة ومديرياتها.

ويشير عمر إلى أن سبب عزوف السكان في المحافظات تحت سيطرة الجماعة الحوثية عن المساجد ناتج عن انزعاجهم الشديد من الأفكار المسمومة التي يستمر المعممون الحوثيون في بثها.

جانب من مسجد في تعز اليمنية طاله الاستهداف الحوثي بالقذائف (إكس)

ويلجأ كثير من المصلين في إب وضواحيها هذه الأيام إما إلى مغادرة المساجد وإما المكوث خارجها وتأدية صلاة الجمعة بالشوارع، خصوصاً أثناء إلقاء المعمم الحوثي لخطبة الجمعة، وذلك حتى لا يسمعوا مضمونها التعبوي والفكري.

وتكاد تكون المساجد في مدينة إب طوال فترة خطبة الجمعة شبه فارغة من المصلين؛ لكن حينما ينهي المعمم الحوثي خطبته تبدأ صفوفها بالامتلاء المفاجئ بالمصلين، ممن يتعمدون الحضور متأخرين حتى لا يسمعوا تلك الخطب المؤدلجة.

وأفاد السكان في إب بأن الجماعة الحوثية كثفت في الآونة الأخيرة إقامة فعاليات ذات صبغة طائفية واستغلت عموم المساجد في مناطق سيطرتها لنشر أفكارها.


مقالات ذات صلة

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).