اشتباه بجريمة حوثية تجاه أطفال مرضى بالسرطان في صنعاء

الحوثيون أقروا عقوبات شكلية على متورطين في حادثة سابقة

تتهم الأوساط الطبية اليمنية الحوثيين بتحويل مستشفى الكويت إلى مقر للجبايات (إكس)
تتهم الأوساط الطبية اليمنية الحوثيين بتحويل مستشفى الكويت إلى مقر للجبايات (إكس)
TT

اشتباه بجريمة حوثية تجاه أطفال مرضى بالسرطان في صنعاء

تتهم الأوساط الطبية اليمنية الحوثيين بتحويل مستشفى الكويت إلى مقر للجبايات (إكس)
تتهم الأوساط الطبية اليمنية الحوثيين بتحويل مستشفى الكويت إلى مقر للجبايات (إكس)

بالتزامن مع إصدار محكمة حوثية في العاصمة اليمنية، صنعاء، حكماً مخففاً في جريمة «الدواء الملوث» الذي أودى بحياة 11 طفلاً من مرضى سرطان الدم، وإصابة 10 آخرين بأعراض خطيرة، كشفت مصادر طبية في صنعاء ووثائق رسمية، عن جريمة جديدة وقعت بحق عدد من الأطفال في المستشفى نفسه.

المصادر كشفت إصابة 9 من الأطفال المصابين بالسرطان بالأعراض نفسها، التي أُصيب بها الأطفال المتوفون منذ أقل من عام، فيما عُرف بـ«جرعة الموت»، وعانى الأطفال التسعة من أعراض جانبية، منها التحسس، وارتفاع درجات الحرارة، واحمرار الجسد بشكل غير معتاد، حيث تم حقنهم بـ«الميثوتركسات»، وهو الدواء نفسه الملوث الذي تسبب بوفاة الأطفال العام الماضي.

أم تجلس بجانب ابنها المصاب بالسرطان حيث يتلقى العلاج في صنعاء (رويترز)

وتفيد الوثيقة الصادرة عن المركز الوطني لعلاج الأورام في العاصمة صنعاء، بأنه جرى تشكيل لجنة للاطلاع على ما حدث، إلا أنه لم يتم الإفصاح عن نتائج تحقيقات اللجنة.

ويعود تشكيل لجنة التحقيق في الواقعة، بحسب الوثيقة، إلى مطلع أغسطس (آب) الماضي، حيث طالب عدد من الأطباء بالتحقيق في الواقعة، ورفع تقرير عن عمل وحدة «لوكيميا الأطفال» بمستشفى الكويت الجامعي، وإعداد تقرير فني عنها. في حين كشف حساب باسم «صيدلاني يمني» على «فيسبوك» عن أن قطاع الصحة الذي يديره الحوثيون تعمّد إخفاء الجريمة.

وحديثاً، أصدرت محكمة يديرها الانقلابيون الحوثيون حكماً بمعاقبة المتهمين الرئيسيين في حادثة وفاة 11 طفلاً، وإصابة آخرين، إثر حقنهم بدواء مهرب يحمل المواصفات نفسها للدواء المستخدم في وحدة «لوكيميا الأطفال» في مستشفى الكويت، بالسجن لمدة عام مع وقف التنفيذ، ودفع ديات القتل الخطأ، وإدانة الهيئة العليا للأدوية التي يديرها الحوثيون بتقديم مساعدة للمدانين الثلاثة.

إلى جانب المرض... يواجه الأطفال المصابون بالسرطان في اليمن مخاطر الوفاة بسبب أدوية ملوثة (رويترز)

وألزمت المحكمة المتهمين بدفع ديات القتل الخطأ لأولياء دم الأطفال الـ11 المتوفين، ودفع 20 مليون ريال يمني (نحو 40 ألف دولار) تُسلم لأولياء أمور الأطفال الـ10 المصابين، ومعاقبة الهيئة العليا للأدوية بدفع غرامة مبلغ 10 ملايين ريال يمني لصالح وحدة «اللوكيميا»، وإلزام الهيئة بدفع مبلغ 10 ملايين لأسرة كل طفل متوفى، و5 ملايين ريال لكل طفل مصاب (الدولار يساوي 525 ريالاً).

مزاعم علاج السرطان

سخرت مصادر طبية يمنية من إعلان جماعة الحوثي افتتاح القيادي مهدي المشاط، رئيس ما يعرف بـ«المجلس السياسي الأعلى» (مجلس حكم الجماعة) مستشفيين لعلاج السرطان بتكلفة 6 ملايين و300 ألف دولار في ذكرى الانقلاب.

وعدّت المصادر هذين المستشفيين مجرد دعاية حوثية لمشروع الجماعة، التي دمّرت القطاع الصحي، وحولته إلى مصدر للجبايات والإتاوات والإثراء.

وأشارت المصادر إلى ما لحق بغالبية المنشآت الصحية من إهمال متعمد أدى إلى سوء خدماتها وتهالك مرافقها، إلى جانب تحويل سوق الدواء إلى مجال للمضاربة والمتاجرة بصحة اليمنيين، بحسب وصفها.

وذكرت المصادر أن القطاع الصحي في اليمن يفتقر إلى الإمكانات البشرية والتقنية لعلاج السرطان بعد 9 أعوام من الأضرار التي لحقت به، ونتجت عنها هجرة الخبرات الطبية، وسوء الخدمات، واستثمارها لصالح إثراء قادة حوثيين.

رئيس مجلس الحكم الحوثي يزعم افتتاح مستشفيات ومراكز لعلاج السرطان (إعلام حوثي)

واستغربت ممن قالت إنهم «يحاربون اللقاحات» ضد الأمراض، خصوصاً أمراض الأطفال، وتسببوا في عودة انتشار أمراض أعلنت الدولة اليمنية قبل عقود الخلاص منها؛ مثل الحصبة والجدري، في حين يزعمون تدشين أول وحدة علاج إشعاعي في البلاد، أو مشروع لجراحة الأورام.

مضاعفات سوء التغذية

حذّرت دراسة يمنية حديثة من أن سوء التغذية يؤدي إلى تفاقم المضاعفات ذات الصلة بأمراض السرطان، وتقليل فاعلية العلاج.

وأوضحت الدراسة، التي أجراها 3 من أطباء الأورام السرطانية في المركز الوطني للأورام في صنعاء، أن مرض السرطان يؤثر بشكل كبير في الحالة التغذوية للمرضى، وأن سوء التغذية من المضاعفات الشائعة بين مرضى السرطان، خصوصاً بين كبار السن.

وطبقاً للدراسة؛ فإن محدودية الموارد التشخيصية والسريرية، وسوء نوعية السجلات الطبية، والحرب المستمرة منذ 9 أعوام؛ حدّت من إمكانية معرفة معدل الإصابة بالسرطان في اليمن، وأدت إلى غموض عبء المرض على المستوى الوطني.

وثيقة تكشف عن احتمالية استمرار حقن الأطفال اليمنيين المصابين بالسرطان بأدوية ملوثة (إكس)

وجمعت الدراسة المتغيرات الاجتماعية والديموغرافية للمصابين والمصابات، مثل العمر، والجنس، والأصل، والحالة الاجتماعية، والمهنة، والتعليم، والدخل الشهري للأسرة، والمتغيرات السلوكية، مثل التدخين ومضغ نبتة «القات»، والمتغيرات الغذائية، بما في ذلك أعراض التأثير الغذائي، والوزن الحالي، والوزن المعتاد، والطول، ونسبة فقدان الوزن، ومؤشر كتلة الجسم السابق، ومحيط منتصف الذراع، والمتغيرات السريرية، مثل نوع السرطان، ووجود ورم خبيث، وحالة الأداء، وتم أيضاً جمع المتغيرات العلاجية، مثل العلاج السابق ونوع العلاج المضاد للسرطان.

ودعا الباحثون إلى إجراء دراسات كافية حول تفشي سوء التغذية في أوساط المصابين بالسرطان في اليمن، وإجراء دراسات تشمل فترات أطول من حياة المصابين وتحسين النظام التغذوي لهم.


مقالات ذات صلة

موجة إسرائيلية رابعة تضرب مطار صنعاء ومنشآت طاقة خاضعة للحوثيين

العالم العربي دخان يتصاعد إثر غارات إسرائيلية على مطار صنعاء الخاضع للحوثيين (إ.ب.أ)

موجة إسرائيلية رابعة تضرب مطار صنعاء ومنشآت طاقة خاضعة للحوثيين

نفذت إسرائيل رابع موجة من ضرباتها الجوية مستهدفة منشآت حيوية خاضعة للحوثيين المدعومين من إيران شملت مطار صنعاء ومنشآت أخرى حيوية في المدينة ذاتها وفي الحديدة.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي عمود من النيران في أعقاب ضربات على مدينة الحديدة الساحلية التي يسيطر عليها المتمردون الحوثيون 20 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

«حماس» تدين «العدوان» الإسرائيلي على الحوثيين في اليمن

أدانت حركة «حماس» الفلسطينية التي تخوض حرباً مع إسرائيل في قطاع غزة، الخميس، الضربات الإسرائيلية ضد المتمردين الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (غزة)
العالم العربي تصاعد الدخان بعد غارات إسرائيلية بالقرب من مطار صنعاء باليمن 26 ديسمبر 2024 (رويترز) play-circle 00:38

غارات إسرائيلية تستهدف مطار صنعاء... ونتنياهو يتوعد الحوثيين

شدّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامن نتنياهو، الخميس، في أعقاب ضربات شنّها جيشه في اليمن، على أن بلاده ستواصل ضرب المتمرّدين الحوثيين «حتى إنجاز المهمة».rn

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي سجناء في الحديدة أُفرج عنهم مقابل الالتحاق بالجبهات (فيسبوك)

انقلابيو اليمن يستقطبون عشرات السجناء في الحديدة للقتال

استقطبت الجماعة الحوثية عشرات السجناء على ذمة قضايا مختلفة في محافظة الحديدة اليمنية (226 كيلومتراً غرب صنعاء) وألحقتهم ببرامج تعبوية ودورات عسكرية.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي خلال سنوات التمرد الحوثية اكتشف الجيش اليمني شبكة أنفاق في محافظة صعدة (إعلام محلي) play-circle 01:34

قادة الحوثيين إلى الكهوف... وحي الجراف يستنسخ ضاحية بيروت

مع تصاعد تهديد إسرائيل للحوثيين فرَّ قادة الجماعة إلى كهوف صعدة شمالاً وتحصّن آخرون في حي الجراف شمال صنعاء، واستنفروا قطاع الصحة، وسط مخاوف السكان من التداعيات

محمد ناصر (تعز)

بدء انتشال رفات «ما لا يقلّ عن مائة» امرأة وطفل أكراد من مقبرة جماعية بجنوب العراق

انتشال رفات نحو مائة امرأة وطفل أكراد يُعتقد أنهم أُعدموا في عهد صدام حسين (أ.ف.ب)
انتشال رفات نحو مائة امرأة وطفل أكراد يُعتقد أنهم أُعدموا في عهد صدام حسين (أ.ف.ب)
TT

بدء انتشال رفات «ما لا يقلّ عن مائة» امرأة وطفل أكراد من مقبرة جماعية بجنوب العراق

انتشال رفات نحو مائة امرأة وطفل أكراد يُعتقد أنهم أُعدموا في عهد صدام حسين (أ.ف.ب)
انتشال رفات نحو مائة امرأة وطفل أكراد يُعتقد أنهم أُعدموا في عهد صدام حسين (أ.ف.ب)

بدأت السلطات العراقية انتشال رفات «نحو مائة» امرأة وطفل أكراد يُعتقد أنهم أُعدموا في الثمانينات في عهد الرئيس السابق صدام حسين، من مقبرة جماعية كُشفت هذا الأسبوع، على ما أفاد به ثلاثة مسؤولين لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وتقع هذه المقبرة الجماعية في منطقة تل الشيخية في محافظة المثنى بجنوب العراق، وتبعد عن الطريق العام المعبّد بين 15 إلى 20 كيلومتراً، بحسب مراسل «وكالة الصحافة الفرنسية».

وفتحت فرق متخصصة هذه المقبرة في منتصف ديسمبر (كانون الأول) بعد اكتشافها في 2019، وهي ثاني مقبرة جماعية تُفتح في هذا الموقع، بحسب ضياء كريم مدير دائرة المقابر الجماعية في مؤسسة الشهداء الحكومية المكلفة العثور على المقابر الجماعية والتعرف على الرفات.

وقال كريم لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الأربعاء: «بعد رفع الطبقة الأولى للتربة وظهور الرفات بشكل واضح، تبيّن أن جميع الرفات يعود لأطفال ونساء يرتدون الزي الكردي الربيعي».

ورجّح أن يكونوا جميعهم متحدّرين من قضاء كلار بمحافظة السليمانية في شمال العراق، مقدّراً أن يكون عددهم «لا يقلّ عن مائة»، غير أن عمليات الانتشال لا تزال جارية والأعداد غير نهائية.

وأُعدم الرئيس السابق صدام حسين الذي أطيح نظامه في عام 2003 بعيد غزو أميركي للبلاد، قبل انتهاء محاكمته بتهمة «إبادة» آلاف الأكراد في إطار «عمليات الأنفال» التي شنها عام 1988.

وتقول الأمم المتحدة إن نحو 290 ألف شخص بينهم مائة ألف كردي اختفوا قسراً في إطار حملة الإبادة الجماعية التي شنها صدام حسين في كردستان العراق بين 1968 و2003.

وأوضح كريم أن عدداً كبيراً من الضحايا «أُعدموا في هذا المكان بطلقات نارية في الرأس من مسافة قريبة»، مرجّحاً مع ذلك أن يكون البعض الآخر «دُفنوا وهم أحياء»، إذ لا دليل وفق قوله على وجود رصاص في جمجماتهم.

من جهته، أشار أحمد قصي، رئيس فريق التنقيب عن المقابر الجماعية في العراق إلى «صعوبات نواجهها الآن في هذه المقبرة بسبب تداخل الرفات ببعضها، إذ بعض الأمهات كنّ يحضنّ أطفالهنّ الرضّع» حين قُتلوا.

وبالتزامن مع بدء عمليات الانتشال في هذه المقبرة الجماعية، «تم العثور على مقبرة جماعية أخرى» بحسب ضرغام كامل رئيس الفريق الوطني لفتح المقابر الجماعية.

وتقع تلك المقبرة، وفق قوله، في منطقة قريبة من سجن نقرة السلمان السيئ الصيت، حيث كان يخفي نظام صدام حسين معارضيه السياسيين.

وتشير تقديرات حكومية إلى أن أعداد المفقودين بين العامين 1980 و1990، من جراء القمع الذي كان يمارسه نظام صدام حسين، بلغت نحو 1.3 مليون شخص.

وإضافة إلى المقابر الجماعية المرتبطة بعهد صدام حسين، ما زالت السلطات العراقية تعثر على مقابر جماعية مرتبطة بجرائم تنظيم «داعش». وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن التنظيم الجهادي ترك خلفه أكثر من 200 مقبرة جماعية يرجح أنها تضم نحو 12 ألف جثة.

واكتشف العراق نحو 289 مقبرة جماعية منذ 2006، بحسب مؤسسة الشهداء.