دعوات يمنية لإنجاح نقاشات الرياض وصولاً إلى سلام شامل

ضبط محركات طائرات مسيّرة كانت في طريقها إلى الحوثيين

قادة حوثيون يستمعون خلال تجمع في صنعاء لخطبة زعيمهم (إ.ب.أ)
قادة حوثيون يستمعون خلال تجمع في صنعاء لخطبة زعيمهم (إ.ب.أ)
TT

دعوات يمنية لإنجاح نقاشات الرياض وصولاً إلى سلام شامل

قادة حوثيون يستمعون خلال تجمع في صنعاء لخطبة زعيمهم (إ.ب.أ)
قادة حوثيون يستمعون خلال تجمع في صنعاء لخطبة زعيمهم (إ.ب.أ)

وسط تشديد الأوساط السياسية اليمنية على ضرورة إنجاح نقاشات الرياض الدائرة منذ أيام بحضور وفد الحوثيين وصولاً إلى تحقيق سلام شامل، كشفت الأجهزة الأمنية اليمنية في المناطق المحررة عن اعتراض شحنة محركات للطائرات المسيّرة كانت في طريقها إلى الحوثيين.

وذكرت قوات الحزام الأمني في قطاع الحسيني التابع لمحافظة لحج أنها أحبطت عملية تهريب محركات طائرات من دون طيار إلى مناطق سيطرة الحوثيين، بعد تلقيها بلاغاً عن وجود سيارات دفع رباعي في أحد الأودية وعلى متنها حمولات غير معروفة، حيث تعمد سائقوها المرور عبر طريق الوادي، قادمين من منطقة رأس العارة على ساحل البحر الأحمر.

رغم التفاؤل بنجاح جهود السلام يستمر الحوثيون في تهريب الأسلحة (الإعلام الأمني اليمني)

ووفق البيان، فإن دوريات الأمن ضبطت السيارات الثلاث، ووجدت أنها تحمل محركات يتم تهريبها إلى مناطق سيطرة الحوثي، وأن تلك المحركات يتم استخدامها في صناعة طائرات من دون طيار التي تستخدمها الجماعة في هجماتها التي تستهدف الأعيان المدنية، وأكدت أنها اتخذت الإجراءات القانونية، وستحيل المتورطين إلى الجهات المختصة.

مباركة مساعي السلام

بالتزامن مع النقاشات الدائرة في الرياض بحضور وفد من الحوثيين، أعلنت أبرز جماعة للسلام في اليمن مباركتها لهذه المشاورات التي تستضيفها العاصمة السعودية، وقالت إنها تأمل أن تثمر اتفاقاً لوقف شامل وتام لإطلاق النار، كخطوة لا بد منها، نحو تطبيع مختلف جوانب الحياة في اليمن، والتخفيف من معاناة المواطنين، والتهيئة للشروع في حوار سياسي وطني شامل، بين مختلف القوى السياسية اليمنية الفاعلة، دون استثناء، بهدف التوافق على بناء دولتهم.

وفي بيان لها، أكدت المجموعة التي تضم مثقفين وأدباء وأكاديميين مستقلين على ضرورة توجه اليمنيين نحو حوار يمني - يمني شامل، هدفه التوافق على بناء الدولة، على أسس الشراكة الوطنية والمواطنة المتساوية والتبادل السلمي للسلطة، عبر صناديق الانتخابات.

الجهود السعودية والعمانية تدفع باتجاه إنهاء الحرب في اليمن (إعلام حكومي)

وقالت المجموعة إنها تأمل أن تفضي المحادثات الجارية في الرياض إلى إنهاء الحرب، بكل مظاهرها العسكرية والاقتصادية والسياسية والإعلامية، واستعادة العملية السياسية، الهادفة إلى تطبيع العلاقات بين المكونات السياسية اليمنية المختلفة، وتوافقها على بناء الدولة اليمنية الواحدة، دولة اليمنيين جميعهم.

وباركت المجموعة كل الجهود المحلية والإقليمية والدولية، التي تصب في خدمة مسار السلام، وقالت إن الأساس الدستوري والقانوني المتين الضامن لنجاح استعادة العملية السياسية يقوم على وحدة وسلامة وأمن الجمهورية اليمنية، وفقاً لدستورها النافذ، كشخصية اعتبارية فاعلة، في المجتمعين الإقليمي والدولي.

وقف التصعيد

المجموعة اليمنية الداعمة للسلام، طلبت من أطراف الحرب إيقاف أي أنشطة تصعيدية عسكرية وأمنية وسياسية وإعلامية قد تعيق السعي لاستعادة العملية السياسية، وحمّلت أي طرف يعمل على الإعاقة أو الإرباك، كامل المسؤولية عما يسببه من إطالة أمد معاناة الناس وعذاباتهم.

ودعت مجموعة نداء السلام في اليمن إلى إشراك كل القوى السياسية والاجتماعية اليمنية الفاعلة، في كل الحوارات الهادفة إلى إحلال السلام وبناء الدولة، وعدم حصرها بالأطراف المتقاتلة.

يبدد الحوثيون الأموال على احتفالاتهم ويرفضون دفع رواتب الموظفين (إكس)

وطلبت من أطراف الحرب سرعة الإفراج عن المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي، كما دعت إلى التقيد بمبدأ حرية الرأي والتعبير، واحترام الحريات السياسية والحريات العامة وحق البحث والنشر، مع سرعة إلغاء أي قيود تعيق ذلك. في إشارة واضحة إلى جملة القيود التي اتخذها الحوثيون.

كما طالبت المجموعة القوى السياسية المدنية اليمنية بأن تنهض بدورها الذي غيبت نفسها عن القيام به طوال السنوات الماضية، ودعت للتصدي الحازم «لكل المشاريع المشبوهة» التي تستهدف تقسيم اليمن، وتمسكت ببناء دولة مدنية، قائمة على الشراكة الوطنية، والمواطنة المتساوية، والتبادل السلمي للسلطة.

وكان وفد من جماعة الحوثيين وصل إلى الرياض قبل أيام رفقة وفد عماني لاستكمال النقاشات التي ترعاها السعودية من أجل التوصل إلى خريطة طريق لإنهاء الصراع اليمني المستمر منذ تسع سنوات.

العليمي في نيويورك

مع هذه التطورات، ذكر الإعلام الرسمي اليمني أن رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي وصل إلى نيويورك ومعه عضو المجلس عيدروس قاسم الزبيدي للمشاركة في أعمال الدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة.

ووفق ما أوردته وكالة «سبأ» سيلقي العليمي كلمة الجمهورية اليمنية أمام قادة وممثلي الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وسيتطرق فيها إلى تطورات الوضع في بلاده، والجهود الإقليمية والدولية لتجديد الهدنة، وإحياء العملية السياسية المتوقفة منذ انقلاب الحوثيين على التوافق الوطني بدعم من النظام الإيراني.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يصل إلى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (سبأ)

وذكرت الوكالة أن العليمي سيجري مناقشات رفيعة المستوى بشأن الأوضاع الإنسانية والخدمية والاقتصادية، على ضوء «التداعيات الكارثية للهجمات الإرهابية الحوثية على المنشآت النفطية»، والدور المعول على المجتمع الدولي في دعم الإصلاحات التي يقودها مجلس القيادة والحكومة.

كما ستبحث اللقاءات - وفق الإعلام الحكومي - الضغوط المطلوبة لدفع الميليشيات الحوثية نحو التعاطي الجاد مع مساعي السلام، وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وخصوصاً القرار 2216، فضلاً عن جهود مكافحة الإرهاب، والجريمة المنظمة، وسُبل مواجهة التحديات الأمنية المحدقة بالسلم والأمن الدوليين.


مقالات ذات صلة

شكاوى من تصاعد السرقات في مناطق سيطرة الحوثيين

العالم العربي عناصر حوثيون في أحد شوارع صنعاء (الشرق الأوسط)

شكاوى من تصاعد السرقات في مناطق سيطرة الحوثيين

شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء ومناطق أخرى تحت سيطرة الجماعة الحوثية ارتفاعاً في منسوب جرائم السرقة بمختلف أنواعها، في ظل اتهامات بالتقاعس الأمني

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مجلس الوزراء اليمني يكافح للسيطرة على تدهور سعر العملة المحلية (سبأ)

الحكومة اليمنية تشدد على تدابير حازمة لردع المضاربة بالعملة

شددت الحكومة اليمنية على اتخاذ تدابير حازمة لردع المضاربة بالعملة في ظل استمرار تهاوي الريال اليمني، وشح الموارد بسبب توقف تصدير النفط جراء الهجمات الحوثية.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي من المتوقع أن ينكمش الناتج المحلي لليمن بنسبة 1% هذا العام (البنك الدولي)

البنك الدولي: توقف تصدير النفط في اليمن فاقم تدهور الأمن الغذائي

أفاد البنك الدولي بأن الحصار الذي يفرضه الحوثيون على تصدير النفط أوصل تدهور الأمن الغذائي في اليمن إلى مستويات غير مسبوقة.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي نقص التمويل والأزمة الاقتصادية يضاعفان من معاناة ملايين اليمنيين (الأمم المتحدة)

عشرات آلاف اليمنيين يسقطون من قوائم المساعدات الأممية

مع تزايد الحرمان الغذائي طالب عشرات الآلاف من المستحقين للمساعدات الغذائية في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية بإعادة النظر في قرار إسقاط أسمائهم من قوائم المستحقين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

البنك الدولي: توقف تصدير النفط في اليمن فاقم تدهور الأمن الغذائي

من المتوقع أن ينكمش الناتج المحلي لليمن بنسبة 1% هذا العام (البنك الدولي)
من المتوقع أن ينكمش الناتج المحلي لليمن بنسبة 1% هذا العام (البنك الدولي)
TT

البنك الدولي: توقف تصدير النفط في اليمن فاقم تدهور الأمن الغذائي

من المتوقع أن ينكمش الناتج المحلي لليمن بنسبة 1% هذا العام (البنك الدولي)
من المتوقع أن ينكمش الناتج المحلي لليمن بنسبة 1% هذا العام (البنك الدولي)

أفاد البنك الدولي بأن الحصار الذي يفرضه الحوثيون على تصدير النفط أوصل تدهور الأمن الغذائي في اليمن إلى مستويات غير مسبوقة، وأكد أن الاقتصاد في هذا البلد لا يزال يواجه تحديات متفاقمة، حيث يؤدي طول أمد الصراع، والتشرذم السياسي، وتصاعد التوترات الإقليمية، إلى دفعه إلى منزلق أزمة إنسانية واقتصادية أكثر حدة وخطورة.

وتوقع البنك في عدد الخريف من تقرير «المرصد الاقتصادي لليمن»، الذي حمل عنوان «مواجهة التحديات المتصاعدة»، أن ينكمش إجمالي الناتج المحلي لليمن بنسبة 1 في المائة عام 2024، في استمرار للانخفاض، وذلك بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة عام 2023، مما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي، لتصل نسبة الانخفاض إلى 54 في المائة منذ عام 2015.

استمرار الصراع في اليمن يهدد بتعمق التشرذم (البنك الدولي)

وأكد البنك في تقريره أن الصراع دفع معظم اليمنيين إلى براثن الفقر، في حين وصل انعدام الأمن الغذائي إلى مستويات غير مسبوقة، حيث يعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي.

ويسلط التقرير الضوء على المصاعب الاقتصادية الكبيرة بسبب استمرار الحصار الذي فرضه الحوثيون على صادرات النفط، والذي أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة المعترف بها دولياً بنسبة 42 في المائة في النصف الأول من عام 2024؛ ما منعها من تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وبيَّنَ البنك الدولي أن توقف الحكومة المعترف بها دولياً عن تصدير النفط إلى جانب الاعتماد الكبير على الواردات أدى إلى تكثيف الضغوط الخارجية؛ ما تسبب في انخفاض قيمة الريال اليمني في سوق عدن من 1619 ريالاً للدولار في يناير (كانون الثاني) 2024، إلى 1917 ريالاً بنهاية أغسطس (آب).

تدهور المعيشة

منذ عام 2023، تدهورت الظروف المعيشية لغالبية اليمنيين بشكل كبير، ففي يوليو (تموز) 2024، أشارت مسوحات استقصائية هاتفية أجراها البنك الدولي إلى أن الحرمان الشديد من الغذاء زاد بأكثر من الضعف في بعض المحافظات.

وأشار التقرير إلى تفاقم التشرذم الاقتصادي بين المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، وتلك التي تسيطر عليها الحكومة المعترف بها دولياً، حيث يؤدي التفاوت في معدلات التضخم وأسعار الصرف إلى تقويض أسس الاستقرار وجهود التعافي في المستقبل.

التفاوت في أسعار الصرف في اليمن قوض أسس الاستقرار وجهود التعافي (البنك الدولي)

وذكر البنك الدولي أن التوترات الإقليمية، وخصوصاً في البحر الأحمر، أدت إلى انخفاض حركة الملاحة بأكثر من 60 في المائة عبر مضيق باب المندب الاستراتيجي وقناة السويس، غير أنه نبه إلى أن هذه الاضطرابات لم تسفر بعدُ عن زيادة كبيرة في أسعار المستهلكين.

وقالت دينا أبو غيدا، مديرة مكتب البنك الدولي في اليمن: «تزداد حدة التحديات الاقتصادية والإنسانية في اليمن، إلا أن الفرصة لا تزال قائمة لتغيير هذا المسار في الهبوط؛ بتقديم الدعم المناسب. ولا بد من اتخاذ إجراءات عاجلة، منها معالجة اختلالات حسابات المالية العامة والحسابات الخارجية، والتخفيف من حدة انعدام الأمن الغذائي، وتحقيق المزيد من الاستقرار».

وجددت دينا أبو غيدا التزام البنك الدولي بالتعاون الوثيق مع الشركاء لدعم جهود التعافي وتمهيد الطريق لتحقيق مستقبل مستدام في اليمن.

مخاطر محتملة

عرض البنك الدولي في تقريره المزيد من التفاصيل عن المخاطر المحتملة على القطاع المصرفي اليمني، الذي واجه توترات متصاعدة بين الحوثيين والحكومة المعترف بها دولياً، فيما يتعلق بالمراقبة التنظيمية في النصف الأول من العام. وبيَّنَ أنه في حين ساعدت جهود الوساطة الإقليمية والدولية على تخفيف بعض هذه التوترات، فإن الوضع لا يزال هشاً في البلاد.

الوساطة الإقليمية خففت بعض التوترات في اليمن لكن الوضع لا يزال هشاً (البنك الدولي)

وأوصى التقرير بتعزيز قدرة المؤسسات على الصمود، وذلك من أجل إدارة التضخم، ومواجهة تحديات المالية العامة. ويقترح التقرير أيضاً تحسين طرق التجارة، وتيسير الوصول إلى الخدمات المالية، لتخفيف الضغوط الاقتصادية، ومنع المزيد من التشرذم.

وأكد التقرير أن الآفاق الاقتصادية لليمن لعام 2025 لا تزال قاتمة، بسبب استمرار الصراع الإقليمي، والصراع الداخلي، الذي يهدد بتعميق التشرذم في البلاد، وتفاقم أزمتها على الصعيدين الاجتماعي والإنساني.

واستدرك البنك أنه إذا ما تم التوصل إلى اتفاق سلام دائم، فيمكن لمكاسب السلام المحتملة أن تحفز التعافي الاقتصادي السريع. ورأى أن من شأن ذلك تمهيد الطريق أمام حصول اليمن على المساعدات الخارجية الحيوية، وإعادة الإعمار، وتنفيذ الإصلاحات اللازمة لتحقيق استقرار البلاد واقتصادها.