«إعصار دانيال»: دمار واسع بدرنة ومخاوف من فقد 10 آلاف

TT

«إعصار دانيال»: دمار واسع بدرنة ومخاوف من فقد 10 آلاف

أدت السيول إلى انهيار سدود وجرف مبان وتدمير ربع مدينة درنة الواقعة في شرق ليبيا (أ.ف.ب)
أدت السيول إلى انهيار سدود وجرف مبان وتدمير ربع مدينة درنة الواقعة في شرق ليبيا (أ.ف.ب)

قال المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، أحمد المسماري، إن عدد الضحايا في مدينة درنة «كبير جدا لأن ربع المدينة بات في البحر»، مشيرا إلى أن السيول جرفت المدينة القديمة التاريخية إلى البحر.

وقال المسماري لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) اليوم (الثلاثاء) «هناك أحياء بالكامل بسكانها وبأبنيتها ذات الخمسة والستة والسبعة طوابق جُرفت باتجاه البحر في مدينة درنة».

وأضاف المسماري أن «الجيش الليبي منتشر في كل المناطق المنكوبة، وفقدنا الاتصال بعدد من الجنود والضباط الذين يقومون بعمليات البحث والإنقاذ في درنة».

وتابع «القيادة العامة للجيش الليبي وضعت كل إمكاناتها للمساعدة في عمليات البحث والإنقاذ، من إدارة النقل والإدارات الطبية والوحدات القتالية... كلها تشارك في العمليات».

في درنة السيارات مقلوبة على جوانب الطرق والأشجار اقتُلعت من جذورها والمياه غمرت المنازل (رويترز)

صعوبات

وأشار المسماري إلى أن سوء الأحوال الجوية لم يسمح باستخدام طائرات الهليكوبتر بسبب الرياح العاتية وقت حدوث العاصفة، إضافة إلى طبيعة المنطقة الصعبة للغاية التي حالت دون إدخال معدات الإنقاذ والسيارات.

ومضى يقول «لكن حاليا استطعنا استخدام المروحيات بعد هدوء العاصفة، والمعدات اللازمة لعمليات البحث بدأت بالوصول إلى درنة».

وأضاف «المناطق المنكوبة تمتد على مساحة جغرافية واسعة لمسافة 257 كليومترا طولا، مع عرض يصل في بعض المناطق إلى 100 كيلو متر».

وأشار المسماري إلى أن عمليات البحث ما زالت جارية في الأودية وعند مصبات هذه الأودية عند البحر، لكنه أوضح أن هناك «صعوبة في عمليات البحث في البحر بسبب تغير لونه إلى اللون الترابي»، بفعل السيول.

وفيما يتعلق بالتقارير التي تحدثت عن أن من أسباب الكارثة ضعف البنية التحتية، أكد المسماري أن ذلك لم يكن السبب، بل «لأن مدينة درنة تقع في مجرى وادي درنة الذي يرتفع حوالي 400 متر عن سطح البحر، والذي حدث أن الأمطار والسيول زادت المياه في الوادي وبالتالي تشكلت موجة سيول ضخمة جدا توجهت نحو الأحياء السكنية في المدينة».

ولفت المسماري إلى وصول فرق بحث وإنقاذ وصيانة محلية من كل المناطق الليبية، من طرابلس والمنطقة الغربية والجنوبية، كما وصلت فرق من شركة الكهرباء والاتصالات إلى درنة.

انتُشلت ألف جثة على الأقل في مدينة درنة ويتوقع أن تكون حصيلة القتلى أعلى بكثير (أ.ف.ب)

خسائر

أدت السيول إلى انهيار سدود وجرف مبان وتدمير ربع مدينة درنة الواقعة في شرق ليبيا، وسط مخاوف من فقد ما لا يقل عن عشرة آلاف شخص.

وانتُشلت ألف جثة على الأقل في مدينة درنة وحدها، ويتوقع مسؤولون أن تكون حصيلة القتلى أعلى بكثير بعدما عبر إعصار «دانيال» البحر المتوسط واجتاح البلاد التي تشهد انقساما وتعاني من صراع مستمر منذ أكثر من عقد.

وشاهد صحافي من «رويترز»، وهو في طريقه إلى درنة، وهي مدينة ساحلية يقطنها نحو 125 ألف نسمة، سيارات مقلوبة على جوانب الطرق وأشجارا اقتُلعت من جذورها ومنازل مهجورة تغمرها المياه.

وقال هشام أبو شكيوات، وزير الطيران المدني وعضو لجنة الطوارئ في حكومة شرق ليبيا لرويترز عبر الهاتف «عُدت من هناك، الأمر كارثي، الجثث ملقاة في كل مكان، في البحر، في الأودية، تحت المباني».

وتابع «ليس لدي عدد إجمالي للقتلى لكنi كبير كبير جدا، عدد الجثث المنتشلة في درنة تجاوز الألف، لا أبالغ عندما أقول إن 25 بالمائة من المدينة اختفى، العديد من المباني انهارت».

كذلك ضرب الإعصار مدنا أخرى في شرق البلاد، منها بنغازي ثانية كبرى المدن الليبية، وقال تامر رمضان رئيس بعثة الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب والهلال الأحمر إن عدد القتلى سيكون «ضخما».

وأضاف: «يمكننا أن نؤكد من مصادر معلوماتنا المستقلة أن عدد المفقودين يقترب من عشرة آلاف حتى الآن».

استمرار جهود الإنقاذ وسط السيول والفيضانات (أ.ف.ب)

وقع الخوف

في مطار طرابلس الواقع في شمال غربي ليبيا، بدأت امرأة تنتحب بصوت عال بعدما تلقت مكالمة تفيد بأن معظم أفراد عائلتها إما لقوا حتفهم أو فقدوا جراء هذه الكارثة.

وقال صهرها وليد عبد العاطي «نحن لا نتحدث عن قتيل أو قتيلين، ولكن كل أسرة فقدت نحو عشرة من أفرادها».

وقال كريم العبيدي، أحد الذين استقلوا طائرة متجهة من طرابلس إلى شرق البلاد «لم أشعر قط بالخوف الذي أشعر به الآن... فقدت الاتصال بكل عائلتي وأصدقائي وجيراني».

وأظهرت لقطات بثتها قناة المسار التلفزيونية الليبية أشخاصا يبحثون عن جثث ورجال آخرين على متن قارب مطاطي ينتشلون جثة من البحر.

وقال خليفة الطويل أحد عمال الإسعاف «ليس لدينا ما ننقذ به الناس، لا توجد معدات، نطلب المساعدة العاجلة».

ويقسِّم مدينة درنة الواقعة على ساحل البحر المتوسط ​​في شرق ليبيا نهر موسمي يتدفق من المناطق المرتفعة في اتجاه الجنوب، ونادرا ما تضرب السيول المدينة بسبب السدود الموجودة بها.

أظهر مقطع مصور نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي أجزاء متبقية من أحد السدود المنهارة على بعد 11.5 كيلومتر من المنبع في المدينة حيث يلتقي واديان نهريان وتحيط بهما الآن برك ضخمة من المياه المختلطة بالطين.

وأمكن سماع صوت في المقطع المصور يقول «كان هناك سد»، وتأكدت «رويترز» من الموقع بناء على الصور.


مقالات ذات صلة

وفاة شخص وإصابة 73 بسبب إعصار «كونغ - ري» في تايوان

آسيا صورة بالأقمار الاصطناعية لإعصار «كونغ - ري» وهو يتطور فوق المحيط الهادي مع اقترابه من تايوان (أ.ف.ب)

وفاة شخص وإصابة 73 بسبب إعصار «كونغ - ري» في تايوان

تسبَّبت الرياح القوية والأمطار الغزيرة الناجمة عن إعصار «كونغ - ري» في وفاة شخص وإصابة 73 شخصاً بأنحاء مختلفة من تايوان، بينما فُقد سائحان من جمهورية التشيك.

«الشرق الأوسط» (تايبه)
بيئة تظهر صورة القمر الاصطناعي العاصفة الاستوائية «ميلتون» وهي تشتد وتتجه للتحول إلى إعصار قبل وصولها إلى فلوريدا في خليج المكسيك في 6 أكتوبر 2024 (رويترز)

لماذا يجعل الاحتباس الحراري الأعاصير أكثر قوة؟

يؤدي الاحتباس الحراري إلى ارتفاع درجات حرارة مياه المحيطات؛ مما يجعل الأعاصير أكثر قوة. ومع ذلك، هذا لا يعني بالضرورة أنه سيكون هناك المزيد من الأعاصير.

«الشرق الأوسط» (باريس)
آسيا أشخاص يعبرون نهراً بجوار جسر بعد أن فاض النهر بسبب الأمطار الغزيرة الناجمة عن العاصفة الاستوائية «ترامي» في لوريل بمقاطعة باتانغاس جنوب مانيلا 25 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

عاصفة تضرب شمال الفلبين وتخلّف 65 قتيلاً

ابتعدت العاصفة الاستوائية «ترامي» عن شمال غرب الفلبين، الجمعة، مسفرة عن مقتل 65 شخصاً على الأقل في انهيارات أرضية وفيضانات واسعة النطاق.

«الشرق الأوسط» (مانيلا)
صحتك أكياس القمامة تطفو بالقرب من منزل غمرته المياه بسبب إعصار «ميلتون» على طول نهر ألافيا (أ.ب)

ارتفاع حالات الإصابة ببكتيريا «آكلة للحوم» في فلوريدا... ما سببها؟

شهدت ولاية فلوريدا الأميركية مؤخراً زيادة في الحالات المؤكدة للإصابة ببكتيريا آكلة للحوم بعد الإعصارين المدمرين «هيلين» و«ميلتون».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق لقطة تظهر الكلب «تروبر» قبل إنقاذه من الفيضانات في فلوريدا (شرطة ولاية فلوريدا)

أميركي يواجه السجن لسنوات لتخليه عن كلبه أثناء إعصار «ميلتون» (فيديو)

أكد مسؤولون في الولايات المتحدة أن رجلاً زُعم أنه ترك كلبه مقيداً إلى جانب سور وسط مياه الفيضانات قبل إعصار «ميلتون»، يواجه اتهامات ترتبط بالقسوة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
TT

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)

في بلدة عمشيت الساحلية الهادئة التي تبعد 45 دقيقة بالسيارة شمالي بيروت، استأنفت المدارس الحكومية أخيراً مهمتها التعليمية وسط عشرات الآلاف من النازحين الذين اتخذوا من بعض المدارس مأوى مؤقتاً.

وحسب «رويترز»، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه مع تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» في سبتمبر (أيلول) لحق الدمار بمئات المدارس في لبنان أو اضطرت لغلق أبوابها بسبب الأضرار أو المخاوف الأمنية.

وقالت وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية إنه تم تحويل 505 مدارس من بين نحو 1250 مدرسة حكومية في لبنان إلى ملاجئ مؤقتة لبعض النازحين الذين يبلغ عددهم 840 ألف شخص.

وبدأت الوزارة، الشهر الماضي، إعادة فتح المدارس على مراحل، مما سمح بعودة 175 ألف طالب منهم 38 ألف نازح إلى بيئة تعليمية لا تزال بعيدةً عن وضعها الطبيعي.

وفي مدرسة عمشيت الثانوية الحكومية، التي تضم الآن 300 طالب مسجل ويُتوقع انضمام المزيد منهم مع استمرار وصول العائلات النازحة، تحولت المساحات المألوفة ذات يوم إلى مكان مخصص لاستيعاب الواقع الجديد.

وقال مدير المدرسة، أنطوان عبد الله زخيا، إنه قبل شهرين ونصف الشهر اختيرت المدرسة كملجأ.

واليوم، تتدلى الملابس المغسولة من نوافذ الفصول الدراسية، وتملأ السيارات ساحة اللعب التي كانت ذات يوم منطقةً صاخبة، والممرات التي كان يتردد فيها صوت ضحكات التلاميذ أصبحت الآن استراحةً للعائلات التي تبحث عن ملجأ.

وأعربت فادية يحفوفي، وهي نازحة تعيش مؤقتاً في المدرسة، عن امتنانها الممزوج بالشوق. وقالت: «بالطبع، نتمنى العودة إلى منازلنا. لا أحد يشعر بالراحة إلا في المنزل».

كما أعربت زينة شكر، وهي أم نازحة أخرى، عن قلقها على تعليم أطفالها.

وقالت: «كان هذا العام غير عادل. بعض الأطفال يدرسون بينما لا يدرس آخرون. إما أن يدرس الجميع، أو يجب تأجيل العام الدراسي».

التعليم لن يتوقف

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الخطة المرحلية لاستئناف الدراسة ستشمل تسجيل 175 ألف طالب من بينهم 38 ألف طفل نازح في 350 مدرسة عامة غير مستخدمة كملاجئ. وقال وزير التربية والتعليم العالي، عباس الحلبي، لـ«رويترز»: «العملية التعليمية هي أحد مظاهر مقاومة العدوان الذي يواجهه لبنان». وأضاف الحلبي أن قرار استئناف العام الدراسي كان صعباً لأن العديد من الطلاب والمدرسين النازحين لم يكونوا مستعدين نفسياً للعودة إلى المدرسة. وفي مبنى مجاور في مدرسة عمشيت الثانوية الرسمية، يتأقلم المعلمون والطلاب مع أسبوع مضغوط مدته 3 أيام ويشمل كل يوم 7 حصص دراسية لزيادة وقت التعلم إلى أقصى حد.

ولا تزال نور قزحيا (16 عاماً)، وهي من سكان عمشيت، متفائلة. وقالت: «لبنان في حالة حرب، لكن التعليم لن يتوقف. سنواصل السعي لتحقيق أحلامنا». ويتأقلم المعلمون مع الظروف الصعبة. وقال باتريك صقر وهو مدرس فيزياء (38 عاماً): «الجميع مرهقون ذهنياً... في نهاية المطاف، هذه الحرب تطولنا جميعاً». وبالنسبة لأحمد علي الحاج حسن (17 عاماً) النازح من منطقة البقاع، يمثل الأسبوع الدراسي الذي يدوم 3 أيام تحدياً لكنه ليس عائقاً. وقال: «هذه هي الظروف. يمكننا أن ندرس رغم وجودها».