حملة حوثية في صنعاء لجمع البيانات الشخصية والتجسس على السكان

الجماعة الانقلابية شكلت لجاناً للحصر في مختلف أحياء المدينة

منظر من شارع الستين أكبر شوارع العاصمة اليمنية صنعاء (الشرق الأوسط)
منظر من شارع الستين أكبر شوارع العاصمة اليمنية صنعاء (الشرق الأوسط)
TT

حملة حوثية في صنعاء لجمع البيانات الشخصية والتجسس على السكان

منظر من شارع الستين أكبر شوارع العاصمة اليمنية صنعاء (الشرق الأوسط)
منظر من شارع الستين أكبر شوارع العاصمة اليمنية صنعاء (الشرق الأوسط)

أطلقت الميليشيات الحوثية باليمن حملة في العاصمة صنعاء بهدف جمع معلومات تفصيلية عن السكان، عبر مسؤولي الأحياء التابعين لها، في خطوة وصفت بـ«الاستخبارية»؛ حيث تكثف الجماعة أعمال التجسس ورصد المعارضين لها، وإحصاء الأملاك والعقارات بغرض الجباية.

المصادر أفادت «الشرق الأوسط» بأن البيانات التي تجمعها الجماعة الحوثية تشمل أسماء الأشخاص وأرقام الهواتف والمنطقة المنحدرين منها وطبيعة السكن في صنعاء بالملك أم بالإيجار، إلى جانب رصد دقيق لممتلكات السكان من العمارات والعقارات والمحال التجارية والمقتنيات الخاصة، بما في ذلك المجوهرات والأسلحة الشخصية والجنابي الثمينة (الخناجر).

عاطلون عن العمل ينامون أمام ساحة مؤسسة تجارية في صنعاء (الشرق الأوسط)

وضمن التوجه الجديد للجماعة لشن حملة جباية جديدة بحق اليمنيين في صنعاء وبقية مناطق سيطرتها، دعماً لاحتفالاتها السياسية والطائفية في ذكرى «المولد النبوي» وذكرى انقلابها، قالت المصادر إن الميليشيات شكلت لجاناً تحت اسم «مجتمعية» في نحو 10 مديريات في صنعاء، لتولي مهام النزول الميداني لجمع البيانات والمعلومات التفصيلية عن السكان وممتلكاتهم وحصرها، ثم رفعها كاملة إلى مشرفي المناطق.

اللجان الحوثية –حسب المصادر- بمعيتها نماذج من استمارات حصر السكان وجمع بياناتهم التفصيلية، بما في ذلك المعلومات الشخصية الدقيقة عن كل أسرة ومعيلها ومسقط رأسها وحجم ممتلكاتها، وأخرى على صلة بالمنازل والعمارات التي يوجد فيها أكثر من شقة سكنية؛ حيث تطلب من ملاكها الإفصاح عن معلومات شاملة عنها وعن الساكنين فيها.

مهام استخبارية

السكان في صنعاء وصفوا نشاط الجماعة الحوثية في الأحياء بـ«الاستخباري»؛ حيث يبدي «عبد الله. ع» الساكن في الحي السياسي بصنعاء قلقه البالغ عقب زيارة لجنة حوثية إلى منزله، طالبة منه معلومات شخصية عنه وأفراد عائلته وممتلكاتهم، وأخرى تتعلق بجيرانه وغيرهم من القاطنين في الحي ذاته الواقع بنطاق مديرية الوحدة في صنعاء.

تجمع سيارات أجرة في أحد شوارع العاصمة اليمنية صنعاء (الشرق الأوسط)

ويقول عبد الله لـ«الشرق الأوسط»: «لقد استنزف الانقلاب والحرب الحوثية جميع مدخراتنا مع انقطاع الرواتب وانعدام الخدمات وتفشي الجوع والفقر والبطالة، والآن تأتي الجماعة لتطلب منا بعد كل هذا العناء تقديم معلومات عن ممتلكاتنا ومقتنياتنا». وأضاف متسائلاً: «ما علاقة توفير الجماعة الحوثية -حسب زعمها- المساعدات للسكان والأسر في صنعاء، بتقديم معلومات دقيقة عن مقتنياتهم».

وبينما تزعم الميليشيات الحوثية أن ذلك التحرك من أجل توفير المساعدات اللازمة للمواطنين والأسر في صنعاء، ولحمايتهم وتأمين ممتلكاتهم، يؤكد مصدر مقرب من دائرة حكم الجماعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الهدف من وراء هذه الخطوة هو القيام بعملية فرز جديدة على أساس مناطقي في العاصمة صنعاء وضواحيها، وكذا تشديد الرقابة على السكان ورصد تحركاتهم، خشية اندلاع أي انتفاضة.

المصدر كشف أيضاً أن الجماعة تسعى لتنفيذ حملة تجنيد إجبارية؛ حيث تستبق ذلك بالقيام بعملية جمع معلومات تفصيلية عن عدد الذكور في سن الشباب، في أحياء ومناطق صنعاء وضواحيها، لإرغامهم على الالتحاق بمعسكرات التدريب، أو إلزام أسرهم بدفع مبالغ فدية لتجنيد آخرين من الأرياف.

شاحنة مرور تقطع أحد شوارع صنعاء ضمن حملة جباية حوثية (الشرق الأوسط)

مصادر أخرى رجحت أن الجماعة الحوثية تسعى من وراء ذلك إلى فرض إتاوات جديدة على مختلف الشرائح المجتمعية في العاصمة، في مقدمتهم مالكو المنازل والعمارات، عبر فرض جبايات تحت أسماء الضرائب والزكاة وتمويل ودعم المناسبات والمجهود الحربي للجماعة.

ويأتي التحرك الانقلابي متوازياً مع استمرار الجماعة في البحث عن أي وسيلة تمكنها من الحصول على الأموال، وهو ما أوصل كبار قياداتها ومشرفيها للثراء الفاحش؛ حيث تمكنوا من امتلاك العقارات والشركات في العاصمة المختطفة صنعاء، وغيرها من المناطق الأخرى الخاضعة تحت قبضتهم.


مقالات ذات صلة

إسرائيل تضرب الحوثيين للمرة الخامسة بالتوزاي مع غارات غربية

العالم العربي إسرائيل ردت على هجمات الحوثيين بموجة خامسة من الضربات الجوية (الجيش الإسرائيلي) play-circle 01:31

إسرائيل تضرب الحوثيين للمرة الخامسة بالتوزاي مع غارات غربية

شنت إسرائيل خامس موجة من ضرباتها الجوية والأولى في السنة الجديدة، رداً على الهجمات الحوثية المتصاعدة، وذلك بالتزامن مع ضربات أميركية وبريطانية.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
شؤون إقليمية صاروخ ينطلق من إحدى بطاريات نظام القبة الحديدية الدفاعي الإسرائيلي (د.ب.أ)

الجيش الإسرائيلي: اعترضنا ثلاث مسيرات من جهة الشرق خلال ساعة واحدة

أعلن الجيش الإسرائيلي أنّه اعترض في غضون ساعة واحدة ثلاث طائرات من دون طيّار أطلقت من جهة الشرق، اثنتان منها على الأقل أطلقتا من اليمن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم العربي مقاتلة من طراز «إف 15» تعمل ضمن منطقة القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

حديث حوثي عن غارات غربية استهدفت صنعاء وعمران والحديدة

أقرّ الحوثيون بتلقي خمس غارات استهدفت مواقع في صنعاء والحديدة وعمران الخميس وذلك غداة ضربات تبناها الجيش الأميركي ضد منشأتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)

الحارس الحوثي القضائي يشعل خلافات مع أجنحة الجماعة

فجّرت ممارسات الحارس القضائي الحوثي الجديد المكلف مصادرة أموال المعارضين، خلافاً بين أجنحة الجماعة بعد أن امتدت هذه الممارسات إلى أحد وجهاء القبائل المتعاونين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (إ.ب.أ)

غروندبرغ يغادر صنعاء ويحض الحوثيين على خفض التصعيد وإطلاق المعتقلين

حض المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ قادة الجماعة الحوثية في صنعاء على خفض التصعيد المحلي والإقليمي وإطلاق المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة

علي ربيع (عدن)

حديث حوثي عن غارات غربية استهدفت صنعاء وعمران والحديدة

مقاتلة أميركية من طراز «إف 16» (الجيش الأميركي)
مقاتلة أميركية من طراز «إف 16» (الجيش الأميركي)
TT

حديث حوثي عن غارات غربية استهدفت صنعاء وعمران والحديدة

مقاتلة أميركية من طراز «إف 16» (الجيش الأميركي)
مقاتلة أميركية من طراز «إف 16» (الجيش الأميركي)

أقرّت الجماعة الحوثية بتلقي خمس غارات وصفتها بـ«الأميركية والبريطانية»، استهدفت مواقع في صنعاء والحديدة وعمران، الخميس، وذلك غداة ضربات تبناها الجيش الأميركي ضد منشأتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض خاضعتين للجماعة في عمران وصنعاء.

ولم يتحدث الجيش الأميركي على الفور بخصوص هذه الغارات، في حين لم تكشف الجماعة المدعومة من إيران عن الآثار الناجمة عنها، وسط تقديرات بأنها ضربت مستودعات للأسلحة.

وبحسب ما أورده إعلام الجماعة الحوثية ضربت غارتان منطقة جربان التابعة لمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، فيما ضربت ثلاث غارات مواقع في مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران (50 كيلومتراً شمال صنعاء)، إلى جانب غارة قالت الجماعة إنها استهدفت موقعاً في مديرية اللحية الساحلية التابعة لمحافظة الحديدة غرباً.

وكان الجيش الأميركي أعلن، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً، بعد يوم من مزاعم الحوثيين حول مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية، وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر.

واعترفت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، بواقع اثنتين في منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، و4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، ويضم الموقعان معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة، تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون ذلك لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

14 شهراً من التصعيد

وتشن الجماعة منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

ورداً على هذا التصعيد استقبلت الجماعة أكثر من 950 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأدى ذلك إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر (كانون الأول) 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات.

مقاتلة من طراز «إف 15» تعمل ضمن منطقة القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

كما ردّت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدّد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لـ«حركة حماس»، و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.