مع مرور نحو 17 شهراً منذ سريان التهدئة في اليمن، أظهرت بيانات أممية جديدة تراجع نسبة النزوح الداخلي بنسبة 76 في المائة عما كانت عليه قبل سريان التهدئة، مشيرة إلى تدهور الخدمات الأساسية، واستمرار العوائق الحوثية أمام تدفق وصول المساعدات.
وبحسب تقرير حديث لمكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، فإن اليمن في الوقت الحالي، لا يشهد حرباً تنطوي على هجمات عسكرية واسعة النطاق، كما أنه لا يستفيد من السلام بشكل رسمي، إلا أنه وخلال التهدئة، انخفض النزوح المرتبط بالنزاع بنسبة 76 في المائة.
ومع استمرار الحوثيين في عرقلة جهود إحلال السلام طوال هذه الفترة، أكدت الأمم المتحدة أن الخدمات الأساسية والاقتصاد استمرت في التدهور، وارتفعت تكلفة سلة الحد الأدنى من نفقات الأسرة اليمنية بنسبة تزيد على 50 في المائة في غضون عام واحد، وقالت إنه وفي غياب تسوية سياسية شاملة، من المرجح أن يظل استمرار النزوح، والوضع الاقتصادي، ونقص قدرة مؤسسات الدولة، المحرك الرئيسي للاحتياجات في البلاد.
وبحسب هذه البيانات، فإن ما يقدر بنحو 4.5 مليون شخص (14 في المائة من السكان) نازحون حالياً، وقد نزح معظمهم مرات عدة على مدى عدد من السنوات، حيث تعد الكوارث الطبيعية والأحداث الناجمة عن المناخ، مثل الجفاف والفيضانات، من المحركات الرئيسية للنزوح.
ويعيش العديد من النازحين اليمنيين داخلياً الأكثر ضعفاً في مناطق معرضة للفيضانات، وفق التقرير الأممي، أو في ملاجئ غير كافية، مما يعرضهم لخطر زيادة الاحتياجات والنزوح.
البيانات الأممية نبهت إلى استمرار النزوح الذي طال أمده حتى مع انخفاض معدلاته الجديدة، وقالت إن ذلك سيبقي اليمن من بين أكبر 6 حالات نزوح داخلي في العالم، ورجحت أن تظل الاحتياجات الإنسانية ثابتة خلال العام الحالي، وأن تنخفض قدرة السكان الضعفاء على الصمود نتيجة الانهيار المستمر للخدمات الأساسية وعدم استقرار الاقتصاد الكلي وانخفاض قيمة الريال اليمني، إلى جانب الفصل الفعلي بين المؤسسات الاقتصادية وإصدار سياسات نقدية متنافسة، وانخفاض القوة الشرائية للأسر، والتضخم وارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود والسلع الأساسية الأخرى.
استمرار قيود الوصول
مع تأكيد مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية تأثر ما يقدر بنحو 5.4 مليون يمني (25 في المائة) من الأشخاص المحتاجين في جميع أنحاء اليمن بالقيود المفروضة على الوصول، أفادت البيانات بأن تحديات الوصول الأكثر انتشاراً في شمال غربي اليمن، وهي مناطق خاضعة لسيطرة ميليشيات الحوثي، حيث تتمثل في عوائق بيروقراطية إلى حد كبير.
وفي الوقت نفسه، تم تسجيل مشكلات أمنية متزايدة، مثل سرقة السيارات والاختطاف وغيرهما من أشكال العنف، لا سيما في المناطق الخاضعة في المقام الأول لسيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، وفقاً للتقرير الأممي.
التقرير أوضح أن حوادث الوصول ترجع بشكل مباشر إلى انعدام الأمن المرتبط بالنزاع المسلح النشط، وقال إن الغالبية العظمى من القيود المفروضة هي قضايا تتعلق بالعوائق البيروقراطية، التي تشمل بشكل رئيسي الحرمان من الحركة وتأخير تصاريح السفر.
وذكر أن العوائق البيروقراطية تشمل تحديين رئيسيين في الارتفاع؛ الأول هو زيادة فرض متطلبات المحرم في المقام الأول من قبل سلطات الأمر الواقع الحوثية؛ حيث يجب أن تكون المرأة مصحوبة بأحد أفراد الأسرة الذكور المقربين للسفر.
وقال إن ذلك أثّر على الموظفات الوطنيات المسافرات في بعثات ميدانية، ما أدى إلى تأخير وإلغاء الزيارات الميدانية، وتقييمات الاحتياجات، وتقديم المساعدة المنقذة للحياة. كما كان له تأثير كبير على حصول المرأة على الخدمات الأساسية والتعليم وفرص كسب العيش.
وطبقاً للأمم المتحدة، فإن التحدي الثاني هو التأخير الطويل في الموافقة على الاتفاقيات الفرعية، ما يؤدي بانتظام إلى تأخير تنفيذ المشروعات والخدمات الإنسانية المطلوبة بشكل عاجل لجزء كبير من العام.
ويؤكد المكتب الأممي، في تقريره، أن عوائق الوصول هي التحدي الأكثر أهمية للعمل الإنساني الفعال في اليمن، وأن العمل المنسق لحماية الفضاء التشغيلي وضمان الوصول الآمن ودون عوائق والمبدئي سيكون حجر الزاوية في الاستجابة.
ووفق ما أوردته الأمم المتحدة، فإنه يتم استهداف المجموعات الأكثر ضعفاً والمحتاجين من خلال التخطيط ذي الأولوية العالية، إذ تقوم الجهات الفاعلة الإنسانية بشكل متزايد بتنفيذ برامج متكاملة لتحسين جودة وكفاءة الاستجابة.
ومع ذلك، أكد التقرير الأممي ارتفاع سعر الوحدة من الأنشطة في 8 مجموعات من أصل 10، بسبب ارتفاع تكاليف سلسلة التوريد العالمية، وارتفاع أسعار السلع الأساسية، واستمرار هشاشة الاقتصاد اليمني، وعوائق الوصول؛ حيث أدت هذه العوامل إلى ارتفاع متطلبات التمويل الإجمالية على الرغم من انخفاض عدد الأشخاص المستهدفين، مقارنة بالعام السابق.