مرتبات المعلمين توسع المواجهات بين أجنحة الانقلاب الحوثي

بعد إعلان قيادية حوثية عن منح نفطية مجانية من العراق

تأييد شعبي متصاعد لإضراب المعلمين في مناطق الحوثيين (إكس)
تأييد شعبي متصاعد لإضراب المعلمين في مناطق الحوثيين (إكس)
TT

مرتبات المعلمين توسع المواجهات بين أجنحة الانقلاب الحوثي

تأييد شعبي متصاعد لإضراب المعلمين في مناطق الحوثيين (إكس)
تأييد شعبي متصاعد لإضراب المعلمين في مناطق الحوثيين (إكس)

أثار كشف وزيرة في حكومة الانقلاب غير المعترف بها في صنعاء حول تلقي الانقلابيين منحاً نفطية مجانية من العراق، خلافات واسعة في أوساطهم، وصلت إلى حد التهديد بحجب البرلمان الذي يسيطرون عليه الثقة عن شقيق زعيم الانقلاب الذي يتولى منصب وزير التعليم في الحكومة ذاتها، ضمن الجدل حول رواتب المعلمين.

ونسب أعضاء في البرلمان الذي يسيطر عليه الانقلابيون الحوثيون في صنعاء إلى علياء الشعبي، وهي وزيرة الدولة في الحكومة غير المعترف بها، إعلانها خلال مشاركتها في جلسة للبرلمان لمناقشة استمرار توقف رواتب المعلمين والمعلمات منذ 7 أعوام؛ أن على الحكومة (الانقلابية) توجيه رسالة للحكومة العراقية على ما منحته من المشتقات النفطية بالمجان طوال فترة الحرب، بحسب مصادر في العاصمة صنعاء.

ولم يتم توضيح كمية هذه شحنات النفط الممنوحة للانقلابيين أو الفترة الزمنية التي تم منحها فيها.

كشفت القيادية علياء الشعبي أمام البرلمان الحوثي عن جزء من العبث بأموال واردات النفط (إكس)

ومع انكشاف حجم الأموال التي يستولي عليها قادة جماعة الحوثي الانقلابية من إيرادات بيع المشتقات النفطية الذي كشفت عنه الحكومة اليمنية، وبالتزامن مع دخول إضراب المعلمين والمعلمات الشامل شهره الثاني، اتسعت دائرة المواجهة بين أجنحة الانقلاب، وهدد يحيى الراعي رئيس البرلمان بحجب الثقة عن الوزير يحيى الحوثي.

ووفقاً للمصادر، رفض الحوثي للأسبوع الثالث على التوالي الحضور إلى المجلس للرد على استفسارات الأعضاء، وفي حين حاول عبد العزيز بن حبتور رئيس حكومة الانقلاب تبرير عدم حضور وزيره الحوثي، نفت الشعبي تلك المبررات، متهمة شقيق زعيم الانقلاب بتجاهل البرلمان، وأنه لا يحضر حتى في اجتماعات الحكومة.

وتم منح الحوثي مهلة جديدة للحضور في جلسة أخرى بطلب من بن حبتور ومساندة بعض أعضاء البرلمان له.

تحفظات زعيم الانقلاب

توقعت المصادر أن يتدخل زعيم الانقلابيين الحوثيين مرة أخرى لفض الاشتباك بين الأجنحة المتصارعة على الأموال، بعد أن كشف إضراب المعلمين عن حجم تلك الأموال، وكيف يتم تحصيلها وإنفاقها لصالح القيادات الانقلابية.

وسبق لعبد الملك الحوثي زعيم الميليشيات استدعاء أعضاء البرلمان إلى محافظة صعدة، مقر اختبائه الدائم، حيث وجَّه بالتخفيف من النقد الذي تتعرض له الحكومة غير المعترَف بها، وذلك بعد محاولتهم استجواب وزيري المالية والتربية والتعليم في تلك الحكومة، بسبب استمرار قطع رواتب المعلمين والتلاعب بأموال صندوق دعم المعلمين وصرفها لصالح نظام التعليم الطائفي الموازي الذي استحدثته الميليشيات.

ويخشى زعيم الميليشيات أن يتسبب تبادل الاتهامات بين أجنحة الانقلاب من جهة، والنقاشات الدائرة في البرلمان، في إثارة الرأي العام والتسبب بانتفاضة شعبية وتوسع دائرة الإضراب لتشمل باقي الموظفين العموميين.

ويرى فهد، وهو موظف حكومي، أن موقف الحوثي لا يشكل أي مفاجأة لأنه من المفارقات العجيبة والغريبة في حكومة الانقلاب أن يتم تعيين شخص لا يمتلك أي مؤهل دراسي وزيراً للتعليم، ويؤكد أن ما يحدث يظهر لليمنيين حجم الكارثة والمأساة التي يعيشونها.

يتجاهل يحيى الحوثي إضراب المعلمين ويرفض نقاش الأزمة أمام البرلمان (فيسبوك)

لكن عبد الله محمد، وهو أحد المتقاعدين الذين انقطعت رواتبهم أيضاً، يصف ما حدث بالفعل الإيجابي الذي تسبب به إضراب المعلمين، ولولا ذلك لما عرف السكان حجم الأموال التي يتم الاستيلاء عليها، وترك مئات الآلاف من الموظفين دون رواتب.

وكانت الحكومة اليمنية، وعلى لسان معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة، اتهمت الانقلابيين الحوثيين بتضليل الرأي العام اليمني والمجتمع الدولي، والتلاعب بحقيقة الأرقام والمبالغ المهولة التي ينهبونها من إيرادات المشتقات النفطية الواردة عبر ميناء الحديدة فقط، التي تكفي لتمويل مرتبات موظفي الدولة والمتقاعدين، بانتظام، في المناطق الخاضعة بالقوة لسيطرتهم.

الحكومة تفضح التدليس

نقل الإعلام الرسمي عن الإرياني قوله إن عدد السفن المحملة بالمشتقات النفطية التي تم التصريح بدخولها، وأفرغت حمولتها بالفعل في ميناء الحديدة منذ إعلان الهدنة الأممية في الثاني من أبريل (نيسان) من العام الماضي، وحتى 14 أغسطس (آب) الحالي، بلغ 157 سفينة، بإجمالي حمولة تعادل أكثر من 4 مليارات لتر من النفط.

تسبب إضراب المعلمين في توقف الدراسة تماماً في مناطق سيطرة الانقلابيين الحوثيين

وذكر الإرياني أن 50 في المائة من هذه الكمية قُدمت للحوثيين مجاناً من إيران، وتم بيعها في الأسواق المحلية بسعر 450 ريالاً يمنياً للتر الواحد، وبقيمة إجمالية تساوي 3 مليارات ونصف المليار دولار، ما يعادل تريليونَي ريال يمني، منها تريليون واحد قيمة النفط المجاني.

ووفق ما أورده وزير الإعلام اليمني، فإن التكلفة الفعلية للتر الواحد في مناطق سيطرة الانقلابيين الحوثيين ما بين 300 إلى 350 ريالاً بعد إضافة جميع الأعباء للتر على سعر صرف الدولار، وبفارق 100 ريال بين السعر الفعلي وسعر البيع، وبإجمالي 400 مليار ريال يمني، عن الكميات الواردة إلى ميناء الحديدة منذ بدء الهدنة الأممية.

يجني الحوثيون مليارات الريالات من ميناء الحديدة ويحرمون الموظفين من رواتبهم (إعلام حوثي)

وتفرض الميليشيات الحوثية رسوماً ضريبية وجمركية على الطن الواحد من المشتقات النفطية الواردة عبر ميناء الحديدة، بما يساوي 50 ريالاً يمنياً للتر الواحد، بإجمالي 200 مليار ريال يمني تم تحصيلها منذ بدء الهدنة الأممية.

وبيَّن وزير الإعلام اليمني أن هذه الأرقام تقتصر فقط على العوائد المباشرة التي حصل عليها الحوثيون من المشتقات النفطية خلال عام ونصف العام، خلافاً للمليارات التي تُجنى من الرسوم الضريبية والجمركية للكميات ذاتها من النفط، والرسوم الضريبية والجمركية المفروضة على السلع الغذائية والاستهلاكية، وشحنات الغاز المجاني المقبل من إيران عبر الميناء.


مقالات ذات صلة

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

المشرق العربي طالبات جامعة صنعاء في مواجهة قيود حوثية جديدة (غيتي)

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

بدأت الجماعة الحوثية إجراءات جديدة لتقييد الحريات الشخصية للطالبات الجامعيات والتضييق عليهن، بالتزامن مع دعوات حقوقية لحماية اليمنيات من العنف.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.