دعم سعودي غير محدود لإعمار اليمن وتنمية اقتصاده

تنفيذ مئات البرامج في 7 مجالات... وتقديم منح مليارية

تبنّت السعودية تنظيم ورش العمل واللقاءات الهادفة إلى دعم الإصلاحات الاقتصادية في اليمن (البرنامج السعودي)
تبنّت السعودية تنظيم ورش العمل واللقاءات الهادفة إلى دعم الإصلاحات الاقتصادية في اليمن (البرنامج السعودي)
TT

دعم سعودي غير محدود لإعمار اليمن وتنمية اقتصاده

تبنّت السعودية تنظيم ورش العمل واللقاءات الهادفة إلى دعم الإصلاحات الاقتصادية في اليمن (البرنامج السعودي)
تبنّت السعودية تنظيم ورش العمل واللقاءات الهادفة إلى دعم الإصلاحات الاقتصادية في اليمن (البرنامج السعودي)

أسهم الدعم السعودي غير المحدود خلال السنوات الأخيرة في رفع كفاءة الاقتصاد اليمني ومنع العملة من الانهيار، من خلال أوجه المساعدات التنموية التي تم تنفيذها عبر البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، والتي شملت المنح المليارية، إضافةً إلى مئات المشاريع منذ 2018 في سبعة قطاعات حيوية، وفق ما كشف عنه تقرير حديث للبرنامج اطّلعت عليه «الشرق الأوسط».

التقرير ذكر أن تأسيس البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن جاء متكاملاً مع جهود السعودية الأخرى ليشمل مفاهيم الاستدامة، وتقديم الدعم التنموي والاقتصادي بما يسهم في تحسين حياة اليمنيين، ويحسّن من مستوى الخدمات المقدمة، ويرفع من كفاءة البنى التحتية، ويتواءم مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، وبما يوحّد الجهود الإنمائية في اليمن، بالتعاون مع مختلف الجهات الفاعلة المحلية والإقليمية والدولية والأممية، وبالتنسيق مع الحكومة اليمنية والسلطات المحلية ومنظمات المجتمع المدني.

وينتهج البرنامج في تنفيذ مشاريعه ومبادراته التنموية تطبيق مفاهيم الاستدامة مثل: استخدامات الطاقة المتجددة، وبناء الأصول المجتمعية من خلال التدريب لتعظيم الآثار للأجيال القادمة، والحفاظ على الموارد الطبيعية، والتواصل المجتمعي الفعال مع المستفيدين، والاستفادة من التجارب الإنمائية السابقة في بناء تدخلات تنموية ذات أثر فاعل ومتكامل وإيجابي.

تعزيز الإنفاق وتحفيز النمو

التقرير أوضح أنه خلال الأعوام من 2019 حتى 2022 أسهم الدعم الاقتصادي والتنموي، وحزمة الإصلاحات المقدمة من السعودية، في تحسين الوضع المالي، ومن ذلك الدعم منحة المشتقات النفطية السعودية التي أسهمت في تخفيض النفقات وتخفيف العبء على ميزانية الحكومة، مما أدى إلى خفض نسبة العجز من 38 في المائة إلى 23 في المائة، بالإضافة إلى الودائع المقدَّمة للبنك المركزي اليمني التي أسهمت في دعم سعر صرف الريال اليمني أمام الدولار واستقراره بشكل نسبي.

دعمت السعودية اليمن بمليارات الدولارات خلال السنوات الأخيرة (البرنامج السعودي)

كما أسهمت حزمة المشاريع والبرامج التنموية التي نفّذتها السعودية عبر البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، التي بلغت 229 مشروعاً ومبادرة تنموية بتكلفة مليار دولار، في تحسين البنية التحتية والخدمات الأساسية، وخلق فرص العمل بالتعاون مع الحكومة اليمنية، وهو ما أسهم في تعزيز الإنفاق الحكومي، وشملت تلك المشاريع سبعة قطاعات هي: التعليم والصحة والطاقة والنقل والمياه والزراعة والثروة السمكية والمؤسسات الحكومية، بالإضافة إلى البرامج التنموية في 14 محافظة يمنية.

وشمل الدعم السعودي لليمن تقديم منح من المشتقات النفطية، حيث بلغ إجمالي هذا الدعم نحو 4.8 مليار دولار، والمخصصة لتوليد الكهرباء لجميع محافظات اليمن، وتهدف هذه المنح إلى تحفيز الاقتصاد اليمني ورفع كفاءة القطاعات الحيوية والإنتاجية والخدمية.

ووفقاً للتقرير، بلغ إجمالي كمية الدعم من المشتقات النفطية بين عامي 2021 و2022 نحو 1.260.850 مليون طن متري لتشغيل أكثر من 70 محطة يمنية، بقيمة 422 مليون دولار، وُزّعت حسب الاحتياج الذي جرى رصده ودراسته في مختلف المحافظات. كما بلغ إجمالي كميات الوقود المورَّدة لمنحة المشتقات النفطية لمادة الديزل 511.684.41 مليون طن متري، ومادة المازوت 257.955.86 مليون طن.

هذه المنحة أسهمت -حسب التقرير- في التخفيف من العبء على ميزانية الحكومة اليمنية، والحد من استنزاف البنك المركزي اليمني من احتياطيات العملة الأجنبية المخصصة لشراء المشتقات النفطية لتوليد الكهرباء من الأسواق العالمية، وذلك بتخفيض أسعار بيع الوقود عن الأسعار العالمية لتوليد الكهرباء بمقدار 79 في المائة لوقود الديزل، و94 في المائة لوقود المازوت، وذلك من خلال توريد كميات 3.898.608 مليون برميل للديزل و1.928.887 مليون برميل للمازوت.

كما بلغ إجمالي كميات الطاقة المنتجة 2.828 غيغاوات-ساعة وأثر ذلك في ارتفاع تشغيل متوسط ساعات الكهرباء في عدة محافظات، حيث بلغت في محافظة عدن نحو 20 في المائة والتي من شأنها أن تزيد من حركة التجارة بزيادة ساعات العمل في المحلات التجارية وفي الأسواق.

محمد آل جابر السفير السعودي والمشرف على البرنامج السعودي لتنمية اليمن (البرنامج السعودي)

وأسهمت هذه المنح في توفير عدد من فرص العمل بنحو 16 ألف فرصة، كما أسهمت في تحفيز الحركة اللوجيستية في خدمات النقل من خلال حركة البواخر، حيث بلغ عدد البواخر للنقل الداخلي 21 باخرة، وبلغ عدد الناقلات 9.928 ناقلة، إضافةً إلى مساهمتها في ارتفاع أعداد المشتركين بالكهرباء بنحو 9.377 ألف مشترك، في حين بلغ عدد المستفيدين من المنحة 9.837.044 مليون مستفيد.

بناء قدرات المؤسسات

على صعيد برامج بناء القدرات التي ينفّذها البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، أفاد التقرير بأن ذلك شكَّل أحد أهم التدخلات التنموية الداعمة للاستقرار وربط أعمال التنمية بأعمال السلام على مستوى المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والأصول المجتمعية والأفراد.

ففي عام 2022 دشنت المجموعة التنسيقية للمساعدة الفنية وتنمية قدرات المؤسسات اليمنية (TA-CDG) ورشة عمل بناء وتنمية قدرات المؤسسات اليمنية، برئاسة مشتركة بين مجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وباستضافة من البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، في مدينة الرياض، بمشاركة 8 منظمات دولية و6 جهات حكومية يمنية، تمكيناً للمؤسسات الحكومية اليمنية من تشخيص احتياجاتها وتقييم قدراتها والاضطلاع بمهامها الأساسية والتكيف مع الظروف المختلفة التي تمر بها.

ورشة العمل شهدت نقاشات معمَّقة تركِّز على توحيد جهود الجهات المانحة وجرى فيها تبادل الرؤى والبحث عن أفضل الممارسات التي تستهدف المساعدة الفنية في تنمية قدرات المؤسسات اليمنية، وذلك لتعزيز التعاون والتكامل بين المؤسسات الدولية في مجال تقديم الدعم والتقليل من ازدواجية المهام وزيادة فاعلية الدعم وكفاءته.

ويشير البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن في تقريره، إلى أنه أسهم من خلال برامج بناء قدرات الكوادر والقدرات في اليمن في نقل الخبرات وتطوير الكفاءات اليمنية، ودعم الشباب من كلا الجنسين للحصول على مستوى معيشي أفضل، وتعزيز الصمود والاستقرار المجتمعي لمواجهة الصدمات المختلفة، ورفع كفاءة وفاعلية القدرات والكوادر اليمنية في شتى مجالاتها، وتحسين سبل العيش.

أسهمت البرامج التنموية السعودية باليمن في تخفيف الصدمات البيئية والاقتصادية والاجتماعية (البرنامج السعودي)

فعلى مستوى بناء قدرات المؤسسات جرى تنفيذ برنامج بناء القدرات لموظفي البنك المركزي، وبرنامج بناء القدرات لوزارة المالية، وبرنامج بناء القدرات لوزارة التخطيط والتعاون الدولي، وبرنامج تدريبيّ لموظفي وزارة الطاقة والكهرباء، والبرنامج التدريبي لمنسوبي المؤسسة العامة للكهرباء لمدة عام، كما أسهم البرنامج السعودي في رفع كفاءة وفاعلية الدعم المقدم في قطاع النقل، وتشغيل المنشآت الصحية ورفع كفاءتها وفاعليتها.

بناءٌ على أكثر من مستوى

وأوضح البرنامج السعودي أنه قدم برامج أخرى أسهمت في بناء القدرات على المستوى الفني، عبر برنامج دعم سبل العيش للمجتمعات المتضررة، وورش تحديد ومعالجة معوقات التنمية الزراعية، وبرنامج التمكين الاقتصادي للسيدات، ومشروع بناء المستقبل للشباب اليمني.

وعلى مستوى بناء قدرات الأصول المجتمعية، تم تنفيذ برنامج رفع قدرات موظفي قطاع الإسكان، ورفع قدرات المهندسين في محافظة عدن في إدارة المشاريع وإجراء المسوحات الميدانية ضمن مشروع المسكن الملائم، والتدريب على عمليات تنظيم وإدارة المشاريع.

ويؤكد التقرير أن برامج بناء وتنمية القدرات بجميع مساراتها أسهمت في تحقيق أثر ملموس، ومنها مشروع استخدام الطاقة المتجددة لتحسين جودة الحياة في اليمن، وذلك عبر تدريب 18 مهندساً ميدانياً على أساسيات العمل لمنظومات الطاقة الشمسية، وبناء قدرات 24 عضواً من اللجان في 12 مشروعاً للمياه التي تعمل بمنظومات الطاقة الشمسية، وبناء قدرات 16 مهندساً في مشاريع الري الزراعي بالطاقة الشمسية.

وفي حين استفاد 687 شاباً وشابة من التدريب عبر مشروع بناء المستقبل للشباب اليمني في محافظة عدن وضواحيها، أسهم البرنامج السعودي في بناء قدرات 60 رائدة أعمال، ودعم 35 رائدة أعمال، و1545 من صغار المنتجين في القطاعات الحيوية، ونفَّذ ورشاً تدريبية استفاد منها 154 مهندساً ميدانياً و51 مرشداً في مجال الثروة الحيوانية و10 أطباء بيطريين و73 مهندساً زراعياً.

شمل الدعم السعودي لليمن كل المجالات مع التركيز على فئة الشباب (البرنامج السعودي)

ورفع البرنامج -وفق التقرير- قدرات 40 مهندساً من موظفي قطاع الإسكان في عدن في إدارة المشاريع وإجراء المسوحات الميدانية ضمن مشروع المسكن الملائم، كما استفاد 20 طبيباً وممرضاً من التدريب على استخدام الأجهزة الطبية وصيانتها الدورية في 3 مستشفيات في محافظة مأرب، إضافةً إلى استفادة 200 شخص من مبادرة «النقد مقابل العمل» في مجال التركيبات الكهربائية والتبريد والتكييف.

وحسب التقرير، استفادت 162 سيدة من الورش التدريبية والخدمات الاستشارية في مجال إدارة المشاريع الصغيرة والحرف اليدوية والحاسب الآلي، ونُفّذت 13 دورة تدريبية استفاد منها 45 مهندساً وفنياً لكل دورة تدريبية من منسوبي وزارة الطاقة والكهرباء، كما استفاد 17 طبيباً وممرضاً من برنامج بناء القدرات في مراكز غسيل الكلى وفي تشغيل المنشآت الصحية ورفع كفاءتها وفاعليتها. كما جرى تدريب 15 من موظفي الإطفاء في مطار عدن، وتدريب 15 من المختصين في وزارة التخطيط والتعاون الدولي، وتقديم ورشة تحديد ومعالجة معوقات التنمية الزراعية في محافظة الجوف استفاد منها 45 من موظفي مكتب الزراعة والري ومكتب الشؤون الاجتماعية.

229 مشروعاً ومبادرة تنموية

وفي سياق المبادرات التنموية، أفاد التقرير بأن البرنامج السعودي نفَّذ 229 مشروعاً ومبادرة تنموية في أنحاء اليمن، منها 52 مشروعاً ومبادرةً في قطاع التعليم، و38 مشروعاً ومبادرةً في قطاع النقل، و34 مشروعاً ومبادرةً في قطاع الصحة، و32 مشروعاً ومبادرةً في قطاع المياه، و29 مشروعاً ومبادرةً في قطاع الطاقة، و18 مشروعاً ومبادرةً في قطاع الزراعة والثروة السمكية، و12 مشروعاً في قطاع المباني الحكومية، و14 مبادرةً تنموية.

المشاريع والمبادرات التنموية التي نفَّذها البرنامج السعودي في قطاع النقل بلغت 38 مشروعاً ومبادرة تنموية، حيث أسهمت في تحسين مستوى النقل والبنية وتحسين الفرص اللوجيستية وتوفير النقل الآمن للأفراد والبضائع، ودعم القدرة على الوصول للخدمات والأسواق تعزيزاً للأمن والترابط الاجتماعي.

وشملت المشاريع الداعمة لقطاع النقل إعادة تأهيل اثنين من المنافذ البرية، و9 مشاريع طرق، منها 6 طرق داخلية وطريق رابط بين المحافظات ومشروعان لطرق دولية، و4 مشاريع لرفع كفاءة الموانئ وطاقتها الاستيعابية.

أولت السعودية اهتماماً لتنفيذ عشرات المبادرات الهادفة إلى خدمة المجتمع اليمني (البرنامج السعودي)

وأكد التقرير أن هذه المشاريع أسهمت في رفع كفاءة الموانئ وطاقتها الاستيعابية، ورفع مستوى وكفاءة المطارات، حيث كان أحدث دعم لهذا القطاع تدشين المرحلتين الأولى والثانية من مشروع إعادة تأهيل مطار عدن الدولي، المساهم الرئيسي في ربط عدن بمحيطها من المحافظات وبالإقليم، محسناً بذلك جودة الخدمات المقدمة للمسافرين وشركات الطيران العاملة، ووضع حجر الأساس للمرحلة الثالثة التي سيستكمل فيها إعادة تأهيل المدرج الرئيسي للطيران وأنظمة الملاحة والاتصالات.

أما في قطاع المياه فأسهم البرنامج السعودي -حسب التقرير- في توفير مصادر المياه العذبة والآمنة، وسد الاحتياجات للمياه في مختلف المحافظات ورفع كفاءة المنظومات المائية فيها، حيث أسهمت مشاريع البرنامج في هذا القطاع بتغطية 50 في المائة من احتياجات محافظة سقطرى من المياه، وتغطية 50 في المائة من احتياجات مدينة الغيضة في محافظة المهرة، وتغطية 10 في المائة من احتياجات محافظة عدن، كما أسهمت المشاريع في إدارة الموارد المائية، وتنويع مصادر المياه، ورفع كفاءة توزيع المياه في المناطق الحضرية والريفية.

وفي قطاع الصحة، أدى الدعم السعودي المقدّم في رفع قدرات قطاع الصحة، وتوفير خدمات الرعاية الصحية بكفاءة وفاعلية، حيث اشتمل على دعم 26 منشأة طبية، وأيضاً 52.730 ألف دواء وأداة طبية، و43.601 ألف جهاز ومعدة طبية، وتوفير 17 عربة إسعاف، وكان آخر دعم للبرنامج في قطاع الصحة افتتاح مشروع إعادة تأهيل وتشغيل مستشفى عدن العام ومركز القلب، والذي يستفيد منه نحو نصف مليون يمني سنوياً ويقدم خدماته مجاناً.

على صعيد قطاع الطاقة، أساهم دعم البرنامج في تعزيز قدرة الحكومة على تقديم الخدمات الأساسية التعليمية والصحية واستقرار أسعار السلع الأساسية، وكذلك تحسين المستوى المعيشي والحياة اليومية للمستفيدين، كما أسهمت منحة المشتقات النفطية السعودية بتشغيل 80 محطة لتوليد الكهرباء، إضافةً إلى مساهمة الدعم المقدم في رفع كفاءة الطاقة وتحسين القدرة التشغيلية، وكذلك تعزيز استخدامات الطاقة النظيفة.

ويذكر التقرير أن المشاريع والمبادرات التنموية في قطاعي الزراعة والثروة السمكية أسهمت في بناء أصول مجتمعية ذات قدرة إنتاجية وكفاءة تدعم سلاسل القيمة، والمساهمة في تحقيق الأمن الغذائي ودعم المستوى المعيشي للمجتمعات المستفيدة، وكذلك تعزيز استخدام التقنيات والنظم الزراعية الحديثة، ورفع معدل وجودة الإنتاج، وتحفيز الإنتاج الغذائي المستدام، وتمكين المزارعين والمزارعات بما يسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي.

رئيس المجلس الرئاسي اليمني رشاد العليمي والسفير السعودي محمد آل جابر خلال تدشين مشروعات جديدة في عدن (واس)

وفي قطاع المؤسسات الحكومية أسهمت مشاريع ومبادرات البرنامج السعودي -حسب التقرير- في دعم قدرات المؤسسات الحكومية على تقديم الخدمات بكفاءة وفاعلية في مجالات الأمن والاستقرار، وتحسين النطاق الحضري والمساهمة في التنمية الحضرية، وأيضاً في رفع قدرات المؤسسات الحكومية اليمنية عبر تدريب الكوادر اليمنية وتأهيلها، ودعم القطاع الخاص من خلال تأهيل الموردين والمقاولين.

قطاع التعليم كان له نصيبه من الدعم السعودي، حيث تم تنفيذ 52 مشروعاً ومبادرة تنموية، منها بناء وتجهيز 31 مدرسة نموذجية وتوفير 548.852 ألف كتاب مدرسي تمّت طباعته وتوزيعه، وتوفير 12.978 ألف قطعة أثاث مدرسي، وتوفير 26 حافلة للنقل التعليمي، وأسهم هذا الدعم في توفير الوصول إلى التعليم للطلبة بمختلف الفئات العمرية من كلا الجنسين وذوي الإعاقة.

البرامج التنموية الأخرى التي نفّذها البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن في 11 محافظة مستفيدة أسهمت –وفق التقرير- في تعزيز الصمود الريفي والتمكين الاقتصادي مع تحقيق مبدأ المساواة في الفرص بين الجنسين، كما أسهمت البرامج التنموية في الصمود في وجه الصدمات البيئية والاقتصادية والاجتماعية، وتمكين النساء اقتصادياً، ودعم سبل العيش والمعيشة، وتحسين الحياة اليومية، وبناء قدرات المرأة والشباب والمجتمعات.

كفاءة الاقتصاد وتثبيت التنمية

يوضح التقرير أن الدعم السعودي المتكامل لليمن أدى إلى تحقيق جزء من الكفاءة الاقتصادية وتعزيز الوضعين المالي والاقتصادي، لا سيما سعر صرف الريال اليمني، حيث انعكس إيجابياً على الأحوال المعيشية للمواطنين اليمنيين مع استقرار نسبي في أسعار السلع الغذائية والحد من تدهور القوة الشرائية، والمساهمة في تحسين الاقتصاد.

ويؤكد البرنامج السعودي في تقريره أن السعودية تسعى من خلال التنمية في اليمن إلى التخفيف من تأثير الأزمة الحالية على الأسر والمجتمعات، ودعم قدرات المجتمعات المحلية ورفع كفاءتها الإدارية والإنتاجية، ضمن جهود تكاملية مع المنظمات الدولية والأممية وبالتعاون مع الحكومة اليمنية ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص في اليمن.

ويقول البرنامج إنه يستفيد من التجارب السابقة في تنمية البلدان والممارسات الدولية والمحلية السابقة، وهو ما ساعد في تثبيت عمل البرنامج التنموي وجعل تلك التجارب حجراً أساسياً في البعد والعمق التنموي.


مقالات ذات صلة

«اتفاق مسقط» للمحتجزين يفتح نافذة إنسانية وسط تفاؤل يمني حذر

العالم العربي مخاوف يمنية من إفراغ الحوثيين اتفاق تبادل المحتجزين من مضامينه (إعلام حكومي)

«اتفاق مسقط» للمحتجزين يفتح نافذة إنسانية وسط تفاؤل يمني حذر

اتفاق مسقط لتبادل نحو 2900 محتجز ينعش آمال اليمنيين بإنهاء معاناة الأسرى وسط تفاؤل حذر ومطالب بضمانات أممية لتنفيذ «الكل مقابل الكل»

«الشرق الأوسط» (الرياض - صنعاء)
العالم العربي لوحة في عدن تعرض صورة عيدروس الزبيدي رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي» الداعي للانفصال (رويترز)

الرياض ترسم مسار التهدئة شرق اليمن... «خروج سلس وعاجل» لـ«الانتقالي»

يرسم البيان السعودي مسار التهدئة شرق اليمن، داعياً لانسحاب قوات «الانتقالي» من حضرموت والمهرة، وسط ترحيب رئاسي وحكومي وإجماع حزبي ضد التصعيد.

«الشرق الأوسط» (جدة)
وفد سعودي زار حضرموت ضمن مساعي التهدئة وخفض التوتر (سبأ)

حضرموت تتمسك بالشرعية وتحذر من تكلفة «التحركات الأحادية»

جددت سلطة حضرموت دعمها الكامل للشرعية، محذّرة من التحركات العسكرية الأحادية، ومؤكدة أن أمن المحافظة، والحوار السياسي هما السبيل للاستقرار، والتنمية

«الشرق الأوسط» (جدة)
العالم العربي العليمي مستقبلاً في الرياض السفيرة الفرنسية لدى اليمن (سبأ)

العليمي يرفض «تقطيع» اليمن ويؤكد حماية المركز القانوني للدولة

جدّد العليمي رفضه القاطع لأي محاولات لتفكيك الدولة اليمنية أو فرض وقائع أحادية خارج المرجعيات الحاكمة للمرحلة الانتقالية مؤكداً حماية المركز القانوني للدولة

«الشرق الأوسط» (جدة)
خاص نجاح صفقة تبادل الأسرى مرتبط بجدية الحوثيين والوفاء بالتزاماتهم (إعلام حكومي)

خاص «اتفاق مسقط» لتبادل المحتجزين اختبار جديد لمصداقية الحوثيين

يُشكّل الاتفاق الذي أبرمته الحكومة اليمنية في مسقط مع الحوثيين لتبادل 2900 محتجز من الطرفين اختباراً جديداً لمدى مصداقية الجماعة في إغلاق هذا الملف الإنساني

محمد ناصر (تعز)

اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)

توالت اجتماعات الوسطاء لدفع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، واستضافت القاهرة وأنقرة اجتماعين بشأن تنفيذ بنود الاتفاق، بعد لقاء موسع في مدينة ميامي الأميركية قبل نحو أسبوع بحثاً عن تحقيق اختراق جديد.

تلك الاجتماعات الجديدة في مصر وتركيا، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنها بمثابة مساعٍ لتفكيك عقبات الاتفاق المتعثر، وشددوا على أن إسرائيل قد لا تمانع للذهاب للمرحلة الثانية تحت ضغوط أميركية؛ لكنها ستعطل مسار التنفيذ بمفاوضات تتلوها مفاوضات بشأن الانسحابات وما شابه.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في بيان: «بتوجيه من رئيس الوزراء، غادر منسق شؤون الأسرى والمفقودين، العميد غال هيرش، على رأس وفد ضم مسؤولين من الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك)، والموساد إلى القاهرة».

والتقى الوفد الإسرائيلي مسؤولين كباراً وممثلي الدول الوسيطة، وركزت الاجتماعات على الجهود وتفاصيل عمليات استعادة جثة الرقيب أول ران غوئيلي.

وسلمت الفصائل الفلسطينية منذ بدء المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، 20 أسيراً إسرائيلياً أحياء ورفات 27 آخرين، فيما تبقى رفات ران غوئيلي الذي تواصل «حماس» البحث عن رفاته، وتقول إن الأمر سيستغرق وقتاً نظراً للدمار الهائل في غزة، فيما ترهن إسرائيل بدء التفاوض لتدشين المرحلة الثانية من الاتفاق بتسلمها تلك الجثة.

وبالتزامن، أعلنت حركة «حماس»، في بيان، أن وفداً قيادياً منها برئاسة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية، قد التقى في أنقرة مع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في لقاء بحث «مجريات تطبيق اتفاق إنهاء الحرب على غزة والتطورات السياسية والميدانية».

وحذر الوفد من «استمرار الاستهدافات والخروقات الإسرائيلية المتكررة في قطاع غزة»، معتبراً أنها تهدف إلى «عرقلة الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق وتقويض التفاهمات القائمة».

وجاء اللقاءان بعد اجتماع قبل نحو أسبوعٍ، جمع وسطاء اتفاق وقف إطلاق النار في مدينة ميامي الأميركية، وأفاد بيان مشترك عقب الاجتماع بأنه جارٍ مناقشة سبل تنفيذ الاتفاق.

ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن اجتماعي القاهرة وأنقرة يأتيان في توقيت مهم بهدف دفع تنفيذ الاتفاق وإنهاء العقبات بشكل حقيقي، والوصول لتفاهمات تدفع واشنطن لزيادة الضغط على إسرائيل للدخول للمرحلة الثانية المعطلة، مشيراً إلى أن مسألة الرفات الأخير تبدو أشبه بلعبة لتحقيق مكاسب من «حماس» وإسرائيل.

فالحركة تبدو، كما يتردد، تعلم مكانها ولا تريد تسليمها في ضوء أن تدخل المرحلة الثانية تحت ضغط الوسطاء والوقت وفي يدها ورقة تتحرك بها نظرياً، وإسرائيل تستفيد من ذلك بالاستمرار في المرحلة الأولى دون تنفيذ أي التزامات جديدة مرتبطة بالانسحابات، وفق عكاشة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن هذه الاجتماعات تبحث كيفية سد الفجوات، خاصة أن الجثة تمثل عقبة حقيقية، مشيراً إلى أن لقاء «حماس» في تركيا يهدف لبحث ترتيبات نزع السلاح ودخول القوات الدولية، خاصة أن أنقرة تأمل أن يكون لها دور، وتعزز نفسها وعلاقاتها مع واشنطن.

صورة عامة للمنازل المدمرة في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا تزال إسرائيل تطرح مواقف تعرقل الاتفاق، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، إن بلاده «لن تغادر غزة أبداً»، وإنها ستقيم شريطاً أمنياً داخل قطاع غزة لحماية المستوطنات، مشدداً على أنه يجب على «حماس» أن تتخلى عن السلاح، وإلا «فستقوم إسرائيل بهذه المهمة بنفسها»، وفق موقع «واي نت» العبري، الخميس.

فيما سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء الثلاثاء، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط بالجيش الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة ‍في رفح، وانتهاك اتفاق ‌وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن الحركة الفلسطينية أكدت أن الانفجار وقع في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل، ورجحت أن يكون الحادث ناجماً عن «مخلفات الحرب».

وجاء اتهام نتنياهو لـ«حماس» قبل أيام من لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الولايات المتحدة. ونقلت تقارير عبرية أن نتنياهو يريد إقناع ترمب بتثبيت «الخط الأصفر» حدوداً دائمة بين مناطق سيطرة إسرائيل و«حماس»؛ ما يعني احتلال إسرائيل لـ58 في المائة من مساحة القطاع.

ويتوقع عكاشة أن تعلن إسرائيل بعد لقاء ترمب أنها لا تمانع من دخول المرحلة الثانية، ولكن هذا سيظل كلاماً نظرياً، وعملياً ستطيل المفاوضات بجدولها وتنفيذ بنودها، ويبقي الضغط الأميركي هو الفيصل في ذلك.

ووفقاً لمطاوع، فإن إسرائيل ستواصل العراقيل وسط إدراك من ترمب أنه لن يحل كل المشاكل العالقة مرة واحدة، وأن هذه الاجتماعات المتواصلة تفكك العقبات، وسيراهن على بدء المرحلة الثانية في يناير (كانون الثاني) المقبل، تأكيداً لعدم انهيار الاتفاق.


«اتفاق مسقط» للمحتجزين يفتح نافذة إنسانية وسط تفاؤل يمني حذر

مخاوف يمنية من إفراغ الحوثيين اتفاق تبادل المحتجزين من مضامينه (إعلام حكومي)
مخاوف يمنية من إفراغ الحوثيين اتفاق تبادل المحتجزين من مضامينه (إعلام حكومي)
TT

«اتفاق مسقط» للمحتجزين يفتح نافذة إنسانية وسط تفاؤل يمني حذر

مخاوف يمنية من إفراغ الحوثيين اتفاق تبادل المحتجزين من مضامينه (إعلام حكومي)
مخاوف يمنية من إفراغ الحوثيين اتفاق تبادل المحتجزين من مضامينه (إعلام حكومي)

أعاد الاتفاق اليمني لتبادل المحتجزين الذي أُبرم في العاصمة العُمانية مسقط، برعاية أممية، ملف الأسرى والمختطفين إلى صدارة المشهد، مثيراً موجة من التفاؤل الحذر بين اليمنيين، في ظل آمال واسعة بأن يضع حداً لمعاناة آلاف الأسر التي تنتظر منذ سنوات عودة ذويها من السجون ومراكز الاحتجاز.

ويشمل الاتفاق الإفراج عن نحو 2900 محتجز ومختطف لدى طرفي الصراع، في خطوة وُصفت بأنها الأكبر منذ سنوات، وتتقدمها قضية السياسي البارز محمد قحطان، المشمول بقرار صادر عن مجلس الأمن الدولي، ما منح الاتفاق بُعداً سياسياً وإنسانياً في آن واحد، ورفع سقف التوقعات بشأن إمكانية تحويله إلى مدخل لإجراءات بناء ثقة أوسع.

وفي هذا السياق، استقبل رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الخميس، رشاد العليمي، الوفد الحكومي المفاوض المعني بملف المحتجزين، برئاسة عضو مجلس الشورى هادي هيج، حيث استمع إلى إحاطة حول نتائج الجولة الأخيرة من المفاوضات مع الجماعة الحوثية، والمسار الذي قاد إلى توقيع الاتفاق في مسقط.

العليمي يستقبل في الرياض الوفد الحكومي المفاوض بخصوص الأسرى والمحتجزين (سبأ)

وأشاد العليمي بنتائج المفاوضات، عادّاً أن الاتفاق يمثل خطوة إنسانية مهمة، من شأنها التخفيف من معاناة آلاف الأسر اليمنية التي عاشت لسنوات على وقع الغياب والانتظار.

وأكد أن مجلس القيادة الرئاسي والحكومة يضعان ملف المحتجزين وحماية المدنيين ولمّ شمل الأسر ضمن أولويات ثابتة، بوصفها مسؤولية أخلاقية ووطنية لا تقبل المساومة.

كما ثمّن الجهود التي بذلها الفريق الحكومي المفاوض، والدور الذي لعبته السعودية وعمان، إلى جانب الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر، مؤكداً أن هذه المساعي أسهمت في كسر جمود أحد أكثر الملفات تعقيداً في الأزمة اليمنية.

وشدّد رئيس مجلس القيادة اليمني على أن الحكومة لن تدخر جهداً في سبيل الإفراج عن جميع المحتجزين والمختطفين والمخفيين قسراً في سجون الحوثيين، داعياً إلى الالتزام بقاعدة «الكل مقابل الكل» دون انتقائية أو شروط، ومطالباً المجتمع الدولي بممارسة أقصى الضغوط لضمان تنفيذ الاتفاق، وإنهاء الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة بالقوة.

بين الأمل والشك

أثار الإعلان عن الاتفاق حالة من التفاؤل الحذر في أوساط سكان العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى، الذين أنهكتهم سنوات الحرب والانقلاب، وما خلّفته من أزمات إنسانية متفاقمة، يتصدرها ملف المحتجزين.

ويرى سكان تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» أن الاتفاق، في حال تنفيذه الكامل دون عراقيل أو تمييز، قد يخفف من معاناة آلاف الأسر، مؤكدين أن ملف الأسرى يُعد من أكثر الملفات إيلاماً في الصراع، حيث لا تكاد تخلو أسرة من قصة احتجاز أو اختفاء قسري.

أسرى يمنيون أفرج عنهم سابقاً على متن طائرة دولية في مطار مأرب (رويترز)

ويقول سامي (اسم مستعار)، وهو عامل بالأجر اليومي من حي مذبح بصنعاء، إن الاتفاق يُنظر إليه بعيداً عن الحسابات السياسية، بوصفه «فرصة حقيقية لعودة آباء وإخوة وأبناء غابوا عن أسرهم لسنوات». لكنه في الوقت ذاته يُبدي تشككه في مدى التزام الجماعة الحوثية، في ظل تجارب سابقة لم تُنفذ كما أُعلن عنها.

من جانبه، يؤكد «أبو عبد الله»، وهو مدرس حكومي في ريف صنعاء، أن أي خطوة تعيد إنساناً إلى عائلته «تستحق الترحيب والدعم»، معبّراً عن أمله في أن يكون الاتفاق بداية لمعالجة بقية الملفات الإنسانية العالقة، وفي مقدمتها رواتب الموظفين وفتح الطرقات.

أسر تنتظر

تعكس شهادات ذوي المحتجزين في صنعاء مشاعر مختلطة بين الأمل والخوف من تكرار خيبات سابقة. تقول أم خالد، والدة أحد المحتجزين منذ تسعة أعوام، إن الأسر «سمعت كثيراً عن اتفاقات لم ترَ النور»، مطالبة بضمانات أممية حقيقية تضمن تنفيذ ما تم التوافق عليه.

أما سامية، زوجة أحد المحتجزين، فتشير إلى أن المعاناة لا تقتصر على غياب المعيل، بل تمتد إلى ضغوط نفسية واقتصادية قاسية، مؤكدة أن الأطفال «كبروا وهم محرومون من آبائهم»، وأن الأسر لم تعد تحتمل مزيداً من الوعود.

اجتماع يمني سابق في عمان بشأن الأسرى والمعتقلين (الأمم المتحدة)

ويرى مراقبون أن اتفاق مسقط جاء في ظل ضغوط دولية كبيرة لدفع الأطراف اليمنية نحو خطوات بناء ثقة، في وقت لا يزال فيه المسار السياسي الشامل متعثراً.

ويجمع المراقبون الحقوقيون على أن نجاح الاتفاق قد يخفف من حدة التوتر، ويفتح نافذة أمل في جدار الأزمة اليمنية الممتدة منذ أكثر من أحد عشر عاماً، شرط أن يُترجم الاتفاق إلى أفعال لا بيانات.


الرياض ترسم مسار التهدئة شرق اليمن... «الخروج السلس والعاجل للانتقالي»

لوحة في عدن تعرض صورة عيدروس الزبيدي رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي» الداعي للانفصال (رويترز)
لوحة في عدن تعرض صورة عيدروس الزبيدي رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي» الداعي للانفصال (رويترز)
TT

الرياض ترسم مسار التهدئة شرق اليمن... «الخروج السلس والعاجل للانتقالي»

لوحة في عدن تعرض صورة عيدروس الزبيدي رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي» الداعي للانفصال (رويترز)
لوحة في عدن تعرض صورة عيدروس الزبيدي رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي» الداعي للانفصال (رويترز)

على وقع الإجراءات الأحادية لقوات «المجلس الانتقالي الجنوبي» في المحافظات الشرقية لليمن، جاء البيان الصادر عن وزارة الخارجية السعودية، الخميس، ليُشكل نقطة ارتكاز حاسمة في مسار احتواء التصعيد، وتثبيت مرجعية الدولة اليمنية، وحماية مركزها القانوني؛ حيث حدّد مسار التهدئة بانسحاب قوات «الانتقالي» من حضرموت والمهرة وتسليم المواقع لقوات «درع الوطن».

البيان السعودي، الذي حظي بترحيب من رئيس «مجلس القيادة الرئاسي» الدكتور رشاد العليمي والحكومة اليمنية، وضع إطاراً عملياً لمعالجة الأزمة، مستنداً إلى الشراكة مع الإمارات في «تحالف دعم الشرعية»، وإلى مرجعيات اتفاق الرياض، وإعلان نقل السلطة، مع تأكيده أن أي معالجة لـ«القضية الجنوبية» لا يمكن أن تتم خارج الحل السياسي الشامل، أو عبر فرض أمر واقع بالقوة.

أكدت السعودية في بيانها دعمها الكامل لرئيس «مجلس القيادة الرئاسي» وأعضاء المجلس والحكومة اليمنية، لتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية والسلام في اليمن، مشددة على أن التحركات العسكرية التي شهدتها محافظتا حضرموت والمهرة تمت بشكل أحادي ودون موافقة «مجلس القيادة الرئاسي» أو التنسيق مع قيادة التحالف، الأمر الذي أدّى إلى تصعيد غير مبرر أضر بمصالح الشعب اليمني، وبالقضية الجنوبية نفسها، وبجهود التحالف العربي.

موالون لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي» خلال حشد في مدينة عدن (رويترز)

وأوضحت وزارة الخارجية السعودية أن المملكة آثرت خلال الفترة الماضية التركيز على وحدة الصف، وبذل كل الجهود للتوصل إلى حلول سلمية لمعالجة الأوضاع في المحافظتين، في إطار حرصها على تجنيب اليمن مزيداً من التوترات التي قد تنعكس سلباً على مسار السلام الهش.

وفي هذا السياق، كشفت الرياض عن تحرك عملي لاحتواء الموقف، من خلال العمل المشترك مع الإمارات، ورئيس مجلس القيادة الرئاسي، والحكومة اليمنية؛ حيث جرى إرسال فريق عسكري مشترك سعودي-إماراتي إلى عدن، لوضع الترتيبات اللازمة مع «المجلس الانتقالي الجنوبي»، بما يضمن عودة قواته إلى مواقعها السابقة خارج المحافظتين، وتسليم المعسكرات لقوات «درع الوطن» والسلطات المحلية، وفق إجراءات منظمة وتحت إشراف قوات التحالف.

وشدّد البيان على أن الجهود متواصلة لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه، مع التعويل على تغليب المصلحة العامة، ومبادرة المجلس الانتقالي بإنهاء التصعيد والخروج السلس والعاجل من حضرموت والمهرة، بما يحفظ السلم المجتمعي، ويمنع الانزلاق نحو مسارات غير محسوبة.

ترحيب رئاسي وحكومي

وجدد العليمي في تدوينة على منصة «إكس» تقديره العالي للموقف الأخوي للسعودية، قيادةً وحكومةً وشعباً، إلى جانب الشعب اليمني وقيادته السياسية، مشيداً بجهودها الصادقة لخفض التصعيد في المحافظات الشرقية، وحماية المركز القانوني للدولة.

وأكّد العليمي التزام مجلس القيادة الرئاسي والحكومة بالشراكة الوثيقة مع السعودية على مختلف المستويات، والعمل المشترك لتوحيد الصف الوطني، بما يُحقق تطلعات اليمنيين في استعادة مؤسسات الدولة، وتحقيق الأمن والاستقرار والسلام.

جنود موالون لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي» في اليمن يحرسون محيط القصر الرئاسي في عدن (رويترز)

من جانبها، رحّبت الحكومة اليمنية بالبيان السعودي، وعدّته موقفاً واضحاً ومسؤولاً إزاء التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة، مثمنة الدور القيادي الذي تضطلع به المملكة، بالتنسيق مع دولة الإمارات العربية المتحدة، لدعم مسار التهدئة ومعالجة الأوضاع بروح الشراكة والمسؤولية.

وأكدت الحكومة اليمنية أن استقرار حضرموت والمهرة، وسلامة نسيجهما الاجتماعي، يُمثلان أولوية وطنية قصوى، محذرة من أن أي تحركات أمنية أو عسكرية خارج الأطر الدستورية والمؤسسية، ودون تنسيق مع مجلس القيادة والحكومة والسلطات المحلية، تشكل عامل توتير مرفوضاً، وتحمّل البلاد أعباء إضافية في ظرف بالغ الحساسية.

إجماع حزبي

في موازاة المواقف الرسمية، أصدرت الأحزاب والمكونات السياسية اليمنية بياناً مشتركاً استنكرت فيه الخطوات التصعيدية الخطيرة، سواء من قبل «المجلس الانتقالي الجنوبي» أو من بعض الوزراء والمحافظين الذين أعلنوا تأييدهم للإجراءات الأحادية، عادّة ذلك خروجاً صريحاً على الشرعية الدستورية، وإعلان نقل السلطة، ومرجعيات الحل السياسي المتوافق عليها وطنياً ودولياً.

وأكدت الأحزاب أن فرض مشروع سياسي بالقوة، وتقويض سلطة الدولة، يُمثل نكوصاً خطيراً عن الوفاق الوطني، وضرباً لأسس الشراكة، وإضعافاً مباشراً لوحدة القرار السيادي، ويمنح جماعة الحوثي فرصاً إضافية لإطالة أمد الحرب وتعقيد مسار السلام.

قوات تابعة لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي» في منطقة جبلية بمحافظة أبين (رويترز)

وأشادت الأحزاب بالموقف السعودي الداعم للشرعية الدستورية ووحدة اليمن أرضاً وإنساناً، وبجهود المملكة لمنع الفوضى في المحافظات الشرقية، كما رحّبت ببيان مجلس الأمن الدولي الذي دعا إلى خفض التصعيد، وبموقف الاتحاد الأوروبي الداعم لوحدة اليمن وسيادته.

على المستوى الحزبي الفردي، أكّد حزب «المؤتمر الشعبي العام» -جناح الخارج- أن المرحلة الراهنة شديدة الحساسية، وتتطلب اصطفافاً وطنياً حقيقياً، محذّراً من أن أي خطوات انفرادية لفرض أمر واقع لا تخدم قضية الجنوب ولا معركة استعادة الدولة، بل تصب في مصلحة الانقلاب الحوثي، وتُهدد الأمن القومي العربي.

ودعا جناح الحزب في الخارج جميع الأطراف إلى التراجع عن الإجراءات الأحادية، وتغليب الحوار، ولمّ الشمل، وتوحيد الجهود لمواجهة العدو المشترك، مع تأكيد أن القضايا الوطنية لا تُحل بالقوة أو الإكراه، بل بالحوار والتوافق.

الحوثيون المدعومون من إيران يتربصون بالحكومة الشرعية والمناطق المحررة (إ.ب.أ)

بدوره، شدد «الحزب الاشتراكي اليمني» على تمسكه بوحدة الحكومة واتفاق الرياض، ورفضه أي إجراءات تقوض التوافق الوطني، محذّراً من أن الزج بالحكومة في حالة الاستقطاب السياسي سيقود إلى العجز والشلل، وينعكس سلباً على حياة المواطنين ومعيشتهم.

وأكد الحزب أن حكومة الشراكة الوطنية تُمثل المنجز الأبرز لاتفاق الرياض، وأن الحفاظ على وحدتها شرط أساسي لمواجهة التمرد الحوثي ومشروعات التفكيك، داعياً إلى إنهاء الاحتقان داخل مؤسسات الدولة، واستعادة وحدة القرار السياسي والعسكري.

ويجمع سياسيون يمنيون على أن الرسالة السعودية حملت توازناً دقيقاً بين دعم الشرعية، واحترام خصوصية القضية الجنوبية، والتحذير من الانزلاق نحو مسارات قد تعصف بالسلم المجتمعي، وتبدد ما تبقى من فرص السلام، في وقت لا تزال فيه البلاد تخوض معركة وجودية ضد الجماعة الحوثية والتنظيمات المتخاصمة معها.