مطار صنعاء... بوابة حوثية لابتزاز المسافرين

التذاكر بضعف السعر المعتمد

كل خطوة للتخفيف عن المدنيين حوّلها الحوثيون إلى معاناة مضاعفة (إعلام حوثي)
كل خطوة للتخفيف عن المدنيين حوّلها الحوثيون إلى معاناة مضاعفة (إعلام حوثي)
TT

مطار صنعاء... بوابة حوثية لابتزاز المسافرين

كل خطوة للتخفيف عن المدنيين حوّلها الحوثيون إلى معاناة مضاعفة (إعلام حوثي)
كل خطوة للتخفيف عن المدنيين حوّلها الحوثيون إلى معاناة مضاعفة (إعلام حوثي)

إذا ما قررت السفر عبر مطار صنعاء الخاضع لسيطرة الميليشيات الحوثية، فإن عليك قضاء أكثر من نصف نهار فيه حتى تستكمل إجراءات سفرك، ليس لأن المطار مزدحم بالمسافرين، ولكن لأنه تحول إلى محطة حوثية لاصطياد وإذلال السياسيين والناشطين من الجنسين الذين ينظر لهم بارتياب وفق ما أفاد به لـ«الشرق الأوسط» ستة من المسافرين.

المسافرون الذين غادروا اليمن خلال الشهرين الأخيرين عبر المطار ذكروا أن معاناة السفر تبدأ بالحصول على مقعد من مكاتب «طيران اليمنية» في مناطق سيطرة الميليشيات، حيث حصرت الجماعة إجراءات الحجز عبر غرفة خاصة تديرها خلية من جهاز مخابراتها الداخلي (الأمن الوقائي) الذي أسسته ميليشيات «حزب الله».

وتتحكم هذه الخلية، وفق المصادر، في عدد المقاعد وهوية الأشخاص الذين يحصلون على الحجز من صنعاء إلى العاصمة الأردنية، أو على رحلات العودة من هناك للقادمين من بلدان أخرى عبر الأردن.

أول طائرة للخطوط اليمنية تغادر إلى عمان بعد استئناف الرحلات من صنعاء (أ.ب)

ويذكر المسافرون أن سعر تذكرة السفر من صنعاء يزيد على سعرها في مناطق سيطرة الحكومة بمقدار الضعف، حيث تباع بسعر 500 دولار في مناطق سيطرة الحكومة، لكنها تباع بسعر 800 دولار في مناطق سيطرة الميليشيات التي استغلت حاجة الناس للسفر وعدم قدرتهم على تحمل السفر براً إلى مناطق سيطرة الحكومة التي يتم قطعها بالسيارة خلال 12 ساعة، بينما تقطعها حافلات الركاب في 18 ساعة على أقل تقدير.

ووفق رواية هؤلاء وتأكيد الكثير من السكان في صنعاء، فإنه وعند ذهاب الشخص إلى مكتب شركة الطيران لشراء تذكرة، يبلغك الموظفون أن جميع المقاعد محجوزة، إلا أنه وعند مغادرتك المكتب وعند البوابة يأتي السماسرة ليعرضوا عليك أي عدد من المقاعد في مقابل رشوة بمائة دولار عن كل مقعد.

رشاوى واستغلال

مسافر آخر ذكر لـ«الشرق الأوسط»، أنه عند العودة يفرض عليهم دفع مبالغ إضافية على سعر تذكرة السفر تصل إلى 150 دولاراً بحجة عدم وجود مقعد بالدرجة نفسها التي حجز عليها عند المغادرة، مع أنه يتم الحجز ذهاباً وعودة.

وتؤكد المصادر أن ميليشيات الحوثي استغلت أوضاع المسافرين إلى الخارج، سواء للعلاج أو الدراسة أو العودة لأعمالهم، وعدم قدرتهم على تحمل الطريق البرية إلى عدن، التي تحتاج إلى 12 ساعة لقطعها إلى جانب إيجار سيارات النقل، التي تصل إلى 600 دولار ذهاباً وإياباً، وفتحت الباب واسعاً أمام بيع المقاعد في السوق السوداء.

وطبقاً لما ذكره عاملون في قطاع السفر، فإن كثيراً من المغتربين اليمنيين في الولايات المتحدة وبريطانيا، يفضلون زيارة مناطقهم الأصلية بالوصول مباشرة إلى مطار صنعاء عبر الأردن، لكنهم يخضعون للابتزاز ويضطرون لدفع رشاوى للحصول على مقاعد، حيث يتجاوز سعر المقعد الواحد 1200 دولار أميركي.

رشاوى للحصول على مقعد للسفر ومضاعفة أسعار التذاكر (إعلام حوثي)

وتؤكد المصادر أن حصر عملية الحجز على عدد محدد من الموظفين فتح باباً واسعاً للسمسرة، وأن هؤلاء السماسرة أصبحوا يتحكمون بالحصول على مقعد وتأكيده وتقديمه أو تأخيره، وأن هذه العملية تسببت في بقاء عشرات من المسافرين الذين لا يدفعون رشاوى في مطار عمان لعدة أيام لأنهم يصلون إلى هناك ويفاجأون بأن حجوزاتهم قد حولت على رحلات أخرى.

ويقول اثنان من العاملين في قطاع السفر، إن ميليشيات الحوثي التي فرضت أحد عناصرها للعمل نائباً لرئيس مجلس إدارة الخطوط الجوية اليمنية أغلقت شبكة الحجز على جميع الرحلات من مناطقها على عدد محدد من مكاتب الشركة التي تعمل تحت إدارة خلية مخابراتية، ولا يمكن لأي شركة سفريات الوصول إليها، فيما تعمل وكالات السفر والسياحة في مناطق سيطرة الحكومة بكل سهولة ويسر.

ساحة استقبال الواصلين تحولت في ظل الحوثيين إلى مكان لمضغ نبتة القات (فيسبوك)

التساهل الحكومي تجاه قرار الحوثيين دون غيرهم التحكم في حجز مقاعد الرحلات، وإغلاق الشبكة حتى أمام مكاتب الخطوط الجوية اليمنية في مناطق سيطرة الحكومة، شجع الميليشيات على فرض المزيد من القيود على إصدار تذاكر السفر، وجعلهم يتحكمون أكثر بقوائم المسموح لهم بالسفر، في حالة تعيد إلى الأذهان القيود التي تفرض في الدول الشمولية مثل كوريا الشمالية، وفقاً للمصادر ذاتها.

وكانت الميليشيات استولت على ملايين الدولارات من أرصدة الشركة في صنعاء، وتراجعت قيادة الشركة في المناطق المحررة عن قرار إغلاق باب الحجز من مناطق سيطرة الحوثيين.

خلية استخبارات

تحدث المسافرون جميعهم عن أن مكتب الطيران طلب منهم الحضور إلى المطار قبل موعد الرحلة بأكثر من 6 ساعات لضمان استكمال إجراءات سفرهم في الموعد المحدد وعدم مصادرة مقاعدهم في الطائرة، في حين أن الشركة نفسها تطلب من المسافرين عبر المطارات الخاضعة لسيطرة الحكومة الحضور قبل ثلاث إلى أربع ساعات في أقصى الحدود وكما هو معمول به في معظم بلدان العالم.

مبادرة الحكومة اليمنية والتحالف بنقل الحجاج من صنعاء جواً لم تسلم من استغلال الميليشيات (إعلام حوثي)

وقال مسافرون إنه وعند إتمام إجراءات سفرهم في مطار صنعاء، فإنه وباستثناء عناصر ميليشيات الحوثي وأنصارهم، يخضع الجميع للاستجواب من عناصر المخابرات قبل منحهم تأشيرة المغادرة.

ويتم إحالة المسافرين من السياسيين أو الناشطين أو النساء إلى غرفة خاصة، وهناك يتم استجوابهم عن أسباب سفرهم، وعن المدة التي سيقضونها في الخارج، ويطلبون منهم إظهار الوثائق التي تثبت أقوالهم، فإذا كانوا مسافرين للعلاج فإنهم مطالبون بإحضار وثائق الحجز لدى الطبيب أو المستشفى الذي يفترض أن يذهبوا للعلاج فيه إلى جانب تقارير طبية محلية تؤكد حاجتهم لذلك، طبقاً للمصادر التي ذكرت أيضاً أن السياسيين أو الناشطين ملزمون بتسليم كل الوثائق التي تؤكد وجهتهم وطبيعة المهمة التي سيذهبون من أجلها، وكذلك الأمر فيما يخص العاملين لدى منظمات أو شركات محلية أو دولية، أو دعوة المشاركة في فعالية تنظمها جهة لا ثير حفيظة الميليشيات.

كما يطلب منهم تبيان نوعية المداخلات أو القضايا التي سيناقشونها خلال وجودهم في الخارج، وأن هؤلاء يخضعون لاستجواب مماثل عند عودتهم، وفق تأكيد المصادر التي بينت أن الميليشيات جندت طلبة أو موظفين لدى منظمات دولية في البلدان التي تشهد أنشطة أو لقاءات للفاعلين اليمنيين، وأن هؤلاء يقومون بإرسال تقارير عن مشاركة هؤلاء الأشخاص وما صدر عنهم من مواقف.


مقالات ذات صلة

اتفاق يمني على التهدئة يمهّد لمفاوضات اقتصادية

المشرق العربي المقر الرئيسي للبنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)

اتفاق يمني على التهدئة يمهّد لمفاوضات اقتصادية

اتفقت الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية على تدابير للتهدئة وخفض التصعيد الاقتصادي بينهما تمهيداً لمحادثات اقتصادية شاملة بين الطرفين، حسب بيان لمكتب المبعوث.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي رغم اهتراء العملة في مناطق سيطرة الحوثيين فإنهم رفضوا تداول العملة الشرعية الصادرة من عدن (إ.ب.أ)

خفض تصعيد بين الحكومة اليمنية والحوثيين يمهد لمحادثات اقتصادية شاملة

اتفقت الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية على تدابير لخفض التصعيد الاقتصادي بينهما، فيما يتعلق بالمصارف والخطوط الجوية اليمنية، تمهيداً لمحادثات اقتصادية شاملة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أسرة يمنية فقيرة في مدينة الحديدة التي تعاني أزمات معيشية عميقة (أرشيفية - رويترز)

مخاوف يمنية من التبعات الإنسانية جراء التصعيد الحوثي الإسرائيلي

يخشى اليمنيون من أن يؤدي التصعيد بين الحوثيين وإسرائيل إلى مفاقمة الأوضاع الإنسانية المتدهورة واشتداد قبضة الجماعة القمعية ضد السكان تحت مزاعم مواجهة التجسس.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون في صنعاء خلال حشد دعا له زعيمهم (رويترز)

الحوثيون يفرضون الموافقة المسبقة على أسماء موظفي المنظمات الدولية

فرض الحوثيون موافقتهم المسبقة للالتحاق بالعمل لدى المنظمات الإنسانية الدولية والوكالات الأممية في مناطق سيطرتهم، وهو ما يعني مزيداً من القيود على العمل الإغاثي.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي حزم من الأوراق النقدية التي أصدرتها الحكومة اليمنية في مقر البنك المركزي اليمني في عدن (رويترز)

الحكومة اليمنية: خفض التصعيد مع الحوثيين لتخفيف المعاناة الإنسانية

أكدت الحكومة اليمنية أن اتفاق خفض التصعيد الاقتصادي مع الحوثيين جاء لتخفيف المعاناة الإنسانية الصعبة وأشادت بالجهدين السعودي والإماراتي لإبرام الاتفاق.

علي ربيع (عدن)

الإفراج عن عشرات المحبوسين بمصر عشية استئناف «الحوار الوطني»

الأهل والأصحاب يستقبلون ناشطاً مصرياً فور إطلاق سراحه قبل أشهر (أرشيفية)
الأهل والأصحاب يستقبلون ناشطاً مصرياً فور إطلاق سراحه قبل أشهر (أرشيفية)
TT

الإفراج عن عشرات المحبوسين بمصر عشية استئناف «الحوار الوطني»

الأهل والأصحاب يستقبلون ناشطاً مصرياً فور إطلاق سراحه قبل أشهر (أرشيفية)
الأهل والأصحاب يستقبلون ناشطاً مصرياً فور إطلاق سراحه قبل أشهر (أرشيفية)

عشية استئناف جلسات «الحوار الوطني» بمصر، أخلتْ السلطات المصرية، الاثنين، سبيل 79 متهماً محبوسين على ذمة قضايا، في خطوة قُوبلت بـ«ترحيب» قوى سياسية وحزبية.

ونشر محامون وحقوقيون قائمة بأسماء المفرج عنهم، فيما عدَّ بيان لمجلس أمناء «الحوار الوطني» الإفراج عن الـ79 «استجابة» لمناشدات سابقة وخطوة من شأنها «توفير أجواء إيجابية لنجاح الحوار».

ويناقش «الحوار الوطني»، الذي انطلق مطلع مايو (أيار) 2023 بدعوة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في جلسة مخصصة، يعقدها الثلاثاء، ملف «الحبس الاحتياطي»، كونه على رأس قضايا الحريات وحقوق الإنسان.

وعدَّ بيان لـ«مجلس الأمناء» أن الإفراج عن 79 من المحبوسين، عشية الجلسة، يؤكد «اهتمام الرئيس السيسي بهذا الملف»، مثمناً «حرصه على معالجة إشكاليات الحبس الاحتياطي، وإحالة هذا الملف للقائمين على الحوار الوطني».

وعدّت «تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين» قرار إخلاء سبيل 79 متهماً «انفراجة في ذلك الملف»، مطالبة في بيان بـ«تعديل قانون الإجراءات الجنائية للعمل على حل إشكالية الحبس الاحتياطي بما يضمن أن يبقى مجرد إجراء احترازي، ولا يتحول إلى عقوبة طبقاً لما نص عليه الدستور المصري».

ويطالب حقوقيون وسياسيون مصريون بتحديد سقف زمني للحبس الاحتياطي، وإيجاد بدائل له، في ضوء اتهامات بـ«تجاوز سجناء المدة القانونية للحبس».

وقال البرلماني حازم الجندي، عضو مجلس «الشيوخ»، وعضو الهيئة العليا لحزب «الوفد»، إن الإفراج عن بعض المحبوسين «يعطي مزيداً من الأمل والتفاؤل بخروج دفعات متتالية من المحبوسين وإعادة النظر في العديد من الحالات التي توجد بالسجون على ذمة قضايا».

وتتضمن محاور جلسة «الحوار الوطني»، «تقليص مدة الحبس الاحتياطي، وبدائله، وموقف الحبس الاحتياطي حال تعدّد الجرائم، والتعويض عن الحبس الخاطئ، وتدابير منع السفر».

وتعهّد مجلس الأمناء، في بيان سابق، بأن تكون جلسات مناقشة ملف الحبس الاحتياطي «متنوعة ومتخصّصة»، مع إرسال التوصيات إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي مصحوبة بـ«قائمة تتضمن عدداً من المحبوسين» للإفراج عنهم.

وفي مارس (آذار) الماضي، ناقش مجلس النواب المصري مشروع قانون بتعديلات تشريعية لتقليص مدد «الحبس الاحتياطي»، تضمّنت التعديلات المقترحة وضع حد أقصى لمدة الحبس الاحتياطي، وتنظيم حالات التعويض عنه؛ تحقيقاً للغاية من كونه «تدبيراً احترازياً»، وليس «عقوبة»، وتقليص مدة الحبس الاحتياطي، لتصبح في قضايا الجنح 4 أشهر بدلاً من 6 أشهر، وفي الجنايات 12 شهراً بدلاً من 18 شهراً في القانون الحالي، وأيضاً 18 شهراً بدلاً من عامين، إذا كانت العقوبة المقرّرة للجريمة السجن المؤبّد أو الإعدام.

في المقابل، قال موقع «المنصة» الإعلامي، الاثنين، على صفحته بـ«فيسبوك»، إن «السلطات الأمنية أوقفت رسام الكاريكاتير بالموقع الصحافي أشرف عمر»، وهو ما أدانته لجنة الحريات بنقابة الصحافيين المصرية، مطالبة «بالكشف عن ملابسات القبض عليه والإفراج الفوري عنه».