عزوف عن الالتحاق بالجامعات اليمنية الخاضعة للانقلابيين

بسبب أعمال التطييف وتوقف الرواتب وانهيار مستوى التعليم

صور قتلى تملأ قاعة احتفال نظمه الحوثيون في جامعة ذمار (تويتر)
صور قتلى تملأ قاعة احتفال نظمه الحوثيون في جامعة ذمار (تويتر)
TT

عزوف عن الالتحاق بالجامعات اليمنية الخاضعة للانقلابيين

صور قتلى تملأ قاعة احتفال نظمه الحوثيون في جامعة ذمار (تويتر)
صور قتلى تملأ قاعة احتفال نظمه الحوثيون في جامعة ذمار (تويتر)

أكدت مصادر أكاديمية يمنية أن آلافاً من خريجي الثانوية العامة في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية يعزفون عن الالتحاق بالجامعات الحكومية، ما يهدد بإغلاق عشرات الأقسام، حيث تتهم الميليشيات بالتسبب في انهيار التعليم جراء توقف الرواتب وتحويل الجامعات إلى منصات للتطييف والاستقطاب الفكري.

وأوضحت المصادر أن ممارسات الميليشيات تهدد حالياً عشرات الكليات والأقسام التخصصية في جامعات حكومية بالإغلاق، بفعل توقف الدارسين عن إكمال تعليمهم فيها، وعزوف خريجي الثانوية عن الالتحاق بها.

وكشف أكاديمي في جامعة ذمار التي طالها ومنتسبيها في الفترات السابقة تعسفات بالجملة، أن كليات الجامعة باتت اليوم على وشك الإغلاق بعد عزوف خريجي الثانوية عن التسجيل في أقسامها المختلفة.

جانب من فعالية طائفية نظمها انقلابيو اليمن في جامعة ذمار (إعلام حوثي)

وذكر أستاذ الأدب والنقد المشارك في جامعة ذمار، عبد الله صلاح، أن كلية الطب شهدت تمديد فترة التنسيق وتأجيل موعد اختبارات المفاضلة، وهي أول مرة تحصل في تاريخ الجامعة. مرجعاً السبب إلى ضعف الإقبال على التسجيل.

وقال صلاح ، في منشور على «فيسبوك»، إن الكليات الأخرى في الجامعة في طريقها إلى الإغلاق، رغم أن تسجيل القبول فيها لا يزال مفتوحاً، وبأي نسبة، ومن دون أي اختبارات. مشيراً إلى أن استمرار وقف صرف المرتبات يعد سياسة ممنهجة تهدف إلى قتل إرادة الشباب ونزع رغبتهم نحو التعليم، لافتاً إلى أن عزوف خريجي الثانوية عن مواصلة التعليم الجامعي ما هو إلا ثمرة من ثمرات سياسة وقف المرتبات.

رفض للأدلجة

يفضل «موسى ع»، وهو اسم مستعار لخريج ثانوية عامة من ذمار، اللجوء للاغتراب خارج الوطن بحثاً عن لقمة العيش له ولأسرته ، بدلاً من مواصلة التعليم الجامعي والتسجيل في جامعة تخضع للأدلجة وكامل السيطرة الحوثية.

ويقول موسى لـ«الشرق الأوسط»: «لم يعد هناك تعليم جامعي حقيقي يمكن للطالب أن يستفيد منه ويترجمه بعد استكمال مراحل تعليمه الجامعي على أرض الواقع».

ويضيف: «من الصعب جداً مواصلة التعليم الجامعي في جامعات يديرها أتباع الميليشيات، حيث الأفكار المشبعة بالعنف والقتل والطائفية».

واتهم موسى الجماعة بأنها أتت منذ الانقلاب بجرائمها وفسادها وعبثها وتدميرها الممنهج لكل ما له علاقة بالعلم والتنوير، بغية خلق جيل مشوش ومشبع بثقافة العنف والقتل وتمجيد الأفكار السلالية.

يمني يمضغ نبتة القات المخدرة خلال مناسبة اجتماعية في صنعاء (إ.ب.أ)

ويتفق سمير مع موسى، ويؤكد في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أنه توقف العام الفائت عن مواصلة الدراسة في جامعة ذمار الحكومية، وانتقل إلى أخرى أهلية نتيجة ما وصفه بـ«الاستهداف الحوثي الممنهج للجامعة ومنتسبيها، تارة بالابتزاز والفساد وإيقاف التعليم، وأخرى بالتعبئة والتجنيد الإجباري والدورات التعبوية».

تخفيض نسب القبول

سبق أن حددت وزارة التعليم العالي بحكومة الانقلابيين غير المعترف بها في منتصف مايو (أيار) الماضي، نسبة 85 في المائة للنظام العام للقبول بكليات الطب في الجامعات تحت سيطرة الميليشيات، ونسبة 80 في المائة للنظام الموازي.

كما أعلنت جامعة ذمار الخاضعة للانقلاب عن فتح باب القبول والتسجيل للعام الجامعي (2023 - 2024). ووفقاً للمصادر، فإنه منذ ذلك الحين ما تزال الجامعة تمدد فترة التنسيق نتيجة ضعف إقبال الطلاب.

وعاودت ذات الجامعة قبل عدة أيام الإعلان عن تمديد مواعيد التنسيق إلى منتصف الشهر الحالي في جميع الأقسام الأخرى، وتأجيل اختبارات المفاضلة، وتخفيض معدلات القبول في النظامين العام والموازي.

وبهدف استقبال طلاب جدد للتسجيل في الجامعة، عمدت إدارة جامعة ذمار الموالية للجماعة إلى خفض نسب القبول في بعض الكليات إلى 50 في المائة، وألغت اختبارات القبول ببعض الأقسام. كما أعلنت عن قبولها تسجيل خريجي الثانوية للأعوام الدراسية القديمة.

قافلة متنوعة سيّرها قادة الحوثيين في جامعة ذمار لمقاتليهم (إعلام حوثي)

وتجاهلت الميليشيات في الجامعة الحديث عن أي تخفيض في رسوم الدراسة يراعي الظروف المتدهورة لليمنيين، ومنها رسوم الدراسات العليا في كلية الطب البشري التي سبق للميليشيات زيادتها في أغسطس (آب) العام الماضي إلى 27 ألف دولار أميركي عن أعوام الدراسة الستة، مشترطة دفع الطالب كامل المبلغ لدى تقدمه للتسجيل. الأمر الذي أثار حينها موجة سخط كبيرة حيال التدهور الحاد الذي أصاب قطاع التعليم العالي بمناطق سيطرة الميليشيات.

ولا تعد جامعة ذمار الوحيدة التي اتخذت مثل تلك الإجراءات بعد ضعف إقبال الطلبة على التسجيل لديها، فقد اضطرت غالبية الجامعات الحكومية، التي تحكم الميليشيات السيطرة عليها، إلى نشر إعلانات مماثلة خلال الأيام الماضية بهدف وضع حد للتراجع الكبير في أعداد المتقدمين، تلافياً للإغلاق الذي يتهدد عشرات الكليات والأقسام والتخصصات.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يعلنون هجوماً ضد إسرائيل ويزعمون إسقاط مسيرة أميركية

العالم العربي صاروخ زعمت الجماعة الحوثية أنه «فرط صوتي» أطلقته باتجاه إسرائيل (إعلام حوثي)

الحوثيون يعلنون هجوماً ضد إسرائيل ويزعمون إسقاط مسيرة أميركية

تبنّت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، الجمعة، أولى هجماتها ضد إسرائيل منذ فوز ترمب بالرئاسة، كما زعمت إسقاط مسيّرة أميركية وأقرت بتلقي غارتين في الحديدة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون أجبروا مدنيين على الالتحاق بدورات عسكرية (فيسبوك)

فرار مجندين من المعسكرات الحوثية في صنعاء وريفها

شهدت معسكرات تدريب تابعة للجماعة الحوثية في العاصمة المختطفة صنعاء وريفها، خلال الأيام الأخيرة، فراراً للمئات من المجندين ممن جرى استقطابهم.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي رجل مؤيد للحوثين يحمل صاروخاً وهمياً خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

الحوثيون يستهدفون قاعدة عسكرية إسرائيلية بصاروخ فرط صوتي

كشف العميد يحيى سريع المتحدث العسكري باسم «الحوثيين» في اليمن، اليوم (الجمعة)، إن الجماعة استهدفت قاعدة نيفاتيم الجوية بجنوب إسرائيل بصاروخ.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)

«الوزراء اليمني» يناقش إنقاذ الاقتصاد في اجتماع استثنائي

عقدت الحكومة اليمنية اجتماعاً استثنائياً لمناقشة خطة إنقاذ اقتصادي تتوافق مع أولويتها وبرنامجها في الإصلاحات وإنهاء الانقلاب الحوثي واستكمال استعادة الدولة.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي 59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)

اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

كشف تقرير حديث عن أن حالات الكوليرا في اليمن ارتفعت إلى نحو 219 ألف حالة منذ مطلع العام الحالي، أغلب هذه الحالات تم تسجيلها في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)

اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
TT

اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)

كشف تقرير أممي حديث عن أن حالات الكوليرا في اليمن ارتفعت إلى نحو 219 ألف حالة منذ مطلع العام الحالي، أغلب هذه الحالات تم تسجيلها في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في حين استفاد أكثر من مليون شخص من خدمات توفير مياه الشرب النظيفة وخدمات الصرف الصحي المقدمة من الأمم المتحدة.

وأظهر تقرير مشترك صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة وكتلة المياه والصرف الصحي في اليمن، أنه تم الإبلاغ عن أكثر من 219 ألف حالة اشتباه بالإسهال المائي الحاد والكوليرا في معظم أنحاء البلاد خلال الفترة من 1 يناير (كانون الثاني) وحتى 20 أكتوبر (تشرين الأول)، وكانت أغلب هذه الحالات في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وتشكل ما نسبته أكثر من 80 في المائة من إجمالي الحالات المُبلَّغ عنها.

الحوثيون يواصلون التكتم على أعداد المصابين بالكوليرا (إعلام محلي)

وطبقاً لهذه البيانات، احتلت محافظة حجة قائمة المحافظات اليمنية في معدل حالات الإصابة بالوباء، حيث سُجل فيها نحو 35 ألف حالة، تلتها محافظة الحديدة بنحو 24 ألف حالة، ثم محافظة عمران التي سجلت 19 ألف حالة إصابة، ومن بعدها محافظتا إب وذمار بنحو 16 ألف حالة في كل واحدة منهما.

كما سجلت محافظة تعز 15 ألف حالة إصابة مشتبه بها، والعاصمة المختطفة صنعاء ومحافظتا الضالع والبيضاء بواقع 14 ألف إصابة في كل واحدة منها، في حين سجلت محافظة ريف صنعاء أكثر من 12 ألف إصابة، وسجلت محافظة صعدة المعقل الرئيسي للحوثيين 11 ألف إصابة، ومثل هذا العدد سُجل في محافظة المحويت الواقعة إلى الغرب من صنعاء، في حين سجلت بقية المحافظات 5 آلاف حالة.

وأظهر التقرير المشترك أن شركاء العمل الإنساني، وضمن جهود الاستجابة المشتركة لمواجهة تفشي وباء الكوليرا، تمكّنوا من الوصول إلى أكثر من مليون شخص بخدمات توفير المياه النظيفة والصرف الصحي ومستلزمات النظافة في 141 منطقة و128 موقعاً للنزوح الداخلي، منذ بداية العام.

شريان حياة

في تقرير آخر، أكد مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع أن الأحداث المناخية المتطرفة في اليمن خلقت عواقب مدمرة على المجتمعات الحضرية والريفية على حد سواء، وأن الطرق المقاومة للمناخ أصبحت شريان حياة للسكان، الذين يعانون بالفعل أزمة إنسانية مدمرة، حيث أدى مناخ البلاد شبه الجاف، إلى جانب الأحداث المناخية المتطرفة، إلى تفاقم نقاط الضعف القائمة.

وبيَّن المكتب أن تطوير البنية الأساسية المستدامة والمقاومة للمناخ والتي يمكنها تحمل الصدمات والضغوط المستقبلية بات أمراً ضرورياً لمعالجة الاحتياجات الهائلة للمجتمعات في جميع أنحاء البلاد.

الفيضانات ضاعفت معاناة سكان الريف في اليمن ودمَّرت طرقات وممتلكات (الأمم المتحدة)

وأوضح التقرير أنه من خلال مشروعين ممولين من قِبل مؤسسة التنمية الدولية التابعة للبنك الدولي، استجاب للتحديات الملحة المتمثلة في الأحداث المناخية المتطرفة المتزايدة الناجمة عن تغير المناخ في كل من المناطق الريفية والحضرية.

وذكر أن كثيراً من اليمنيين الذين يعتمدون على الزراعة في معيشتهم ومصدر غذائهم، أصبحوا أكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ، بما في ذلك ندرة المياه وأنماط هطول الأمطار غير المتوقعة وتآكل التربة، كما أن الفيضانات يمكن أن تقطع المجتمعات الريفية عن الخدمات الأساسية وتجعل من الصعب على المزارعين نقل منتجاتهم إلى الأسواق.

ولأن هذا المزيج، بحسب مكتب مشاريع الأمم المتحدة، أدى إلى انعدام الأمن الغذائي الشديد؛ فإن مكونات المشروع تستهدف إعادة تأهيل وتطوير 150 كيلومتراً من طرق الوصول الريفية، وبناء جسرين نموذجيين في مواقع استراتيجية ودعم صيانة 60 كيلومتراً من طرق الوصول إلى القرى و150 كيلومتراً من طرق الوصول الريفية من أجل ضمان الوصول الآمن والموثوق به إلى الأسواق والخدمات الاجتماعية والخدمات الأساسية للمجتمعات الريفية.

مشاريع الطرقات وفَّرت فرص عمل لعشرات الآلاف من اليمنيين (الأمم المتحدة)

ويركز المشروع على ترقية أسطح الطرق وتحسين الصرف واستخدام المواد الصديقة للمناخ، وإنشاء شبكة طرق يمكنها تحمُّل آثار تغير المناخ. بالإضافة إلى ذلك، يتم استخدام تقنيات تثبيت المنحدرات لمنع التآكل وحماية الطرق من الانهيارات الأرضية؛ مما يعزز مرونة البنية الأساسية الريفية.

ولتعزيز الاستدامة بشكل أكبر؛ يؤكد المكتب الأممي أنه يتم تنفيذ الأعمال من قِبل أكثر من 40 شركة محلية، وأن التدريب في بناء القدرات ونقل المعرفة ساعد حتى الآن في إيجاد نحو 400 ألف فرصة عمل، بما في ذلك 39 ألف فرصة للنساء.