انقلابيو اليمن يهاجمون سفراء غربيين لوّحوا بعزل الجماعة دولياً

جهود سلام متعثرة... ومخاوف من عودة التصعيد عسكرياً

مسلحون حوثيون بميدان السبعين في العاصمة اليمنية صنعاء (إ.ب.أ)
مسلحون حوثيون بميدان السبعين في العاصمة اليمنية صنعاء (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يهاجمون سفراء غربيين لوّحوا بعزل الجماعة دولياً

مسلحون حوثيون بميدان السبعين في العاصمة اليمنية صنعاء (إ.ب.أ)
مسلحون حوثيون بميدان السبعين في العاصمة اليمنية صنعاء (إ.ب.أ)

هاجمت الميليشيات الحوثية سفراء بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة لدى اليمن عقب بيان لهم انتقدوا فيه تعنت الجماعة ولوّحوا فيه بعزلها دولياً إذا ما اختارت التصعيد العسكري، في وقت تتصاعد فيه المخاوف من عودة الهجمات الميدانية استناداً إلى تحركات الجماعة لا سيما باتجاه جبهات تعز.

وفي ظل غياب أي مؤشرات للتوصل إلى اتفاق قريب لتجديد الهدنة الأممية وتوسيعها أو الشروع في مفاوضات شاملة نحو السلام، كان رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي أكد عدم وجود أي تقدم جراء الجهود الأممية والدولية والإقليمية، متهماً الجماعة بالمزايدة بالملفات الإنسانية والسعي إلى تكريس الفوضى وتجويع اليمنيين في كل المناطق.

الهجوم الحوثي على السفراء الثلاثة جاء في بيانات صادرة عما تسمى اللجنة الاقتصادية العليا التابعة للجماعة في صنعاء وعن وزارتها لحقوق الإنسان في حكومة الانقلاب، إضافة إلى تصريحات لنائب وزير خارجيتها حسين العزي.

وزعم بيان اللجنة الاقتصادية الحوثية أن بيان السفراء «أظهر استمرار أميركا وبريطانيا وفرنسا في المغالطات وقلب الحقائق، للتغطية على أعمالها العدائية»، وأن هذه الدول هي «رأس الحربة والعقل المدبر» للحرب على الجماعة، وهي التي «تعمل بشكل معلن لمنع أي جهود لصرف المرتبات».

عناصر حوثيون يشيعون في صنعاء قتلى لم يتم الإفصاح عن أماكن سقوطهم (رويترز)

وفي مسعى من الجماعة لتبرير هجماتها الإرهابية على موانئ تصدير النفط في حضرموت وشبوة، زعمت أن ذلك جاء لمنع «نهب الثروة السيادية»، وهو الغطاء الذي تروجه الجماعة لمساعيها للحصول على نصيب الأسد من عائدات النفط والغاز، على حساب الحكومة الشرعية التي باتت تواجه ظروفاً اقتصادية حادة جراء توقف تصدير الخام منذ نحو تسعة أشهر.

من جهته، رد القيادي الحوثي المشرف على «خارجية» الجماعة حسين العزي على بيان السفراء واتهمهم بأنهم منزعجون «لتوقف حصصهم المعتادة من سرقة الثروة اليمنية»، وفق زعمه، ملوّحاً بأن جماعته ستكرر هجماتها الإرهابية في حال استئناف تصدير النفط من قبل الحكومة الشرعية.

وادعى العزي وفق ما جاء في تغريدة له على «تويتر»، أن سفراء فرنسا وبريطانيا وأميركا منزعجون؛ لأن جماعته تمنع تصدير النفط والغاز، زاعماً أن الجماعة ستسمح بالتصدير «فور توفر آلية تضمن عوائدها لصالح الشعب اليمني»، في إشارة إلى ضمان حصول الميليشيات على النصيب الأكبر من العائدات.

وكان السفراء الثلاثة أكدوا في بيان أنهم على دراية بـ«تقديم حل للحوثيين بشأن القضية المعقدة والمهمة المتعلقة بالرواتب العامة»، وشددوا على «عدم وجود حل عسكري للصراع»، وعلى أنه «حان الوقت الآن لبدء محادثات نحو عملية سياسية».

رئيس الأركان اليمني يتفقد فرقة من قوات الجيش في مأرب (سبأ)

ودعا السفراء في بيانهم الحوثيين إلى التخلي نهائياً عن أي خيار عسكري. ولوّحوا بأن «أي عودة إلى الصراع ستؤدي إلى عزلهم التام من قبل المجتمع الدولي». وقالوا إنه «يجب رفع القيود المفروضة على حركة النساء، ولا سيما (العاملين) في المجال الإنساني والتنمية، في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون».

وأكد السفراء التزام دولهم بحل سياسي شامل للصراع في اليمن، ودعمهم الكامل للمبعوث الخاص للأمم المتحدة، والحكومة اليمنية، ودعم الجهود الرامية إلى إجراء محادثات يمنية - يمنية برعاية الأمم المتحدة ووقف شامل لإطلاق النار.

جهود متعثرة

اليأس اليمني الرسمي من تعنت الحوثيين وإصرارهم على استمرار المعاناة، عبّر عنه في أحدث التصريحات رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي في كلمة له لمناسبة عيد الأضحى خلال وجوده في حضرموت التي أنهى زيارته الأولى لها، الجمعة، عقب تدشينه نحو 20 مشروعاً بتمويل سعودي.

العليمي أكد أن «جهود السلام لم تحقق أي تقدم حتى الآن على مختلف المسارات» رغم الجهود الكبيرة والمخلصة من قبل السعودية والمبعوثين الأممي والأميركي.

واتهم رئيس مجلس الحكم اليمني الحوثيين المدعومين من إيران بأنهم «يغلبون مصالحهم دون اكتراث لمعاناة الملايين من اليمنيين في الداخل والخارج»، كاشفاً عن أن العائدات السنوية للميليشيات تصل إلى أكثر من أربعة مليارات دولار، مقارنة بمليار و200 مليون دولار للحكومة الشرعية.

وقال إن الميليشيا تواصل المزايدة بالأوضاع الإنسانية، وتبديد تلك الأموال الكبيرة في خدمة مصالح قياداتها، على حساب معاناة الموظفين في مناطق سيطرتها، مع إشارته إلى تقديم التنازلات من قبل المجلس الذي يقوده.

رئيس مجلس الحكم اليمني رشاد العليمي يضع حجر الأساس لمشاريع في حضرموت (سبأ)

وجزم العليمي أن الميليشيات الحوثية «لن يهدأ لها بال حتى تتوقف رواتب جميع الموظفين في كل مكان، وإغراق البلد في الفوضى، مع أزمة إنسانية شاملة»، إلا أنه استدرك وقال إن «مصير هذه النوايا الخبيثة هو الفشل لا محالة».

يأتي ذلك، في وقت تقول فيه مصادر ميدانية يمنية إن الميليشيات الحوثية دفعت بالآلاف من عناصرها في الأيام الأخيرة باتجاه جبهات محافظة تعز (جنوب غربي) وسط مخاوف من سعيها لتفجير الأوضاع والعودة إلى مربع ما قبل التهدئة الناجمة عن الهدنة الأممية المنقضية والتي رفضت الجماعة تجديدها منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.