تحذير أممي من دوامة «الجوع المدقع» للصومال

ماكين: نتطلع إلى «المانحين الكرماء» خشية خسارة الإنجازات

صوماليون نزحوا إلى مقديشو من مناطق ضربها الجفاف (أ.ب)
صوماليون نزحوا إلى مقديشو من مناطق ضربها الجفاف (أ.ب)
TT

تحذير أممي من دوامة «الجوع المدقع» للصومال

صوماليون نزحوا إلى مقديشو من مناطق ضربها الجفاف (أ.ب)
صوماليون نزحوا إلى مقديشو من مناطق ضربها الجفاف (أ.ب)

حذَّرت المديرة التنفيذية لـ«برنامج الأغذية العالمي» سيندي ماكين من الدوامة التصاعدية لحال «الجوع المدقع» في الصومال، الذي يواجه قَحطاً ونزاعات مسلَّحة، متوقعة أن يواجه ثلث السكان أزمة غذائية ومستويات أسوأ من الحاجات ذات الصلة، بعدما اضطرت «الأمم المتحدة» إلى خفض مساعداتها بسبب نقص التمويل.

وشهد الصومال جفافاً تاريخياً بدأ عام 2020، لكنه نجا من كارثة مجاعة واسعة النطاق، أواخر عام 2022؛ بفضل الاستجابة الإنسانيّة المكثفة.

قالت «الأمم المتحدة» إن الفيضانات في وسط الصومال أثَّرت على ما يقرب من مليون شخص وشرَّدت نحو 400 ألف شخص (أ.ب)

وكانت ماكين تتحدث أمام أعضاء «مجلس الأمن»، في نيويورك، بعد ظهر الخميس، بتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة، فأشارت إلى أنها توجهت إلى هذا البلد العربي الأفريقي، الشهر الماضي: «شاهدتُ بنفسي كيف تجتمع النزاعات والتغيّر المناخي لتدمير حياة ملايين الصوماليين وسبل عيشهم»، في خضم أطول موجة جفاف أدت إلى نفوق الملايين من الماشية وإتلاف المحاصيل، تضاعفت عواقبها أخيراً بفيضانات كارثية في الجنوب. ووصفت الحياة اليوميّة هناك بأنها عبارة عن «عنف وخوف وجوع». وإذ حضّت المانحين على أن يكونوا كُرماء، وأن يعيدوا الصومال «من هاوية المجاعة في عام 2022»، محذرة من أن بقاء ملايين الصوماليين على قيد الحياة يعتمد على ذلك. واستطردت قائلة: «إنّنا نجازف، اليوم، بفقدان الإنجازات الثمينة التي تحقّقت منذ تلك الأيّام المظلمة»، موضحة أن الأرقام «تُظهر أن دوامة انعدام الأمن الغذائي تتصاعد في أنحاء الصومال».

وأوضحت ماكين أن أحدث بيانات «الأمن الغذائي» يُظهر أن أكثر من 6.6 مليون من الصوماليين بحاجة ماسة إلى المساعدة، لافتة إلى أن بين هؤلاء 40 ألف شخص «يقاتلون من أجل البقاء في ظروف شبيهة بالمجاعة». وإذ ذكرت بالاستجابة الإنسانية لعام 2022، أكدت أن «برنامج الأغذية العالمي» اضطر إلى قطع المساعدات الغذائية الشهرية، التي وصلت إلى مستوى قياسي بلغ 4.7 مليون شخص، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وإلى 3 ملايين شخص فقط في نهاية أبريل (نيسان) الماضي. وقالت إنه «من دون ضخ نقدي فوري، سيتعين علينا قطع توزيعنا قائمة، مرة أخرى، في يوليو (تموز)، لتصل إلى 1.8 مليون فقط في الشهر». ورأت أن «الأسوأ من ذلك أن هناك 1.8 مليون طفل يتوقع أن يعانوا سوء تغذية حاداً عام 2023».

وزار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الصومال، في أبريل (نيسان) الماضي، «لدقّ ناقوس الخطر» من هناك، داعياً إلى «دعم دولي كبير» للصومال، لكن نتائج مؤتمر المانحين الرفيع المستوى، الذي انعقد في 24 مايو (أيار) الماضي، لمساعدة 3 دول من القرن الأفريقي هي الصومال وإثيوبيا وكينيا، كانت مخيِّبة جداً، إذ جمع أقل من مليار دولار، من أكثر من 5 مليارات دولار طلبها المنظِّمون الذين يأملون في مساعدة أكثر من 30 مليون شخص.

وبدأ الصومال، في الأعوام القليلة الماضية، الخروج من 3 عقود من الفوضى بسبب أمراء الحرب و«حركة الشباب» المتطرفة، المرتبطة بتنظيم «القاعدة»، وغيره من الجماعات ذات الصلة بتنظيم «داعش». وفي مايو الماضي، عاد الرئيس حسن شيخ محمود، الذي شغل المنصب بين عامي 2012 و2017، إلى المنصب بعد منافسة مطوَّلة. وواجهت الصومال هجمات عدة من «حركة الشباب»، وبدأت الحكومة أخيراً ما وُصف بأنه أكبر هجوم ضد الجماعة المتطرفة، منذ أكثر من عقد.

شنَّت «حركة الشباب» المتطرفة هجوماً استهدف قاعدة عسكرية في الصومال (أ.ف.ب)

وقالت الممثلة الخاصة الجديدة للأمم المتحدة في الصومال، كاتريونا لينغ، لأعضاء المجلس إن عمليات الحكومة أدت إلى تدهور وضع «حركة الشباب» عسكرياً، وطرد مقاتليها من عدد من المناطق، في «إنجاز ملحوظ»، لكنها أضافت أن الحركة «لا تزال تشكل تهديداً كبيراً»، مشيرة إلى «عودة ظهورها أخيراً».

ولـ«الاتحاد الأفريقي» قوة في الصومال تقدم الدعم للقوات الحكومية التي تقاتل «حركة الشباب». وفي العام الماضي، وافق «مجلس الأمن» بالإجماع على مهمة انتقالية جديدة لـ«الاتحاد الأفريقي» تُعرَف باسم «أتميس» لدعم الصوماليين، حتى تتولى قواتهم المسؤولية الكاملة عن أمن البلاد، في نهاية عام 2024. وأشارت لينغ إلى أن سحب «أتميس» سيتواصل، لكن تقييمها الأولي «هو أن التعقيد والقيود ووتيرة عملية الانتقال تمثل مخاطر».


مقالات ذات صلة

تقرير أممي: آثار الحرب أدت إلى تراجع التنمية في غزة بما يناهز 69 عاماً

الاقتصاد فلسطينيون يتجمّعون في مواقع الغارات الإسرائيلية على المنازل والمباني السكنية في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (رويترز)

تقرير أممي: آثار الحرب أدت إلى تراجع التنمية في غزة بما يناهز 69 عاماً

توقع تقرير أممي جديد أن يرتفع معدل الفقر في دولة فلسطين إلى 74.3 في المائة في عام 2024، ليشمل 4.1 مليون من المواطنين.

«الشرق الأوسط» (عمان)
الاقتصاد أطفال ينتظرون الغداء في كوخهم بصنعاء (رويترز)

البنك الدولي: 26 من أفقر الدول تعاني ديوناً غير مسبوقة منذ 2006

أظهر تقرير جديد للبنك الدولي أن أفقر 26 دولة بالعالم، التي تضم 40 في المائة من أكثر الناس فقراً، تعاني أعباء ديون غير مسبوقة منذ عام 2006.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
آسيا لاجئ أفغاني يحمل لافتة خلال احتجاج أمام مكتب الأمم المتحدة في جاكرتا بإندونيسيا الاثنين (إ.ب.أ)

بعد 3 سنوات على عودة «طالبان» إلى الحكم... أفغانستان تعاني الفقر

بعد 3 سنوات على عودة «طالبان» إلى الحكم، تعاني أفغانستان ركوداً اقتصادياً كاملاً، فيما يغرق سكانها في الفقر وسط أزمة إنسانية متفاقمة.

«الشرق الأوسط» (كابل)
الاقتصاد واحد من كل خمسة في أفريقيا يعاني من الجوع (فاو)

عدد الجياع في العالم يواصل ارتفاعه مع تفاقم الأزمات العالمية

نحو 733 مليون شخص واجهوا الجوع في العام الماضي، أي ما يعادل واحداً من كل أحد عشر شخصاً على مستوى العالم، وواحداً من كل خمسة في أفريقيا.

هلا صغبيني (الرياض)
أفريقيا رجال شرطة نيجيرية في أحد شوارع نيامي العاصمة بعد إعلان باريس عن عزمها على سحب قوتها العسكرية من النيجر (إ.ب.أ)

جيش النيجر يعلن مقتل 7 مدنيين في هجوم شنه «إرهابيون»

قُتل سبعة مدنيين هذا الأسبوع على يد «إرهابيين» في قرية بمنطقة تيلابيري في غرب النيجر، قرب بوركينا فاسو، حسبما أعلن الجيش الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (نيامي (النيجر))

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.